وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ سورة التكوير الآيات 1 ـ 9 إذا الشمس أظلمت والنجوم تناثرت وسقطت على الأرض والجبال ذهب بها عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثا، والعشار أي النوق الحوامل تركت بلا راع بلا حالب لما دهاهم من الأمور، والوحوش جمعت بعد البعث يقتص من بعض لبعض ثم تصير ترابًا، والبحار أوقدت فاشتعلت نارًا، وزوجت أنفس المؤمنين بالحور العين، ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ جوابها أن تقول بلا ذنب ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ سورة التكوير /10 أي صحف الأعمال تنشر يوم القيامة ليقرأ كل إنسان كتابه، فقد قال صلى الله عليه وسلم يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ستون ذراعًا ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ قال فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون: اللهم بارك لنا في هذا حتى يأتيهم فيقول: أبشروا فإن لكل رجل منكم مثلَ هذا، وأما الكافر فيعطى كتابه بشماله مسودًا وجهه ويزاد في جسمه ستون ذراعًا ويلبس تاجًا من نار فيراه أصحابه فيقولون: اللهم اخزه فيقول: أبعدكم الله فإن لكلّ واحد منكم مثلَ هذا ".
يقول الله تعالى ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ﴾ سورة الحاقّة /19 فإعطاء الكتاب باليمين إخوة الإيمان دليل على النجاة والمؤمن لما بلغ الغاية في السرور وعلم أنه من الناجين بإعطاء كتابه بيمينه يحب أن يظهر ذلك لغيره حتى يفرحوا له، اللهم اجعلنا من الناجين الفرحين في ذلك اليوم العظيم يا رب العالمين، فالذي أعطي كتابه بيمينه هو في عيشة راضية مرضية وذلك بأنه لقي الثواب وأمن من العقاب، يقول تعالى ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ﴾. سورة الحاقّة /25ـ29
أما من أعطي كتاب أعماله بشماله فإنه لما يرى من سوء عاقبته التي كشف عنها الغطاء، تمنى أنه لم يؤت كتابه لما يرى فيه من قبائح أفعاله، ويتمنى الموت ولم يكن شىء عنده أكره منه إليه في الدنيا لأنه رأى تلك الحالة أشنع وأمر مما ذاقه من الموت ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾.
قال البخاري : " القاضية الموتة الأولى التي متّها، لم أحي بعدها " ويقول نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه:" يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذابا : لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها؟ فيقول نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب ءادم أن لا تشرك، فأبيت إلا الشرك " وماله الذي كان في الدنيا يملكه لا يدفع عنه من عذاب الله شيئًا وزال عنه سلطانه ملكه وقوته. ويقول الله تعالى لخزنة جهنم خذوه واجمعوا يديه إلى عنقه مقيدا بالأغلال هذا معنى :
﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ سورة الحاقّة /30ـ31 أي أدخلوه واغمروه في نار جهنم ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ﴾ سورة الحاقّة 32 سلسلة حلق منظمة كل حلقة منها في حلقة سلسلة عظيمة جدًا طولها سبعون ذراعًا والله أعلم بأي ذراع هي، والظاهر أنهم يدخلونه في السلسلة ولطولها تلتوي عليه من جميع جهاته فيبقى داخلاً فيها مضغوطًا حتى تعمّه وقيل تدخل في دبره وتخرج من منخره وقيل تدخل من فيه وتخرج من دبره . أتعلمون إخوة الإيمان ما هو سبب العذاب للكافر؟
﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾ سورة الحاقّة /33
﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾
﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وأخرجنا من هذه الدنيا على كامل الإيمان، وقنا عذابك يوم تبعث عبادك يا رب العالمين .
هذا وأستغفر الله لي ولكم .