لقد انتشرت نشرة في كثير من المنتديات نرجو منكم إيضاح الحكم فيها ، وهل فيها من التشبيه بالخالق سبحانه والاستهانة بالعبادات وهي بعنوان " الرقم الخاص بالملِك " : الكثير منا يستعـصيه أمر في هذه الدنيا والكثير منا يبحث عن واسطة إما لوظيفة أو لاجتياز اختبار أو معاملة في إحدى الدوائر الحكومية أو ما شابه ذلك ، ويسعدني أن أساعـدكم في الحصول على الواسطة لتيسير أمركم ، فقط اتصل على هذا الرقم فهذا الرقم الخاص بالملِك الرقم هو : 222 فقط وبدون مفتاح للدولة وبدون مفتاح للمدينة ، هل تريد معرفة كيفية الاتصال ؟ إذاً تفضل معي لنبدأ الاتصال معاً ! الرقم الأول ( 2 ) يعني الساعة ( 2 ) بعد منتصف الليل ، الرقم الثاني ( 2 ) يعني ركعتين ، الرقم الثالث ( 2 ) يعني دمعتين ومعناها ركعتين الساعة ( 2 ) في آخر الليل مع دمعتين ، اطلب ملك الملوك ، اطلب الله عز وجل في هذا الوقت وبإذن الله ستُيسر أمورك وسوف تحصل على ما تريد ، فالله عز وجل الملك القهار ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ويقول : هل من داعٍ فاستجيب له هل من مستغفر فأغفر له ، فوالله لو اجتمع الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء فلن يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك ، الكثير منا فضل أهل الواسطات على الله عز وجل وبدأ يبحث عن واسطة قبل أن يلجأ بالدعاء إلى الله ، فالله عز وجل يقول في كتابه العزيز : ( وقال ربكم ادعـوني أستجب لكم ) فالله الله بالدعـــــاء ، لنبدأ التجربة من اليوم ، كل من يقرأ الموضوع يحاول الاتصال ولو مرة واحدة ، من يستطع النقل فل يفعل . انتهت النشرة ، والله يحفظكم .
الجواب
الحمد لله
الذي نراه أن مثل هذه النشرات مخالفة للشرع ، وتتضمن نوع استهزاء بالله تعالى وبشرعه ، وقد نهى الله تعالى عن ضرب الأمثال له فقال : ( فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) [ النحل / 74 ] ، ومكذبة لقوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [ الشورى / 11 ] ، وفي بيان تحريم بل كفر الاستهزاء بالله تعالى ورسوله وشرعه يقول تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) [ التوبة / 65 ، 66 ] ، والاستهزاء بالصلاة في النشرة واضح في جعلها عدداً ، وكذا الاستهزاء بالله تعالى في جعله متَّصلاً به ، وله رقم هاتف ، وهو ما يفتح مجالاً للسفهاء لكتابة إيميل وإرسال رسائل عبر الجوال ، وهكذا في سلسلة تافهة تَنتسب إلى الشرع ، وتحط من هيبة الشرع ، وتضرب لله تعالى الأمثال .
ثم أسوأ ما في هذه النشرة ما تضمنه من معاني التشبية لله جل جلاله بخلقه ، فكما للخلق هاتف يمكن طلبه والاتصال عليه من خلاله ، فلله تعالى هاتف يمكن طلبه من خلاله ، وهذا في الواقع أشبه بسجع الكهان ، أو عبث الصبيان ، وما أبعده من المواعظ الإيمانية ، والرقائق الترغيبية .
وفي النشرة خلل في الأدب مع الله تعالى في إطلاق وصف لا يليق به ، أو تعبير لا يصح استعماله مع الله تعالى ، وذلك في تسمية لله تعالى " واسطة " ، وهو ما يردده بعض العامة إذا سئل من واسطتك في تمشية معاملتك ، فيقول : الله تعالى هو واسطتي ومع أن الظاهر من مقصود من يطلق هذه العبارة أنه ليس له واسطة من الخلق ، وإنما اعتماده على الله ؛ فإن ذلك لا يمنع من أن يكون اللفظ خطأ مخالفا ، وباب مراعاة الشرع للألفاظ السليمة الشرعية ، في التعبير عن المعاني الصحيحة ، باب واسع من معلوم .
وشأن الله تعالى أجل من أن يكون واسطة عند أحد من خلقه ، وفي هذا تشبيه له بخلقه ، كما هو شأن هذه النشرة بعامة .
المزيد هنا/