ومن حرص الله على العام الهجري انظروا معي: أهل الكهف كانوا من أتباع سيدنا عيسى – أي التقويم الميلادي – تَحَدَّث الله عنهم فماذا قال؟{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ}ثم ذكر الهجري {وَازْدَادُوا تِسْعاً }حتى نعتز بتقويمنا الهجري نحن نذكر الميلادي فقط لابد من الاثنين معاً وبالحسابات الدقيقة فإن ثلاثمائة سنة شمسية هي ثلاثمائة وتسعة هجرية وهذا إعجاز لرب البرية في الآيات القرآنية عاش رسول الله ثلاث وستون سنة هجرية أي حوالي ستون سنة ميلادية فكل الحسابات في شرعنا بالتقويم الهجري لأنه التقويم الإلهي الذي ارتبطت به كل الكائنات فالكائنات غير مرتبطة بالشمس بل بالقمر والحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ }وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة ويوم عرفة يوم التاسع من ذي الحجة ولا يجوز أن يتغير لأن هذا تقويم الله جعل الله كل هذه التوقيتات بالهجري حتى يمر علينا رمضان كل ثلاث وثلاثون سنة في كل الأزمان في الحر والبرد والخريف
والحج يأتي في كل الأزمان لأن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان فيكون الجو المناسب لأهل أي زمان ومكان يذهبون فيه لحج بيت الله الحرام لكن لو كان في الأيام الميلادية فإنه سيكون ميعاد ثابت جامد سيكون رحيماً بقوم وقاسى على آخرين لكن شرع الله رحمة تامة للخلق أجمعين جعل الله حتى تشريعات النساء بالتقويم الهجري فدورة النساء تمشى مع دورة القمر إما ثماني وعشرون يوماً أو تسع وعشرون أو ثلاثون ولا تزيد على ذلك ولذلك من ضمن الأسرار التي نذكرها لمن يريدون الإنجاب أو تأخر عنهم الإنجاب فنقول لهم: احسب أول يوم تجئ فيه الدورة للسيدات ثم احسب حتى ليلة أربع عشرة حيث تكون البويضة في أكمل حالاتها وأتم هالتها كالقمر وتكون جاهزة للتلقيح وللاحتياط يتم الحساب ليالي الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر حيث تكون البويضة جاهزة للتخصيب في هذه الأيام حتى من يريد ألا يستخدم وسائل لمنع للحمل نقول له تجنب هذه الأيام فلا يحدث حمل أسرار ربانية في التشريعات الإلهية
ثم يأتي بعد ذلك عدة النساء وحمل النساء وولادة النساء كله على التقويم الهجري {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً}الحمل تسعة أشهر هجرية {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ }بالتقويم الهجري وعدة النساء إذا كانت عدة طلاق {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} قروء وليست أشهر بعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاث حيضات وبعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاثة طُهر المهم أن تأتيها الدورة ثلاث مرات وإذا كانت عدة وفاة {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}بالهجري وليس بالميلادي فكل حسابات الله حسابات قمرية لأن فيه أسرار إلهية لا يستطيع البشر اكتشافها إلا ما أباح المولى لهم بشأنها من ضمن الأسرار التي أباح لنا بها المولى: ما سر احتفاظ البحار بمياهها لا تأسن ولا تتعفن ولا تتغير؟ الموج وما سبب الموج؟ المد والجزر الذي يصنعه القمر فتتولد الأمواج التي تخلط مياه البحار مع الأملاح التي وضعها فيها الواحد القهار
وكذا الرياح لها تأثير وإن كان أقل بكثير لأن المد والجزر يشد كل الماء المقابل للقمر فتتحرك المياه في البحار والمحيطات كلها معاً فتستمر الحركة على مدار الأربع والعشرين ساعة على مدار حركة القمر حول الأرض فتُحفظ هذه المياه إلى ما شاء الله لا تتعطن ولا تأسن ولا تتعفن رغم ما يُلقى فيها مما لا حصر له من الأشياء القابلة للعفونة وغير ذلك كما قال فيه صلوات ربى وتسليماته عليه{هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ}[2] ربما بعض علماء النبات ما زالوا يجرون بعض التجارب في هذا الأمر لكن الفلاحين اكتشفوها بالسليقة والفطرة اكتشفوا أن الثمار تنمو وتزيد في الليالي القمرية وتجمد وتثبت في الليالي المظلمة ما علاقة القمر بإطالة هذا الثمر؟ سر لا يعرفه إلا من اصطفاه الله حتى أن بعض علماء الطب حالياً قالوا أن ما يفعله القمر من مد وجزر في البحار يعمله في ضغط الإنسان فالضغط فيه مد وجزر بسبب الدورة الدموية من الذي يحركها؟ القمر فالسنين الهجرية فيها أسرار ربانية لابد أن نبينها ونكشفها للمسلمين الذين أدارو ظهرهم لهذه الأشهر وهمهم كله في الأشهر الميلادية
الأشهر الهجرية عليها مدار حياتنا التشريعية العمر للإنسان لا يحسبه الرحمن بالأيام ولا بالليالي ولا بالشهور ولا بالسنين {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}لأن هناك أيام لله غير أيامنا فأيامنا حسب شروق الشمس من السبت إلى الجمعة لكن أيام الله{وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}ويوم الجمعة بخمسين ألف سنة ويوم الجمعة هو يوم القيامة لأنه ستقوم فيه القيامة كما أخبر النبي {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }ومقداره أي كما تحسبون أنتم أما حسبته الصادقة الحقيقية لا يعلمها إلا الله فالله لا يحسب أيامنا وأعمارنا بذلك وإنما يحسبها بالأنفاس التي تتردد في داخل الإنسان نفَس داخل ونفَس خارج والنفَس الأخير من الجائز أن يدخل ولا يخرج أو يخرج ولا يرجع كم عدد أنفاس الإنسان؟الصالحون قالوا إن الإنسان يتنفس في اليوم والليلة أربعة وعشرين ألف نفَس ومن حكمة الله أنه جعل حروف (لا إله إلا الله) اثني عشر وحروف (محمد رسول الله) اثني عشر فمن قال(لا إله إلا الله محمد رسول الله) غفر الله له ذنوب الأربع والعشرين ساعة ولذلك قال فيها النبي{إذا قال العبد لا إله إلا الله ذهبت إلى صحيفته فمحت كل سيئة تقابلها حتى تجد حسنة تقف بجوارها }[3]
ومع ذلك فإن الإنسان المسلم يعلم علم اليقين أن له سجل يومي يبدأ من اليقظة إلى المنام وله سجل سنوي يعلم علم اليقين أنه يبدأ مع بداية العام الهجري فلابد للمؤمن من وقفة مع السجل الماضي حتى يُعرج إلى الله خالياً من الهفوات والمخالفات والزلات والمعاصي والذنوب ولذلك كان سلفنا الصالح يجعلون آخر أيام العام في التوبة والاستغفار والندم وفعل الأعمال الصالحة التي تستوجب مغفرة الغفار ويجعلون بداية العام استفتاح السجل الجديد لما يُستقبل من الأيام، فيفتتحونه بالإكثار من البسملة ويفتتحونه بالصيام ليكون أول أيام العام صيام وبخاصة أن الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام دعا إلى ذلك فقال{ أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمضَانَ شِهْرُ اللَّهِ المُحَرَّمُ }[4] ويبدأونه بتلاوة خير الكلام فيقرأون ما تيسر من كتاب الله حتى تكون بداية الصحيفة طيبة ولو كانت البداية طيبة والخاتمة طيبة فإن الله يتغاضى عما بينهما قال الله تعالى في حديثه القدسي{ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَاعَةً أَكْفِكَ مَا بَيْنَهُمَا}[5]
[1] الصحيحين البخاري ومسلم عن أبى هريرة [2] موطأ الإمام مالك والنسائي[3] أخرجه أبو يعلى من حديث أنس[4] سنن الترمذي عن أبى هريرة ونص الحديث: «أفضلُ الصيامِ بعدَ شهر رمضانَ شهرُ الله المحرَّمُ وأفضلُ الصلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ الليلِ»[5] أبو نعيم في الحلية عن أَبي هُرَيْرَةَ جامع المسانيد والمراسيل
منقول من كتاب [ثانى اثنين] لسماحة الشيخ فوزى محمد أبو زيد
ط§ط¶ط؛ط· ظ‡ظ†ط§ ظ„ظ‚ط±ط§ط،ط© ط§ظ„ظƒطھط§ط¨ ظˆطھطظ…ظٹظ„ظ‡ ظƒط§ظ…ظ„ط§ظ‹ ظ…ط¬ط§ظ†ط§ظ‹