المقدمة :
المبحث الأول : مفهوم التسليم
* المطلب الأول : تعريف التسليم وتحديد عناصره
*المطلب الثاني : كيفية التسليم
*المطلب الثالث: أهمية التسليم
– الفرع الأول : التسليم القانوني
– الفرع الثاني :التسليم الحكمي
المبحث الثاني : محل الالتزام بالتسليم
* المطلب الأول: حالة المبيع
*المطلب الثاني: مقدار المبيع
– الفرع الأول: حالة نقص المبيع
– الفرع الثاني: حالة زيادة المبيع
– الفرع الثالث: تقادم الدعاوى الناشئة عن نقص المبيع أو زيادته
* المطلب الثالث: ملحقات المبيع
*المطلب الرابع: مكان التسليم وزمانه ونفقاته
– الفرع الأول : مكان التسليم
– الفرع الثاني : زمان التسليم
– الفرع الثالث : نفقات التسليم
المبحث الثالث: تبعة هلاك الشيء المبيع قبل التسليم
* المطلب الأول: تحديد نطاق تبعة الهلاك
* المطلب الثاني: تبعة الهلاك الكلي قبل التسليم
*المطلب الثالث: تبعة الهلاك الجزئي وحالة نقص قيمة المبيع بسبب التلف
الخاتمة :
مقدمة :
عقد البيع من العقود الملزمة للجانبين ، مما يؤدي إلى نشوء التزامات في ذمة كل من البائع والمشتري ، فيرتب في ذمة البائع التزاما بنقل الملكية وهو موضوع البحث السابق ، وكذا التزاما بالضمان وهو موضوع البحث القادم , والالتزام الأخير في ذمة البائع هو الالتزام بتسليم المبيع وهو موضوع بحثنا اليوم ويترتب على هذا الالتزام الأخير عدة آثار قانونية وعملية بالنسبة لأهميته , وكيفية الوفاء به ، ومحله ، والحالة التي يجب عليها التسليم ، وزمان ومكان الوفاء به ، وجزاء الإخلال به من حيث تبعية الهلاك الجزئي أو الكلي .
فما هي الآثار المترتبة عن التزام البائع بتسليم المبيع ؟
المبحث الأول : مفهوم التسليم
المطلب الأول : تعريف التسليم وتحديد عناصره
تنص المادة 367 /1 من القانون المدني الجزائري بأنه : ( يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسلما ماديا ما دام البائع قد أخبره بأنه مستعد لتسليمه
بذلك ….) .
ومن هذه الفقرة التي وردت في المادة 367 مدني جزائري يتضح لنا أن التسليم عبارة عن وضع الشيء المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع حيازته والانتفاع به دون أن يعرقل ذلك أي عائق حتى ولو لم يتم تسليمه تسليما ماديا .
ويتضح من هذا النص أن تنفيذ البائع لالتزامه بالتسليم يقتضي توافر عنصرين :
-الأول : وضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ، فإذا وجد عائق يحول بين المشتري وحيازة المبيع والانتفاع به فإن البائع لا يكون قد نفذ التزامه بالتسليم سواء كان العائق راجعا إلى فعل البائع أو إلى فعل الغير مع ملاحظة أن وجود مستأجر في العين المبيعة لا يعتبر عائق متى كان عقد الإيجار نافذا في حق المشتري وكان البائع قد أعلمه به إذ يصبح المستأجر حائزا لحساب المشتري لا لحساب البائع ويسري مثل هذا الحكم في حالة ما إذا كانت العين المبيعة محملة بحق انتفاع واقتصر البائع على بيع ملكية الرقبة .
-الثاني : إعلام البائع للمشتري بأن المبيع قد وضع تحت تصرفه ولا يلزم لهذا الإعلام شكل خاص ولا يلزم فيه إعلان رسمي بل هو يتم بكافة الطرق لكن لا يكفي مجرد علم المشتري بأن المبيع قد أصبح تحت تصرفه بل يجب أن يكون هذا العلم ناتجا عن إخطار البائع له .
وإذا توفر هذان العنصران فإن البائع يكون قد نفذ التزامه بالتسليم ولو لم يكن المشتري قد حاز المبيع حيازة مادية أو فعلية ، فتنفيذ البائع لالتزامه بالتسليم يتم بالتسليم القانوني .
المطلب الثاني : كيفية التسليم
والتسليم إما أن يكون تسليما فعليا ، وأما أن يكون تسليما حكميا :
الفرع الأول : – التسليم الفعلي (الحقيقي) :
وقد نصت عليه المادة 367 مدني جزائري ويقع بتوافر عناصر التسليم التي سبق وحددناها ويتحقق العنصر الأول للتسليم القانوني بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بالطريقة التي تتفق مع طبيعته ، فإذا كان المبيع عبارة عن عقار (أرض أو دار) فإن تسليمه يقتضي تخلية البائع للأرض أو الدار بحيث يصبح في مقدور المشتري وضع يده عليه ، وقد يتطلب الأمر في هذه الحالة ، أن يقوم البائع بتسليم ****** الدار والمستندات التي تثبت ملكيته للمبيع . أما إذا كان المبيع منقولا ماديا ، فان تسليمه للمشتري يتم عادة بالمناولة ، أي بالتسليم المادي أو إلى نائب المشتري ، أو بتحويل سند الشحن أو الإيداع أو التخزين للمشتري في حالة ما يكون المنقول مشحونا أو مودعا أو مخزونا في جهة ما .
وإذا كان المنقول غير معين بالذات فان تسليمه يتم عن طريق إفراز المبيع بحضور المشتري ودعوته لتسلمه .
وإذا كان المبيع عبارة عن حق مالي : كحق مرور ، أو كحق انتفاع فيقع التسليم بقيام البائع بتسليم المشتري سندات الحق المنشئ له ، وان لم يوجد فيكون بترخيص البائع للمشتري في استعمال الحق مع تمكينه من ذلك وإزالة ما قد يحول بينه وبين استعمال حقه والأمر كذلك إذا كان الحق المبيع حقا ذهنيا كحق المؤلف .
وإذا كان المبيع عبارة عن حق شخصي ، كما في حوالة الحق فان تسليمه للمشتري (المحال إليه) يتم بوضع الحق تحت تصرفه عن طريق تسليمه سند الحق لتمكينه من استعماله في مواجهة المحال عليه .
ويتوفر العنصر الثاني بإعلام البائع نفسه المشتري بوضع المبيع تحت تصرفه ولذلك لا يكتفي في هذا الشأن بمجرد علم المشتري بل يجب أن يكون هذا العلم مستمدا من البائع نفسه وذلك منعا لكل لبس حول حقيقة علم المشتري بوضع المبيع تحت تصرفه وهذا الإعلام لا يتطلب شكلا محددا ، فيجوز أن يتم بإنذار رسمي أو بجواب موصى عليه أو بطريقة شفهية .
الفرع الثاني : – التسليم الحكمي :
وقد يتم التسليم بمجرد تراضي المتعاقدين على البيع وهذا تسليم حكمي ويكون ذلك بالاتفاق على تغيير صفة الحيازة ويقوم التسليم الحكمي مقام التسليم القانوني وقد نصت عليه المادة 367 / 2 من القانون المدني الجزائري بقولها: (وقد يتم التسليم بمجرد تراضي الطرفين على البيع إذا كان المبيع موجودا تحت يد المشتري قبل البيع أو كان البائع قد استبقى المبيع في حيازته بعد البيع لسبب آخر لا علاقة له بالملكية ) .
يتبين لنا من هذه الفقرة أن التسليم الحكمي يتميز عن التسليم القانوني في أنه يتم بتراضي الطرفين (البائع والمشتري) باعتباره اتفاق أو تصرف قانوني ( وليس بعمل مادي) ، ويقع هذا النوع من التسليم بالاتفاق على أن المبيع قد تم تسليمه من البائع إلى المشتري .
كما يتضح كذلك أن التسليم الحكمي له صورتان :
* الصورة الأولى : إذا كان المشتري يحوز المبيع قبل البيع حيازة عرضية باعتباره مستأجرا أو مستعيرا أو مودعا لديه أو مرتهنا رهن حيازة ، فبمجرد الاتفاق على البيع تتغير صفة حيازته فيصير حائزا بصفته مالكا عن طريق الشراء .
* الصورة الثانية : وهي الصورة العكسية صورة البائع الذي يظل حائزا للمبيع بعد البيع على سبيل الإيجار أو العارية أو الانتفاع أو الرهن أو الوديعة فتتغير صفة حيازته من حائز لحساب نفسه إلى حائز لحساب المشتري .
وفي الحالتين يعتبر التسليم قد تم للمشتري بمجرد العقد .
المطلب الثالث : أهمية التسليم
تبدو أهمية التسليم كالتزام يقع على عائق البائع في الأمور الآتية :
-أولا : أن المشتري يصبح منذ إتمام عملية التسليم قادرا على الانتفاع الكامل بالشيء المبيع ومن ثم يكون المشتري قد حقق الغاية من الشراء .
-ثانيا : إن التسليم يقوم بدور كبير وخطير في نفس الوقت بالنسبة لاستقرار ملكية الأشياء المعينة بذاتها للمشتري الذي تم تسليمها له ومن ثم يصبح محصنا من قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز وعلى وجه الخصوص إذا تصرف البائع بالشيء نفسه إلى مشتر آخر حسن النية فالتسليم يضع المشتري الثاني من المطالبة بالشيء المبيع وإن كان له أن يرجع على البائع بالتعويض على أساس إخلال البائع بالتزامه تجاهه .
-ثالثا : من المعروف في الأشياء المعينة بنوعها أن ملكيتها لا تنتقل إلا بفرزها وفرز المبيع يتم عادة عند التسليم في هذه الحالة تمتزج عملية التسليم بنقل الملكية للحق حتى تبدوا أنها السبب لانتقال الملكية .
-رابعا : التسليم في القانون الروماني والقانون المدني الفرنسي القديم كان يعتبر شرطا لانتقال الملكية فيهما , فإذا لم يتم التسليم للشيء المبيع إلى المشتري فإن الملكية لم تكن تنتقل إليه بينما التسليم في القوانين الحديثة فقد أصبح التسليم مجرد أثر يترتب على عقد البيع ولا دور له في انتقال الملكية .
المبحث الثاني: محل الالتزام بالتسليم
محل الالتزام بالتسليم، هو المبيع المتفق عليه في عقد البيع، وبالتالي يجب أن يتم تسليمه من قبل البائع بالحالة التي كان عليها المبيع وقت إبرام عقد البيع وبالمقدار الذي حدد في العقد وكذا ملحقاته التي تتبعه، ولأهمية دراسة هذه المسائل سنتكلم عن كل واحد منها بشيء من التفصيل :
المطلب الأول : حالة المبيع :
تنص المادة 364 من القانون المدني الجزائري، على أنه : (يلزم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري في الحالة التي كان عليها وقت البيع .
من المادة السابقة يتبين أن البائع يلتزم بتسليم المبيع المتفق بالحالة التي كان عليها المبيع وقت إبرام عقد البيع وهذه الحالة قد يتفق عليها ، فإذا وجد اتفاق بينهما فالعقد شريعة المتعاقدين وإن لم يوجد وجب على البائع تسليم المبيع إذا كان منقولا معنيا بذاته وفقا لصفاته وحالته التي كان عليها وقت إبرام العقد مثال:_ أرض: (.. الحدود والمساحة، مالها من حقوق ، وما عليها من تكاليف ،…) ، أما إذا كان المبيع منقولا معينا بنوعه فقط فإن البائع يلتزم بتسليم شيء من درجة جودة الشيء المتفق عليه ، وإن لم يكن هناك اتفاق على البائع تسليم شيء من صنف متوسط .
قد يطرأ على المبيع تغير ما قد يكون ضارا بالمشتري .
المطلب الثاني: مقدار المبيع:
تنص المادة 365/1 من القانون المدني الجزائري أنه : (إذا عين في عقد البيع مقدار المبيع كان البائع مسؤولا عما نقص منه بحسب ما يقضي به العرف ، غير أنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في المبيع إلا إذا ثبت أن النقص يبلغ من الأهمية درجة لو كان يعلمها المشتري لما أتم البيع) .
يتبين من النص السابق أنه إذا كان قد حدد مقدار المبيع في العقد (كالمساحة، أو العدد، أو الكمية) فإن البائع يلتزم في مواجهة المشتري وفقا للمقدار الذي حدد في العقد ، فإذا نفذ البائع بما التزم به فليس للمشتري أن يرجع عليه بشي .لكن قد يقع أن يكون المقدار المبيع المسلم للمشتري أقل مما حدد أو أكثر مما أتفق عليه فيكون لكليهما حينئذ الحق في الرجوع على بعضيهما .
الفرع الأول :- حالة نقص المبيع:
في حالة اكتشاف المشتري نقصا في المبيع وفقا للمقدار المتفق عليه في العقد يكون البائع مسؤولا عما نقص من المبيع إلا إذا أوجد اتفاق على التسامح فيما إذا وجد نقص في حالة المبيع ، أو أن يكون العرف قد جرى بالتسامح بهذا النقص عندئذ تنتفي مسؤولية البائع وتنتفي معها أحقية المشتري في الرجوع على البائع .
يكون مضمون حق المشتري في حالة اكتشاف النقص على الخيار بين إنقاص الثمن وفسخ العقد إلا أن فسخ العقد لا يكون إلا إذا كان النقص في مقدار المبيع جسيما بحيث لو كان يعلمه المشتري لما تعاقد ، وذلك كله بناء على حكم الفقرة الأولى من المادة 365 من القانون الجزائري .
الفرع الثاني : حالة زيادة المبيع:
تنص الفقرة الثانية من المادة 365 من القانون الجزائري : ( وبالعكس إذا تبين أن قدر الشيء المبيع يزيد على ما ذكر بالعقد وكان الثمن مقدرا بحسب الوحدة وجب على المشتري إذا كان المبيع غير قابل للتقسيم أن يدفع ثمنا زائدا إلا إذا كانت الزيادة فاحشة ، ففي هذه الحالة يجوز له أن يطلب فسخ العقد كل هذا ما لم يوجد اتفاق يخالفه ) .
يتبين من حكم الفقرة السابقة أنه قد يكون هناك زيادة عن المقدار المتفق عليه بين البائع والمشتري ، هنا يتوجب علينا إعمال الاتفاق القائم بينها في تسوية هذا الأمر وفي حالة انعدام مثل هذا الاتفاق نفرق بين أمرين :
أولا: إذا كان الشيء المبيع غير قابل للتقسيم (التبعيض) ، أو كان تقسيمه يترتب عليه ضرر بالبائع فعلى المشتري أن يدفع ثمنا تناسب مع الزيادة إلا إذا تبين أن الزيادة في المبيع بلغت حدا من الجسامة بحيث لو كان يعلمها المشتري وقت العقد ما أبرم العقد ، ومن ثم يجوز له أن يفسخ العقد .
ثانيا: إذا كان المبيع قابلا للتقسيم (التبعيض) فإن المشتري لا يلتزم إلا بالمقدار المتفق عليه في العقد إذا كان الثمن مقدرا على أساس الوحدة (المتر، أو الطن، أو القنطار…الخ) ولا يجوز للمشتري أن يجبر البائع على تسليمه المقدار الباقي في مقابل زيادة الثمن، و لا يجوز للبائع من جهة أخرى إلزام المشتري بأن يأخذ المقدار الزائد مقابل ثمن يدفعه المشتري يتناسب مع المقدار الزائد .
لكن ما حكم ما إذا كان الثمن مقدرا في عقد البيع جملة واحدة وليس بسعر الوحدة ثم تبين أن في المبيع زيادة في مقداره ؟ يذهب الفقه إلى أن الزيادة من نصيب المشتري دون أن يدفع مقابلا لزيادة أي شيء وذلك بسبب أن المقدار ورد على سبيل الوصف، ثم لتقصير البائع في تحديد الثمن جملة دون تحديد .
الفرع الثالث : – تقادم الدعاوى الناشئة عن نقص المبيع أو زيادته:
تنص المادة 366 من القانون المدني الجزائري على أنه : (إذا وجد في قدر المبيع نقص أو زيادة فإن من حق المشتري طلب إنقاص الثمن أو فسخ العقد وحق البائع في طلب تكملة الثمن يسقطان بالتقادم بعد مضي سنة من وقت تسليم المبيع تسليما فعليا ) .
يتبين من نص المادة السالفة الذكر خضوع هذا النوع من الدعاوى للتقادم قصير المدة حيث حددت المدة من طرف المشرع بسنة كاملة وحكمة ذلك في رغبة المشرع في استقرار المعاملات القانونية .
ومدة التقادم القصير يبدأ منذ إتمام عملية التسليم الفعلي للمبيع إلى المشتري وليس التسلم الحكمي ، حيث أن اكتشاف النقص أو الزيادة من المشتري أو البائع لا يتحقق إلا بإتمام عملية التسليم الفعلي للمبيع .
والدعاوى التي أخضعها المشرع الجزائري لأحكام المادة 366 هي كالتالي :
أولا: دعوى إنقاص الثمن:
وهي تثبيت المشتري في حالة ما تبين وجود نقص في المبيع .
ثانيا: دعوى فسخ عقد البيع:
وهي دعوى تثبت للمشتري أيضا في حالتين :
1- حالة وجود نقص جسيم في المبيع ، وهو النقص الذي لو كان يعلم به المشتري لما أبرم العقد .
2- حالة وجود زيادة في المبيع ، وإذا كان لا يقبل التجزئة (التبعيض) وثمنه قدر بحساب الوحدة .
ثالثا: دعوى تكملة الثمن:
وهي دعوى تثبت للبائع إذا تبين وجود زيادة في المبيع وكان لا يقبل التجزئة وثمنه قد قدر بحساب الوحدة .
المطلب الثالث:- ملحقات المبيع :
لم ينظم المشرع الجزائري حكم ملحقات المبيع كما فعل المشرع المصري وعلى الرغم من هذا النقص التشريعي فإننا نستطيع أن نتلمس من القواعد العامة في القانون حكم ما يعتبر من ملحقات المبيع .
نصت الفقرة الثانية من المادة 107 من القانون المدني الجزائري بأنه : (لا يقتصر العقد على التزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة , بحسب طبيعة الالتزام ) ، وعليه فان نقل ملكية أحد الأشياء يؤدي إلى انتقال ما يعتبر من الملحقات الضرورية للشيء المبيع وكل ما أخذ بصفة دائمة لاستعماله وهذا يعنى أن تسليم المبيع من قبل البائع يجب أن يشمل كل ما يعتبر من الملحقات الضرورية للمبيع و إلا كان التسليم ناقصا وليس تام ا .
إضافة إلى ما سبق فإننا نستطيع أن نتلمس حكم ملحقات المبيع من قواعد انتقال الحقوق من شخص إلى آخر, والتي تتمثل في :
1- قاعدة أن الشخص إلى غيره بأكثر مما يملك وهي التي تعني أن الشخص إذا نقل حقا من حقوقه فإنه ينقله للمتلقي بما لهذا الحق وما عليه لأن فاقد الشيء لا يعطيه .
2- قاعدة الفرع يتبع الأصل وهي التي تعنى أن كل ما يعتبر تابعا لحق من الحقوق يأخذ حكم الأصل في وجود و عدمه في بطلانه وصحته فإن ما انتقل هذا الحق من شخص لآخر انتقل إلى الشخص المنقول إليه متبوعا بملحقاته .
إن ملحقات المبيع هي مجموعة الحقوق والالتزامات شخصية كانت أم عينية والتي أعدت بصفة دائمة لتكون تابعة للأصل وملحقة به ليتمكن صاحب الحق بمجموع هذه الحقوق وهذه الالتزامات من أن يستعمل حقه وفقا للغرض المقصود من وجود الحق في حيازته وبعبارة أخرى هي مجموعة الحقوق والالتزامات التي تتبع الحق وتنزل منزل الفرع بحيث لا يمكنها الافتكاك منه أو تقوم منفصلة عنه .
من التعريف تعتبر كل الحقوق العينية والتكاليف المرتبط بالمبيع والتي من شأنها أن تضيق أو توسع من نطاق الحق الذي نشأ للمشتري على المبيع وهو حق الملكية وذلك لما لهذه الحقوق و التكاليف من ميزة التتبع فإذا كان المبيع عبارة عن أرض زراعية ، اعتبر من ملحقات المبيع حقوق الارتفاق والمزروعات غير الناضجة دون المزروعات الناضجة .
وكذلك تعتبر من ملحقات المبيع كل ما أعد لخدمة العقار من مواشي أو آلات زراعية وكذلك المخازن وبيوت الفلاحين إذا وجدت.
و تعتبر دعاوى الضمان( دعوى منع التعرض ودعوى الاستحقاق ، ودعوى العيوب الخفية ) من قبيل الملحقات للشيء المبيع وتعتبر كذلك من ملحقات الحق الشخصي الدفوع المتعلقة بسند انتقاله.
المطلب الرابع : مكان التسليم وزمانه ونفقاته :
الفرع الأول :- مكان التسليم:
طبقا للقواعد العامة مكان التسليم هو المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت العقد إذا كان المبيع معينا بذاته أما إذا كان المبيع معينا بنوعه فيتم التسليم في موطن البائع إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك إذا تنص المادة 282 من القانون المدني الجزائري على أنه : ( إذا كان محل الالتزام شيئا معنيا بالذات وجب تسليمه في المكان الذي كان موجود فيه وقت نشوء الالتزام ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك. أما في الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء أو في المكان الذي يوجد فيه مركز مؤسسته إذا كان الالتزام متعلقا بهذه المؤسسة .) .
وبناءا على أحكام المادة 368 من القانون المدني الجزائري، والتي تقرر انه( إذا وجب تصدير المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك) فان مكان التسليم في حالة الاتفاق على أن يقوم البائع بتصدير المبيع إلى المشتري إنما هو المكان الذي اتفق على إرسال المبيع إليه فإذا اتفق المشتري مع البائع على أن يقوم هذا الأخير بتصدير الشيء المبيع إلى وهران فتكون وهران هي مكان التسليم .
الفرع الثاني :- زمان التسليم:
إذا لم يتفق على تأجيل التسليم فالأصل أن على البائع تنفيذ التزامه فور نشوئه وهذا ما أكده نص المادة 281/1 من القانون المدني الجزائري بأنه : ( يجب أن يتم الوفاء فور ترتيب الالتزام في ذمة المدين ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك) .
أي يجب أن يكون فور انعقاد البيع ولو كان هناك اتفاق على تأجيل التزام المشتري بدفع الثمن . ويلاحظ ما قد يقضي به العرف بمنح البائع مهلة للتسليم بعد انعقاد العقد .
الفرع الثالث :- نفقات التسليم :
تقضي القواعد العامة بأن نفقات تنفيذ الالتزام تقع على عاتق المدين به إلا إذا اتفق على غير ذلك ، حيث تنص المادة 283 من القانون المدني الجزائري على أن : (تكون نفقات الوفاء على المدين , ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك) وتشمل هذه النفقات كل ما يلزم لوضع المبيع تحت تصرف المشتري وإعلامه بذلك .
من نص المادة 283 السابقة يتبين أن نفقات التسليم تقع على عائق المدين و المدين بالتسليم ويدخل ضمن هذه النفقات: مصروفات الوزن، والمقاس، والكيل، و إذا كان المبيع شيئا معينا بنوعه و لا يفرز إلا بأحد الطرق السالفة الذكر، وكذلك مصروفات حزم المبيع ونقله إلى مكان التسليم كذلك تدخل ضمن النفقات الرسوم الجمركية وخاصة في الأشياء المصدرة, هذا الأصل, ولكن إذا وجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك وجب عمل الاتفاق قبل إعمال نص المادة 283 .
أما نفقات تسلم المبيع فهي على عاتق المشتري المادة 395 مدني جزائري والتي تنص على أن ( نفقات تسلم المبيع تكون على المشتري ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك) ومن ثم فلا يلزم البائع بالمصاريف اللازمة لنقل المبيع من مكان التسليم إلى أي مكان آخر , ومع ملاحظة حكم المادة 368 مدني جزائري , والتي تنص على أنه : (إذا وجب تصدير المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك ) فبالنسبة للمنقول واجب التصدير ، التسليم في هذه الحالة لا يتم إلا بوصول المبيع إلى المشتري ومعنى ذلك أن نفقات الشحن على البائع إذ أنها من نفقات التسليم .
المبحث الثالث : تبعة هلاك الشيء المبيع قبل التسليم
المطلب الأول : تحديد نطاق مسألة تبعة الهلاك
البحث في تبعة الهلاك يفترض أن الهلاك قد حدث بعد انعقاد البيع أما إذا كان الهلاك سابقا عن البيع فان البيع يكون باطلا بطلانا مطلقا لاستحالة محل الالتزام .
كذلك فان البحث في تبعة الهلاك لا يثور إلا حيث يكون المبيع معينا بالذات سواء كان قد عين بذاته عند انعقاد البيع أو كان معينا بنوعه ثم حصل إفرازه وعينت بذلك ذاته ، أما إذا كان المبيع معينا بنوعه فحسب ولم يحصل إفرازه فلا تثور مسألة تبعة الهلاك إذ أن ذاتيته لم تتحدد حتى يقال بأنه قد هلك .
وأخيرا لا يثور بحث تبعة الهلاك إلا إذا كان الهلاك لسبب أجنبي لا يد للبائع أو المشتري فيه لأنه إذا هلك المبيع بفعل البائع بقي البائع مسؤولا عن إخلاله بالتزامه ويكون للمشتري أن يسترد الثمن وفوق ذلك يلتزم البائع بالتعويض ، وإذا هلك المبيع بفعل المشتري بقي المشتري ملتزم بالثمن وإذا هلك بفعل شخص أجنبي كان هذا الغير مسؤولا بطبيعة الحال .
فينحصر إذن البحث في تبعة الهلاك في حالة ما إذا كان المبيع معينا بالذات ثم هلك بعد البيع بقوة قاهرة .
المطلب الثاني: تبعة الهلاك الكلي قبل التسليم
تنص المادة 369 من القانون المدني الجزائري أنه : ( إذا هلك المبيع قبل تسليمه بسبب لا يد للبائع فيه , سقط البيع واسترد المشتري الثمن إلا إذا وقع الهلاك بعد إعذار المشتري بتسليم المبيع ) .
يتبين من المادة 369 أن : المشرع الجزائري قد اتبع أحكام القواعد العامة فجعل الهلاك يقع على البائع قبل التسليم وذلك وفقا للقاعدة التي تقول انه في العقود الملزمة لجانبين يتحمل المدين تبعة الهلاك حتى ولو كان ذلك راجعا لسبب لا يد للبائع فيه ، وهذا خلافا لما عليه الحال في الفانون المدني الفرنسي والتي جاءت فيه (المادة 1138) محملة تبعة الهلاك على المشتري ، وذلك بمجرد انعقاد العقد وبالتالي إذا هلك المبيع وهو في حيازة البائع وقبل تسليمه للمشتري هلاكا كليا ترتب على ذلك انفساخ عقد البيع بقوة القانون ودون حاجة إلى حكم القاضي بل وبغير حاجة إلى إعذار . لكن إذا كان الهلاك الكلي راجعا إلى فعل البائع فان البائع يظل مسؤولا عن الهلاك ويظل مسؤولا في مواجهة المشتري بالتعويض عما أصابه من الضرر وكذلك رد الثمن إليه . أما إذا كان الهلاك يرجع إلى فعل المشتري فان تبعة الهلاك يتحملها المشتري باعتباره المتسبب بذلك ، وعليه أن يدفع الثمن كاملا للبائع ولا يجوز استرداد الثمن إذا كان المشتري قد دفعه ولكن إذا اعذر البائع المشتري بتسليم المبيع وتعنت المشتري دون مبرر أن يتسلم المبيع من البائع ثم هلك المبيع هلاكا كليا فان تبعة الهلاك في هذه الحالة تقع على المشتري .
وتقع تبعة الهلاك على المشتري في الحالة التي يكون فيها البائع حاميا للمبيع على المشتري لتخلفه عن دفع الثمن لأن عدم التسليم في هذه الحالة ترجع إلى خطأ المشتري حيث لم يدفع الثمن وهو السبب الذي جعل البائع يحبس المبيع .
وبهذا تقرر المادة 391 من القانون المدني الجزائري أنه : ( إذا تلف المبيع في يد البائع وهو ماسك له كان تلفه على المشتري ما لم يكن التلف قد وقع من فعل البائع ) .
المطلب الثالث: تبعة الهلاك الجزئي وحالة نقص قيمة المبيع بسبب التلف
تنص المادة 370 من القانون المدني الجزائري أنه : ( إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه جاز للمشتري إما أن يطلب فسخ البيع إذا كان النقص جسيما بحيث لو طرأ قبل العقد لما أتم البيع وإما أن يبقى البيع مع إنقاص الثمن ) .
يتبين من هذه المادة انه إذا هلك المبيع هلاكا جزئيا وهو في حيازة البائع فان الهلاك يقع على البائع ويكون للمشتري في هذه الحالة إما أن يطالب بإنقاص الثمن بحيث يتعادل التزام المشتري بالثمن بما تبقى من المبيع وإما أن يطلب فسخ العقد من القضاء إذا كان الهلاك الجزئي جسيما بحيث لو كان هذا الهلاك موجودا قبل إبرام العقد ما تم البيع .
يلاحظ أن الأحكام السابقة تتعلق بالمنقول المعين بالذات ، أما في المنقول المعين بالنوع , ففي حالة هلاك المبيع بقوة قاهرة يلتزم البائع بتسليم شيء مثله .
الخاتمة
إن وضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع حيازته والتصرف فيه دون أي مانع أو عائق هو فحوى عملية التسليم , ويستوي بعدها سواء كان هذا التسليم قانونيا أو حكميا , وكما نصت المادة 364 مدني جزائري فان البائع ملزم بتسليم المبيع المتفق عليه بالحالة التي كان عليها وقت البيع , ولكون التزام البائع بتحقيق غاية , فوحده هو من يتحمل التغيير الضار بالمبيع , أما التغيير النافع للمبيع فهو من نصيب المشتري إذا كان بسبب أجنبي ولأهمية حالة المبيع هذه فلا مجال أمام البائع لاستبدال هذا المبيع ولو كان هذا البديل خيرا منه فالواجب تسليم نفس الشيء .
أما مقدار المبيع فلاحتمال نقصانه أو زيادته فقد جعل أمام كل من البائع والمشتري مجالا واسعا لرفع دعاوى أمام المحاكم ( دعوى إنقاص الثمن ، ودعوى فسخ عقد البيع ، ودعوى تكملة الثمن ) .
وأثناء عملية التسليم فلا مجال لتجاهل ملحقات المبيع ، وذلك لارتباطها الوثيق بالمبيع نفسه ويلعب كل من مكان وزمان التسليم دورا فاعلا لإتمام وإكمال التسليم .
ومن نص المادة : (369 ق م ج) القاضية بأن هلاك المبيع قبل تسليمه بسبب لا يد للبائع فيه تسقط البيع وعلى إثرها يسترد المشتري الثمن ، حيث قضت المادة ( 369 م ج) بان تبعة الهلاك الكلي قبل التسليم تقع على عاتق البائع إلا في حالة ما إذا وقع الهلاك بعد إعذار المشتري بتسليم المبيع ، أما تبعة الهلاك الجزئي فمن نص المادة : (370 م ج) فان أي هلاك جزئي للمبيع وهو في حيازة البائع فانه يقع عليه أي البائع ، وعليه يكون أمام المشتري إما الطلب بإنقاص الثمن ، أو طلب فسخ العقد .