تخطى إلى المحتوى

السنة النبوية والأمراض النفسية 2024.

  • بواسطة
السنة النبوية والأمراض النفسية

إنَّ أكثر الأمراض انتشاراً في عالمنا الذي نعيشه هذه الأيام هي الأمراض النفسية. فثلثا الأسرَّة في المستشفيات في عالم الغرب غير المسلم، مخصصة لهذه الأمراض النفسية وثلثها الباقي لسائر الأمراض العضوية. إنَّ هذه الحال التي عليها الغرب وقلة الأمراض النفسية في عالم المسلمين ليحتاج منَّا إلى وقفة متأنية فاحصة لهذه الأمراض، نسبتين فيها السبب الرئيس الذي أبعد عن عالمنا الإسلامي شبح النفس المريضة المتهافتة التي لا تقوى على مجابهة أي حدث من الأحداث اليومية التي تقابلها في كل لحظة من لحظات حياتها. وقد أجمل رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا السبب في صيغة تعجبية جميلة. فَعن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كله له خير وليس ذاك لأحد إلاَّ المؤمنين. إن أصابته سرَّاء شكر، فكان خيراً له وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له ». فواقعنا الحالي يشعرنا بعظمة هذا الحديث الذي جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وكونه خصَّ المؤمن دون غيره بالرَّاحة والطمأنينة ليشير إلى أنَّ الذي يدفع إلى طمأنينة النفس وراحتها هو الإيمان بالله تعالى إيماناً راسخاً كاملاً. فكلما زاد إيمان المؤمن ورسخ اليقين في قلبه فكان مستحضراً له في كل حادث وعند كل حدث، كلَّما بعدت الاضطرابات النفسية عن ذاته ونَعِمَ بهدوء البال وصفاء النفس وراحةَ الضمير. وكلَّما ضعف الإيمان في قلبه وبعُد عن المجالس التي تقوي هذا الإيمان في ذاته كلما كان على خطر من إصابته بالأمراض النفسية والوقوع في براثنها. فمن كان يريد طمأنينة النفس الدائمة وراحة القلب الكامل فليقوِّ صلته بالله وليعتمد عليه وليتوكل عليه وحده في شأنه كلِّه. وليعلم أنَّ كل ما يناله من خير أو غيره فهو من الله تعالى فإن الأمراض النفسية ستُبعَد عنه ولا تحوم حوله لأنه قد حصن نفسه بحصن منيع لا يستطيع معه أي مرض من الأمراض النفسية أن يصل إليه. وقد اعتنى الإسلام بالشخصية الإنسانية ونشأتها فأرادها أن تنشأ سوية في كل مراحل حياتها. ولا شك أن الإنسان المسلم لو سار وفق الآداب الإسلامية وكان قلبه تقلب في شريعة الله تعالى حيث تقلب يحبها ويفيدها بنفسه وماله وأهله يراعي أمر الله تعالى وينسجم معه في كل شؤون حياته وكأنَّ شرع الله وأحكامه. هواه المتبع الذي يملي عليه أن يفعل ويمتعه مما يخالف هواه. يسير وفق ما يحب الشـارع ويرضاه لو كان كذلك لما شعـر بأي مرض نفسـي من قلق أو أرق أو اضطراب. لذلك قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به » فلا يكفي أن نحكم الشرع في أفعالنا وإنَّما المهم أن نسلّم نفوسنا للحكم الإلهي تسليماً كاملاً لا نشعر معه بأي حرج في تطبيقه على أنفسنا وأهلينا ومن نحب. حتى المحبة والبغضاء اللتين هما من فعل القلب تصبح المحبة عند المؤمن لله تعالى ولشرع الله وللمؤمنين لصفتهم الإيمانية ويبغض الكفر وأهله لصفة الكفر فيهم. فعن أبـي ذر قال: قال رسـول الله صلى الله عليه و سلم : « أفضـل الأعمال: الحبّ في الله والبغض في الله ». بل تتغلب المحبة الإيمانية والمحبة في الله تعالى والأخوة الدينية على المحبة الفطرية التي تتوجه من قلب الإنسان إلى ولده ووالده. فعندما تسيطر الديانة على النفس الإنسانية يصبح نظر الإنسان بنور إيمانه وهداية إسلامه فينظر بنور الله فيرى الحقائق لا المظاهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.