بدأت الحملة الصليبيةالسادسةعام 1228 كمحاولة لإعادة السيطرة على القدس. بدأت بعد سبع سنوات فقط من فشل الحملة الصليبية الخامسة.
بعد مرور اقل من 10 سنوات من نهاية الحملة الصليبية الخامسة بدأت الحملة الصليبية السادسة التي ترأسها الامبراطور فريدريك الثاني هوهنشتاوفن الالماني الذي نذر النذر الصليبي للحملة السابقة ولم يفي به حينها ، واراد الامبراطور ان يحقق مقاصده دون ان يسحب سيفه من غمده ، فتزوج في صيف 1225 من ابنة ملك القدس يوحنا دي بريان (يولاندي والمعروفة أيضا بإسم إيزابيلا) وتزوج كذلك من ماريا من مونتفيرات، واخذ يطالب بعرش مملكة زالت من الوجود من زمان في فلسطين ، واستغل الحرب بين مصر ودمشق ودخل في مفاوضات مع السلطان الكامل ، الامر الذي اثار غضب روما ، وقيّم البابا مسلك فريدريك الثاني بكل قساوة واتهمه باهمال "قضية الرب" بل انه هدده بالحرم من الكنيسة وفرض غرامة مقدارها 100 الف اوقية من الذهب اذا لم تقم الحملة الصليبية في آخر المطاف ، وقد ارجئ البدء بها إلى اغسطس 1227 ـ وبدأ فريدريك الثاني ببناء السفن واستأنفت روما في الدعوة إلى الحرب المقدسة ولكن الدعوات قوبلت باللامبالاة ولو اراد فريدريك لما استطاع ان يجمع في الوقت المعين ما يكفي من الناس لاجل بعثة ما وراء البحار ، وفي هذه الاثناء ، وقبل خمسة اشهر من الموعد المعين توفي البابا اونوريوس الثالث.
في صيف 1227 تجمع بضع عشرات من الآلاف من المجندين ، معظمهم من ألمانيا والبقية من فرنسا وانجلترا وايطاليا في معسكر قرب برنديزي والبعض الاخر في ابحر إلى صقلية ، ولكن الامراض وقلة المؤون ومرض فريدريك الثاني ادى إلى ارجاء الحملة ، ولكن البابا الجديد غريغوريوس التاسع حرم فريدريك الثاني من الكنيسة ، وتشفياً بالبابا ابحر الامبراطور إلى سوريا في صيف 1228 ، فكان من البابا ان منع الحملة الصليبية ووصف فريدريك بانه قرصان وبانه يريد سرقة مملكة القدس ، فكانت أول حملة صليبية لا يباركها البابا ، ولكن فريدريك الثاني لم يأبه فاستولى على قبرص ووصل إلى عكا ، حيث بدء المفاوضات مع السلطان الكامل اسفرت في فبراير 1229 عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله السلطان عن القدس باستثناء منطقة الحرم ، وبيت لحم والناصرة وجميع القرى المؤدية إلى القدس ، وقسم من دائرة صيدا وطورون (تبنين حاليا) ، وعزز الامبراطور الالماني بعض الحصون والقلاع واعاد تنظيمها ، ووقع مع مصر عدّة اتفاقيات تجارية ، وتعهد فريدريك الثاني بمساعدة السلطان ضد اعدائه ايا كانوا ، مسلمين ام مسيحيين وضمن عدم تلقي القلاع الباقية خارج سيطرته اية مساعدة من اي مكان.
في 18 مارس 1228 توّج فريدريك الثاني نفسه بنفسه في كنيسة القيامة ، فقد رفض رجال الدين تتويج الامبراطور المحروم من الكنيسة ، وفرضت البابوية منعا لممارسة الطقوس الدينية في القدس ، ودفع البابا مواليه إلى ممتلكات فريدريك في إيطاليا ، فاسرع فريدريك إلى المغادرة ونشب صراع مسلح ضد الحبر الاعظم ، والحق الهزيمة بالبابا ؛ وفي سنة 1230 الغى البابا الحظر عن فريدريك وصادق في السنة التالية على معاهداته مع المسلمين.
**الحملة الصليبية السابعة:ـــ
كان التعارض بين مصالح البابا والامبراطور الالماني سببا في الدعوة الباباوية المستمرة إلى حملة صليبية جديدة ، وكان الامبراطور الالماني يعارض البابا في تلك الحملة ، وفي النهاية تحركت فصائل قليلة في ليون بقيادة الملك تيبو دي نافار والدوق هوغ الرابع البورغوني وغيرهما من الأمراء ، وابحر القسم الاكبر في خريف 1239م بدون حماسة كبيرة إلى سوريا ، حيث حاولوا باصرار من فرسان المعبد عقد حلف مع دمشق ضد مصر ، ولكن المصريين هزموهم في جوار عسقلان في شهر نوفمبر 1239 ، وبدأت المخاصمات بين الصليبيين ، واستغلت حكومة مصر جميع هذه الظروف واشرف الملك الصالح نجم الدين أيوب في سبتمبر عام 1244 مع 10 الاف من الفرسان الخوارزميين على القدس ، وقضى على الصليبيين فيها عن بكرة ابيهم وانتقلت المدينة برسوخ إلى المسلمين.
كانت الحملة التي رتبت كرد على هذه الحادثة هي ما يتفق عليه بين العديد من المؤرخين بتسميته بالحملة السابعة ، ولكن هذه المرّة لم تكن البابوية على قدر كبير من التشجع لهذه الحملة ، فان الخلافات مع فريدريك هوهنشتاوفن كانت تشغله اكثر ، وكان لويس التاسع ملك فرنسا من بدأ هذه الحملة الذي اعلن نيته بالقيام بحملة صليبية جديدة عام 1245 ، ولثلاث سنوات جمع الاموال التي كانت اساسا ضريبة العشر من الكنيسة ، ليبحر في 1248 مع زهاء 20 الف من الجنود الاشداء بينهم 3 الاف فارس بسفن استأجرها من جنوه ومرسيليا ، ابحر من الموانيء الفرنسية ليصل قبرص في 17 سبتمبر 1248 ، حيث كان لويس قد جهز احتياطيات المؤن من الحبوب والخمور وغيرها ، وبقي هناك حتى 30 مايو 1249 يتفاوض مع صليبيي الشرق ، حيث انطلق بعدها إلى احتلال دمياط ، فوصلوها في اوائل يونيو 1249 ، فنزلوا في مصب نهر النيل واشاعو الذعر بين سكان دمياط واحتلوا المدينة عنوة ودون قتال حقيقي ، واستكمل الزحف بهدف الوصول إلى الاسكندرية ، فحوصرت قلعة المنصورة واستولي عليها في اوائل فبراير 1250 ، ولكن سرعان ما افلح المسلمون في حصر الغزاه في المدينة ، وعلى رأسهم الملك المعظم طوران شاه ، آخر ملوك الأيوبيين ، فلقي كثير من الفرسان الصليبيين ممن لم يتسن لهم اللجوء إلى القلعة حتفهم، وبعد فترة اغرق المصريون الاسطول الصليبي الراسي قرب المنصورة ، وقطعوا اتصال الفرسان مع دمياط التي كانت قاعدة تموينهم ، وتحت طائلة الموت جوعا فر الصليبيون من المنصورة وفتكت بهم قوات المسلمين فزال جيشهم من الوجود كقوة مقاتلة ، ووقع منهم الالاف في الاسر ، وكان ملك فرنسا لويس التاسع بين الاسرى، حيث أسر في قرية منية أبي عبدالله (حاليا ميت الخولي عبدالله) بمحافظة دمياط وسرعان ما انتشرت الامراض بين الاسرى كالملاريا والدزنطاريا والاسقربوط ، حتى ان الملك اخذت اسنانه تسقط وتعين حمله لقضاء حاجته ، وفي مايو 1250 اخلي سبيل لويس مقابل فدية ضخمة 800 الف بيزتط او 200 الف ليرة شريطة ان يغادر الصليبيون دمياط ، فوصلت بقاياهم إلى عكا كيفما اتفق.
بقي لويس في عكا اربع سنوات ، دعا فيها البارونات إلى حملة صليبية ، ولكن الدوقات والكونتات والبارونات والفرسان تجاهلوا هذه الدعوة، فغادر لويس التاسع عكا في ابريل 1254 إلى فرنسا.
كانت المستعمرات الصليبية في الشرق يمزقها الصراع الاجتماعي والسياسي ، وكانت تبدي مزيد من العجز اما اعدائها من السلاجقة والعرب والمغول ، وعندما هزم المغول الخليفة العباسي في 1258 ، سيطروا على المناطق الداخلية من سوريا ، وفي ذات الفترة وصل المماليك إلى الحكم في مصر ، واستطاعو ايقاف طليعة الجحافل المغولية في سبتمبر 1260 في معركة عين جالوت بقيادة الظاهر ركن الدين بيبرس بندقداري ، وعندما وصل إلى دكة الحكم وحد مصر وسوريا واعاد بناء الحصون واسس قوات بحرية وبرية كبيرة وضبط المراسلات البريدية المنتظمة ، وبعدها وجه بيبرس همته نحو الصليبيين في الشرق (الفرنجة) فاستولى على قيسارية وارسوف في 1265 وعلى يافا في 1268 وفي مايو 1268 على انطاكية اغنى المدن الصليبة
كانت الحملة الثامنة حملة صليبية أطلقها لويس التاسع ملك فرنسا، وكان وقت ذاك في أواسط الخمسينات في 1270. تحتسب الحملة الصليبية الثامنة أحيانا بأنها السابعة، في حال عدت الحملتين الخامسة والسادسة التان قادهما فريدريك الثاني أنهما حملة واحدة. كما تعتبر الحملة التاسعة أحيانا بأنها جزء من الحملة الثامنة.
إنزعج لويس من الأحداث التي جرت في سوريا، حيث كان السلطان المملوكي بيبرس يهاجم بقايا الممالك الصليبية. وإستغل بيبرس فرصة أن التحريض على الحرب بين مدن فينيسيا وجنوه ضد بعضها البعض بين الأعوام 1256 و 1260 أرهقت الموانئ السورية التي كانت المدينتان تسيطران عليها. وبحلول 1265 كان بيبرس قد سيطر على الناصرة وحيفا وطورون وأرسوفز. نزل هوغ الثالث القبرصي، الملك الإسمي لمملكة القدس اللاتينية في عكا لحمايتها، بينما تحرك بيبرس شمالا حتى وصل ارمينيا، والتي كانت في ذلك الوقت تحت الحكم المغولي.
قادت هذه الأحداث لويس للدعوة لحملة جديدة عام 1267، بالرغم من قلة الدعم في ذلك الوقت؛ إلا أن جين جونفيلييه، المؤرخ الذي رافق لويس في الحملة السابعة رفض مرافقته. وإستطاع أخ لويس تشارلز من آنيو إقناع لويس بأن يهاجم تونس اولا، بحيث أن ذلك سيعطيه قاعدة قوية ليبدأ الهجوم على مصر، كان التركيز على حملة لويس السابقة وكذا الحملة الصليبية الخامسة التي سبقته، والتان بائتا بالفشل هناك. كما كان لدى تشارلز ملك نابليس إهتماماته الخاصة في منطقة المتوسط. كما كان لسلطان تونس علاقات إسبانيا المسيحية واعتبر مرشحا قويلا للإرتداد. فأبحر لويس عام 1270 من كاغلياري في صقلية ووصل السواحل الأفريقية في يوليو، وهو موسم سيء للرسو. ومرض العديد من الجنود بسبب مياه الشرب الملوثة، وفي 25 اغسطس مات لويس بالكوليرا أو الطاعون على ما يبدو، وذلك بعد وصول تشارلز بيوم واحد. ويروى أن آخر ما تلفظ به لويس كان "القدس." ، فأعلن تشارلز فيليب الثالث ابن لويس الملك الجديد ، ولكن وبسبب صغر سن فيليب ، كان تشارلز الملك القائد الفعلي للحملة الصليبية.
بسبب تفشي الأمراض، تم التخلي عن حصار تونس في 30 أكتوبر وذلك بإتفاق مع السلطان. حيث حصل الصليبييون على إتفاق تجارة حرة مع تونس، وتم الموافقة على وجود القساوسة والرهبان في المدينة، وبذلك يمكن ان تعتبر هذه الحملة نصر جزئي. تحالف تشارلز مع الملك إدوارد الإنجليزي، والذي وصل متأخرا قليلا. وعندما ألغى تشارلز الهجوم على تونس، توجه إدوارد إلى عكا، بما يعرف أحيانا بالحملة الصليبية التاسعة، والتي شكلت آخر توجه صليبي إلى سوريا.