ويبست الكلمات.. وانكفأت العبارات..
واضطربت المشاعر.. ودمعت المحاجر..
أمام قبر عظيم من عظماء الأمة
وقفت أمام هذا النصب الموشى بالرخام
حاولت تجفيف دموعي وإيقاظ يراعي ولكن مدادي أبي إلا نكران الأوزان
حي أمام ميت.. أو ميت أمام حي.. كنا في نقيض..
يا رب حي رخام القبر مسكنه *** ورب ميت على أقدامه انتصبا
لم يكن بإمكاني إلا سكب الدموع تلو الدمع
هيه يا صلاح الدين.. هل أحدثك عنا؟
أعلم يقيناً أنك ميت ولن تملك لي شيئاً
سأتحدث إليك وقد يظن المارة أني أخاطب حجارة مصفوفة
خطاب من "المغلوب والعياذ بالله" إلى "الغالب بأمر الله"
أيها القائد المظفر.. أتعرف أين قبرك؟
أنت في دمشق العشق..
فرشتُ فوق ثراك الطاهر العتبا *** فيا دمشق لماذا نبدأ العتبا
أنا أيها القائد المظفر أتيت من أميال بعيدة فلم أصدق أن قبرك هنا!
أحفادك من حولك وفي كل البلاد الإسلامية -إلا من رحم الله-
وكأني بك تسألني عن بيت المقدس !
بيت المقدس
لا تعجب ! فأنا أشد عجباً منك يوم أن أخذت في المدرسة أنها كانت إسلامية
دماؤكم المراقة هناك ردمنا عليها التراب!
تاريخكم الذي سطرتموه أغلقنا عليه الكتاب!
نتغنى بك في شعرنا ونندب تلك الأيام..
ولكنا لم نخط خطاك برفع الحسام..
ما أكثر اسم "صلاح" في عالمنا..
ولكن ينقصه الصلاح..
لم يعد ريتشارد قلب الأسد ولا غيره عدواً لنا لا أبداً..
بل لدينا من أبنائنا من هم أوفى لأعادينا من أعادينا !!
لكن لدينا بديل عن قلب الأسد!
لدينا كلب المسد توني بلير..
وابن حمالة الحطب جورج بوش..
والأسود العنسي باراك أوباما..
أما صلاح الدين
وهل تعقم أمة أعظم نسائها هيفاء وهبي ونانسي عجرم ؟
أيها القائد المظفر..
لم يعد لدينا زنكي ولا ناصر الدين ولا العباسيون ولا الأيوبيون ولا غيرهم..
لدينا جامعة من الدول العربية منذ ستين عاماً وهم يتفاوضون حول عودة المسجد الأقصى..
وخلافهم بسيط جداً
الشيء الوحيد الذي أفهمه أن فلسطين لن تتحرر بجهودهم..
مصر؟؟ أو زلت تذكر مصراً؟؟
مصر كما هي مصر غير أن أمصارها لم تعد أمصارنا..
قف رحمك الله..
لا تسلني عن مسقط رأسك ؟
رحم الله العراق ورحم حال الأكراد وأحسن الله عزاءنا في بغداد..
لم أجد في زمني من نعظمه سوى لاعب حليق صفيق أظهر ساقيه متملق متعرق !
أو مغن مائع ضائع غير نافع !
أو ممثل فاسق منحل منافق !
ثم نبكي على القدس عند قبرك وقبر خالد بن الوليد
وكما قال أحمد مطر:
دعوا صلاح الدين في ترابه واحترموا سكونه
لأنه لو قام حقاً بينكم
فسوف تقتلونه
وكأني به صدق..
فلو تخيلنا أنك قمت الآن واتجهت إلى القدس محرراً
رحمك الله أيها القائد المظفر..
لعلي لطخت بياض تأريخك بسواد حاضرنا..
ولكن هي خواطر مسافر مر على قبرك ..
فإن أحياني الله وأقر عيني بفتح المسجد الأقصى سأروي لأحفادي قصتي معك..
وإلا سيروي أحد أحفادي لأحفاده قصة مشابهة له معك..
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
منقوول لنتذكر أبطال أمتنا