إن اجراءات الحجز على العقار هي أساسا اجراءات قضائية نظرا لخطورة الحجز العقاري ، و حماية للمدين من توقيع حجز على عقاره دون توفر شروط هذا الحجز ، و تبدأ اجراءات الحجز على العقار باستصدار أمر الحجز ، و تبليغه للمحجوز عليه ثم قيد أمر الحجز في المحافظة العقارية .
المطلب الأول : استصدار أمر الحجز :
قبل توقيع الحجز على العقار يجب أن يكون بيد الحائز سند تنفيذي ، و محضر الإلزام بالدفع ، وإذا كان دائنا عاديا أن يقدم محضر بعدم وجود منقولات لدى المدين أو أنها غير كافية لإستفاء دينه ، أو إثبات أنه دائن مرتهن أو يملك حق تخصيص أو امتياز على العقار المراد توقيع الحجز عليه و مستخرج من سند ملكية المدين للعقار ،و شهادة عقارية تثبت عدم تصرف المدين في العقار تصرفا ناقلا للملكية فإذا توافرت هذه الشروط فإن أول إجراء يقوم به الحاجز يتمثل في تقديم عريضة الأمر بالحجز مرفقة بالمستندات المذكورة أعلاه إلى رئيس محكمة مقر المجلس المختصة إقليميا بحكم المادة 08 فقرة أخيرة من ق ام و الكائن بدائرة اختصاصها العقار المراد الحجز عليه لاستصدار أمر بالحجز على العقار، و بعد الحصول على هذا الأمر فإنه يعود و يقدم ملفه للمحضر القضائي الكائن مكتبه في المحكمة التي يوجد بدائرة اختصاصها العقار ، و يتكفل هذا الأخير بإجراءات توقيع الحجز تبدأ بتحريره لأمر الحجز و تبليغه للمدين .
و لقد أجازت المادة 382 من ق ا م للدائن إذا اقتضت الحاجة لذلك أن يستصدر أمرا بحجز عدة عقارات مملوكة لمدينه حتى و لو كانت واقعة في دوائر اختصاص قضائي متعددة و ذلك بنصها صراحة على ما يلي :
" يجوز للدائن إذا اقتضت الحاجة المبررة أن يستصدر أمرا بالحجز في وقت واحد على عدة عقارات مملوكة لمدينه حتى ولو كانت واقعة في دوائر اختصاص قضائي متعددة ، و يباشر بيع العقارات المحجوزة في دوائر اختصاص متجاورة ولكنها تخضع لنوع واحد من الإستغلال أمام المحكمة الواقع في دائرتها محل الإستغلال الأصلي ، فإذا كانت العقارات المحجوزة في دوائر اختصاص غير متجاورة فإن البيع يباشر أمام المحكمة الكائنة بدائرتها الأموال ".
فطبقا لنص هذه المادة فإنه يجوز استصدار أمر بالحجز في وقت واحد على عدة عقارات مملوكة للمدين حتى و لو كانت تقع في دوائر اختصاص قضائية مختلفة و متعددة.
إلا أن الإشكال يثور في هذه الحالة طالما أن أمر الحجز يجب أن ينشر بمكتب الرهون الكائن بدائرة اختصاصه العقار المراد الحجز عليه ، فإنه يبدو عمليا من غير الممكن استصدار أمر حجز واحد ، لأنه لا يمكن تصور توقيع الحجز من محضر قضائي خارج دائرة اختصاصه ، و لا قيده من محافظ عقاري غير مختص إقليميا ، وعليه فإن المعمول به في فرنسا مثلا ، أنه يجب استصدار أوامر بالحجز حسب عدد مكاتب الرهون طبقا للمادة 675 ق إم فرنسي .
و المشرع الجزائري لم ينص على ذلك صراحة في حين نصت المادة 99 من المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 معدل و متمم المتضمن تأسيس السجل العقاري على تمديد الآجال في حالة الإشهار في مكتبين أو أكثر إلا أن ذلك صعب التحقيق بأمر حجز واحد
فنص المادة 382 من ق ام جاء غامضا نوعا ما في صياغته ، إلا أنه حسب رأينا إذا كانت العقارات المملوكة للمدين و المراد الحجز عليها بأمر حجز واحد ، تقع في دائرة اختصاص مجلس قضائي واحد ، فإن ذلك لا يطرح أي إشكال عملي ، كون الدائن بإمكانه استصدار أمر الحجز من محكمة مقر المجلس القضائي الواقعة بدائرة اختصاصه هذه العقارات و يتم قيده بالمحافظة العقارية المتواجدة به ،أما إذا كانت هذه العقارات متواجدة بدوائر اختصاص عدة مجالس قضائية و هذا هو المقصود من المادة ، فانه من الأفضل لحل هذا الإشكال استصدار عدة أوامر بالحجز من محكمة مقر المجلس المختصة و التي يوجد بها كل عقار ، و يتم قيد أمر الحجز في المحافظة العقارية التي يتواجد بها كل عقار من هذه العقارات
المطلب الثاني :تبليغ المحجوز عليه بأمر الحجز و إنذاره :
بعد استصدار أمر الحجز من طرف رئيس المحكمة المختصة يتولى المحضر القضائي بتوقيع اجراءات الحجز على العقار للمدين ، تبدأ بتحريره لأمر الحجز و تبليغه للمدين لكن الأمر يختلف بعض الشيء إذا انصب هذا الحجز على عقار مملوك للغير كالكفيل العيني أو حائز العقار الذي انتقل إليه مثقلا برهن أو تخصيص قبل اكتسابه
أولا – حالة الحجز على العقار المملوك للمدين :
سبق و أن اشرنا إلى أنه بعد استصدار أمر الحجز فإن المحضر القضائي يتولى مباشرة اجراءات الحجز وذلك بتبليغ أمر الحجز إلى المحجوز عليه أو ورثته وإنذاره بأنه إذا لم يدفع الدين في الحال فإن أمر الحجز سيقيد في مصلحة الشهر العقاري و يسمى هذا الإبلاغ بالتنبيه العقاري ، و الغرض منه هو إفساح المجال للمدين لتسديد ما عليه من دين لإنقاذ عقاره من البيع و تمكينه من الإعتراض على الحجز ان وجد مبرر لذلك ولقد نصت المادة 379 من ق ام على ما يلي : " و يتولى القائم بالتنفيذ المصرح له قانونا بإجراء الحجز توقيع الحجز العقاري بموجب أمر مبلغ بصفة قانونية" ، و بين المشرع الجزائري من خلالها البيانات التي يجب أن يتضمنها أمر الحجز و هي :
1 – تبليغ الحكم الذي يجري التنفيذ بموجبه أو أي سند تنفيذي آخر .
2 – حضور أو غياب المدين في اجراءات الحجز .
3 – إعذار المدين بأنه إذا لم يدفع الدين في الحال يسجل الأمر بمكتب الرهون التابع له العقار محل الحجز ، وأن الحجز يعتبر نهائيا ابتداء من قيده .
4 – بيان موقع العقار و نوعه و مشتملاته و تحديده المساحي (قسم – رقم الخريطة الموقع المعروف ) و إذا كان العقار مبنيا يجب بيان الشارع ورقمه ، و أجزاء العقارات، المقسمة تعين بذكر أرقام القطع كما وردت في البيان الوصفي أو مستند مماثل و القصد من ذلك تعيين العقار المراد الحجز عليه بصورة لا تقبل الغموض هذا و أن القانون الجزائري لم يذكر من بين البيانات المحكمة المختصة ولا تأسيس محام حتى يتبين الموطن المختار ليفيد في كافة التبليغات
ويلاحظ أن المشرع لم يرتب البطلان على إغفال بيان من هذه البيانات الواردة على سبيل الحصر ، والقاعدة العامة لا بطلان بدون نص في القانون ، غير أنه إذا كان النقص أو الإغفال من شأنه أن يجهل بما يطلبه المشرع في المادة 379 من ق ام فان التبليغ يكون باطلا حسب القواعد العامة في البطلان، و الأمر يختلف بحسب ظروف كل حالة كما أنه يحق للمحافظ العقاري أن يمتنع عن قيد أمر الحجز الذي يتضمن إغفالا في أحد هذه البيانات و بالتالي يضطر المحضر القضائي إلى إدراج البيان الناقص في التنبيه مرة أخرى لإتمام القيد .
و يتم تبليغ المدين بورقة التنبيه العقاري طبقا لنص المادة 22 من ق ام و هذا ما يطرح إشكالات عملية ، خاصة عند عدم وجود المدين أو رفضه التوقيع ، أو عدم انتقال المحضر القضائي إلى العنوان الصحيح للمدين، ذلك أن عدم تبليغ المدين و إعذاره يعد عيبا في الإجراءات مما يعرض الحجز للإبطال .
ثانيا :حالة الحجز على العقار غير مملوك للمدين :
إن الدائن العادي لا يحق له الحجز على عقار غير مملوك له إطلاقا ، و إنما الدائن الذي له الحق في الحجز على العقار المملوك لغير المدين هو الدائن الذي له حق عيني تبعي على العقار المراد الحجز عليه كالدائن المرتهن في رهن رسمي أو صاحب حق اختصاص أو حق امتياز .
و الغير المالك للعقار قد يكون الحائز وهو من انتقلت إليه ملكية العقار مثقلة بتأمين عيني ، و قد يكون الكفيل العيني ،هذا وأن المشرع الجزائري لم ينص على اجراءات خاصة في قانون الإجراءات المدنية ، لكن القانون المدني نص في المادة 923 منه على أنه " إذا لم يختر الحائز أن يقضي الديون المقيدة أو يطهر العقار من الرهن أو يتخلى عن هذا العقار ، فلا يجوز للدائن المرتهن أن يتخذ في مواجهته نزع الملكية وفقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية إلا بعد إنذاره بدفع الدين المستحق أو تخلية العقار ، ويكون الإنذار بعد التنبيه على المدين بنزع الملكية أو مع هذا التنبيه في وقت واحد ".
أ – الحجز على عقار الحائز :
تنص المادة 911 من القانون المدني الجزائري على أنه : "يعتبر حائزا للعقار المرهون كل من انتقلت إليه بأي سبب من الأسباب ملكية هذا العقار أو أي حق عيني آخر قابل للرهن دون أن يكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن الدين المضمون بالرهن ".
فصورة الحجز على العقار تحت يد الحائز هي أن يكون للدائن رهن أو حق تخصيص ، أو امتياز على عقار ثم تصرف المدين في العقار قبل الشروع في الحجز عليه فيكون للدائن صاحب الرهن أو الإمتياز أن يتتبع العقار تحت يد الحائز الذي انتقلت إليه ملكية العقار وينفذ عليه ، وتقتضي رعاية مصلحة الحائز اتخاذ بعض الإجراءات الإضافية فضلا عن الإجراءات العادية التي تتخد في حالة الحجز على عقار المدين ، كما تقتضي من ناحية أخرى توجيه الإجراءات المؤدية لإعداد العقار للبيع إلى هذا الحائز و بالرجوع إلى نص المادة 923 من القانون المدني فانه إذا كان العقار المراد الحجز عليه مملوكا للحائز فان الإنذار يبلغ أولا للمدين ثم إلى الحائز أو يبلغ به المدين و الحائز في آن واحد ، فلا يجوز توجيه الإنذار للحائز وحده دون المدين ، و يختلف الإنذار الموجه إلى الحائز عن الإنذار الموجه إلى المدين في أن ذلك الموجه إلى الحائز يكون المطلوب فيه الخيار بين دفع الثمن أو تخلية العقار أو اتخاذ اجراءات الحجز في مواجهته .
فإذا اختار الحائز تخلية العقار فإنها تتم طبقا للمادة 922 من القانون المدني بتقرير يقدمه الحائز إلى كتابة ضبط المحكمة المختصة بالتنفيذ ، و يجب عليه أن يطلب التأشير بذلك في هامش تسجيل التنبيه بنزع الملكية ، و أن يعلن الدائن بهذه التخلية خلال 05 أيام من وقت التقرير بها ، كما يجوز لمن له مصلحة في التعجيل أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة تعيين حارس حتى تتخد في مواجهته اجراءات الحجز ، و يعين الطالب حارسا إن هو طلب ذلك .
فإذا لم يقم الحائز بتخلية العقار و لم يدفع مبلغ الدين فان اجراءات الحجز تتخد في مواجهته ، و تجدر الإشارة إلى أن من يؤول إليه العقار بتصرف واجب التسجيل لا يعتبر حائزا يجب إنذاره بالدفع أو التخلية إلا إذا سجل سنده وكان هذا التسجيل سابقا على تسجيل أمر الحجز ، فإذا كان تسجيل السند قد تم بعد تسجيل أمر الحجز فلا يعتبر صاحب السند حائزا للعقار و لا يعتد به و تتخد الإجراءات في مواجهة المدين وحده .
ب- الحجز على عقار الكفيل العيني :
الكفيل العيني هو من يرهن ماله ضمانا للوفاء بدين غيره ، فإذا رهن عقاره رهنا تأمينيا ، فهو في حكم الحائز للعقار المطلوب التنفيذ عليه ، وقد نصت المادة 884 من القانون المدني الجزائري على أنه يجوز أن يكون الراهن هو المدين نفسه أو شخصا آخر يقدم رهنا لمصلحة المدين ، و يجب أن يكون الراهن مالكا للعقار المرهون و أهلا للتصرف فيه، هذا و إن تشابه الكفيل العيني مع الحائز في انتقاء مسؤوليته الشخصية عن الدين فانه يختلف عنه في أن العقار محل الحجز لم يكن للمدين و انتقل إليه بل هو ملك للكفيل العيني وضعه كضمان لدين غيره فإذا لم يف المدين بالدين الذي في ذمته فإن اجراءات الحجز تتم في مواجهة الكفيل العيني بتبليغ أمر الحجز إليه مباشرة و تسجيله باسمه في المحافظة العقارية و كل ما يقوم به الدائن الحاجز بالنسبة للمدين الأصلي و الذي قدم الكفيل العيني عقاره كضمان لدينه هو اتخاذ مقدمات التنفيذ في مواجهته بتبليغه السند التنفيذي و إلزامه بالدفع خلال مدة عشرين يوما ، و تتم اجراءات الحجز على عقار الكفيل العيني بموجب عقد الرهن و أن العقار المرهون مملوك له من قبل الرهن ، فيكفي توجيه التنبيه بنزع الملكية إليه ، ويجوز للكفيل العيني أن يتفادى أي إجراء موجه إليه إذا تخلى عن العقار المرهون وفقا للأحكام التي يتبعها الحائز في التخلية ، و تسجيل التنبيه بنزع الملكية باسم الكفيل العيني فيه حماية للغير الذي يتعامل مع العقار المملوك له حتى يستطيع الغير أن يعلم بهذا الحجز ، و يعتبر العقار محجوزا من تاريخ تسجيل التنبيه ، فإذا تصرف الكفيل العيني في العقار قبل قيد الإنذار فإن المتصرف له يكون في مركز الحائز ، أما إذا تصرف بعد تسجيل الإنذار فلا يكون تصرفه نافذا في حق الدائن الحاجز و تواصل اجراءات الحجز في مواجهة الكفيل العيني .
المطلب الثالث : قيد أمر الحجز بالمحافظة العقارية :
إذا كان تبليغ أمر الحجز للمدين و إنذار الحائز بعد استصدار أمر الحائز هما اجرائين أساسيين لتوقيع الحجز على العقار فإن هذا الأخير لا يرتب أي أثر إذا لم يتم إشهاره في مكتب الرهون بالمحافظة العقارية المختصة إقليميا ، و بالتالي يعتبر قيد الحجز هو البداية الفعلية لوضع العقار تحت يد القضاء
أولا – إجراءات قيد الحجز بالمحافظة العقارية :
لقد نصت المادة 379 من ق ام على انه يودع أمر الحجز خلال شهر من التبليغ بالمحافظة العقارية الكائنة بدائرتها موقع العقار و هذا من أجل تسجيله في سجل خاص ، و يجوز أن يكون التبليغ و قيد أمر الحجز في يوم واحد حتى لا تترك الفرصة للمحجوز عليه للتصرف في العقار قبل قيد الحجز ، و لقد بين قانون السجل العقاري ولا سيما المرسوم 76-63 المؤرخ في 25/03/1976 بدقة الإجراءات الواجب إتباعها والوثائق التي يلزم المحضر القضائي بإيداعها وأهمها السند التنفيذي ، أمر الحجز
و إذا كان المشرع الجزائري نص على آجال إيداع أمر الحجز و قيده بالمحافظة العقارية دون أن يرتب أي أثر على عدم احترام هذه الآجال فإن السؤال يطرح في حالة الدفع بعدم احترامها ممن يهمه الأمر لإبطال مفعول إجراء معين .
علما أن المشرع الفرنسي مثلا نص على سقوط أمر الحجز إذا لم يتم إيداعه للقيد خلال 90 يوما من تبليغه للمدين طبقا للمادة 674 من ق ام فرنسي
أما المشرع الجزائري فقد نص في المادة 930 منه على أنه إذا تركت اجراءات الحجز مدة 03 سنوات فلا ترد الثمار إلا من وقت أن يوجه الدائن إنذار جديد إلى حائز العقار المرهون ، فهل يفهم من هذه المادة أن آجال السقوط بعد تبليغ أمر الحجز هي 03 سنوات؟
و حسب رأينا – فإنه لفهم هذه المسألة يجب أولا تحديد الطبيعة القانونية لمهلة الشهر الخاصة بتسجيل أمر الحجز ما إذا كانت مدة سقوط أو مدة انتظار ، وما إذا كانت مقررة لمصلحة المدين أو لمصلحة الدائن ، وكذلك الوقوف على الغاية التي قصدها المشرع من تسجيل أمر الحجز بالمحافظة العقارية ، فمن جهة المشرع منح للمدين فسحة زمنية من أجل الوفاء بالدين و تفادي اجراءات الحجز على عقاره و فقدانه .
ومن جهة أخرى فإنه لم يمنع الحاجز من تسجيل أمر الحجز في وقت واحد مع تبليغه للمدين و هذا حماية له من التصرفات التي تصدر من المدين قبل قيد أمر الحجز مما يعني أنها ليست مهلة انتظار أو منع و إنما هي مهلة سقوط يجب التمسك بها ممن له مصلحة في ذلك أو المتضرر من عدم احترام الحاجز لمهلة الإشهار .
أما فيما يخص مهلة 03 سنوات التي نصت عليها المادة 930 من القانون المدني فهي تخص رد الثمار من طرف الحائز للعقار المراد الحجز عليه من تاريخ إنذاره الأول بدفع الدين المستحق أو تخلية العقار ولا يمكن تعميمها على حجز العقار المملوك للمدين خاصة و أن المشرع الجزائري لم ينص على ضرورة قيد الإنذار الموجه للحائز بالمحافظة العقارية ، و لا على المهلة التي يجب فيها على الحاجز توجيه الإنذار للحائز بعد تبليغ المدين بأمر الحجز وأكتفى بالنص في المادة 923 من القانون المدني على توجيه الإنذار للحائز بعد تنبيه المدين بنزع الملكية أو مع هذا التنبيه في وقت واحد ، الشيء الذي يطرح إشكالا آخر بخصوص بداية حساب ميعاد قيد أمر الحجز بالمحافظة العقارية ، هل يحسب من تاريخ تبليغ أمر الحجز للمدين أم من تاريخ تبليغ الإنذار للحائز ؟ مما يؤدي إلى خلق منازعات تعترض الحجز العقاري تتطلب تدخل المشرع أو حسمها من طرف القضاء مستقبلا .
و حسب رأينا فإنه طالما أن الحجز يتعلق بالعقار و أن المشرع أوجب أن تكون التصرفات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو انقضاء حق عيني محل نشر في مجموعة البطاقات العقارية و إلا لن يكون لها أثر حتى بين الأطراف ، و حماية للغير المتعامل مع هذا العقار و درءا للمنازعات فإنه من الأفضل شهر الإنذار الموجه للحائز حتى ينتج أثره اتجاه الغير و اتجاه حائز العقار حتى و إن لم ينص عليه المشرع صراحة.
ثانيا : دور المحافظ العقاري في إجراء القيد :
بعد إيداع أمر الحجز بالمحافظة العقارية من طرف المحضر القضائي القائم بالتنفيذ ، يقوم أمين مكتب الرهون بتسجيل أمر الحجز في السجل المنصوص عليه قانونا ، و قد أعطى المرسوم 76/63 للمحافظ العقاري صلاحيات واسعة في مجال القيد ، تسمح له بقبول أو رفض الإيداع ، و حتى بعد قبول الإيداع يمكنه رفض القيد إذا ما تبين له أن الشروط المنصوص عليه قانونا ، فمن صلاحيات المحافظ العقاري الإمتناع عن قيد أمر الحجز أو التنبيه العقاري ويطلب تصحيح الإجراء طبقا للمادة 106 الفقرة 03من المرسوم سابق الذكر ، ومن جهة أخرى في حالة ما إذا كانت الوثائق المودعة قصد إشهار امتيازات أو رهون أو نسخة التنبيه المساوية للحجز ، تتضمن خلافات في تعيين بعض العقارات المترتبة عليها بعض الحقوق أو المحجوزة ، فإن لإجراء يقبل بالنسبة للعقارات التي يكون تعيينها مطابقا و الرفض لا يكون إلا بالنسبة للعقارات الأخرى ،ونصت المادة 99 من نفس المرسوم على أنه يتعين على المحافظ العقاري إتمام اجراءات القيد بالنسبة للأوامر نزع الملكية ( أوامر الحجز ) في خلال ثمانية أيام .
و إذا رفض المحافظ العقاري القيد فيجب عليه تبرير ذلك كما أن المادة 107 من المرسوم أجازت للمحافظ أن يرفض مؤقتا القيد في عدة حالات من بينها عدم إشهار سند المتصرف ، و يمنح مهلة 15 يوما لطالب القيد لتصحيح الإجراء ، و هذا الأمر هام جدا إذا ما اعتبرنا أن الحجز لا يمكن أن يوقع إلا على عقارات سند ملكيتها مشهر مسبقا عملا بأحكام المادة 88 من نفس المرسوم ، غير أن المادة 89 منه أجازت القيد عندما يكون حق المتصرف أو صاحب الحق الأخير ناتجا عن سند اكتسب تاريخا ثابتا قبل أول جانفي 1971 و يقصد به السند العرفي ، فهنا يمكن للدائن إيداع السند لدى الموثق إذا كان بحوزته لإفراغه في الشكل الرسمي ليتم تسجيله ثم قيده في شهر بدلا عن مدينه إذا امتنع عن ذلك ، هذا هو المعمول به في فرنسا بالنسبة للعقود المحررة قبل 04 جانفي 1955 تاريخ فرض الشهر بالنسبة لنقل الملكية في العقارات بفرنسا
وعند قبول الإيداع من طرف المحافظ العقاري و قيده لأمر الحجز في السجل المخصص لذلك يعتبر ما جرى من أعمال التنفيذ بمثابة حجز نهائي و يترتب عليه وضع العقارات تحت يد القضاء طبقا لنص المادة 379 من ق ام ، و قد نصت المادة 381 من ق ام على البيانات و الإجراءات الواجب مراعاتها من طرف المحافظ العقاري عند قيد أمر الحجز أهمها : ذكر تاريخ و ساعة الإيداع ترتيب ورود كل أمر حجز سبق قيده، ذكر اسم ولقب و موطن المباشرين للتنفيذ ، ذكر مقر المجلس القضائي التي سيتم البيع في دائرته ، التأشير على الأمر على هامش التسجيلات السابقة مع البيانات المذكورة أنفا و تبرز أهمية هذه البيانات عند التطرق للعقار للبيع ثم بيعه و المنازعات التي تنشأ أثناء تنفيذ الحجز .
إذا تأخر تسجيل أمر الحجز لإتمام الإجراءات بعد الإيداع فإن المادة 187 من المرسوم 76/63 تنص على أن القيد يسجل بعد إتمام الإجراءات بأثر رجعي من تاريخ الإيداع حتى لا يتضرر الحاجز بتوقيع تصرفات تمس بحقوقه في هذه الفترة
وبعد إتمام القيد فإن المادة 380 من ق ام تنص على أنه يقوم أمين مكتب الرهون خلال 10 أيام التالية للقيد بتسليم القائم بالتنفيذ بناء على طلبه ، شهادة عقارية يثبت بها جميع القيود الموجودة على العقار .
ثالثا : تتابع الحجوز :
إن الحجز على العقار لا يمنع من إيقاع حجوز أخرى عليه ذلك أن توقيع الحجز على مال من أموال المدين لا يخرج هذا المال من ملك المدين فلا يمنع غير الحاجز من دائني المدين من التنفيذ على أموال المدين المحجوزة ، فإذا أراد دائن آخر توقيع حجز على نفس العقار فإنه يجب عليه أن يقوم بنفس الإجراءات السابقة ، أي يستصدر أمر الحجز من قاضي الأمور المستعجلة لمحكمة مقر المجلس ويبلغه للمدين و ينذره ، ثم يسجله في المحافظة العقارية ، لكنه لا يمض في اجراءات مستقلة بل يتدخل في الإجراءات السابقة ، ولذا فإن المحافظ العقاري زيادة على تسجيل أمر الحجز الثاني يؤشر بأمر الحجز الجديد بالحجز الأول وتاريخ تسجيله ، ويترتب على الأسبقية في تاريخ التسجيل أن يكون الحاجز الأسبق هو المباشر لإجراءات التنفيذ
أما في القانون الفرنسي فإذا سبق تسجيل أو إيداع أمر الحجز فإنه لا يمكن القيام بتسجيل ثان و إنما يتعين على المحافظ العقاري أن ينوه بذلك على هامش أمر الحجز السابق و من جهة أخرى إذا حصل تقديم أمرين بالحجز في آن واحد ، فيتم تسجيل أمر الحجز القائم عل السند التنفيذي الأقدم
و قد نصت المادة 381 من ق ام على أنه " لا يجوز شطب الحجز بدون موافقة الدائنين الحاجزين اللاحقين و المعلومين على الوجه الأنف الذكر " هذا لكونهم منضمين في الإجراءات و يمكنهم مواصلتها في حالة تخلي الحاجز المنفذ على ذلك ، ويلاحظ أن المشرع الجزائري لم يتعرض لمسألة شطب الحجز بالتفصيل وتعتبر الفقرة الأخيرة من المادة 381 من ق ام النص الوحيد الذي تكلم عنه وكأنه ورد عفويا في نص المادة ككل و لم يتصل بمضمون المادة ولا يفيد أي شيء عن شطب الحجز ، و يحصل الحجز في 03 صور: الشطب الإداري ويتم عند رفع الحجز باتفاق الأطراف و الشطب القضائي و الذي يقع بمقتضى حكم قضائي برفع الحجز بعد الحكم ببطلانه و الشطب القانوني و الذي يقع في حالة السقوط حسب القانون الفرنسي وذلك بمرور 03 سنوات من تاريخ الإنذار من دون أن تقع المزايدة ( المادة 694 من ق ام فرنسي )
الموضوع منقول.