وهذا كان مقصود أوَّل من أظهر بدعة التشيُّع، فإنما كان قصده الصدَّ عن سبيل الله، وإبطال ما جاءت به الرسل عن الله، ولهذا كانوا يُظهرون ذلك بحسب ضعف الملَّة، فظهر في الملاحدة حقيقة هذه البدع المضلَّة، لكن راج كثيرٌ منها على من ليس من المنافقين الملحدين، لنوعٍ من الشبهة، والجهالة المخلوطة بهوى، فقبل معه الضلالة، وهذا أصل كلِّ باطل.
قال الله تعالى: ﴿والنجم إذا هوى. ما ضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحيٌ يوحى﴾ [النجم: 1 – 4] إلى قوله: ﴿أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى. ألكم الذكر وله الأنثى. تلك إذًا قسمة ضيزى. إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى﴾
[النجم: 19 – 23] ، فنزَّه الله رسوله عن الضلال والغي، والضلال عدم العلم، والغيُّ اتباع الهوى.
كما قال تعالى: ﴿وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا﴾ [الأحزاب: 72] ، فالظلوم غاوٍ، والجهول ضالٌّ إلا من تاب الله عليه، كما قال تعالى: ﴿ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما﴾ [الأحزاب: 73].
ولهذا أمرنا الله أن نقول في صلاتنا: ﴿اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾، فالضالُّ الذي لم يعرف الحقَّ كالنصارى، والمغضوب عليه الغاوي الذي يعرف الحقَّ ويعمل بخلافه كاليهود.
والصراط المستقيم يتضمَّن معرفة الحقَّ والعمل به، كما في الدعاء المأثور: «اللهم أرني الحق حقا، ووفقني لاتباعه، وأرني الباطل باطلا، ووفقني لاجتنابه، ولا تجعله مشتبها علي، فأتبع الهوى».
[«منهاج السنَّة» لابن تيمية (1/ 18)]