خرجت في فصل الربيع ، وإذا بي أرى إبلي سماناً يكاد أن يُفجَر الربيع الحليب من ثديها ، كلما اقترب ابن الناقة من أمه دَرّت وانفجر الحليب منها من كثرة البركة والخير ،
فنظرت إلى ناقة من نياقي وابنها خلفها وتذكرت جارًا لي له بُنيَّات سبع ، فقير الحال ،
فقلتُ والله لأتصدقن بهذه الناقة وولدها لجاري ،
والله يقول : (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) [آل عمران:92] ..
وأحب مالي إلي هذه الناقة ، يقول :
أخذت هذه الناقة وابنها وطرقت الباب على جاري وقلت خذها هدية مني لك ..
يقول : فرأيت الفرح في وجهه لا يدري ماذا يقول ، فكان يشرب من لبنها ويحتطب على ظهرها وينتظر وليدها يكبر ليبيعه وجاءه منها خيرٌ عظيم !!
يقول شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدحول ،
والدحول : هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض يعرفها البدو ،
يقول : فدخلت إلى هذا الدحل لأُحضر الماء حتى نشرب ـ وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون ـ فتهت تحت الدحل ولم أعرف الخروج !
لعل ثعبانًا لدغه ومات .. لعله تاه تحت الأرض وهلك ..
فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره ، إن جارنا هذا لا يستحقها ، فلنأخذ بعيرًا أجربًا فنعطيه الجار ونسحب منه الناقة وابنها ،
فذهبوا إلى المسكين وقرعوا عليه الدار وقالوا : أخرج الناقة ..
قال : إن أباكم أهداها لي .. أتعشى وأتغدى من لبنها ، فاللبن يُغني عن الطعام والشراب ،
فقالوا : أعد لنا الناقة خيرٌ لك ، وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسح
قالوا : دخل دِحلاً في الصحراء ولم يخرج ،
فلما ذهبوا به وراء المكان الذي دخل فيه صاحبه، ذهب وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ثم ربطه خارج الدحل فنزل يزحف على قفاه حتى وصل إلى مكان يحبوا فيه وآخر يتدحرج .. ويشم رائحة الرطوبة تقترب ،
وإذا به يسمع أنينًا وأخذ يزحف ناحية الأنين في الظلام ويتلمس الأرض ، ووقعت يده على طين ثم على الرجل فوضع يده فإذا هو حي يتنفس بعد أسبوع من الضياع ،
فقام وجره وربط عينيه ثم أخرجه معه خارج الدحل وأعطاه التمر وسقاه وحمله على ظهره وجاء به إلى داره ، ودبت الحياة في الرجل من جديد ، وأولاده لا يعلمون ،
قال : أخبرني بالله عليك كيف بقيت أسبوعًا تحت الأرض وأنت لم تمت !!
ظن أولادك أنك مت جائوا إلي فسحبوا الناقة التي كان يسقيك الله منها .. والمسلم في ظل صدقته ،
وكما يقال : ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء))!
الريح تسابق بالفرج قبل أن يصل ، ويصل القميص إلى عينيه فيرتد بصيرًا, ويرفع من الحزن إلى عرش ملك يسيطر على مصر والشام والجزيرة ،
حفظك الرحمن ووفقك لما يحبه ويرضاه
بارك الله فيك أختي على هذه القصة و العبرة
*+* تقيـــــــــــيم
|
حفظك الله ووفقك لما يحبه ويرضاه