المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدًا ورسوله.
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[([1]).
إن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن أول شيء ينبغي العناية به هو ما افترضه الله على العبد من أركان الإسلام وغيرها، وفي مقدمة تلك الفرائض بعد الشهادتين الصلاة، فلابد من إحسان الوضوء لها، والتبكير والمشي إليها بسكينة وطمأنينة، فيؤدي الصلاة على الوجه المشروع.
1- مناسبة افتتاح الصلاة بـ «الله أكبر»:
لمَّا كان الله أكبر من كل شيء، وجب على العبد أن ينصرف لصلاته، وأن لا يتشاغل بدنياه، وأن يستشعر وقفته بين يدي الله الكبير المتعال، فمن أجل ذلك ناسب أن تفتتح الصلاة بهذا الذكر من أجل أن ينصرف قلب العبد لربه، وأن تخشع جوارحه، وأن يقبل على صلاته، فتصبح هي همه الأكبر؛ فيحصل المقصود من هذه الصلاة والعبادات.
* من ثمرة معرفة معنى هذا الذكر:
1- ليزداد تعلق قلب العبد بربه فلا ينصرف إلى غيره.
2- ليعلم العبد أن الله كبير لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض.
3- ليعلم أن الله كبير لا تدركه العقول، له صفات لا يماثله فيها أحد من المخلوقين ]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ [الشورى: 11].
4- ليعلم أن الله كبير لا يقدر على إجابة الدعاء إلا هو، فلا يحتاج إلى شفيع وواسطة. قال تعالى: ]وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ الآية [غافر: 60].
5- ليعلم أن الله كبير، فلا ينبغي للعبد أن يتكبر ويتعالى على الخلق؛ لأن الله هو الكبير وله الكبرياء وحده.
تفسير سورة الفاتحة
«ويقال لها الفاتحة؛ لأنها يفتتح بها القراءة، وافتتح الصحابة بها كتابة المصحف الإمام، وصح تسميتها بالسبع المثاني، قالوا: لأنها تثنى في الصلاة، فتقرأ في كل ركعة…
قال البخاري في أول كتاب التفسير: وسميت أم الكتاب أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة ([3]).
وقيل: إنما سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته»([4]).
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج – ثلاثًا – غير تمام». فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام. فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: ]الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[ قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: ]الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[، قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: ]مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[، قال الله: مجدني عبدي، وقال مرة فوض إلي عبدي، فإذا قال: ]إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[،قال الله: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: ]اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ[، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»([5]).
1/ ]الْحَمْدُ للهِ[.
«لفظة خبر، كأنه يخبر أن المستحق للحمد هو الله عز وجل، وفيه تعليم الخلق، تقديره: قولوا الحمد لله، والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة، والشكر لا يكون إلا على النعمة، فالحمد لله أعم من الشكر، فكل حامد شاكر وليس كل شاكر حامد»([6]).
«الشكر له خالصًا دون سائر ما يعبد من دونه ودون كل ما برأ من خلقه بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحد، ومن غير استحقاق منهم ذلك عليه»([7]).
2/ ]رَبِّ الْعَالَمِينَ[.
«الرب: هو المربي جميع العالمين وهم من سوى الله بخلقه لهم، وإعداده لهم الآلات، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة، التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء فما بهم من نعمة فمنه تعالى.
فدلَّ قوله ]رَبِّ الْعَالَمِينَ[ على انفراده بالخلق والتدبير والنعم، وكمال غناه، وتمام فقر العالمين إليه، بكل وجه واعتبار ([8]).
«الرب هو المالك المتصرف ولا يقال «الرب» معرفًا بالألف واللام إلا لله تعالى، ولا يجوز استعمال كلمة رب لغير الله إلا بالإضافة»([9]).
3/ ]الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[.
اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمَّت كل حي وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله، فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها»([10]).
«روى ابن جرير بسنده عن العزرمي يقول: «]الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[، قال الرحمن لجميع الخلق، الرحيم بالمؤمنين».
وقال القرطبي: إنما وصف نفسه بالرحمن بعد قوله رب العالمين، ليكون من باب الترغيب بعد الترهيب ([11]).
4/ ]مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[.
قرئ «ملك، مالك» وقد اختلف العلماء فيهما أيهما أبلغ، والحق أن لكل واحد من الوصفين نوع أخصية لا يوجد في الآخر، فالمالك يقدر على ما لا يقدر عليه الملك من التصرفات فيما هو مالك بالبيع، والهبة، والعتق ونحوها.
والملك يقدر على ما لا يقدر عليه المالك من التصرفات العائدة إلى تدبير الملك، وحياطته ورعاية مصالح الرعية، فالمالك أقوى من الملك في بعض الأمور، والملك أقوى من المالك في بعض الأمور، والفرق بين الوصفين بالنسبة إلى الرب سبحانه وتعالى أن الملك صفة لذاته، والمالك صفة لفعله ([12]).
«المالك هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات، وأضاف الملك ليوم الدين، وهو يوم القيامة، يوم يُدان الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها؛ لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وعدله وحكمته وانقطاع أملاك الخلائق، حتى إنه يستوي في ذلك اليوم المملوك والرعايا والعبيد والأحرار كلهم مذعنون لعظمته وخاضعون لعزته، منتظرون لمجازاته، راجون ثوابه، خائفون من عقابه، فلذلك خصَّه بالذكر، وإلا فهو ليوم الدين ولغيره من الأيام ([13]).
5/ ]إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[.
أي نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة؛ لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، وهو إثبات الحكم للمذكور فيه عما عداه، فكأنه يقول: نعبدك، ولا نعبد غيرك، ونستعين بك، ولا نستعين بغيرك. وقدَّم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص، واهتمامًا بتقديم حقه تعالى على حق عبده ([14]).
«والعبادة في اللغة: من الذل، وفي الشرع: عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف، قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسر الفاتحة هذه الكلمة ]إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[.
فإياك نعبد تبرؤ من الشرك، وإياك نستعين تبرؤ من الحول والطول والقوة والتفويض إلى الله عز وجل ([15]).
والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة.
والاستعانة: هي الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما، وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودًا بها وجه الله، فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر الاستعانة بالله تعالى، بعد العبادة مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى، فإن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريد من فعل الأوامر واجتناب النواهي([16]).
6/ ]اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ[:
أي دلنا وأرشدنا ووفقنا للصراط المستقيم وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله وإلى جنته وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط؛ فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علمًا وعملاً فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد، ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته، لضرورته إلى ذلك([17]).
وفي هذا دليل على الحض على التوسل بالصفات العلى وبالأعمال الصالحة، فقد حمد الله وأثنى عليه ومجده بصفاته رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، ثم أفرده بالعبادة والاستعانة، فبعد أن قدم بين يدي ربه هذه الأعمال الصالحة تقدم منه سائلاً حاجته، وهي أن يهديه وإخوانه المؤمنين «صراطه المستقيم»([18]).
7/ ]صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ[.
من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين «غير» صراط المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم وغير صراط الضالين الذين تركوا الحق على جهل وضلال، كالنصارى ونحوهم([19]).
«ومن ساعده التوفيق، وأعين بنور البصيرة حتى وقف على أسراره هذه السورة، وما اشتملت عليه من التوحيد، ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثبات الشرع والقدر والمعاد، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين، وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأن العاقبة المطلقة التامة، والنعمة الكاملة منوطة بها، موقوفة على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابه.
وهذا أمر يحتاج استحداث فطرةٍ أخرى، وعقل آخر، وإيمان آخر، وتالله لا تجد مقالة فاسدة، ولا بدعة باطلة إلا وفاتحة الكتاب متضمنة ردها وإبطالها بأقرب الطرق، وأصحها وأوضحها، ولا تجد بابًا من أبواب المعارف الإلهية، وأعمال القلوب وأدويتها من عللها وأسقامها إلا وفي فاتحة الكتاب مفاتحه، وموضع الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى رب العالمين إلا وبدايته ونهايته فيها.
ولعمر الله إن شأنها لأعظم من ذلك، وهي فوق ذلك. وما تحقق عبد بها، واعتصم بها، وعقل عمن تكلم بها، وأنزلها شفاءً تامًا، وعصمة بالغة ونورًا مبينًا، وفهمها وفهم لوازمها كما ينبغي – ما وقع في بدعة ولا شرك، ولا أصابه مرض من أمراض القلوب إلا لمامًا غير مستقر.
هذا، وإنها ال***** الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها ال***** لكنوز الجنة، ولكن ليس كل واحد يحسن الفتح بهذا ال*****، ولو أن طلاب الكنوز وقفوا على سر هذه السورة، وتحققوا بمعانيها، وركبوا لهذا ال***** أسنانًا وأحسنوا الفتح به، لوصلوا إلى تناول الكنوز من غير معاون، ولا ممانع.
ولم نقل هذا مجازفة ولا استعارة، بل حقيقة، ولكن لله تعالى حكمة بالغة في إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالمين، كما له حكمة بالغة في إخفاء كنوز الأرض عنهم([20]). اهـ.
* سبب تميز هذه السورة دون غيرها:
وذلك أنها قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن الكريم، فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، يؤخذ من قوله: ]رَبِّ الْعَالَمِينَ[. وتوحيد الألوهية، وهو إفراد الله بالعبادة، ويؤخذ من لفظ: ]للهِ[، ومن قوله: ]إِيَّاكَ نَعْبُدُ[، وتوحيد الأسماء والصفات، وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه، وقد دل على ذلك لفظ: ]الْحَمْدُ[ كما تقدم.
وتضمنت إثبات النبوة في قوله: ]اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ[؛ لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله: ]مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[ وأن الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء بالعدل.
وتضمنت إثبات القدر، وأن العبد فاعل حقيقة. خلافًا للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله: ]اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ[؛ لأنه معرفة الحق والعمل به، وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك.
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى عبادة واستعانة في قوله: ]إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[([21]).
2- مناسبة قراءة الفاتحة في القيام:
لما كان القيام من أركان الصلاة، ناسب أن تذكر فيه هذه السورة المشتملة على الثناء عليه، وشكره، وتمجيده، وتوحيده، فمهما اجتهد اعبد في عبادته وصلاته، وصدقته وشكره فهو لا يساوي شيئًا من نعم الله المتتابعة، وأعظمها الهداية لهذا الدين والإعانة على أداء هذه الصلاة.
* من ثمرة معرفة معنى هذا الذكر:
1- ليعلم العبد أن هذه السورة هي أفضل سور القرآن.
2- ليعلم العبد أن حمد الله وشكره يكون بالقلب واللسان والجوارح.
3- ليعلم أن من لم يفرد الله بالعبادة فلا إيمان له.
4- ليعلم أن الله يرحم عباده المؤمنين رحمة خاصة.
5- ليعلم أن من كان له الأمر والنهي والخلق والتدبير يجب أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا ينسى.
6- ليعلم أن هناك يومًا سيجازي فيه الخلق على كل صغيرة وكبيرة.
7- ليعلم أن الإعانة من عند الله، فيطلبها منه؛ لأن من لم يعنه الله فلا معين له.
8- ليعلم أن الهداية من عند الله فيسأله إياها ويبحث عن أسبابها.
9- ليعلم أن العبد مأمور أن تكون همته عالية لطلب الآخرة فيلحق بركب الذين أنعم الله عليهم.
10- ليعلم العبد أن من علم فلم يعمل فقد شابه اليهود.
11- ليعلم العبد أن من عمل من غير علم فقد شابه النصارى.
12- ليعلم العبد أنه لا تصح العبادة إلا بالإيمان بالله وحده، ومن الإيمان بالله الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
13- ليعلم العبد أن الله هو الرب الخالق المالك المدبر لجميع الأمور.
14- ليعلم العبد بأن الله هو الإله الحق وكل معبود سواه فهو باطل.
15- ليعلم العبد بأن الله له الأسماء الحسنة والصفات الكاملة العليا.
16- ليعلم العبد أن الله يتكلم متى شاء وكيف شاء بما شاء.
17- ليعلم العبد أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، وهذا أعظم الإنعام منه على عباده المؤمنين.
18- ليعلم العبد أن الله لا يظلم أحدًا لكمال عدله وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته.
19- ليعلم العبد أن الله يحب عباده الصالحين ويكره عباده العاصين؛ لأنه إذا أحب عبده هداه وأعانه على الثبات على الصراط المستقيم.
20- ليعلم العبد أن جميع الناس يقومون يوم القيامة للجزاء والحساب.
21- ليعلم العبد أن فاعل الكبيرة إذا كان مؤمنًا ولم يتب فهو تحت مشيئة الله إن شاء عفى عنه وإن شاء عذبه بقدر معصيته، ثم يخرج منها إلى الجنة.
22- ليعلم العبد أن من الإيمان بيوم الدين الإيمان بالصراط المنصوب على جهنم يمر الناس على قدر أعمالهم، وبالموازين، التي توضع يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا.
23- ليعلم العبد أن الفاتحة كما أنها شفاء للقلوب من الشبهات والشهوات فهي شفاء له من الهموم وللبدن من الأمراض. اهـ.
3- مناسبة قول سبحان ربي العظيم في الركوع:
لما كان الركوع من أركان الصلاة، ناسب أن يقال فيه هذا الذكر الذي اشتمل على تنزيه الله وتعظيمه عن أن ينحني لغيره من المخلوقين مهما عظم ذلك المخلوق، أو اختلف القصد سواء كان للتحية والاحترام أو للعبادة فكل ذلك منهي عنه في دين الله.
* من ثمرة معرفة معنى هذا الذكر:
1- ليعلم العبد أن الله عظيم منزه عن الولد والصاحبة والشريك لأن ذلك لا يكون إلا لمن كان ضعيفًا.
2- ليعلم العبد أن الانحناء والركوع لا يكون إلا لمن كان عظيم له الأمر كله وليس ذلك لأحد إلا لله سبحانه وتعالى.
3- ليعلم العبد أن من كانت هذه صفاته وقدرته فعليه أن يتجرد من الحاجة للمخلوقين.
4- ليعلم العبد أن الله لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته وعظمته.
5- ليعلم العبد بأن الله لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته وعظمته.
لما كان الرفع من الركوع من أركان الصلاة، ناسب أن يقال فيه هذا القول بعد أن حمد العبد ربه وشكره وأثنى عليه وسأله وعظمه وركع له عبادة وطاعة، وعلم أن الله يسمع ويجيب من حمده وسأله لأنه قريب يجيب دعوة من دعاه.
* من ثمرة معرفة معنى هذا الذكر:
1- ليعلم العبد أن الله يسمع من دعاه مباشرة من غير واسطة.
2- ليعلم العبد أن الله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
3- ليعلم العبد أن من آداب الدعاء حمد الله والثناء عليه والاعتراف بالذنب والعجز والاستغفار من ذلك ثم يسأله حاجته.
4- ليعلم العبد أن لله سمعًا على وجه الحقيقة لا يماثله أحد من خلقه ولا يعرف كيفية تلك الصفات أحد ]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ [الشورى: 11]. اهـ.
لما كان السجود ركنًا من أركان الصلاة وهو علامة على تذلل العبد لربه وخضوعه وطاعته وحاجته له، ناسب أن ينزه الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا السجود لأحد من المخلوقين إلا من كان له العلو المطلق في ذاته وصفاته وقهره وهذا لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى.
* من ثمرة معرفة معنى هذا الذكر:
1- ليعلم العبد أنه محتاج إلى ربه في كل مكان وزمان وحال.
2- ليعلم العبد أن الله عالٍ على خلقه مستوٍ على عرشه.
3- ليعلم العبد أن السجود لا يجوز إلا لله.
4- ليعلم العبد أنه أقرب ما يكون لربه حينما يكون ساجدًا، فالسجود من أشرف العبادات.
5- ليعلم العبد أن الله مع خلقه وهو عالٍ عليهم، يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبر أمورهم.
6- مناسبة قول «رب اغفر لي» بين السجدتين:
بعد أن اعترف العبد وأقرَّ بأن الله يسمع ويجيب وأنه عال على خلقه مستو على عرشه ناسب أن يسأل الله سبحانه وتعالى المغفرة وستر ذنوبه والتجاوز عن الخطايا.
* من ثمرة معرفة هذا الذكر:
1- ليعلم العبد أن الإكثار من طلب المغفرة وستر الذنوب لابد منه حتى في حال العبادة والطاعة.
2- ليعلم العبد أن دخول الجنة إنما هو رحمة من الله وتفضل منه وبسبب أعمال العبد الصالحة.
3- ليعلم العبد أن الإكثار من الاستغفار وطلب التوبة وستر الذنوب من علامة الإيمان.
7- مناسبة قول التحيات في التشهد:
لما قام العبد وركع وسجد وصاحب هذه الأفعال شيء من الثناء على الله وتمجيده وذكره ودعائه وطلب المغفرة ناسب أن تختم هذه الأفعال والأقوال بذكر يناسب المقام وهو الاعتراف بالتحيات والصلوات والطيبات أنها كلها لله ثم بالدعاء بالسلامة لنبيه وشرعه إذ به عرفنا الحق من الباطل وميزنا الحلال من الحرام، ودعونا له بالرحمة والبركة، ثم سألنا السلامة لأنفسنا وكل عبد صالح.
* من ثمرة معرفة معنى هذا الذكر:
1- ليعلم العبد أن كل فعل وقول طيب يليق بالله فلا ينبغي أن يكون إلا له سبحانه وتعالى على وجه التمام.
2- ليعلم العبد أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم تبلغه حيث كان.
3- ليعلم العبد أن الدعاء للنفس مقدم على الغير بعد الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم.
4- ليعلم العبد فضل الدعاء للمسلمين.
5- ليعلم العبد أهمية الشهادتين وأنها سبب في دخول الجنة إذا قالها يبتغي بذلك وجه الله.
6- ليعلم العبد أن الرسالة والعبودية لله ثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم فهو رسول وعبد لله، لا يملك شيئًا من خصائص الربوبية والألوهية.
7- ليعلم العبد أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أفضل المرسلين على الإطلاق.
8- ليعلم العبد أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم أفضل الأتباع وهذه الأمة هي أفضل الأم.
9- ليعلم العبد أن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء، وشريعته ناسخة لجميع الشرائع.
10- ليعلم العبد أنه لا يجوز تكفير صاحب الكبيرة ما دام مؤمنًا.
خاتمة
هذه الرسالة مختصرة تحدثت فيها عن بعض معاني أذكار الصلاة وثمراتها، والقصد من هذا أن يقبل العبد على صلاته بخشوع وطمأنينة وحضور قلب، والعلم يشرف بشرف المعلوم، فالصلاة لها مكانة عظيمة وحسبك من هذا أنها الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي الصلة بين العبد وربه، فحري بنا الاعتناء بها وبكل ما يكون سببًا في تعظيم الناس لها.
فأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكون ذلك خالصًا لوجهه الكريم، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولأزواجنا وأولادنا وإخواننا وعلمائنا وجميع المسلمين، هذا والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
([1])سورة آل عمران، الآية: 102.
([2])سورة العنكبوت، الآية: 45.
([3])البخاري/ التفسير (1).
([4])«تفسير ابن كثير» (1/130).
([5])مسلم، الصلاة، (395).
([6])«تفسير البغوي» (1/52).
([7])«تفسير ابن كثير» (1/12).
([8])«تفسير السعدي» (39).
([9])«تفسير ابن كثير» (1/12).
([10])«تفسير السعدي» (39).
([11])«تفسير ابن كثير» (1/13).
([12])«تفسير الشوكاني» (1/71).
([13])«تفسير السعدي» (39).
([14])«تفسير السعدي» (39).
([15])«تفسير ابن كثير» (1/14، 15).
([16])«تفسير السعدي» (39).
([17])«تفسير السعدي» (39).
([18])«تفسير ابن كثير» (1/16).
([19])«تفسير السعدي» (39).
([20])«زاد المعاد» ص(795).
([21])«تفسير السعدي» (39، 40).
الحمد لله على نعمة الصلااااااااااااة
راااااااه ادعيلكم و ادعولي