عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ قَالَ:« اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ ». قَالَ أَبُو عِيسَى وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رُوِىَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- نَحْوُ هَذَا (1).
شرح المفردات(2):
(اعقلها) أي شد ركبة ناقتك مع ذراعها بحبل.
(وتوكل) أي اعتمد على الله، وذلك لأن عقلها لا ينافي التوكل الذي هو الاعتماد على الله وقطع النظر عن الأسباب مع تهيئتها والأخذ بها.
من فوائد الحديث:
1- مشروعية الأخذ بالأسباب، مع الاعتماد على الله تعالى، وأن الجمع بينهما هو تمام التوكل.
2- حقيقة التوكل: التوكل على الله هو تفويض الأمر إليه تعالى وحده وهو واجب، بل أصل من أصول الإيمان؛ لقوله تعالى: { وعلى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [ سورة المائدة ، 23] وهو من الأسباب المعنوية القوية لتحقيق المطلوب وقضاء المصالح، لكن على المؤمن أن يضم إليه ما تيسر له من الأسباب الأخرى، سواء كانت من العبادات كالدعاء والصلاة والصدقة وصلة الأرحام، أم كانت من الماديات التي جرت سنة الله بترتيب مسبباتها عليها كالأكل والشرب، والتداوي بالأدوية المباحة، وتوقي الحر والبرد ونحوها؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه خير المتوكلين، وكان يأخذ بالأسباب الأخرى المناسبة مع كمال توكله على الله تعالى، فمن ترك الأسباب الأخرى مع تيسرها واكتفى بالتوكل فهو مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمى توكله: عجزًا لا توكلًا شرعيًا(3).
(1) أخرجه الترمذي برقم (4415)، وحسنه الألباني في تخريج مشكلة الفقر – (1 / 23).
(2) فتح الباري لابن حجر (9/ 31).
(3) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – (1 / 415).
جزاك الله خيرا