إن التفكير في إحتلال الجزائر قديم عند الساسة الفرنسيين، وقد ظهر ذلك في شكل مشاريع عدوانية صريحة على الأرض، والتي تعود إلى عهد الملك لويس التاسع ( 1226-1270) الذي وضع مشروعا لإحتلال أهم المراكز الأساسية في المغرب ( تونس، طرابلس، الجزائر)، ومنذ ذلك الوقت لم توقف فرنسا خططها لإحتلال الجزائر وقد زاد اهتمام فرنسا بالجزائر عندما حصلت على امتيازات تجارية على السواحل الجزائرية في القرن السادس عشر.
وقد اقترح القنصل الفرنسي "دوكيرسى DEKERCY" على حكومته إحتلال الجزائر سنة 1782م، وجدد هذا الاقتراح عام 1792م وقد جاء في المذكرة التي رفعها إلى الخارجية الفرنسية سنة 1791م قوله على الأخص «… إن الفكرة المنتشرة على أحسن مكان للنزول هو المكان المسمى سيدي فرج » لكن أحوال فرنسا لم تسمح لها بتنفيذ هذا المشروع وقتئذ لانشغالها بأمورها الداخلية من ناحية وتحسن علاقتها مع الجزائر من ناحية أخرى، فقادة الثورة الفرنسية عملوا على إقامة علاقات ودية مع حكام الجزائر، كما أرسـلت الجزائر كميات كبـيرة من الحبوب ( القمح ) والزيوت والجلود اللازمة لتموين فرنسا في تلك الفترة ، ولما أحست انجلترا بتحسن العلاقات بين البلدين نصحت حكام الجزائر بالتوقف على تقديم المساعدة لفرنسا إلا أن الداي رفض تلك النصيحة واستمر في تقديم المساعدة لفرنسا .
وقد توترت العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث طلب السلطان من الجزائر إعلان الحرب على فرنسا إثر الحملة الفرنسية المصرية ( 1798-1802م)، لكن السلام عاد من جديد 1801م وأعادت الجزائر لفرنسا امتياز صيد المرجان والتجارة.
وبالرغم من هذا التصالح إلا أن فرنسا لم تتخلى عن فكرة إحتلال الجزائر، فكان نابليون يحلم بجعل البحر الأبيض المتوسط بحيرة فرنسية، لذلك بدأ يخطط لحملة كبيرة ضد دول المغرب العربي لإقامة مستعمرات عسكرية فرنسية في تلك المنطقة والقضاء على الوجود الانجليزي، ولتحقيق ذلك طلب نابليون من الفرنسيين الذين كانوا أسرى بالجزائر أو الذين عاشوا فيها تزويدهم بمعلومات عنها، كما أرسل عدة بعثات بمهمة الجوسسة فقد أوصى القنصل الفرنسي السابق في الجزائر "جون بون سان_ أندري" بضرب الجزائر ضربة سريعو وقوية وإنهاء الحرب في ثمانية أيام .
كما قدم " تيدانا-THEDANA " نائب مفوض العلاقات التجارية مشروعا لنفس الغرض عام 1802، اقترح فيه على الحكومة الفرنسية إنزال قواتها قرب تنس والهجوم على الجزائر
وقد تخلى نابليون عن مشروع الحملة لانشغاله بمناطق أخرى، إلا أنه وجه قطعة من أسطوله بقيادة الأمير " ليسيغ-LEISSEGUE " سنة 1802 لغرض مطالبة الداي مصطفى بالتعويضات عن السفينتين اللتين استولى عليهما الجزائريون، ومن بين الذين كانوا ضمن هذه المهمة القبطان " بيرج-BERGE "، الذي استغل فرصة وجوده في الجزائر لجمع معلومات هامة عنها .
ولما تولى الداي أحمد الحكم (1508-1808م) جرد فرنسا من مراكزها التجارية في الجزائر وعقد معاهدة "تلست-Tilist" مع روسيا عام 1807م، وتفرغ لمشروع الحملة، فأمر وزير البحرية "دوكري-DECRES" في التفكير جيدا في حملة عسكرية ضد الجزائر سواء كانت بحرية أو برية، كما أمره بإرسال أحد جنوده الذين يمتازون بالروح العسكرية والمهارة الهندسية للجزائر سرا في مهمة جاسوسية وإعداد تقارير مفصلة وخطة واضحة للاحتلال فوقع الاختيار على المهندس العسكري " بوتان "، والذي وصل إلى الجزائر يوم 24 ماي 1808م، وتنقل خلال الفترة التي مكثها من برج البحري شرقا إلى سيدي فرج ووضع تقريرا وافيا عن المدينة ضمنه ملاحظات دقيقة عن تحصيناتها وطبيعة أرضها وعدد قواتها، واقترح أن يكون عدد جيش الحملة مابين 35 و 40 ألف جندي وهو عدد الجند عام 1830م، وفضل زمن النزول بين 10 ماي و10 جوان والحملة نزلت كما هو معلوم 14 جوان، ولا تستغرق أكثر من شهر والحملة على الجزائر دامت 21 يوما.
وبهذا يمكن القول أن بوتان رغم وفاته عام 1815م، إلا أنه يعتبر الدليل الرئيسي والمرشد الأول لحملة 1830م، لكن هذه المشاريع رغم أهميتها فإنها لم تتجسد في وقتها بسبب انشغال فرنسا بالحروب الأوربية أيام حكم نابليون، وقد عادت العلاقات الفرنسية الجزائرية مجراها الطبيعي إثر حملة إنجلترا على الجزائر 1816م حيث تمكنت فرنسا من استرجاع امتيازاتها التجارية في مارس 1817.
ولم تلبث العلاقات الجزائرية الفرنسية أن توترت من جديد بسبب الخلاف بين الداي والقنصل الفرنسي دوفال ، كما يعتبر مشروع " محمد علي " من ضمن المشاريع الفرنسية لاحتلال الجزائر حيث كتب " دور فيتي " القنصل الفرنسي في مصر تقريرا وافيا إلى رئيس الوزراء الفرنسي " بوليناك " في 10 أوت 1829م ، عدد فيه المزايا التي ستتحقق من قيام محمد علي حاكم مصر بالحملة على الإيالة العثمانية في شمال إفريقيا بدل فرنسا، بينما تقتصر مهمة فرنسا على مساعدته ماليا ، ونتيجة لذلك تكون فرنسا قد تحصلت على امتيازات اقتصادية وعاقبت الجزائر دون أن تعلن حربا مباشرة عليها ، وعرض المشروع على محمد علي فوافق عليه ، وقال للقنصل الفرنسي " دورفيتي " بأنه قادر على إنهاء المشكلة الجزائرية بتجنيد 68 ألف رجل و 23 سفينة ، وتوفير 100 ألف فرنك فرنسي لتغطية نفقات الحملة ، وقد رحب " بوليناك " بهذه الحملة ، ولما وصل بولي**** إلى الحكم أرسل الضابط " هودير " إلى مصر للتفاوض ، كما وجه رسالة إلى سفيره باسطنبول " جيمينو " مما جاء فيها :« …إن داي الجزائر أهان الملك فاعتزم الملك أن يثار لشرفه وليس في نية جلالته أن يطلع الباب العالي على الرسائل التي سيلجأ إليها ، بل يكتفي بان يقول أن واجبه يقضي بأن يصون رعاياه عن الأخطار التي تهدمهم في هذا الجزء من الإمبراطورية ويضمن لهم الأمن ، لكن رغبة في المحافظة على الصداقة القائمة بين فرنسا و تركيا ويود لو أن السلطان بنفسه وبوسائله الخاصة بتأديب عامل لا شك أنه لا يرضى فقط عن شذوره عن الآداب و اللياقة. ».
وإن شاء السلطان أن يؤدي هذا العامل الشاذ فإن له من القوة العسكرية التي يمتلكها باشا مصر ما يضمن تنفيذ إرادته، ووضع هذه المهمة في عنق محمد علي وللسلطان أن يصدر فرمانا يأمر محمد علي بالاستيلاء على الولايات الثلاثة ( الجزائر، طرابلس وتونس ) وإقامة حكم جديد يضمن الهدوء والاستقرار
وكان "بول****" يظن أن السلطان سيوافق بسهولة على الاقتراحات المقدمة إليه ويصدر فرمانا ويجعل حركة محمد علي شرعية، إلا أن السلطة المركزية بالباب العالي رفضت الاقتراحات التي عرضت عليها، وحاولت إقناع السفير الفرنسي بأن تأييد هذه الخطة يخالف الدين الإسلامي، وأن محمد علي لن يقدر على تنفيذ هذه الخطة، وأرسلت " خليل آفندي " الذي كان دبلوماسيا ماهرا للتوسط بين الجزائر وفرنسا
كمـا عارض بعض الوزراء مشروع محمد علي، واعتبروه إهانة للشرف الفرنسي مما أدى بتـراجع حكومة فرنسـا عن مساعدة محمد علي، وتقليص الإمدادات إلى 10 مليون فرنك للقيـام بالحملة، وقد رفض مجلس الـوزراء الفرنسي التعاون مع محمد علي خلال جلسته في 10 ديسمبر 1829م وقرر أن تقوم فرنسا بالحملة ضد الجزائر وحدها في 30 جانفي 1830م، بعد دراسة دامت 04 ساعات وفي 07 فيفري وافق "الملك شار العشر" وقبل مشروع الحملة وأصدر مرسوما ملكيا عين بموجبه قادة الحملة، وقبل أن نتطرق للحملة ينبغي معالجة الحصار الذي ضربه الأسطول الفرنسي على السواحل الجزائرية والذي دام ثلاث سنوات
مشكوووووووووووووور على وضوعك
فأمثالك قليلون ، فالشباب همهم الهجرة إلى بلاد الكفر الذين يكيدون للإسلام و المسلمين ، ورغم ما فعلته فرنسا من جرائم ، إلا أن شبابنا نسو أو تناسو تاريخهم ويرمون بأنفسهم في البحر و يتعرضون للسب و الشتم و اللعان من أجل بلد ظلمهم قديما و لا يزال يفعل
نشكوا إلى الله ضعفنا
mile1: mile1: mile1: mile1: