تخطى إلى المحتوى

انتبه ! فإن الموت قادم 2024.

  • بواسطة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذى أذل بالموت رقاب الجبابرة … الحمد الله الذى أنهى بالموت آمال القياصرة فنقلهم بالموت من من القصور إلى القبور .. ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود .. ومن ملاعبة الجوارى والنساء والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان .. ومن التنعم فى الطعام والشراب إلى التمرغ فى الوحل والتراب.

وأشهد أن لا إله إلا الله .. وحده لا شريك له.
ينادى يوم القيامة بعد فناء خلقه ويقول: أنا الملك .. أنا الجبار .. أنا المتكبر .. أنا العزيز .. ثم يقول جل وعلا: لمن الملك اليوم؟ ويجيب على ذاته سبحانه، ويقول: لله الواحد القهار.

سبحانه .. سبحانه .. سبحانه .. سبحان ذى العزة والجبروت.. سبحان ذى الملك والملكوت .. سبحان من كتب الفناء على جميع خلقه وهو الحى الباقى الذى لا يموت.

فانتبه أيها المسلم .. فإن الموت قادم .. فإننا نعيش عصراً طغت فيه الماديات والشهوات وانشغل فيه كثير من الناس عن لقاء رب الأرض والسموات .. إنك لابد أن تستقر هذه الحقيقة الكبرى فى قلبك وعقلك ووجدانك.. إن الحياة فى هذه الأرض موقوته محدودة بأجل، ثم تأتى نهايتها حتماً فيموت الصالحون .. ويموت الطالحون، يموت المجاهدون، ويموت القاعدون، يموت المستعلون بالعقيدة، ويموت المستذلون للعبيد، يموت المخلصون الصادقون الذين يأبون الضيم، ويكرهون الذى، ويموت الجبناء الحريصون على الحياة بأى ثمن .. يموت أصحاب الاهتمامات الكبيرة والأهداف الغالية .. ويموت الفارغون التافهون الذين لا يعيشون فقط إلا من أجل المتاع الرخيص .. الكل يموتكُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ

وصدق الله جل وعلا إذ يقول:

كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ([4])
كلا إذا بلغت التراقى .. إذا بلغت الروح الحلقوم..

وقيل من راق : من الذى يرقيه؟ من الذى يبذل له الرقية؟ من الذى يقدم له العلاج؟ من الذى يحول بينه وبين الموت؟

أنظر إليه!! وهو من هو؟ صاحب السلطان! صاحب الأموال! صاحب السيارات.. صاحب العمارات .. صاحب الوزارات..

أنظر إليه وهو على فراش الموت .. التف الأطباء من حوله .. ذاك يبذل له الرقية .. وذاك يقدم له العلاج .. يريدون شيئاً، وملك الملوك قد أراد شيئاً آخر..

أنظر إليه أيها الحبيب أصفر وجهه، وشحب لونه، وبردت أطرافه، وتجعد جلده ، وبدأ يحس بزمهرير قارس، يزحف إلى أنامل يديه وقدميه. يحاول جاهداً أن يحرك شفتيه بكلمة التوحيد، فيحس أن الشفة كالجبل، لا يريد أن يتزحزح إلا لمن يسر الله له النطق بـ لا إله إلا الله.
إلا لمن عاش على الإيمان، ومات على الإيمان كما قال ربنا جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ([5])

وينظر إلى أهله .. إلى أحبابه .. فيراهم مرة يبتعدون ومرة يقتربون ويرى الغرفة التى هو فيها مرة تضيق عليه فتصير كخرم إبرة ومرة يراها كالفضاء الموحش.
فإذا وعى ما حوله .. فى الصحوات .. بين السكرات والكربات .. نظر إليهم نظرة استعطاف.. نظرة رجاء .. نظرة أمل .. نظرة تمن وقال لهم بلسان الحال بل وبلسان المقال:

يا أحبابي .. يا أولادى .. يا أبنائى .. لا تتركونى وحدى ولا تفردونى فى لحدى.. أنا أبوكم .. أنا حبيبكم .. أنا الذى بنيت لكم القصور .. أنا الذى عمرت لكم الدور.. أنا الذى نميت التجارة .. أنا صاحب الجاه .. أنا صاحب الوزارة .. أنا صاحب السلطان .. أنا صاحب الأموال .. أنا صاحب الكرسى .. أنا .. من أنا .. لا تتركونى وحدى.. ولا تفردونى فى لحدى!!
فأفدونى بأعماركم .. من منكم يزيد فى عمرى ساعة أو ساعتين؟! وهنا يعلو صوت الحق كما قال الله وجل وعلا:

فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ([6])

سبحانك يا من ذللت بالموت رقاب الجبابرة.

سبحانك يا من أنهيت بالموت آمال القياصرة.

سبحانك يا من نقلتهم بالموت من القصور إلى القبور، ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود، ومن ملاعبة الجوارى والنساء والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان، ومن التنعم فى ألوان الطعام والشراب إلى التمرغ فى الوحل والتراب!!

وقيل من راق: أى من الذى يرقى بروحه إلى الملك جل وعلا.

أى من الذى يرتقى بهذه الروح من الملائكة

وظن أن الفراق .. والتفت الساق بالساق.

أهذا هو الذى سيخرج به؟

هذه الأكفان .. هذا القماش .. أين ماله؟ أين جاهه؟ أين كرسيه؟ أين سلطانه؟ أين دولاراته؟ أين أولاده؟ أين جنده؟ أين طائراته؟ أين دباباته؟ أين وزاراته؟ أين الجاه؟
أهذا هو الذى سيخرج به؟

يتبع الميت ثلاث:

ماله وأهله وعمله فيرجع أثنان ويبقى واحد يرجع الأهل ويرجع المال .. يقسم المال على الورثة ولا يبقى لك إلا عملك.

يا من شغلك مالك عن حقوق الله جل وعلا.

يا من شغلك مالك عن السجود لله جل وعلا.

يا من سمعت المؤذن يقول لك حى على الصلاة فى بيتك وفى تجارتك وفى حقلك وفى وزارتك وفى مكتبك ما تحرك فيك ساكن وما قمت لله جل وعلا تضع الأنف والجبين فى التراب ذلاً لخالقك.

تذكر .. يقال لك بلسان الحال:

رجعوا وتركوك .. وفى التراب دفنوك .. وللحساب عرضوك ولو ظلوا معك ما نفعوك .. ولم يبق لك إلا عملك مع رحمة الحى الذى لا يموت ..

انتهى كل شئ .. أين فلان؟ مات.

فكم من ليلة يفرح الناس بها .. يسهرون ويمرحون ويضحكون وفى الصباح الباكر يبكون : وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ([7])

يا نفس قد أزف الرحيل وأظلك الخطب الجليل

فتأهبى يا نفس لا يلعب بك الأمل الطويل

فلتنزلن بمنزل ينسى الخليل به الخليل

وليركبن عليك فيه من الثرى ثقل ثقيل

قرن الفناء بنا جميعاً فلا يبقى العزيز ولا الذليل

نام هارون الرشيد على فراش الموت فقال لإخوانه من حوله: أريد أن أرى قبرى الذى أدفن فيه؟

فحملوا هارون الرشيد إلى قبرة .. فنظر هارون إلى القبر وبكى، ثم التفت إلى الناس من حوله وقال: مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ثم رفع رأسه إلى السماء وبكى وقال:

يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه

ولقى الفضيل بن عياض رجلاً فقال له الفضيل كم عمرك:
قال الرجل: ستون سنة.
قال الفضيل: إذن أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله، يوشك أن تصل .
فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.
فقال الفضيل: يا أخى هل عرفت معناها؟
قال الرجل: نعم عرفت أنى لله عبد وأنى إليه راجع.
فقال الفضيل: يا أخى إن من عرف أنه لله عبد، وأنه إليه راجع عرف أنه موقوف بين يديه، ومن عرف أنه موقوف عرف أنه مسئول، ومن عرف أنه مسئول، فليعد للسؤال جواباً.
فبكى الرجل فقال يا فضيل: وما الحيلة؟
قال الفضل: يسيره.
قال الرجل: وما هى يرحمك الله؟
قال الفضيل: أن تتقى الله فيما بقى، يغفر الله لك ما قد مضى وما قد بقى

أيها المسلم .. أيتها المسلمة ..
فلنتذكر جميعاً هذه الحقيقة إن الموت قادم.

إنها الحقيقة الكبرى التى تعلن على مدى الزمان والمكان فى إذن كل سامع، وعقل كل مفكر، أنه لا بقاء إلا للحى الذى لا يموت.

إنها الحقيقة التى يسقط عندها جبروت المتكبرين.

إنها الحقيقة التى يسقط عندها عناد الملحدين.

إنها الحقيقة التى يسقط عندها طغيان البغاة المتألهين.

كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

كانت هده خطبة شيخنا محمد حسان بارك الله فيه و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاااكم الله كل خير على النقل الطيب والله إنها لموعظة مؤترة ….. ففيها تذكرة أن علينا أن تضع أمر الموت نصب أعيننا ، وأن نعلم جيداً أن الموت أقرب لأحدنا من شِراك نعله … بارك الله فيكم واحسن إليكم .

ya3tik al3afiya akhi

machkour 3ala mocharaka

mimi

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.