حامد بن عبدالله العلي
وعلى ضفتي جزيرة العرب ، مهد الإسلام ، ومهبط الوحي ، بين دبي وجدة ، ضرب الله تعالى للناس الأمثال ، بـ( تسونامي) تجاري ، و(تسونامي) المجاري!
وعجيبٌ هذا الربط الرباني بين قرن الربا والزنى ، وبين الخسف الإقتصادي في شرق جزيرة العرب .
والربط بين مظاهر الفساد الأخلاقي بفتح باب الإختلاط في الجامعـة ، بين الشباب و(الجواري) _ الجارية : الفتيَّة من النساء _ في تقليد أعمى للغرب ليس منه أي فائدة سوى هدم الأخلاق ، وبين طوفان من السيـول في غرب جزيرة العرب ـ والذي نسأل الله أن يرحم ضحاياه ، ويلهم ذويهم الصبر والإحتساب ـ قـد أتى بكارثة عظيمة على أهـل جدة ، فصارت عروس البحر الأحمر ثكلى في يوم عرسها ! وغدت أخشى ما تخشاه أن تختلط زينتها ، بمجاري ما يسمى ( بحيرة المسك) ـ وهي بحيرة كبيرة يلقى فيها الصرف الصحي ـ إذا انفجر السد بسبب ارتفاع منسوب المياه في البحيرة إثـر السيول !
والنذر الإلهية دائما تأتي من وراء حجاب لاينفذ منه إلاَّ بصائر المؤمنين بالله تعالى الذي له الملك ، وله الحمد ، وهو على كلِّ شيء قدير ، ويعمى عما وراءه أهل الغفلة ،والذين في قلوبهم مرض ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ، وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ، يضل به كثيرا ، ويهدي به كثيرا ، وما يضل به إلا الفاسقين ، الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، ويفسدون في الأرض ، أولئك هم الخاسرون ) .
جـلُّ ما يمت إلى البنية التحية في البلاد العربية من صلة ، مهمـل حتى صار خربةً ، كما يقال : لاحبض ولا نبض ، سواء البنية التحتية للثقافة ، والبنية التحتية للقيم ، والبنية التحتية للإنتماء الحضاري ـ حتى صارت الشعوب تتقاتل على ما يمس فريـق الكرة ، بينما ولاحتى يتمعـَّر وجهها على إهانة حضارتها ! ـ والبنية التحتية للصرف الصحي ، والبنية التحتية للإقتصاد ـ إذ هو في الغالب ملحق بالأجنبي لاسيما في سويسرا التي هدمت مآذننا وهي تعيش على أموالنا !! ـ والبنية التحتية لحقوق الإنسان ، والبنية التحتية للجيوش ..إلخ .
بنية تحتية واحدة فقط متينة جداً ، وضاربة إلى سجِّين في الأرض السفلي ، وهي تلك التي تحت كرسيّ رأس النظام ، يشمل ذلك البنية التحتية للنظام الأمني البارع في تكريس مفاهيـم الرقّ ، و(صناعة الخوف) !!
استقال وزير ألماني لعين ، ورئيس أركان جيش ألعن منه ، بسبب فضيحة قصف قوات بلادهم المحتلة ! لمدنيين من الأفغان الفقراء الذين ـ ربما ـ ليس لهم حتى صورة فوتغرافية على أيِّ ورقة ، أو حتى اسم على سجل مواليد .
بينما تأتي أنظمتنا العربية بالمهالك العظمى على الناس ـ المطلوب منهم بذل أوراحهم ، وأموالهم ، وأولادهم ، بل وعقولهم ، بل وأعراضهم ، ولاءً لنظام لايعطيهم شيء ! ـ فتغرق السفـن بمئات النفوس ، وتأتي السيول بسبب إهمال مجاريها على مثلهم ، وتتبخـَّر أموال الآلاف بسبب سوء إدارة الإقتصاد ، ويقتل آلاف الناس في المستشفيات بسبب الإهمال ، ويغرق الآلاف من المهاجرين الهاربين من جحيم الفقر في شمال إفريقيا في البحر ، بعد أن سرقت الأنظمة قوت يومهم لتخفيها في أرصدة سرية في أوربا أكبر لص في التاريخ بعد أمريكا .
أما إرهاب الدولة الذي هلك بسبب من لايحصيهم إلاَّ الله في السجون العربية ، ومعتقلات الظلمات ، وسراديب التعذيب ، فتلك في سرِّ مكتوم ، في بئر مطمـوم !
هذا فضلا عن جرائم السماح لقوات الإحتلال بإبادة مئات الآلاف في بلاد الإسلام!
فهل سمعتم بشعرة في جفن مسؤول عربي اهتزَّت يوما ما على هؤلاء الضحايا ، بله استقالة من منصـب !
نعم ليس للإنسان أي قيمة عند أنظمتنا العربية ، إلاَّ بقدر ما يخدم بقاء الكرسي ، وتوريثه ، فهو يكتسب قيمته من هذا المكان فحسب ، وحتى (الوطنية ) التي يزعمون ، هـي فقاعة فارغة تشبه فقاعة دبي العقارية ، ليس داخلها سوى صورة عائمة لذلك الكرسي والجالس عليه !
أيتها الشعوب العربية البائسـة إما ثورةٌ عاقلة ـ لاحمقاء ـ لأخذ حقوقهم التي ضاعت إلى درجة سرقة أعضاءهم الداخلية في المستشفيات ! كما ثارت شعوب الأرض ، ونالت حقوقها ، وبنَتْ حاضرها ، وأمـَّنت مستقبلها ، واستفادت من ثرواتهـا ، وعاشت كما يعيش البشر الأحـرار ، وإما ستبقون تجرفكـم السيول ، سيول التغريب الثقافي ، وسيول التخريب الأخلاقي ، وسيول التبعية للأجنبي ، وسيول العبث بالقيم ..إلخ
السيول إثر السيول حتى تلقيكم في مزبلة التاريخ ، كما ألقت البشر ، والسيارات في جدة إلـى أودية الطين !
والله المستعان وهو حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلـون .