بعض الناس ابتلي بالقول بأن الكفار أخلاقهم أفضل من أخلاق المسلمين ، ما هو الشيء الذي يترتب على هذا ؟
جواب الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر حفظهما الله تعالى
هذا الكلام يقوله بعض الناس دون تفكُّر في هذا الأمر ودون نظر في أبعاده، ويكون قوله في مثل هذا مبنيا على بعض الظواهر التي يراها أو المواقف التي يمر بها فيبني على ذلك مثل هذا الكلام؛ وإلا لو نظر إلى أخلاق الكفار هل هذه الأخلاق:
أولا مبنية على تقرُّب لله بهذه الأخلاق وطلب لثواب الآخرة؟
هل هم يتعاملون بهذه الأخلاق عملا بقوله: ï´؟ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (ظ©)ï´¾[1]؟
هل هو يعامل بالخُلُق الحسن قُربة يتقرَّب بها إلى الله ويرجو بها ثوابه والفوز برفيع المنازل في الجنة؟
سُئل عليه الصلاة والسلام: بمَ يدخل الناس الجنة؟ قال: " بتقوى الله وحسن الخُلُق "[2] فهل هو يتعامل بالأخلاق بناءً على ذلك؟ الجواب: لا. بينما المؤمن يتعامل بالخلق وإن قلَّ يرجو به ثواب الله سبحانه وتعالى، هذا أمر.
الأمر الثاني: أن تعامل كثير من هؤلاء الكفار بالأخلاق مبني على إلزام وقوانين في بلدانهم تُلزمهم بمثل هذه الأخلاق ويعاقب على تركها ولا سيَّما في الأمور التي تمس المصالح العامة ويُوضع فيها قوانين شديدة لمن يُخالف؛ فمن الخُلُق مثلا أن لا ترمي شيئا في طريق الناس، ففي بعض الدول يضعون عقوبة إذا رمى من زجاج السيارة منديلا أو شيئا من ذلك يُعاقب بغرامة مالية كبيرة فتجده حذِرا من فعل شيء من ذلك خوفا من العقوبة الشديدة والغرامات الشديدة؛ لكن فرق بين من يفعل ذلك خوفا من مثل هذه العقوبة ومن يفعل ذلك تقربا إلى الله سبحانه وتعالى وإحسانا إلى عباد الله.
أيضا هؤلاء معاملتهم بهذه الخلاق معاملة نفعية مبنية على مصالح وإذا لم توجد المصلحة لم توجد المعاملة، وإذا كانت المصلحة قائمة فالمعاملة الحسنة قائمة.هذا جانب.
جانب آخر الذي يفتش حقيقة في أحوالهم يجد أن فساد أديانهم ترتب عليه فساد أخلاقهم إلا في قليل من المظاهر العامة وإلا في البيوت تفكك، في بيوتهم تفكك من أشد ما يكون؛ ولا تجد البر الذي هو أعظم البر: بر الأبناء بالآباء والأمهات والتعاملات الحسنة مع الجيران بل يتعاملون في حدود القوانين والرسميات.
ويبلغُنا أن في كثير من بيوت هؤلاء أن الشاب أو الشابة إذا بلغ السادسة عشرة أو السابعة عشرة أو الثامنة عشرة تكون تعامل والدته معه في البيت تعاملها مع شخص نزيل أو مستأجر عندها، حتى يقولون إن بعض الأمهات في آخر الشهر تقدم لولدها أو بنتها فاتورة: فاتورة بالغسيل وفاتورة بالطعام وفاتورة بــ … فيدفع إلى غير الأمور موجودة في البيوت؛ فقائل هذه المقالة بناها على بعض المظاهر العامة التي رآها المبنية على ما أشرت إليه أو بعض المواقف التي مرت به؛ وأحيانا المواقف تحكم الإنسان يعني لو جئت إلى بلد غير إسلامي وصادفت أن سائق الأجرة تلطَّف معك وعاملك بمعاملة جيدة ثم ذهبت بعدها إلى بلد إسلامي وصادفت سائق أجرة عنيف من أول ما وصلت وهو في بداءة وفي سوء، ثم بعد ذلك سئلت ما رأيك في البلدين؟ أحيانا بعض الناس يبني على موقف أو موقفين ويقول البلد الفلاني سيِّئون بناءً على موقف من شخص أو اثنين أو ثلاثة حكم على أهل البلد عموما وهذا ليس من العدل فمثل هذه الأمور تأتي من مثل يعني مثل هذه النظرات القاصرة وإذا تركنا هذا كله وتحدثنا عن الأخلاق نعود كلامنا الأول وهو الأهم في الباب أعظم الخُلُق والأدب الخُلُق مع رب العالمين ومن كان كافرا بالله لا خُلُق له وما كان عنده من معاملات طيبة في الدنيا لا تنفعه عند الله سبحانه وتعالى إذا كان كافرا بالله ï´؟إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَظ°لِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ï´¾[3] .
_________________________
[1]سورة الإنسان؛ الآية:9
[2]سورة النساء؛ الآية:48
[3]حديث أبي هريرة رضي الله عنه " سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل الجنة قال التقوى وحسن الخلق وسئل ما أكثر ما يدخل النار قال الأجوفان الفم والفرج " صححه الإمام الألباني رحمه الله في [صحيح ابن ماجة:3443]