ردّ فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم على فتوى الكلباني في إباحة الغِناء
الشيخ عبد الرحمن السحيم
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل تناقلت وسائل الإعلام الكتابية (النت والجرائد) والبصرية مثل (الأخبار ) تراجع الشيخ الكلباني للمرة الثالثة عن تحليل المعازف وكثر الكلام عليه فما ردك على الشيخ نفسه بتحليل المعازف وأيضا على قوله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتخذ له مغنيا؟؟
********
وقد صح عن عمر رضي الله عنه ، أنه قال : الغناء من زاد الراكب . وكان له مغني اسمه خوات ربما غنى له في سفره حتى يطلع السحر . ويعلم كل أحد من عمر ؟
وقد تنازع الناس في الغناء منذ القدم , ولن أستطيع في رسالة كهذه أن أنهي الخلاف ، وأن أقطع النزاع ، ولكني أردت فقط الإشارة إلى أن القول بإباحته ليس بدعا من القول ، ولا شذوذا ، بل وليس خروجا على الإجماع ، إذ كيف يكون إجماع على تحريمه وكل هؤلاء القوم من العلماء الأجلاء أباحوه ؟
********
وكلمة أخيرة لمن يحلل أمور لا يقبلها العقل ولا المنطق فكيف بالدين الكامل المكمل الذي لا عيب فيه مثل إرضاع الكبير وفك السحر بالسحر وتحليل الغناء حتى أن الناس أصبحوا لا يهابون العلماء ولا يقدرونهم بسبب هذه الفئة التي قللت من شأنهم حتى أنهم سموهم بعلماء 2024 جزيتم خيرا ونفع بعلمكم
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
كَفَى بالمرء سُوءا أن لا يُعرَف إلاّ بِشَواذّ المسائل !
والفتوى لا تُؤخذ مِن صاحِب هوى له هوى فيما يُفْتِي به ، ولا مِن شخص مُتردِّد مُتَذَبذب !
ورَحِم الله محمد الكندي إذ كان يقول : سمعت أشياخنا يقولون : إذا عَرَض لك أمْران لا تدري في أيهما الرشاد ، فانظر إلى أقربهما إلى هواك فَخَالِفه ، فإن الحق في مخالفة الهوى .
ويجب على مَن قال قولاً أن يُثبِت قوله ، خاصة فيما يتعلّق بالفتاوى التي يصدر عنها الناس ؛ لأن المفتي في حقيقته يُوقِّع عن رب العالمين ، ويكون دليلا إلى الحقّ أو إلى ضِدّه مِن الباطل .
وهنا ينبغي بيان أمور ، منها :
الأول : أن لفظ " الغناء " يَرِدّ في ألفاظ السلف وفي ألفاظ بعض العلماء المتقدّمين ، ولا يُراد به الغناء المعروف ؛ وإنما يُراد به الحداء ورفع الصوت ، ولذلك ينصّ العلماء على تحريم الغناء إذا كان بآلـة ، ويُقابِله الغناء المباح : إذا كان بِغير آلة .
وربما استدلّ بعض من لا عِلْم عنده بما جاء عن السلف في الغناء على جواز الغناء المعروف !
ومِن هذا : الاستدلال بِقول عمر رضي الله عنه : الْغِنَاءُ مِنْ زَادِ الرَّاكِبِ .
فإن هذا – لو ثَبَت – فإنما يُرادّ به قَطْعًا الغناء بغير آلة ، لأدلّة منها :
1 – أن هذا القول رواه البيهقي مِن طريق جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قال : أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زَيْد بن أَسْلَم عَنْ أَبِيهِ قال : سَمِعَ عُمَرُ رَجُلاً يَتَغَنَّى بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ : الْغِنَاءُ مِنْ زَادِ الرَّاكِبِ .
وهذا الأثر ضعيف ، ففي إسناده أسامة بن زيد بن أسلم ، قال عنه الذهبي : ضعفوه ، وقال ابن حجر : ضعيف مِن قِبَل حِفظِه . فقوله : (صَحّ عن عمر) غير صحيح !
2 – أنه ثبَت عن عمر رضي الله عنه شدّة إنكاره للغناء بآلة ؛ فقد أنكرضَرْب الدفّ في غير ما جاءت به الرخصة .
ولم يختصّ عمر رضي الله عنه بهذا ، بل كان هذا هو شأن السلف .
روى ابن أبي شيبة عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يَسْتَقْبِلُونَ الْجَوَارِيَ فِي الأَزِفَّةِ مَعَهُنَّ الدُّفُّ فَيَشُقُّونَهَا . وهذا إسناد صحيح .
الثاني : أن القول بإباحة الغناء بِآلـة ، شذوذ وخروج عن جماعة المسلمين .
قال البغوي : واتفقوا على تحريم المزامير والملاهي والمعازف .
وقال ابن قدامة :
فَصْلٌ : فِي الْمَلاهِي : وَهِيَ عَلَى ثَلاثَةِ أَضْرُبٍ :
مُحَرَّمٌ ، وَهُوَ ضَرْبُ الأَوْتَارِ وَالنَّايَاتُ ، وَالْمَزَامِيرُ كُلُّهَا ، وَالْعُودُ ، وَالطُّنْبُورُ ، وَالْمِعْزَفَةُ ، وَالرَّبَابُ ، وَنَحْوُهَا ، فَمَنْ أَدَامَ اسْتِمَاعَهَا ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ …
وَضَرْبٌ مُبَاحٌ ؛ وَهُوَ الدُّفُّ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَعْلِنُوا النِّكَاحَ ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا ، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ ، أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ ؛ لأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ صَوْتَ الدُّفِّ ، بَعَثَ فَنَظَرَ ، فَإِنْ كَانَ فِي وَلِيمَةٍ سَكَتَ ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا ، عَمَدَ بِالدُّرَّةِ .
وقال :
فَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ ، فَمَكْرُوهِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ ، كَالتَّصْفِيقِ وَالْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ ، وَإِنْ خَلا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يُكْرَهْ ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ بِآلَةٍ وَلا بِطَرِبٍ ، وَلا يُسْمَعُ مُنْفَرِدًا ، بِخِلافِ الْمَلاهِي .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْغِنَاءِ .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ ، مَنْ اتَّخَذَ الْغِنَاءَ صِنَاعَةً ، يُؤْتِي لَهُ ، وَيَأْتِي لَهُ ، أَوْ اتَّخَذَ غُلامًا أَوْ جَارِيَةً مُغَنِّينَ ، يَجْمَعُ عَلَيْهِمَا النَّاسَ ، فَلا شَهَادَةَ لَهُ ؛ لأَنَّ هَذَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يُحَرِّمْهُ سَفَهٌ وَدَنَاءَةٌ وَسُقُوطُ مُرُوءَةٍ ، وَمَنْ حَرَّمَهُ فَهُوَ مَعَ سَفَهِهِ عَاصٍ . مُصِرٌّ مُتَظَاهِرٌ بِفُسُوقِهِ . اهـ .
وقال الخرقي : وَلا يُقْطَعُ فِي مُحَرَّمٍ ، وَلا فِي آلَةِ لَهْوٍ .
قال ابن قدامة :
وَأَمَّا آلَةُ اللَّهْوِ كَالطُّنْبُورِ ، وَالْمِزْمَارِ … وَالشَّبَّابَةِ ، فَلا قَطْعَ فِيهِ ، وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ مُفَصَّلاً نِصَابًا … وَلَنَا أَنَّهُ آلَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ بِالْإِجْمَاعِ ، فَلَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ ، كَالْخَمْرِ ؛ وَلأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَخْذِهَا لِكَسْرِهَا ، فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً مَانِعَةً مِنْ الْقَطْعِ ، كَاسْتِحْقَاقِهِ مَالَ وَلَدِهِ . اهـ .
وقال ابن القيم في " إغاثة اللهفان " : وأمّا العود والطنبور وسائر الملاهي فَحَرام ، ومُسْتَمِعه فاسِق واتِّباع الجماعة أوْلَى .
وقال رحمه الله عن الغناء : وأما سَمَاعه مِن المرأة الأجنبية أو الأمرد فمن أعظم المحرمات وأشدها فسادا للدِّين .
قال الشافعي رحمه الله : وصاحب الجارية إذا جَمَع الناس لسماعها فهو سَفِـيه ، تُـرَدّ شهادته ، وأغلظ القول فيه ، وقال : هو دياثة ! فمن فعل ذلك كان ديوثا .
قال القاضي أبو الطيب : وإنما جَعَل صاحبها سَفِيها لأنه دَعا الناس إلى الباطل ، ومَن دَعا الناس إلى الباطل كان سَفِيها فاسِقًا . اهـ .
وسبق بيان حُكم الأغاني هنا :
حُـكـم الغناء والمزامـير
https://saaid.net/Doat/assuhaim/132.htm
هل هذا صحيح أن الموسيقى حلال ؟ وهل هذه الأحاديث صحيحة ؟
https://almeshkat.net/index.php?pg=qa&ref=717
وأما الوقيعة في أعراض العلماء بسبب أمثال تلك الفتاوى الشاذّة فلا يجوز ؛ لأن صاحب الفتوى الشاذة لا يَجني إلاّ على نفسه ، ولا يُؤاخَذ العلماء بأقوال شاذّة ولا بأقوال ضعيفة .
فإن العلماء الربانيين ثابِتون ، وما بَدَّلُوا تبديلا .
وسبق :
يقدح في العلماء بحُجّة ( كلٌ يؤخَذ مِن كلامه ويُردّ )
https://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=74831
شبهة : يَخُون الأمة علماؤها
https://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?p=452133
والله تعالى أعلم .
https://www.almeshkat.net/index.php?p…at=16&ref=1510
السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله كل خير
لعل في هذا رد لاحد الغربان النواعق ، فما صدق ان طار بالخير ، وكانه وقع على صيد ثمين يطعن به في السلفية التي أصبحت في حلقه يغص بها حتى ولو شرب الماء الزلال حتى ياتيه اجله فيلقى ربه غاصا بغيضه ، وحقده على كل ما يمت لاصول هذا الدين بصلة ، والعجب العجاب ان احد الاخوان المفلسين هنا عندنا ، منذ ان سمع تلك الفتوى للشيخ الكلباني غفر الله له ولنا ، ما جلس الى قوم الا أشاعها بينهم ، وهو يتمنى ان يلتفت اليه احد المتمسكين بمنهج السلف برد او حوار او مناقشة ، فتعجبت من حكمتهم في هذه المرة فلقد تركوه يموت بغيضه حتى خمدت نار حقده ، فسالني شاب حديث عهد بالمسجد كيف لم يرد عليه احد فقلت له هذا انفع لامثاله ، لو كان من اهل العلم ردو عليه
ولكنه غراب لا يقع الا على الجيف فقد نأى الاخوة حفظهم الله من كل سوء ان يشمو رائحته
جزاك الله كل خير ونفع بكم
وجعله في ميزان حسناتك
|
وجزاك الله كل خير أخي علي
والحمد لله الكريم المنان أن من على أخونا الكلباني بالهداية والتوبة . فقد تراجع عن قوله ولله الحمد من مدة. وكان تراجعه بحق غصة في حلق الجهلة نسأل الله أن يجعلنا وإياك أخي الكريم من أهل الحق .وينصر الحق وأهله
وفيكم بارك الله وأكرمكم وجزاكم من الخير كله في الدنيا والآخرة