إن المداومة على الأعمال الصالحات من صفات عباد الله المؤمنين { الذين هم على صلاتهم دائمون} { والذين هم على صلواتهم يحافظون}. وعلى العكس فإن أبعد الناس عن المداومة على الأعمال الصالحات هم المنافقون، وذلك لأنهم لا يرجون بأعمالهم رحمة الله سبحانه وتعالى بل يؤدون الشعائر الظاهرة أو بعضها ذراً للرماد في عيون الناس خشية أن يطلعوا على سرائرهم، وكما أن المنافق لا يحتمل مجاهدة النفس والتلذذ بحلاوة العبادة ومن الأسباب المعينة على المداومة على الأعمال الصالحات:
• العزيمة الصادقة على لزوم العمل والمداومة عليه مهما كانت الظروف والأحول، وهذا يستلزم مجاهدة العجز والكسل وحب الراحة والخمول بعد الاستعانة بالله تعالى.
• القصد في الأعمال وعدم الإثقال على النفس فإن ذلك أدعى للمداومة وأضمن لها، إذ أن النفس البشرية تركن إلى الراحة والدعة فمتى أثقل عليها الإنسان بأعمال ملت وانقطعت. ( قليل دائم خير من كثير منقطع). ولذا قال صلى الله عليه وسلم (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) – متفق عليه عن عائشة رضي الله عنها. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يملّ حتى تملوا) – متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الدين يسر ولن يشاد أحدٌ إلى غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) – البخاري .
ومن هذا يتبين ضرورة التدرج بالأعمال من الأسهل إلى ما هو فوقه، وليسلك طريق من يعينه على ذلك من إخوانه في الله يعينونه على الخير إذا تثاقل عنه أدائه، ويذكرونه إذا نسي، أو يستعين بزوجة صالحة تعينه على الخير وتدله عليه، ولنعلم أن الخير كل الخير في المداومة على الأعمال الصالحات، ولنعلم أن المداومة على الأعمال الصالحات سبب في محو الذنوب والخطايا، فإذا ارتكب العبد ذنباً أو خطيئة وجب عليه أن يستغفر ويتوب وأن يتبعها حسنة حتى تمحا تلك الخطيئة، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) – الترمذي وقال حديث حسن. ففي هذا الحديث أمر بتقوى الله سبحانه وتعالى في كل حين، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أنه لا بد وأن يصدر من بني آدم أخطاء وذنوب فأرشده إلى ما يمحو هذه الذنوب والخطايا