لمرتادي قسم الخواطر و الشعر، لكل من ضل السبيل مؤثرا ملئ قلبه بحب الخلق بدلا عن حب الجليل اليكم هذه:
فليتك تحلو والحياة مريرة *** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر *** وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب
………………………… ………………………… ………………………..
الأبيات لفراس الحمداني و ليست لربعة العدوية على ما اشتهر، فقد قال ابن القيم في مدارج السالكين مقررا لصحة مضمونها لو خوطب بها الله: لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضى ربها ومولاها على غيره. ولقد أحسن أبو فراس في هذا المعنى، إلا أنه أساء كل الإساءة في قوله إذ يقوله لمخلوق لا يملك له ولا لنفسه نفعا ولا ضرا.أهـ
قلت(أبو ليث):ماذا لو خاطب المرء ربه بمثل هذه الأبيات بدلا من أن يخاطب معشوق من المعشوقات، مما يصيره عبدا عارفا بالله مقبلا عليه بتمام قصده و شغاف قلبه غير مسلما الزمام لأحد من خلقه، فهو على يقين أن كل ما كان أصله العدم فمأله الى زوال، و أن الذي يستحق منتهى الخضوع و كامل الخشوع و تمام الذلة و حقيقة الحب العظيمة و منزلته الرفيعة، كل هذا لا يكون إلا لمن له الخلق و التدبير كله، ومن بيده زمام الأمور، يتصرف في كونه و عبيده كيف يشاء، فكيف يصح لصحيح قلب و عقل أن يشغل وقته بالفاني تاركا الباقي، مقبلا على الناقص المنغص تاركا الكامل في أسمائه و صفاته، الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة و لا ولد و لا شريك و لا ند و لا ولي له من الذل، مما ينبغي له سبحانه أن نكبره تكبيرا، تكبيرا بالتعظيم تكبيرا بالاجلال تكبيرا بملئ القلب من خشيته تعالى و رجائه عز و جل و حبه الحب الأعظم، مصححين القصد و المراد، جاعلين كل حب لنا وفقا لحبه، كل هوى من هوى نفوسنا وفقا لما يرضيه عنا و يقربنا منه زلفى.
وبت أناديك يامن ترى …. خفاياالقلوب ولسنا نراك
أحبك حبين حب الهوى….وحــبــــا لأنـك أهل لـذاك
فأماالذى هو حب الهوى …. فشغلي بذكرك عمن سواك
وأما الذى أنت أهل له …. فكشفك لي الحجب حتي أراك
فلا الحمد في ذا ولاذاك لي ….ولكنلك الحمد في ذا وذاك
وأشتاق إليك شوق النوى …. وشوقا لقرب الخطا من حماك
فأما الذى هو شوق النوى….فنار حياتي غدت في ضياك
وأما اشتياقي لقرب الحما….فما ترى الدموع لطول نواك
فلاالحمد في ذا ولاذاك لي …. ولكن لك الحمد في ذا وذاك
اللهم املأ قلوبنا بحبك و حب حبيبك محمد صلى الله عليه و سلم
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
بارك الله فيك سيدى الفاضل على هذه النصيحة وجعلها فى ميزان حسانتك
وجزاك الله عليها خير جزاء
|
شيخنا الفاضل ، يقول البعض أن رابعة العدوية كانت صوفية …
ومن أدعيتها …..
إلهي .. أنا فقيرة إليك .. سوف أتحمل كل ألم و لكن عذابا أشد من هذا العذاب يؤلم روحي ويفكك أوصال الصبر في نفسي .. منشورة ريب في خلدي …هل أنت راض عني…………تلك هي غايتي
اللهم اجعل الجنة لأحبائك…..والنار لأعدائك ……أما أنا فحسبي أنت
اللهم إن كنت أعبدك خوفا من نارك فاحرقني بنار جهنم وإذا كنت أعبدك طمعا في جنته فاصرمنيها ….أما إذا كنت أعبدك من أجل محبتك فلا تحرمني من رؤية وجهك الكريم
إلهي …أنارت النجوم ونامت العيون و غفل الغافلون وغلقت الملوك أبوابها وخلا كل حبيب بحبيبه ،،و هذا مقامي بين يديك..
إلهي..ما أصغيت إلى صوت حيوان ولا حفبف شجر ولا خرير ماء ولا ترنيم طير و لا تنعم ظل و لا دوي ريح ولا قعقعة رعد إلا وجدتها شاهدة بوحدانيتك على أنه ليس كمثلك شيء
إلهي ….بك تقرب المتقربون في الخلوات ، ولعظمتك سبحت الحيتان في البحار الزاخرات و لجلال قدسك تصافقت الأمواج المتلاطمات .. أنت الذي سجد لك سواد الليل و ضوء النهار والفلك الدوار والبحر الزهار ، وكل شيء عندك بمقدار…..لأنك الله……العلي القهار
إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي
إلهي ..إن رزقي عندك وما ينقصني أحد شيئا ولا يسلبه مني إلا بقضائك ….والرزق منك….فاللهم أسألك الرضا بعد القضاء
إلهي … هذا الليل قد أدبر .. والنهار قد أسفر ..فليت شعري .. هل قبلت مني ليلتي فأهنأ أم رددتها على فأعزى ، فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني…
اللهم إني أعوذ بك من كل ما يشغلني عنك .. ومن كل حائل يحول بيني وبينك….إلهي إن لم يكن بك غضب علي بلا أبالي
__________
وهناك الكثير من الدعاء حذفته و لا أستطيع أن أنشر مثله من تشبيه الله عز وجل بالملوك الآخرين ولكنه …. – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا – أو مخاطبته سبحانه بـ – يا سيدي – !!!!
______
أفيدونا أفادكم الله .
أجاب فضيلة الشيخ عبدالرحمن السحيم
بارك الله فيك أختي الداعية
بالنسبة لـ " رابعة العدوية "
قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
وأما ما ذُكر عن رابعة العدوية من قولها عن البيت : إنه الصنم المعبود في الأرض ، فهو كذب على رابعة ، ولو قال هذا من قاله لكان كافراً يستتاب فإن تاب وإلا قُتِل ، وهو كذب فإن البيت لا يعبده المسلمون ، ولكن يعبدون رب البيت بالطواف به والصلاة إليه ، وكذلك ما نقل من قولها : و الله ما ولجه الله ولا خلا منه ، كلام باطل عليها . انتهى كلامه – رحمه الله – .
وقال الإمام الذهبي في السير :
قال أبو سعيد بن الأعرابي : أما رابعة فقد حمل الناس عنها حكمة كثيرة ، وحكى عنها سفيان وشعبة وغيرهما ما يدل على بطلان ما قيل عنها .
وهذا يؤكد على حقيقة كبرى طالما غفل عنها الشانئون
وهي أنه ليس بين أهل السنة وبين خصومهم عداوة حتى يتقوّلوا على هذا أو على ذاك .
بل ما قاله الخصم وثبت عنه رُد عليه وانتُقِد بسببه كما ردوا على ابن عربي الطائي الصوفي الحلولي الهالك .
و لكنهم التمسوا العذر لمثل رابعة التي لم يثبت هذا عنها .
كما أثنوا على الشيخ عبد القادر الجيلاني ، وإن كانت الصوفية ألصقت فيه ما ليس له .
كما ألصقت الروافض بجعفر الصادق – رحمه الله – وقبله بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ألصقوا فيهم ما ليس لهم وما هم منه براء .
وعلى كُلٍّ : كل يؤخذ من قوله ويُردّ إلا محمد صلى الله عليه وسلم . كما قال الإمام مالك – رحمه الله – .
——————
قال أبو عمر المنهجي :
ومن أقطاب المرحلة الإنتقالية "ربما يكون عبدالواحد بن زيد ورابعة العدوية من أقطاب هذه المرحلة الإنتقالية،واستحدثت كلمة العشق للتعبير عن المحبة بين العبد والرب ويرددون أحاديث باطلة في ذلك مثل: (إذا كان الغالب على عبدي الإشتغال بي جعلت نعيمه وذكره ولذته في ذكري عشقني وعشقته!!!) .
وبدأ الكلام حول العبادة لا طمعاً في الجنة ولا خوفاً من النار،وإنما قصد الحب الإلهي،وهذا مخالف للآية الكريمة: {يدعوننا رغباً ورهباً} .
ومثل قول رابعة لرجلٍ رأته يضم صبياً من أهله ويقبله: "ما كنت أحسب أن في قلبك موضعاً فارغٌ لمحبة غيره تبارك اسمه!) [أنظر سير أعلام النبلاء 8/156] وهذا تعمقٌ وتكلف لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُقبل أولا ابنته ويحبهم". الصوفية 21-22.
قلتُ:
هل تأملت هذا الضلال!!! هو مرحلة من مراحل التخبط والإنحراف..
وعلقت على الأخير،فهل هي متفوقة على روسل الله عليه السلام بموقفها هذا؟؟!!!أعوذ بالله من ذلك!وللمعلومية فإن رابعة العدوية "تكلم فيها أبو داود السجستاني [صاحب السنن أحد الكتب الستة] واتهمها بالزندقة!! ،فلعله بلغه عنها أمر،توفيت بالقدس سنة 185هـ.انظر ابن كثير/البداية والنهاية 10/186.قال ابن تيمية:قال بعضهم مَنْ عَبَدَ الله بالحب وحده فهو زنديق،ومَنْ عَبَدَ الله بالخوف وحده فهو حروري،ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ،ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن.انظر الفتاوى 10/81" المصدر السابق.
قلتُ:
وهذا كلام من أبي داود يجب أن يتأمل!!!
وكلام شيخ الإسلام نفيس!!!وهو مطرقة في رأسِ أهل الأهواء من الصوفية وغيرهم!!
وعد إلى كتاب د-محمد جميل غازي رحمه الله الصوفية والوجه الآخر الجولة الرابعة [يعني بالجولة الصحفية] رابعة العدوية الشخصية والأسطورة من ص46 إلى ص55 يقول الشيخ "لقد رووا عن رابعة نفسها: أن سفيان الثوري -على حد ما زعموا- سألها: (يا رابعة هل تكرهين الشيطان؟!! فقالت: ان حبي لله لم يترك في قلبي كراهية لأحد!!"
أعوذ بالله ولا الشيطان الذي أمرنا ببغضه هو وأوليائه؟!!
جمعها وأعدها
أبو عمر المنهجي – شبكة الدفاع عن السنة
126
و ليتك تهون علي بقلمك الجبار
أعترف لك يا صديقي أنني غارق
في نهر الدنوب
أعترف لك أنني لم أعد أتدوق
طعم النوم
أعترف لك أنني عاشق اسلامي
المحبوب
لاكن هل لك ان تعرف
لما أنا أصبحت منكوب
ألم يكن يجدر بقلمك الجبار
أن يسأل لما كل هدا الحزن
و الغيوم في القلوب
شكرا لك يا صديقي
على ما أنت ناصح به
لاكن تدكر جيدا
أننا ولدنا في هده الحياة
لا نعرف شيء و علمون ان
الاسلام دين حق و سلام
و أن دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب
و أن عمر بن الخطاب رسخ العدالة في الارض
و قتل من الظهر
لاكن للاسف من علمون
كل هدا هم من رمونا في بحر السيئات.
أنا و الله أحب كل ما يخطه قلمك من نصائح
و أقدر كل مجهودك و صراحتك و انتقادك
لاكن يا سيدي أتمنى ان تحس بي و لو دقيقة واحدة
و لو تسأل لما وصلت الى هدا الحد.
أشكرك مرة أخرى أخي و صديقي
موضوع رائع و مميز و ناهي
لك كل التقدير و الاحترام
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخي نجب يجب أن تعلم ان دواءك هو العودة الى كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم بفم سلف الأمة ، اشغل نفسك بطلب العلم الشرعي و تفقه في الدين , و عليك بالهدي النبوي اما صيام أو الزواج كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رواه البخاري , و عليك بغض بصرك ، و انصحك بكتاب الداء و الدواء لابن القيم رحمه الله , و او صيك بدعاء الله سبحانه و تعالى أن يشفيك من هذا الداء , خاصة في الأوقات الفاضلة بين الصلاة و الاقامة و في سجود و الثلث الاخير من الليل.
|
سئل الشيخ محمد بن خليل هراس رحمه الله (1335-1395) عن الحلاج و رابعة العداوية السؤال التالي :
لقد أنحيت باللائمة على الحلاج و رابعة العدوية، و أولت كلامهما و خرجته تخريجا أخرجهما من زمرة العابدين و المسلمين، و قد ماتا.
و السنة تقول : اذكروا موتاكم، و كفوا عن مساوئهم.
ألسنا نستطيع أن نؤول كلامهما على المجازات، و لا نتهم أحدا بالشرك أو العصيان أو العته و اللبس، و لن نقر أن يلعن آخر هذه الأمة أولها …
الجواب :
و أما دفاعه عن الحلاج و رابعة العدوية و أشباههما من الصوفية بأنهم قد ماتوا و أفضوا إلى ما قدموا فلا يجوز إلا ذكر محاسنهم و الغض عن مساويهم.
فنقول له : إننا لا نحارب أشخاص هؤلاء الموتى، فليس بيننا و بينهما ترة، و لكن نحارب المبادئ الهدامة و العقائد الفاسدة التي وضعوها في طريق الدين و أضلوا بها عامة المسلمين و أشباه العامة من المثقفين المدنيين، و هذا أمر متعيَّن على علماء الدين الذين أخذ الله عليهم الميثاق أن يبينوا للناس الكتاب و لا يكتمونه، و ان يحذروا الناس من البدع و الضلالات التي تركها هؤلاء الصوفية وراءهم.
و لأجل هذه الغاية قامت جماعة أنصار السنة تبين للناس كتاب الله عز و جل و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم و تحض على الاستمساك بهما و الوقوف عندهما، و تحارب كل دخيل مستحدث لم يشرعه الله و لا رسوله، و تكشف للناس تلبيسات المبتدعة من الصوفية و غيرهم.
و أنا لم أقل في الحلاج إلا ما يفهم من صريح كلامه و هو أنه حلولي يدين بحلول الله ـ عز و جل ـ في بعض عباده ممن وصلوا إلى درجة خاصة من الصفاء و المحبة، و كل كلامه في الحلول كقوله : (ما في الجبة إلا الله ). و قوله : في بعض شعره :
أنا من أهوى و من اهوى أنا ** نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرته ** و إذا أبصرته أبصرتنا
فأي ضمير مسلم يوقر الله و ينزهه هن ممازجة خلقه يستسيغ مثل هذا الكلام، و يتردد في الحكم على صاحبه بالكفر و الزندقة ؟.
و هذا هو ما حصل فعلا، فقد حكم العلماء في عصر الحلاج بكفره و أفتوا بحل دمه.
و أما محاولة تأويل كلامه بما لا يحتمله من معان مقبولة كما يحلو لبعض الناس الذين يحسنون الظن بهؤلاء الصوفية، و يستبعدون أن يكونوا قد أرادوا بكلامهم هذه المعاني الفاسدة، فهي محاولات لتبرير الكفر و الاعتذار عنه.
و اما رابعة العدوية فيظهر أنها من هؤلاء الصوفية النظريين أصحاب عقيدة الحلول و وحدة الوجود، و لكنها غلت في دعوى الحب حتى خرج عن القصد، مثل قولها و هي تطوف بالكعبة : (لم يبق بيني و بينك إلا هذا الصنم ).
فما معنى هذه العبارة : إذا لم يكن هو الإزدراء ببيت الله الذي أمرنا بتعظيمه و حبه، و إنكارها لشريعة الطواف و اعتقاد أنها لا تقرب إلى الله بل تحجب عن الله، و مثل قولها في شعرها :
أحبك حبين حب الهوى ** و حب لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى ** فشغلي بذكرك عمن سواك
و اما الذي أنت أهل له ** فكشفك للحجب حتى أراك
فهل يجوز لمسلم يوقر الله و يعظمه أن يطلق مثل هذه الكلمات في جنب الله فيقول : إنه يحبه حب الهوى ؟ أليس ذلك هو سمة الحب الرخيص المبتذل حين يهوى الرجل المرأة و تهوى المرأة الرجل لقضاء مأرب دنئ ؟
و ما معنى اشتغالها بذكر الله عمن سواه، و الرسل ـ عليهم الصلاة و السلام ـ و هم كانوا أشد ذكرا لله، كانوا يقومون بمصالح أممهم و بيوتهم، و يحدثون الناس و يسمعون منهم، و يفصلون فيما يقع من المنازعات بينهم.
فهل يعقل أن يتمحص أحد من البشر لذكر الله حتى لا يذكر غيره، بل هذا شأن الملائكة الذين خلقوا للعبادة وحدها، فلا تشغلهم عنها مطالب الحياة و حاجات البشرية.
و ما معنى أن تطلب من الله أن يكشف لها الحجب حتى تراه و هي تعلم أن موسى و هو كليم الله طلب الرؤية فمنعها، و محمد صلى الله عليه و سلم و قد وصل إلى أعلى درجات القرب، و مع ذلك حال الحجاب بينه و بين رؤيته لربه ؟!
إنه ليس لله حبان كما تدعي رابعة؛ و إنما هو حب واحد يحمل العبد على الذل له و الرغبة فيما عنده، و الشوق إلى لقائه و الرجاء في رحمته و اتقاء مساخطه، و دوام ذكره و شكره و موالاة أوليائه و معاداة أعدائه، و الجهاد في سبيله بالنفس و المال و أن يكون الله و رسوله أحب إليه من اهله و ولده و من أبيه و امه و من الناس أجمعين )) اهـ من كتابه ( غربة الإسلام ..) (ص57-60)
|
بارك الله فيك , و جعله في مزان حسناتك
|
شكرا لك سيدى الفاضل على هذا التوضيح
جعلها فى ميزان حسانتك
|
شكرا لك أخي
بارك الله فيك
|
سامحني إن قسي قلمي أو جفا خلقي، لكن و الله ما أردت إلا النصح لي و لك و لجميع اخواني الكرام، سيما و قد أخذت العهد بعد أن نجاني الله من الضلال المبين ألا أكون خائنا لهذا الدين، و لعل من شكر نعمة الله علي دلالة الناس على سبيل الهداية الحقة التي من تذوق لذتها و عاش سعادتها و أرتشف من معينها و سقي من زلالها العذب شربة هنية ألهته عن كل هوى أو شهوة و نزوة، و لتعلم أخي أن أعظم ما في هذا الدين من معنى هو الحب لكن أي حب؟
أنت تعلم اليوم أن كثيرا من الناس غرقى في أغوار بحار مدلهمة تتلطمها أمواج من الضلال و تغشها ظلمات بعضها فوق بعض، تشارف الهلاك أين لا مغيث لها إلا الله و ليس لها من منجي سواه، أدمنت الحب و عشقت الصور ولازمت السكون و الذلة و رضيت بالهوان و الصغار لمخلوق من البشر لا يملك لنفسه و لا لغيره نفعا و لا ضرا إلا ما ملكه الله و أذن له فيه، أسرها الهوى و قيدها الجهل بحقيقة وجودها و غاية خلقها و دورها في هذا الكون العظيم و الوجود الفسيح الذي أوجده الله لعباده و جعل كل شيء فيه بمقدار، شغلتها الأماني الكاذبة و الظنون الخائبة و المشاعر الدخيلة التي أفسدت فطرتها السليمة، و خرمت أصل عقدها الصحيح و أفسدت فكر عقلها الصريح فقيدتها بسلاسل من العواطف الجياشة أورثت عبادات قلبية على نحو الخشوع و الخضوع و الخوف و الرجاء مع حب و ثناء و تعظيم و ذلة، وَجَبَ ألا تكون على صورة من العبودية إلا للرب الخالق، المتفضل الرازق، الحسيب الرقيب الإله الحق الذي ليس للقلوب الموحدة معبود سواه، فكل حبها له فهي تحبه و تحب ما يحبه و تحب كل عمل يقربها من حبه، لذلك فهي توالي أوليائه و تعادي أعدائه، وتحب أمره تلزمه و كما تبغض ما يبغضه، خاصتا ما تعلق من العبادات بالقلب تعلقا مباشرا، و لامس منها البطن ملامسة من غير حائل و أعظمها الحب و ما أدرك ما الحب.
يقول ابن القيم رحمه الله :
وقد دل على وجوب محبته سبحانه :
والمحبة لها داعيان : الجلال ، والجمال .
والرب تعالى له الكمال المطلق من ذلك ؛ فإنه جميل يحب الجمال ،بل الجمال كله له ، والإجلال كله منه ؛فلا يستحق أن يُحب لذاته من كل وجه سواه : قال الله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه).
والولاية أصلها الحب ؛ فلا موالاة إلا بحب ،كما أن العداوة أصلها البغض.
والله ولي الذين آمنوا وهم أولياؤه ؛ فهم يوالونه بمحبتهم له ، وهو يواليهم بمحبته لهم ؛ فالله يوالي عبده المؤمن بحسب محبته له .
ولهذا أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه أولياء ؛ بخلاف من والى أولياءه ؛فإنه لم يتخذهم من دونه ، بل موالاته لهم من تمام موالاته .
وقد أنكر على من يُسوّى بينه وبين غيره في المحبة ، وأخبر أن من فعل ذلك فقد اتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله . قال تعالى(ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله). وأخبر عمن يُسوِّي بينه وبين الأنداد في الحب أنهم يقولون في النار لمعبوديهم (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين).
وبهذا التوحيد في الحبِّ أرسل الله سبحانه جميع رسله ، وأنزل جميع كتبه ، وأطبقت عليه دعوة جميع الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ من أولهم إلى آخرهم ،ولأجله خلقت السموات و الأرض ،والجنة والنار ،فجعل الجنة لأهل هذا التوحيد ، والنار للمشركين به وفيه .
وقد أقسم النبي أنه :" لا يؤمن عبد حتى يكون هو أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "
فكيف بمحبة الرب جل جلاله ؟ !
وقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لا ؛ حتى أكون أحب إليك من نفسك "(2 ) أي لا تؤمن حتى تصل محبتك ليّ إلى هذه الغاية .
وإذا كان النبي أولى بنا من أنفسنا بالمحبة ولوازمها، أفليس الرب جل جلاله وتقدست أسماؤه وتبارك اسمه وتعالى جدُّه ولا إله غيره أولى بمحبة عباده من أنفسهم ؟! وكل ما وصل منه إلى عبده المؤمن يدعوه إلى محبته و محبة ما يحبه ، وكراهة ما يكرهه .
فعطاؤه ومنعه ، ومعافاته وابتلائه ، وقبضه وبسطه ، وعدله وفضله ، وأماتته وإحياؤه ، ولطفه وبره ، ورحمته وإحسانه ،وستره وعفوه ، وحلمه وصبره على عبده ، وإجابته لدعائه، وكشف كربه، وإغاثة لهفته ،وتفريج كربته ؛ من غير حاجة منه إليه ، بل مع غناه التام عنه من جميع الوجوه ، كل ذلك داع للقلوب إلى تألهه ومحبته ، بل تمكينه عبده من معصيته ، وإعانته عليها، وستره حتى يقضي وطره منها ، وكلاءته وحراسته له ،وهو يقضي وطره من معصيته ؛ وهو يعينه ويستعين عليها بنعمه : من أقوى الدواعي إلى محبته .
فألأم اللؤم تخلف القلوب عن محبة من هذا شأنه وتعلقها بمحبة سواه !!
وأيضا : فكل من تحبه من الخلق أو يحبك إنما يريدك لنفسه وغرضه منك ،والرب سبحانه وتعالى يريدك لك ، فكيف لا يستحيي العبد أن يكون ربه له بهذه المنـزلة ؛وهو معرض عنه ، مشغول بحب غيره؛وقد استغرق قلبه محبة ما سواه ؟!
وأيضا : فكل من تعامله من الخلق : إنْ لم يربح عليك ؛لم يعاملك ،ولابد له من نوع من أنواع الربح ،والرب تعالى إنما يعاملك لتربح أنت عليه أعظم الربح وأعلاه فالدرهم بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، والسيئة بواحدة وهي أسرع شيء محوا.
وأيضا : فهو سبحانه خلقك لنفسه وكل شيء خلق لك في الدنيا والآخرة فمن أولى …(يتبع)
( 1) أخرجه البخاري (15) ومسلم (44) من حديث أنس رضي الله عنه .
(2 ) أخرجه البخاري (6632) من حديث عبد الله بن هشام رضي الله عنه