قام "صارغون الأكادي" بتنظيم الجيش وبتجديده وتحديث عتاده، وجعل على كل منطقة خاضعة لنفوذه حاكماً يسمى "عبد الملك" وجعل عاصمته مدينة "أكاد" وامتد سلطانه إلى جميع بلاد الشام حتى البحر.
وفي "نينوى" تم اكتشاف رأس برونزي محفوظ في متحف بغداد، يمثل رأس هذا الزعيم العربي الأول الذي عاش في النصف الثاني من الألف الثالث وحكم ما يقرب من نصف قرن، وقد بدا وجهه حازماً وعلى فمه ابتسامة هادئة رقيقة وربط شعره بعصابة وبدت لحيته منظمة. بشكل خصلات تعبر عن العظمة والقوة، وعلى رأسه خوذة معدنية دلالة على صفته الحربية. ولقد سجلت بعض انتصارات هذا الملك على لوحة من حجر الديوريت موجودة في متحف اللوفر في باريس.
وترى لوحة أخرى تمثل معركة قادها ابنه "ريموش" الذي حكم تسع سنوات، ثم جاء بعده أخوه "مانشتوسو" الذي حكم خمسة عشر عاماً، وترك لنا مسلة حجرية نقشت عليها أعماله الحربية. ثم جاء "نارام سين" الشهير حفيد "صارغون" الذي حكم ما يقرب من أربعين سنة واشتهر كمحارب وبناء.
كونت أسرة "صارغون" إمبراطورية واسعة كانت تضم معظم أقطار الهلال الخصيب وبعض مقاطعات آسية الصغرى ووصلت إلى البحر، بل إن "صارغون" غزا جزيرة كريت وبعض جزر البحرين دلمون.
كان "نارام سين" من أبرز أعضاء هذه الأسرة، وفي موقع "تل براك" بمنطقة الخابور كان مقره ومن هناك انطلق بجيوشه في معارك النصر. وخلد بعض انتصاراته في لوحة محفوظة في اللوفر وتمثل انتصاره في "سيبار" مدينة الإله "شماش".
وهذه اللوحة الشهيرة هي من الحجر الوردي وفيها ما يزيد عن عشرين محارباً في جيشين، وفي أحد المشهدين تسعة جنود يقابلون تسعة جنود من الأعداء وبينهم "نارام سين" واقفاً في منطقة ذات مرتفعات تغطيها الغابات. ويُرى المحاربون الأكاديون في صفين من المشاة يلاحقون أعداء هم الفارين أمامهم، ويطأ "نارام سين" تحت قدمه جثتين ويحمل قوساً حربياً بيده اليسرى، بينما سقط عدو آخر من حافة الجبل، فيبدو مسجى وبيده القوس الحربي، وكان "نارام سين" يحمي رأسه بخوذة تشبه ما تتحلى به الآلهة لوجود قرنين ظاهرين في طرفيها.
وخلف هذا المشهد يسطع في السماء نجمان يشيران إلى الآلهة التي ساعدته في انتصاره.
لقد كان هدف حروب "صارغون" وأولاده وحفيده "نارام سين"، توحيد البلاد وإبراز شخصية تلك الشعوب المتقاربة في جنسها وطبائعها وأهدافها .
نورت