بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ
اللّهُ الصّمَدُ
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُواً أَحَدٌ
قد تقدم ذكر سبب نزولها، وقال عكرمة. لما قالت اليهود نحن نعبد عزيراً ابن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح بن الله، وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان، أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم {قل هو الله أحد} يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله وقوله تعالى: {الله الصمد} قال عكرمة عن ابن عباس: يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته. وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفته لا تن*** إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار، وقال الأعمش عن شقيق عن أبي وائل {الصمد} السيد الذي قد انتهى سؤدده، ورواه عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود مثله.
وقال مالك عن زيد بن أسلم {الصمد} السيد، وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه، وقال الحسن أيضاً {الصمد} الحي القيوم الذي لا زوال له وقال عكرمة: الصمد الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم وقال الربيع بن أنس هو الذي لم يلد ولم يولد كأنه جعل ما بعده تفسيراً له وهو قوله: {لم يلد ولم يولد} وهو تفسير جيد، وقد تقدم الحديث من رواية ابن جرير عن أبي بن كعب في ذلك وهو صريح فيه، وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بن بريدة وعكرمة أيضاً، وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك والسدي {الصمد} الذي لا جوف له. وقال سفيان عن منصور عن مجاهد {الصمد} المصمت الذي لا جوف له، وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب. وقال عبد الله بن بريدة أيضاً {الصمد} نور يتلألأ، روى ذلك كله وحكاه ابن أبي حاتم والبيهقي والطبراني، وكذا أبو جعفر بن جرير ساق أكثر ذلك بأسانيده، وقال: حدثني العباس بن أبي طالب، حدثنا محمد بن عمرو بن رومي عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، حدثنا صالح بن حبان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: لا أعلم إلاقد رفعه قال: «الصمد الذي لا جوف له» وهذا غريب جداً والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة.