تخطى إلى المحتوى

خطوات الى السعادة 4 (الرياء مفسد لسعادة الدنيا و الأخرة) 2024.

الرياء مفسد لسعادة الدنيا و الأخرة

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد

فهذه الحلقة الرابعة من السلسلة الماتعة النافعة بإذنه تعالى (خطوات الى السعادة)، نقلا عن كتاب خطوات الى السعادة للشيخ الدكتور عبد المحسن بن محمد بن عبد الرحمن القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي، و التي أتمنى أن تنتفعوا وتنفعوا بها، و تتعرض هذه الحلقة الى أحد أهم مفسدات السعادة ليجتنب ألا هو الرياء و ما أدراك ما الرياء، فنترككم من دون اطالة مع فقرات هذا الموضوع المهم لتنهلوا من معينه الصافي شربة تسقي القلوب الضمئة التي افتقدت معنى السعادة فهي تطلبها لعلها ان صدقت النية و خلصت الطوية تجدها في غمار هذه السلسلة.
و الى المقصود حفظكم ربي من كل سوء.

هل الرياء يدخل على الصالحين؟
مداخل الشيطان على العبد عديدة ويلبس كل صنف لبوسهم فيؤُزُّ التجار إلى أكل الربا، ويزين للنساء أمور الزينة المحرمة، ويدخل على الصالحين من باب الرياء. قال الطيبي عن الرياء: "وهو من أضر غوائل النفس وبواطن مكائدها، يبتلى به العلماء والعباد والمشمرون عن ساق الجد لسلوك طريق الآخرة". وهو من أخفى الأبواب وأضرها على العبد. قال في تيسير العزيز الحميد ([1]): "الرياء أخوف على الصالحين من فتنة الدجال". اهـ. والنبي (صلى الله عليه و سلم)كان يخافه على أصحابه ويقول لهم: « ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى، قال الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته، لما يرى من نظر الرجل» (رواه أحمد). والصالح إذا كان يرائي بعمله يعذب في الآخرة قبل غيره، يقول عليه الصلاة والسلام: « أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يُقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمَّه وقرأ القرآن فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار» (رواه مسلم).
فتأمل هذا الحديث فإن أول الناس يقضى فيهم يوم القيامة المجاهد والمتعلم والمتصدق إذا فسدت نياتهم، ويسحبون على وجوههم في النار مع أن العمل الذي عملوه من أجل الأعمال عند الله ولكن جنوح النية عن الإخلاص أرداهم في الهاوية.
* ليس هذا من الرياء:
من عمل عملاً صالحاً خالصاً لوجه الله، ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين وهو لم يترقب ذلك ففرح بفضل الله واستبشر بذلك، فإن هذا لا يضره وليس هذا من الرياء. يقول أبو ذر (رضي الله عنه) سئل النبي (صلى الله عليه و سلم)عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه فقال: « تلك عاجل بشرى المؤمن» رواه مسلم.
أما من عمل عملاً صالحاً وزيَّنه من أجل أن يمدحه الناس عليه فهذا هو الرياء.
* عقاب المرائي:
ضاعت آمال المرائي وخاب سعيه وعُومل بنقيض قصده وعوقب بعقوبتين: عقوبة في الدنيا وعقاب في الآخرة.

* عقوبته في الدنيا:
في الدنيا يفضح الله المرائي ويهتك ستره ويظهر خباياه، يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): «من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يراء الله به». رواه مسلم. قال الخطابي: معناه من عمل عملاً على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه، جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه. حتى وإن أخفى المرائي كوامن النفس وخفايا الصدور فإن الله يعلنها، يقول عليه الصلاة والسلام: « المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ». (رواه البخاري).
* عقابه في الآخرة:
المرائي في الآخرة متوعد بنار جهنم قال جل وعلا: }مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [هود: 15 و 16].
ويقول عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم: « أول الناس يقضى يوم القيامة عليه… وذكر منهم: الشهيد، وقارئ القرآن، والمتصدق، ـ الذين كانت أعمالهم لغير الله ـ فيقال له كذبت ولكنك فعلت ليقال كذا فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار ». فالمرائي في الدنيا مفضوح وفي الآخرة معذب.


([1]) تيسير العزيز الحميد ص354.
طلب الدنيا بالدين
الدين أعز من أن يُدنس بوحل الدنيا، وعمل البر لا يقوم على سوقه إلا بالإخلاص، ومن صرف أعمال الآخرة لمقصد دنيوي عوقب به، يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): « من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة » يعني ريحها. رواه أحمد وأبو داود. والعمل الصالح وإن كان كثيراً مع فساد النية يورد صاحبه المهالك، فقد أخبر الله عن المنافقين أنهم يصلون وينفقون ويقاتلون، وأخبر النبي (صلى الله عليه و سلم)عنهم أنهم يتلون كتاب الله في قوله عليه الصلاة والسلام: « ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر ». متفق عليه. ولفقد صدقهم في إخلاصهم قال الله عنهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء: 145] وأول من تسعر بهم النار قارئ القرآن والمجاهد والمتصدق بماله الذين لم تكن أعمالهم خالصة له، وإنما فعلوا ذلك ليقال فلان قارئ، وفلان جريء وفلان متصدق.
فابتغ بقولك وفعلك ما عند الله فإنه يبقى وما سواه يفنى.
وإذا عمل العبد عملاً أظهر منه قصد الخير ونيته في ذلك تحيل مقصد دنيوي فهذا ضرب من النفاق العملي. قال ابن رجب ([1]): "ومن أعظم خصال النفاق العملي أن يعمل الإنسان عملاً ويظهر أنه قصد به الخير، وإنما عمله ليتوصل به إلى غرض له سيء فيتم له ذلك، ويتوصل بهذه الخديعة إلى غرضه، ويفرح بمكره وخداعه وحمد الناس له على ما أظهر، وتوصل به إلى غرضه السيء الذي أبطنه وهذا قد حكاه الله في القرآن عن المنافقين واليهود".
ومن أحب المدح بما لم يفعل فهو متوعد بالنار قال جل وعلا:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188].


([1]) جامع العلوم والحكم 2/493.

بااااااااركـ الله فيك استاذي

سلامي

و فيك بارك الله.
ننتظر اطلالتك على الحلقة الخامسة و ما يليها بإذنه تعالى.
نرجوا من الله تعالى أن ينفع بهذه السلسلة الكثير من خلقه.
للرفع.
بارك الله فيك أخي
وجعله في ميزان حسناتك

و فيك بارك الله.
أحسن الله اليك.
ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﻪ ﻉ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﻳﺠﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻴﺰﺍﻥ
ﺣﺴﻨﺎﺗﻚ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.