هل من الممكن ان الموقف الايجابي من الحياة يساعد الانسان ليس فقط على تجنب الإصابة بالأمراض بل على الشفاء منها أيضا؟ كانت هذه الفكرة تداعب الباحثين على مدى مئة عام. فحين نصاب بمرض ما غالبا ما يكون أول رد فعل لنا هو تناول عقار ما أو زيارة الطبيب. ولكن عدد لا نهائي من الدراسات قام بتحليل تأثير اتجاه تفكير المريض على صراعه في مواجهة أمراض قاتلة كأمراض القلب والسرطان. ولكن بالرغم من جهوده الحثيثة يبقى المجتمع العلمي منقسما حول هذا الموضوع. غير أن أحدث الأبحاث التي نشرت في هذا الشهر كما جاء في خبر لبي بي سي في 4 كانون الثاني، أفادت بأن فرص بعض مرضى السرطان الذين احتفظوا بتفاؤلهم خلال العلاج في الشفاء لم تتجاوز فرص الذين أحسوا بكاهل المرض أكثر من غيرهم. وتبدو ان الدراسة أظهرت نتائج متباينة، ولكن هذه الدراسة التي أجريت في ملبورن ركزت على سرطان الرئة، وهو من اشد أنواع السرطان فتكا. وقد خلصت أبحاث أخرى الى نتائج مغايرة ففي التسعينات راقب علماء الأوضاع الصحية لنساء خضعن لجراحات في الاثداء لاستئصال أورام سرطانية، وراقبوا ذلك بعد مرور 5، 10 و 15 سنة على التوالي. ما توصلوا اليه كان ان موقف المريضات من وضعهن الصحي أثر في احتمالات الشفاء أكثر من حجم الورم أو درجة شدته، ووجدت دراسة أجريت في عام 1999 ان النساء اللواتي واجهن مرضهن بيأس وتسليم كن أكثر عرضة للموت. ويمكن فهم هذه التأثيرات من خلال اكتشاف أن التفاؤل في مواجهة المرض يساعد في افراز بعض الهرمونات، فاذا قلت هرمونات التوتر مثلا في الجسم فان هذا يقلل من خطر الاصابة بأمراض القلب. وقد أظهرت دراسة أجريت في كندا أن من واجهوا أول نوبة قلبية لهم بشجاعة كانوا أقل عرضة للاصابة بنوبة ثانية. ولكن العلاقة الدقيقة بين موقف المريض من مرضه وكيفية تطور ذلك المرض لا زالت غامضة. ويبقى الأمل والتفاؤل مرهونا بحب الانسان للحياة، فكلما كان هذا التماسك قويا وايجابيا كلما كان تأثير التفاؤل على الانسان ايجابيا.