«الشريعة 19 كلم» اللوحة لا تشير الى أنك متجه الى مدينة سياحية ولا الى منطقة استجمامية صحية، ولا حتى الى قمة جبل تعد الأعلى في سلسلة الأطلس البليدي. وعندما تبدأ السيارة تعرج بك ذات اليمين وذات الشمال حتى تصاب بالدوار تعلم علم اليقين أنك تتسلق جبالا هائلة، سرعان ما تدخلك الى عالم آخر من الخضرة والمناظر الخلابة الساحرة. ما تكاد تنتهي العمارات والفيللات، حتى تنتصب أمامك أشجار باسقة غامقة الاخضرار لامعة الأوراق، تصنع لك غابة تجعلك كالطفل يتأمل لوحة جميلة أبدع صانعها في تنميق المناظر، وتنسيق الألوان، وتوزيع الأشجار والأعشاب من مختلف الأنواع. انك في منطقة «الشريعة».
الغابة كثيفة، وأشجار الصنوبر والأرز عالية شامخة تجعل الطريق تتلوى داخلها كالثعبان يزحف تحت العشب، لكن بين الفينة والأخرى تتراءى لك على يسارك (صعودا) مدن المتيجة البليدة وبوفاريك والعفرون، وحتى العاصمة مستلقية على مرتفعات تغازل سهل المتيجة، وسواحل تيبازة، جاثمة في السفح يداعبها البحر شمالا وتسندها جبال الأطلس البليدي جنوبا، وتحدها جبال الونشريس من هناك غربا تشير لك بنهاية مرمى النظر.
طبيعة عذراء
بعد بضعة كيلومترات تبدأ الرؤية تنخفض ويبدأ الضباب يملأ الدنيا، وبياض الثلوج ينافس الخضرة الفاقعة، لقد دخلت بلدية الشريعة أو الحظيرة الوطنية للشريعة التي تقع في تراب ولاية البليدة التي تبعد عن العاصمة حوالي أربعين كيلومترا. انها الغابة الأكثر تنوعا بيئيا وثراء في منطقة الوسط. فالشريعة تزخر بأكثر من 380 نوعا نباتيا، وأكثر من 800 فصيل من الحيوانات.
الحظيرة الوطنية للشريعة هي واحدة من عشر حظائر وطنية محمية بقوة القانون من حيث ثرواتها النباتية او الحيوانية خاصة النادرة منها، وتمتد على مساحة تفوق 26 ألف هكتار، الى جانب حظيرة الطاسلي الصحراوية المصنفة أكثر من ذلك كتراث عالمي، وحظيرة القالة ببحيراتها، وغاباتها المتوسطية وجوها الرطب وطيورها النادرة.. وكلها حظائر تختلف وتتنوع من حيث الطبيعة والجو والسمات وحتى من حيث ما تكتنزه من تراث ومحيط بيئي خاص، وثروات حيوانية نادرة.
عندما تدخل مدينة الشريعة، اذا كتب لك الوصول اليها بالسيارة، ما لم تكن الثلوج قد قطعت الطرق وسدت المنافذ، أو بالتلفريك ما لم يكن المكان يغص بالناس في أيام العطل، ونهاية الأسبوع، فانك تكتشف حقا أنك في مكان سياحي بامتياز، يسمو بك فوق سطح البحر بأكثر من 1600 متر يجعلك تتنفس بشكل جيد، تستنشق هواء تشعر وكأنك لم تتذوقه في حياتك، انها احدى المزايا الطبية التي تنفرد بها مرتفعات الشريعة ولعلك لا تتساءل كثيرا اذا اكتشفت أن أحد أهم معالم وبنايات المدينة الصغيرة هو ذلك المستشفى المخصص لأمراض الربو والأمراض التنفسية.
عشرة آلاف سيارة في اليوم
في أيام الثلج الكثيف مثل هذه الأيام يجب عليك أن تتسلح بالحيطة والحذر ورحابة الصدر أيضا فاذا نجوت من السقوط على وجهك أو ظهرك متزحلقا، فانك قد تتلقى كرة ثلج من أحد العابثين لأن اللعبة الأكثر انتشارا في فصل الثلوج، والأكثر متعة للشباب الذين لا يحسنون التزلج هي التقاذف بالثلوج. فيصطفون على جنبات الطريق وفي الساحة المركزية للمدينة، وحول ساحة نادي التزحلق ليقذف الناس بعضهم بعضا بكريات من الثلج قد يكون بعضها ناعما لكنها لا تخلو من كريات صلبة مؤلمة.
الشريعة بلدة فقيرة تزخر بامكانات سياحية رهيبة مهملة أو غير مستغلة أو كانت ضحية التخريب في سنوات الأزمة أو أكلتها النار. وعليه فان النقائص الملاحظة في الهياكل يسعى جمع من الشباب على اكمالها بوسائل تقليدية، سواء باستئجار زلاقات خشبية لممارسة التزحلق لمن لا يحسن هذه الرياضة، مقابل 150 دينارا للساعة أي أقل من دولارين، أو بيع الساندويتشات او آلات التصوير.
سياحية على مدار العام
المنطقة سياحية طيلة أيام السنة وليس في فصل الشتاء فحسب، ويؤمها الناس من مختلف الفئات والشرائح وحتى الجنسيات يقصدها الكثير من الوزراء والمسؤولين وحتى السفراء خصوصاً الأوروبيين منهم، والسياح الأجانب وعلى رأسهم الفرنسيون. فاذا كانت الثلوج والأمطار والبرد القارس تصنع متعة السياحة الشتوية، فان أشعة الشمس والخضرة والأشجار والأزهار وما يرى من الحيوانات البرية خاصة قرد الشفة الشهير، وزقزقة العصافير المتعددة الألوان والأصناف، يصنع الفرجة والمتعة في فصل الربيع، وظلال الأشجار الفارهة، والنسيم العليل، ورائحة الغابة المنعشة تصنع تفاصيل رحلة الصيف السياحية.
واذا كانت سنوات العنف والأزمة الأمنية قد أثرت سلبا على الحظيرة الوطنية الشريعة، فعزلتها، وهجرها الكثير من سكانها، وقاطعها الزوار والسياح، فان أكبر عدو يبقى يتهددها هو النيران التي تقضي سنويا على جزء كبير من ثروتها النباتية والحيوانية وحتى الزراعية. أخر هذه النيران كان شهر اوت من الصيف الماضي ولا تزال آثاره السوداء تكسر بهاء اللوحة الطبيعية في تفاصيل الغابات المنسابة على جبال الأطلس البليدي. ان قصة الجبال والغابات الجزائرية مع النيران لا تكاد تنتهي. كانت النيران قبل الأزمة الأمنية تندلع عن غير قصد سواء من طرف الفلاحين أو منتجي الفحم (من الحطب) لما يتركونه من بقايا داخل المواقع التي أخمدوا فيها نيرانهم، أو بسبب بقايا الزجاج أو السجائر التي يلقي بها المارة. أما في سنوات الأزمة فقد أصبحت تتم عن قصد بفعل فاعل. وفي كل الحالات كانت تلتهم مساحات شاسعة من الثروة الغابية وتقضي على الكثير من الحيوانات البرية النادرة حتى أن بعضها بدأ ينقرض كأسد الأطلس البليدي الشهير.
ثروة تنتظر الاستغلال
يدور الحديث عن الكثير من المشاريع السياحية التي ستحظى بها بلدة الشريعة، لاعادة بعث السياحة فيها كما كانت عليه قبل الأزمة الأمنية وأحسن، غير أن السلطات المحلية تنتظر مستثمرين حقيقيين لا مجرد أدعياء ومشاريع وهمية، فتجربتها مع أحد الخواض الذي منحته السلطات حقوق اعادة ترميم واستغلال فندق الأرز وهو من أقدم وأشهر فنادق الشريعة، والنتيجة أنه ظل يتلكأ حتى التهمت النيران بقايا الفندق عن آخره.
ما عدا استثمارات الدولة أو مستثمرين أجانب فان سكان البلدة ومسؤوليها لا يحلمون بغد سياحي أكثر اشراقا لمنطقتهم الأخاذةالجمال والتي تنافس أحسن المناظر الطبيعية في أوروبا كما اعترف أحد السياح الفرنسيين العائد للجزائر الأسبوع الماضي بعد انقطاع فاق فترة العشرية الحمراء
اللهم اجعل ماكتبناه خالصاً لوجهك الكريم..
نرجوا منه مغفرتاً ورحمتاً منك ياكريم يارحيم..
اللهم اغفر لي وارحمني ولوالداي والمسلمين والمسلمات
الأحياء منهم والأموات..اللهم تب على التائبين واقض دين المدينين
وأعز الإسلام والمسلمين..وأذل الشرك والمشركين..
وانصر المجاهدين في كل مكان..واستر عورات المسلمين..
وصلى اللهم وسلم على أشرف الأنبياء سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين
اللهم اعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
عثمــــان سليم
بارك الله فيك أخي الكريم
مشكور جدااا على اجمل صور لاجمل شريعة في الثلج
جبال الشريعة والبليدة كلها ثروة ربي يحفظهالنا ونحافطو عليها
جبال الشريعة والبليدة كلها ثروة ربي يحفظهالنا ونحافطو عليها
شكرا على الموضوع الاكثر من رائع والصور ولا اروع
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا