لولا الكلام لما تبينا الهدى ** وتعطلت في ديننا الأحكام
فزن الكلام إذا أردت تكلما ** ودع الفضول ففي الفضول ملام
وأداة هذا الكلام هي اللسان وهو من أخطر أعضاء الإنسان نفعا وضررا لهذا قال معلم البشريةمن يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)
وقال لمعاذ رضي الله عنه (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ) .
فهو أطيب ما في البدن إن طاب وهو أخبث ما فيه إن خبث لذلك لما أمر لقمان الحكيم أن يذبح شاة ويأتي لسيده بأطيب عضوين فأحضر له القلب واللسان ثم أمر سيده مرة أخرى أن يذبح شاة ويأتيه بأخبث عضوين فأحضر له القلب واللسان فتعجب سيده قائلا لقد أمرتك أن تأتيني بأفضل عضوين فأتيت بالقلب واللسان وأمرتك أن تأتيني بأخبث عضوين فأتيت بالقلب وللسان فما سر ذلك قال لقمان : يا سيدي هما أطيب ما في البدن إذا طابا وأخبث ما فيه إذا خبثا ولخطره العظيم دون سائر الأعضاء فإنها تناشده كل يوم بأن يتقى الله فيها فيقول سيد الخلق صلى اله عليه وسلم : (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء تذكر اللسان فتقول له : اتق الله فينا فإنما نحن بك إذا استقمت استقمنا وإذا اعوججت اعوججنا )
أخي المسلم أنصف أذنيك من فيك إنما جعل لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : يا لسان قل خيرا تغنم أو اسكت من شر تسلم من قبل أن تندم .
والكلام الذي نتكلمه على عدة وجوه :
1ـ إما أن يكون فيه حذر محض فلابد من السكوت عنه.
2ـ وإما أن يكون فيه ضرر ومنفعة فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
3ـ وإما أن يكون لا منفعة فيه ولا ضرر فهو حينئذ فضول واشتغالك به مضيعة للوقت الذي هو رأس مالك.
4ـ وإما أن يكون لحاجة أو منفعة وهو الذي يجب أن يطلق به اللسان.
وقال عطاء بن أبى رباح :
إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن يقرأ أو أمر بمعروف أو نهيا عن منكر أو ينطق فى حاجتك في معيشتك التي لابد لك منها ولنتذكر قوله تعالى : ((وإن عليكم لحافظين ,كراما كاتبين )) (عن اليمين وعن الشمال قعيد ,ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )
أما يستحى أحدكم لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.
ولنعلم
إن كثرة الكلام مدعاة لطول الحساب !
وكثرته مذهبة للهيبة والبهاء !
وكثرته مذهبة للرزانة والوقار !
وكثرته مدعاة لكثرة الأخطار !