هذه محاضرة للشيخ ابراهيم الدويش
بعنوان حقيقة الغناء.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الَّلهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الَّلهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }نعم عباد الله! إنه القول السديد الذي أمرنا الله به محاطاً بالتقوى ومراقبة الله، وكم من قائل قولاً في مثل هذه الأيام لينال به حظوة أو مكانة، أو لتتجه إليه الأنظار والعدسات، وتُسلط عليه الأضواء والمقالات، فكيف إذا كان هذا القول توقيعاً عن ملك الملوك، وفي حكم من أحكام الشريعة خاصة الأحكام التي وردت فيها النصوص أو تظافرت فيها أقوال العلماء الثقات، وإن من المعلوم عند جمهور المحدثين تعريف الحديث الشاذ بأنه مخالفة الثقة للثقات، أو مخالفة المقبول لمن هو أوثق منه، وبالتالي فهو في حكم المردود والضعيف الذي لا يُنظر له، هكذا هي نظرة العلم الشرعي والتأصيل العلمي في أي قول شاذ حتى ولو كان القائل به مقبولاً أو ثقة، فما بال وسائل الإعلام والصحف والمقالات تطير اليوم بالأقوال الشاذة وتنهض بها وترددها وتحكيها بالبنط العريض وفي أوائل الصفحات، وربما أُفرد لها صفحات كاملة ملونة؟! ما الذي يُراد؟ وما المقصود؟ وهل هناك أجندة خفية تُحاك ضد دين الناس، هذا الدين القويم الذي قامت به وعليه هذه البلاد وحكامها وعلمائها، أم أنها فقط إثارة إعلامية وتسويق تجاري وتسابق صحفي ولو كانت أقوال شاذة مخالفة لأكثر أقوال العلماء الأثبات الثقات، سبحان الله! صلاة الجماعة واجبة بالنصوص الثابتة وتعارف على هذا السلف والخلف، ورغم تهاون الكثير من الناس عن صلاة الجماعة لم نجد صحيفة تولت تذكير الناس وإرشادهم بأهمية الأمر، وبمجرد ظهور قول شاذ تتلقفه الصحف ووسائل الإعلام وتطير به كل مطار؟!!، وقل مثل ذلك في حكم المعازف وليس حكم الغناء الذي هو الشعر المغنى دون معازف والذي يعلم الكل خلاف العلماء فيه وتعدد أقوالهم منذ القدم، لكن حكم المعازف لا نعلم فيه خلاقاً معتبراً، بل يكاد الإجماع يكون الأصل في المسألة، ثم لما قيل قولاً شاذاً في المسألة فإذا الصحف ووسائل الإعلام كالعادة تطير به كل مطار؟!، تبثه وتردده وتحكيه، رغم أنها تعلم حقيقة الغناء والمعازف اليوم، نعم تعلم التعري والمجون والفجور الذي يحصل في الكثير من حفلات الغناء اليوم، حفلات تنقل على الهواء مباشرة وتتناقلها الفضائيات بكل ما فيها من إسفاف وعرض رخيص للأجساد، هي تعلم أسرار وخفايا ما يسمونه فن وغناء والذي تنبعث روائحه العفنة بين الفينة والفينة، ثم يتحدثون عن حكم الغناء؟!! يا الله! ليس الناس بأغبياء، فهم اليوم يشاهدون ويقرأون ويسمعون، ولا تنطلي عليهم الحيل والالتفاف، فكل عاقل مهما كانت ثقافته حتى الأميين يعرفون أن ما هو موجود اليوم في الساحة ويسمى الغناء، ليس هو مجرد غناء، بل هو إسفاف وميوعة، وربما وصل إلى حد الدعارة والمجون، والليالي الحمراء، فقد ضحكوا علينا بتسميته غناء، فليت الأمر وقف عند حد الغناء، حتى يُقال: اختلفوا في حكم سماع الغناء. فالذي يحدث اليوم لا يمكن تسميته غناء مهما كان سوء الغناء، ولا يمت للغناء بصلة، بل هو تعر ومجون، ورقص واختلاط، ومجاهرة بالفسق والمعصية أمام الملأ وباسم الغناء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ)).فآهٍ أيها المسلمون! إننا نعجب من تساهل البعض في سماع هذا الغناء رغم وضوح آثاره وأخطاره على العقل والقلب والبدن، وعلى المجتمع والمراهقين والأعراض، والدلائل واضحات، والشواهد بينات، بالمحاضر والأرقام والإحصاءات، ووالله لو كان الشرع قد أجاز الغناء ثم رأينا حاله اليوم وما وصل إليه من تعر وتخنث ومجون لأمر العقلاء بوضع حد لهؤلاء، فكيف يقول عاقل بجواز الغناء الحاصل اليوم؟! أو حتى مجرد الحديث عن الخلاف فيه على صفحات ووسائل الإعلام؟! أي بصيرة؟! وأي حكمة؟! وأي عقل وتربية؟! إلا إن كانت ممحاكات وأغلوطات، وحب تصدر وظهور، نعوذ بالله من الحور بعد الكور، ونسأل الله الإخلاص والثبات، وإلا فإن كل العقلاء يُدركون تماماً أن ما يحدث اليوم ويسمونه غناء، هو حجاب كثيف عن الرحمن، وهو فسق وخنا، ورقية اللواط والزنا، مساكين ضحاياه، قلوبهم مأسورة، وآذانهم محرومة،"قضوا حياتهم لذة وطربًا، واتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، مزامير الشيطان أحب إليهم من استماع سُوَر القرآن،وكل مفتون مبتلى عاقل يدرك أنه شتان بين أن تعصي الله وأنت معترف بالضعف والتقصير، وفي قلبك ندم وقلق، وبين أن تعصي الله ثم تحاول أن تُحل ما حرم الله بتتبع الأقوال الشاذة، أو تلوي أعناق النصوص وأقوال أهل العلم الثقات لموافقة هواك. فغناء اليوم ليس كغناء الأمس، فهو: اختلاط ومجون، ورقص وجنون، ودعوة للرذيلة والانحلال، ثم هب أخي أن الناس كلهم أفتوك بالجواز والتحليل، بل هب أنه لم يأت فيه النص والدليل؟! ارجع إلى عقلك، إلى الاستنباط، إلى التعليل؟! ألست ترى آثاره باليوم والأمس، أليست أوضح من أشعة الشمس، سبحان الله!! يقولون: اختلف العلماء، في حكم الغناء، ولو ترك هؤلاء، حظوظ النفس والهوى، ونظروا نظرة العقلاء، ماذا يُحدث في النفوس، أليس يُشعلها حرب ضروس، أليس يُشغل قلب من أقبل عليه؟ أليس يفتن قلب من استمع إليه؟ أفلا يكون بعد ذلك كله من الباطل؟! قال رجل لابن عباس رضي الله عنه :"ما تقول في الغناء، أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حراماً إلا ما في كتاب الله، فقال: أفحلالٌ هو؟ فقال: ولا أقول ذلك، لكن أرأيت الحق والباطل، إذا جاء يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس: اذهب فقد أفتيتَ نَفسك"، فيا سامع الغناء! هل حاولت أن تستفت نفسك بكل تجرد؟! لو سألتك بالله العظيم، أين تضع الغناء؟ أجبني بكل صدق ودون هوى أو مراء، أفي صنف الطيب أم في صنف الخبيث؟ أفي كفة الحق أم كفة الباطل؟! ماذا عساك تقول؟! أليس هو ضرب من الباطل وبريد الزنا؟ وقبل أن تُجيب اسمع لربك ولقرآنك فالله تعالى يقول: ]قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(.نعم اتقوا الله معاشر المسلمين حقيقة التقوى، اسمعوا بأذن تقية، ونفس رضية، وجلسة نقية، وهمة عَلية، ولا يغرنكم قول فلان وعلان، فالحلال بينٌ والحرام بينُ، ووالله أن كل عاقل ليدرك في قرارة نفسه أن في ترك سماع الغناء حياةً لقلب المؤمن، وصفائه وأنسه، وراحته وسعادته، وعند جهينة الخبر اليقين، فاسألوا التاركين له عن مشاعرهم وحالهم قبل وبعد، فتعال أخي متجردًا باحثًا عن الحق، بعيدًا عن الهوى ولي أعناق الأدلة والأقوال الشاذة، فقد كثر الخوض والجدال في الموضوع،فاربأ بنفسك عن هذا، فقد قال صلى الله عليه وسلم :"فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة في النار"، وهل بعد هذا الإحداث من الغناء والتعري والمجون من إحداث، فاحذروا الجدال والقول بلا علم، فقد روى الإمام أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال صلى الله عليه وسلم :" أخشى عليكم زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن"،فيا الله! ها نحن نرى زلة طالب العلم ماذا تُحدث؟ فكيف وقد حذرنا حبيبنا منها عليه الصلاة والسلام،كما حذرنا أيضاً من جدال المنافقين وتلونهم، وهاهم قد جعلوا أصحاب مثل هذه الأقوال سادة وعلماء كبار، ألسنا نرى كيف يُضفون عليهم أعلى المقامات والألقاب، وأما من خالفهم فهو المدعو فلان،والواعظ المتخلف الراجع لعصور الظلام، فلنسمع لكلام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولنحذر هؤلاء فقد قال أيضاً عليه الصلاة والسلام:((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ))رواه أحمد والبزار وابن حبان والطبراني عن عمران بن الحصين رضي الله عنه ، وصححه الألباني.فاحذر أيها المسلم هؤلاء، واحذر تتبع الرخص فقد أجمع العلماء أن من أخذ برخصة كل عالم، رق دينه، واجتمع فيه الشر كله، فتأخذ رخصة فلان في الغناء، ورخصة علان في الربا، ورخصة الثالث في الخمر، وهكذا حتى لا يبقى لك من دينك شيء، ويجتمع الشر كله فيك. أيها المسلمون: أرجو أن لا يُفهم من كلامي هذا أنني أضيق ذرعًا بالخلاف وبتعدد الآراء، وبالاجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد، بل الاختلاف بشروطه وشروطه وآدابه سعة ورحمة، ويثري تراث الأمة، ويحرك العقول، وهو في النهاية شيء طبعي، فمدارك الناس مخلتفة، وأفهامهم متفاوتة، فقد اختلف الصحابة وهم خير هذه الأمة في مسائل كثيرة، فكما أن إجماعهم كان حجة قاطعة فكذلك اختلافهم كان رحمة واسعة، والاختلاف لا يفسد للود قضية، ما دام محاطًا بسياج من الآداب، إلا أنه ساءني كثيرًا طريقة عرض الاختلاف في مسألة حكم الغناء وما أثير من كلام وقيل وقال ولغط وجدال حولها، فليس من الحكمة ولا البصيرة التعرض للخلاف في المسألة دون بيان صور الغناء وواقعه اليوم، فهذا أمر مهم جداً فالحكم على شيء فرع عن تصوره، ولا أظن أن من يتحدث عن حكم الغناء اليوم يجهل صوره وواقعه، أغناء الكاسيات العاريات، المائلات المميلات الذي ملأ الأرض والفضاء، وتكرره القنوات أهو مختلف في حكمه؟! ما لكم كيف تحكمون؟ أفلا تعقلون!! فالمستغرب لماذا هذه الجرأة في الفتوى دون بيان محل الخلاف، وأن غناء اليوم ليس هو غناء الأمس الذي قال ابن حزم بجوازه، وأنه شتان بين الشعر المغنى، وغناء المعازف والتعري والمجون، والذي يكفي فيه كل عاقل الحديث الصريح الصحيح المتصل إسناداً عندما حذر صلى الله عليه وسلم من الاستحلال لأمور أربعة باطلة غالباً ما تجتمع سوياً ويجر بعضها لبعض، ألا وهي: الزنا ولبس الحرير للرجال وآلات العزف والخمور، والتي قال عنها صلى الله عليه وسلم وبكل وضوح:"سيكون من أمتي أقواماً يستحلون الحر والحرير والمعازف والخمور …"، فهل يُفهم من قوله يستحلون إلا التحريم؟ ولست هنا بصدد تفنيد مثل هذه الفتاوى، فقد أشبع العلماء هذا الموضوع بحثًا من قديم الزمان في ردهم على ابن حزم فيما أباحه من غناء، ويكفي الباحث عن الحق أن أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم من سلف الأمة اتفقوا على تحريمه، بل منهم من حكى الإجماع في المسألة، لكن من المهم أن أوصي نفسي وإخواني أن نتحلى بأدب الحوار عند الاختلاف، وأن لا نتعرض للأشخاص بالإزدراء والتهكم بل نحترم الجميع ونقدرهم وإن خالفناه أو اعترضنا على أطروحته ورأيه، وأن نبذل لهم النصح بكل لفظ رقيق وكل حب وشفقة وتقدير، وأن نتذكر ونُذكر دوماً بأن مناقشة المسائل تكون بهدوء ودليل، وفي مجالس علمية،فمثل هذا الخلاف مجاله بين طلاب العلم، وأروقة الجامعات ومجالس ومنتديات العلم، وليس مجاله الفضائيات ممن يجعلون من الحبة قبة، ويكثرون من القيل والمقال، ويفخمون الموضوع إلى درجة أن الحق يضيع بين الكم الهائل من الغثاء، فبيان الحق وإحقاقه يتم بطريقة علمية هادئة رصينة، وأن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن الرجال هم الذين يُعرفون بالحق، ونحن دوماً نربأ بطلاب العلم أو العلماء أن يكون الهدف التصدر أو الشهرة والإثارة، كيف والفتوى تبليغ عن الله، وتوقيع عنه سبحانه وتعالى، وإذا كان لا يصلح لأي أحد أن يتولى منصب التوقيع عن ملوك الأرض ورؤسائه إلا خواص الخواص ممن يُختارون وينتقون بكل دقة وعناية، فكيف إذًا بمنصب التوقيع عن ملك الملوك ورب الأرباب وجبار الأرض والسموات. فحقيق بمن تصدى لهذا الأمر أن يتصف بالحكمة والبصيرة، وبالعلم والصدق، والورع والتقوى، وأن يتفطن لمكر المتربصين والمنافقين، وإلا فأمر الفتيا خطير، ومسؤولياتها عظيمة، وتبعاتها جسيمة، فقد حرم الله القول عليه بغير علم، وجعله من أعظم المحرمات،فقال:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].فالقول على الله أشد تحريمًا من كل ما ذكر في الآية من المحرمات.وقال تعالى:{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}[النحل: 116].وقالe:"ومن أفتى فتيا بغير تثبت فإن إثمها على من أفتاه"، ثم أين نحن من سلفنا الصالح من العلماء الربانيين في الفتيا فقد كان يود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا تعينت عليه الفتوى اهتم لها وبذل جهده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة، وبكل إخلاص وتجرد، وصدق وورع. يقول عبد الرحمن بن أبي ليلى:" أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما منهم رجل يُسأل عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه، ولا يحدث حديثًا إلا ود أخاه كفاه".يا الله! أين الكثير من طلاب العلم المتسابقين على الشاشات وصفحات الجرائد والمجلات فضلاً عن المتعالمين والمتفيقهين عن هذا الورع والأدب في الفتيا، يقول ابن عباس رضي الله عنهما:"إن كل من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه لمجنون". ووالله ثم والله أننا لنفرح في هذه البلاد أن كفانا الله الفتيا للناس بأن خصص ولي الأمر من يقوم بذلك للناس عبر مجاميع ولجان وهيئات، فلماذا يُقحم البعض نفسه ويورطها وقد كفاه الله الأمر، أرجو ألا تكون الفتنة وحب التصدر والظهور هما السبب، بل لعله نفع الناس وبيان دينهم لهم؛فإذا كان هذا ولابد فلنتجنب مسائل النزاع وفقه النوازل والمستجدات ونحيلها للمجامع والمجالس الفقهيه، هذا لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ويريد الحق ويبحث عن الأجر، وإلا فإننا نسأل الله العفو والعافية والنجاة والسلامة لديننا،
ومن كان يهوى أن يُرى متصدرًا * ويكره (لا أدري) أصيبت مقاتله
وأخيراً أيها المسلمون: إن هذا الأمر دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، فكل نفس بما كسبت رهين، فاجتهدوا لصلاح وسلامة دينكم، أقولُ ما تسمعون، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ فاستغفروهُ، إنه هو الغفور الرحيم.
المصدر..شبكة الصوت الاسلامي
شكرا ع المجهود الطيب..!