ثورة الصرب والجبل الأسود
لما جلس السلطان مرادخان على سرير الخلافة كانت الثورة بولاتي بوسنه وهرسك لا تزال مشتعلة وكذا الحال ببلاد البلغار وكان رجال الثورة الذين اجتمعوا في فلبه وطرنوه وصعدوا إلى جبال البلقان لتهيج أهاليها وأخذوا في مقاتلة العساكر الشاهانية والفتك بالأهالي الإسلامية القاطنين بتلك البلاد والأطراف.
وقد اهتمت الدولة بمنع هذا العصيان وأصدر السلطان عفواً عاماً عقب جلوسه عن العصاة وكتبت النصائح اللازمة ونشرت على البلغارين وأخذت الدولة أيضاً في التجهيزات العسكرية لظلام أفق السياسة وطلبت كثيراً من عساكر الرديف من بر الأناضول وساقتهم إلى تلك الأطراف ولما كانت دسائس الروس لا تزال تروّج الثورات بتلك النواحي شقت إمارتا الصرب والجبل الأسود عصا الطاعة أيضاً فاتسع الخرق على الدولة وتعدّدت مشاكلها وزادت جروحها خطراً حتى اضطرت لأخذ الاحتياطات الشديدة وطلبت مدداً من المرحوم إسماعيل باشا خيدو مصر فأنجدها سريعاً بقوّة مؤلفة من ثلاثة ألايات من المشاة وبطاريتين من المدافع وكان يقود هذه القوّة الفريق راشد حسني باشا ومن قوّادها العظام إسماعيل كامل باشا وسافرت على خمسة وابورات مصرية تحت ملاحظة محمد كامل باشا قومندان وأبور المحروسة ووصلت هذه القوّة إلى سلانيك في شهر رجب من سنة 1293هـ.
ثم سافرت من طريق إسكوب الحديدي إلى جهات يكي بازار وذهبت من هناك والتحقت بالجيوش العثمانية النازلة بحدود بلاد الصرب وأرسل الخديو أيضاً كثيراً من الأسلحة والمعدّات الحربية لتوزيعها على الجنود العثمانية وبعث ثلاثة وابورات للمساعدة في نقل الجيوش العثمانية ثم عمت الثورة أنحاء تلك الإمارات وسرت إلى ولاية الروم إيلي وتقاتل الطرفان وانتصر عثمان باشا بقرب قصبة إيجار على الصرب انتصاراً باهراً ثم سار سليمان باشا من جهة شهركوي وحافظ باشا من جهة بلا نقه.
وبعد أن تقابلاها جما الصربيين فهزماهم هزيمة هائلة حتى اضطروا لترك حصونهم والالتجاء إلى داخل البلاد وأرسل أيضاً السر عسكر عبد الكريم نادر باشا من نيش فرقة عسكرية تحت قيادة أحمد أيوب باشا فكسر الصربيين في مضيق غراماده واستولى على ما معهم من المدافع ثم تقابل أحمد أيوب باشا بسليمان باشا وتقدّما وكسرا قوّة للصربيين في مضيق بانديرو ثم تقدّم على صاب باشا إلى مدينة الكسناج فانتصر على الصربيين بجوارها ثم انضم إليه أحمد أيوب باشا بفرقته وحاصراها إلا أن العثمانيين لم يستولوا عليها إلا في عهد مولانا السلطان الأعظم عبد الحميدخان.
وفي تلك الأثناء أيضاً كان محمد علي باشا منتصراً بالجيوش المصرية بجهات يكي بازار واستولى على قلاع ياوور وبهذه الانتصارات المتقدّمة انقطع أمل الصربيين وداخلهم اليأس وفي خلال ذلك أيضاً انتصر أحمد حمدي باشا بفرقته على ثوار الجبل الأسود في جهتي قوج وصلاجق إيزلا تحبه وانتصر سليم باشا بفرقته عليهم في الجهة الواقعة بني نواسين وغاجقة وتقدّم أحمد مختار باشا بقوّة كبيرة عليهم أيضاً من جهة نواسين.
وبعد أن بدّد شملهم استولى على استحكاماتهم التي أنشؤها بتلك الجهات المستحكمة استحكاماً طبيعياً ثم تقدّمت عساكره حتى وصلت إلى محل يدعى بيلك ولما تقدّم عثمان باشا وسليم باشا بفرقتيهما احتاط بهما الجبليون من كل صوب وتغلبوا على القائدين العثمانيين وكسروهما وقتل سليم باشا والتزم عثمان باشا أن يسلم فأخذوه أسيراً وعاملوه بالحسنى مدة أسره ثم تقدّموا لمصادمة قوّة أحمد مختار باشا ولكنه قاومهم وكسرهم في جملة وقائع ولما رأى زيادة قوّتهم وتجمعهم عليه طلب من جنود بوسنه قوّة فأرسلوا له ستة عشر طابوراً.
ولما وصلت إليه أخذ يهاجم الثوار ويضايقهم في جهات فريج وفخور وترمبين ثم أرسلت الدولة جيشاً آخر من الآستانة وبر الشام على البواخر تحت قيادة محمود باشا فنزل في فرضة بار إلا أنه هزم واضطرّ لأن يرجع متقهقر إلى أشقودره وسبب ذلك وعورة تلك الأطراف وعدم محاربة الجبلين محاربة منتظمة وكان الروس لا ينفكون عن إرسال الأسلحة والذخائر إلى الصربيين والجليين ويرسلون إليهما أيضاً متطوّعين من الجيش الروسي وغيره لقيادة الثوّار كل ذلك بمساعي جمعيات الصقالبة بأوروبها ومع هذا فإن ما بذله العثمانيون من الهمة والنشاط وكبح الثوّار أدهش الروس.
مشكوووور الأخ فريد على الموضوع
مشكووووور على مرورك الكريم
مشكوووورة على مرورك الكريم