جنكيز خان
وعُرف والد تيموجين بالشدة والبأس حيث كانت تخشاه القبائل الأخرى، وقد سمى ابنه "تيموجين" بهذا الاسم تيمنًا بمولده في يوم انتصاره على إحدى القبائل التي كان يتنازع معها، وتمكنه من القضاء على زعيمهم الذي كان يحمل هذا الاسم.
ولم تطل الحياة بأبيه،فقد قتل على يد التتار المجاورين لهم في عام 1175 ميلادية ، تاركًا حملا ثقيلا ومسئولية جسيمة لـ"تيموجين" الابن الأكبر الذي كان غض الإهاب لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، وما كان ليقوى على حمل تبعات قبيلة كبيرة مثل "كياد"، فانفض عنه حلفاء أبيه، وانصرف عنه الأنصار والأتباع، واستغلت قبيلته صغر سنه فرفضت الدخول في طاعته، على الرغم من كونه الوريث الشرعي لرئاسة قبيلته، والتفَّت حول زعيم آخر، وفقدت أسرته الجاه والسلطان، وهامت في الأرض تعيش حياة قاسية، وتذوق مرارة الجوع والفقر والحرمان.
وفي حوالي العشرين من عمره ، زار تيموجن زوجته المستقبلية بورته Börte واستلم معطفا اسود من قبيلتها. وكان ذلك الاساس لثروته المتزايدة.
نجحت أم تيموجين في أن تجمع الأسرة المستضعفة وتلم شعثها، وتحث أبناءها الأربعة على الصبر والكفاح، وتفتح لهم باب الأمل، وتبث فيهم العزم والإصرار، حتى صاروا شبابًا أقوياء، وبخاصة تيموجين الذي ظهرت عليه أمارات القيادة، والنزوع إلى الرئاسة، مع التمتع ببنيان قوي جعله المصارع الأول بين أقرانه.
تمكن تيموجين بشجاعته من المحافظة على مراعي أسرته؛ فتحسنت أحوالها، وبدأ يتوافد عليه بعض القبائل التي توسمت فيه القيادة والزعامة، كما تمكن هو من إجبار المنشقين من الأتباع والأقارب على العودة إلى قبيلتهم، ودخل في صراع مع الرافضين للانضواء تحت قيادته، حسمه لصالحه في آخر الأمر، حتى نجح في أن تدين قبيلته "قيات" كلها بالولاء له، وهو دون العشرين من عمره.
وواصل تيموجين خطته في التوسع على حساب جيرانه، فبسط سيطرته على منطقة شاسعة من إقليم منغوليا، تمتد حتى صحراء جوبي، حيث مضارب عدد كبير من قبائل التتار، ثم دخل في صراع مع حليفه رئيس قبيلة الكراييت، وكانت العلاقات قد ساءت بينهما بسبب الدسائس والوشايات، وتوجس "أونك خان" زعيم الكراييت من تنامي قوة تيموجين وازدياد نفوذه؛ فانقلب حلفاء الأمس إلى أعداء وخصوم، واحتكما إلى السيف، وكان الظفر في صالح تيموجين سنة (600هـ= 1203م)، فاستولى على عاصمته "قره قورم" وجعلها قاعدة لملكه، وأصبح تيموجين بعد انتصاره أقوى شخصية مغولية، فنودي به خاقانا، وعُرف باسم "جنكيز خان"؛ أي إمبراطور العالم.
وبعد ذلك قضى ثلاث سنوات عُني فيها بتوطيد سلطانه، والسيطرة على المناطق التي يسكنها المغول، حتى تمكن من توحيد منغوليا بأكملها تحت سلطانه، ودخل في طاعته الأويغوريون.
بعد ان تم انتخابه لرئاسة القبائل المغولية قام بالعديد من الأعمال الهامة مثل توزيع الوظائف الهامة على معونيه سواء حربية او مدنية وعين حرس خصوصين لحمايته و توفير المؤن و التأكد من تنفيذ اوامره و عين صديق عمره بوريتشو الذى انقذه بعد وقوعه في الأسر في مهمة الشراف على كل هؤلاء ثم قام بالتغلب على جميع منافسيه من قبائل التايجوت أعدؤه القدامى و كذلك تغلب على حكومة الصين الشمالية وعين سنة 1206 حاكما وخانا اعظم على كل القبائل المغوليه ووضع تشريعات الياسا (والتي منها اشتقت كلمة سياسة) ونصت على:
نظمت العلاقات بين افراد الأسرة الواحدة
احلت زواج الرجل من أختين.
زواج الابن من زوجات ابيه بإستثناء امه.
التجسس و كشف عورات الأخرين و تاويث المياه و ترك جوعان دون اطعامه او عطشان دون سقيه عقوبتها الموت.
نقلا عن كتاب:اوربا و التتار د/محمد الشيخ جامعة الأسكندرية
في الحقيقة.. إنه كعبـقريّة عسـكرية يعيـش جنكـيز خان في ذاكرة الـتاريخ . وهو من هذه الزاوية يضارع كبار الفاتحين مثل الإسكندر العظيم أو نابليون-1 ؛ علماً بأنه ولا واحد من هذين الأخيرين أنـجز فتوحاتٍ تماثل فتوحاته في اتساعها و بـقائها . أولاد جنكيز خان حكموا إمبراطوريـةً امتدَّت من أوكرانيا إلى كوريا. وأسّس أحفاده سلالات ملكية في الصين، و بلاد فارس، و روسيا، و من سلالات أحفاده ملوك حكموا في آسيا الوسطى لقرون عدة.
يحدّثنا المؤرخ الألماني العظيم (بيرتولد شبولر) عن شخصية جنكيز خان فيقول في صـ27:
"إن صفات جنكيز خان الفائقة وشخصيته الفذّة لا تظهر في انتصاراته العسكرية فحسب؛ بل في ميادين أخرى ليست أقل أهمية إذ لا يسعنا إلا أن ننظر بإكبار وإعجاب إلى منجزاته كمشرّع قانوني ، ومنظّم للأمّة المغولية." ص 27 من ك. العالم الاسلامي في العصر المغولي
بالتوفيق
مشكوووووووووور
الله يعطيك الصحة علي ماكتبة