( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) .
السكون ، المودة ، الرحمة ، ثلاثة أسس متينة لحياة زوجية كريمة ، فلا صخب ، ولا عنف ، ولا قسوة .
هكذا هي نظرة القرآن الكريم ، مودة جاذبة ، ورحمة تعدِّل النسبة عند التقصير ، وسكون يبعث بالطمأنينة ، فينشر الهدوء .
وحيث أن الأمور تجري بأسبابها فإن زرع أسباب المودة والرحمة مسؤولية الزوجين معاً ، فلا ينتظران أن تنزل عليهما المحبة من السـماء إذا تنكرا للأسباب .
فهذه وصية الإمام زين العابديــن (ع) توضح لك معالم الطريق حيث يقــول : ( وأما حق زوجتك ، فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً ، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب ، فإن لها عليك أن ترحمها ، لأنها أسيرتك ) .
وعند الكشف عن حقيقة العلاقة يظهر أن المسألة تقوم على أساس الحقوق والواجبات ، فواجبات الزوجة حقوق الزوج وواجبات الزوج حقوق الزوجة.
واجبات الزوج
إن قانون الحياة قائم على أساس العطاء و الجناء ، فعندما تعطي الأرض بذراً تجني ثمراً ، وعندما تزرع المودة تجني الحب ، وعندما تغرس السكون تقطف الطمأنينة ، ويحكم هذا القانون التجانس بين البذر والثمر ، فمحال على من يزرع الشوك أن يجني العنب ، وعلى من يزرع القلق أن يجني غير التعب ، وهاك بعض الواجبات :
1- احترام الزوجة
قال رسول الله (ص) : من اتخذ زوجة فليكرمها .
و قال (ص) : أخبرني أخي جبرائيل ، ولم يزل يوصيني بالنساء حتى ظننت أن لا يحل لزوجها أن يقول لها ( أف ) يا محمد : اتقوا الله عز وجل في النساء فإنهن أسيرات بين أيديكم أخذتموهن على أمانات الله .
2- منحها الإحساس بوجودها
إن المرأة تمتلك كل مقومات الإنسانية ، فهي إنسان كما الرجل ، ولها مشاعرها الخاصة ، وبالتالي فإن تهميشها في شؤون الحياة الزوجية ، يعد قتلاً لمشاعرها وأحاسيسها ، ولذا فعليك أيها الزوج الكريم أن تستشيرها فيما تراه من شؤونها حتى ولو لم يكن من نيتك أن تعمل برأيها ، فهذا هو بُعد الحديث الذي يقول : ( شاوروهن وخالفوهن ) .
كما أن عليك أن تمنحها وقتاً للحديث فيما يصلح شؤون الأسرة ، فإنها تعتبر نفسها شريكاً في صنعها .
وتجنب ما يولد في نفسها الإحساس بالتهميش ، كتركها وحيدة أثناء قيامك بسهرات طويلة ، أو رحلات ترفيهية مثلاً .
3- منحها الإحساس بالأمان
إن المرأة تمتلك شعوراً وإحساساً قوياً بضرورة كونها محمية من قبل زوجها ، فإذا صار الزوج جلاداً ، صارت الأسرة ضحية .
إن القسوة في التعاطي لهي بذرة الشقاء و الشقاق ، كما أن اللين هو طريق الأماني و الأمان ، فلا تكن أيها الزوج العزيز جلاداً يرفع سياط التقريع ، فوق رؤوس من يَعُول ويحمي ، واعتبر بوصية أمير المؤمنين (ع) لابنه الحسن (ع) حيث يقول له : لا يكونن أهلك أشقى الخلق بك .
وامنحها الإحساس بوجودك إلى جنبها ، فإنها ترى فيك الكهف الذي تلجأ إليه في الشدة .
4- منحها التقدير المخلص
إن الزوجة هي الصديق الأقرب للزوج ، وليست مجرد وسيلة للمتعة فقط ، كما أنها ليس مجرد خادمة تطبخ وتغسل وتكنس وتنظف وغير ذلك ، وكأنها آلة لا تمل ولا تكل .
فلا تكن الزوج الذي يبخل بكلمة تقدير أو تشجيع على ما تقوم به الزوجة من إنجازات تقع تحت مسؤوليتها ، وكأنك تنتظر أن يأتي أحد من خارج المنزل ليقيِّم جهودها الخفية التي لا يطلع عليها أحد غيرك .
كما لا تبخل بكلمات الشكر على ما تقدمه لك ، ولو كان ذلك من مستوى تقديم القهوة أو الماء ، فإن ذلك لو فعله أحد أصدقائك لشكرته وأثنيت ، فكيف بزوجتك وهي أقرب أصدقائك إليك .
يحكى أن امرأة قروية كانت تصنع الطعام لرجال عشيرتها مدة عشرين عاماً دون أن تسمع منهم كلمة تقدير واحدة ، وذات يوم أبدلت الطعام بعلف للماشية ، وإذا بصرخات الغضب ترتفع في وجهها ، فقابلت تلك الصرخات بقولها : ما كنت أحسب أنكم تميزون بين الطعام والعلف ، فإني لم أسمع منكم طوال عشرين عاماً كلمة شكر تدل على إنسانيتكم .
فاعتبر أيها الزوج الكريم ولا تكن كأولئك القرويين ، تغض الطرف عن الجهود العظيمة ، وتنتقد أدنى خطأ أو تقصير .
5- تجنب الانتقادات اللاذعة
اعلم أيها الزوج العزيز أن كثيراً من الأزواج يظنون أن رجولتهم إنما تتجلى في اتخاذ المواقف القاسية مع زوجاتهم ، وهذا خطأ كبير .
فهذا أمير المؤمنين (ع) يقول لك : المرأة ريحانة وليست بقهرمانة .
وهذا رسول الله (ص) يقول لك : المرأة ضلع مكسور فاجبروه .
وهذا صادق آل محمد ينقل عن جده رسول الله (ص) قوله : إنما المرأة مثل الضلع المعوج ، إن تركته انتفعت به ، وإن أقمته كسرته .
واعلم أن نسبة كبيرة جداً من حالات الطلاق وتدمير الأسر سببه النقد اللاذع الموجه من أحد الزوجين إلى الطرف الآخر .
فإذا ابتليت بما يستوجب الإصلاح فلا تنس أن تستخدم في علاجك الأدوات القرآنيـة : ( المودة والرحمة ) .
6- الاهتمام باللَّفتات الصغيرة .
إن الكلمة الطيبة كالتحية الصباحية أو المسائية ، والهدية المتواضعة حتى ولو كانت من مستوى الوردة الواحدة ، وعبارات الود والمحبة هي مفتاح القلب ، وبذرة السعادة ، فعن رسول الله (ص) : ( قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً ) .
فليس من الحكمة أيها الزوج العزيز أن تغفل مثل هذه الأمور ، فإن إغفالها يحوِّل العلاقة الزوجية إلى علاقة ميكانيكية جوفاء تهتز عند أبسط الأمور .
7- حفظ أسرار الزوجة
إن إفشاء الزوج لأسرار زوجته يولد فيها الإحساس بالحذر وفقدان الثقة والطمأنينة ، مما ينعكس سلباً على أجواء الحياة الزوجية ، هذا فضلاً عن كونه محرَّماً شرعاً لما يستبطنه من خيانة أمانة ، وغيبة أو انتقاص .
ينقل عن بعض الصالحين حين أراد أن يطلِّق زوجته أنَّه سئل : أيُّ عيب رأيت منها تريد طلاقها من أجله ؟
فقال : إنَّ العاقل – في أيِّ وقت – لا يهتك زوجته .
ولما طلَّقها ، وانتهت عدَّتها ، وتزوَّجت آخر سُئِل : الآن وهي ليست زوجتك ، أي عيب كان فيها حتَّى طلَّقتها ؟
فقال : ما أنا وزوجة النَّاس ؟
معنى الهجران والضرب
قال تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً أن الله كان علياً كبيراً } النساء / 34 .
غالباً ما يتصور من يمر بهذه الآية المباركة أن ضرب الزوجة أمر مشروع ، وقد يذهب بتصوره إلى أبعد الحدود ، وهذا خطأ بالغ ، فإن الآية المباركة تتحدث عن مراحل إصلاحية تدرجية تصاعدية تبدأ بالموعظة ، وهي بعيدة كل البعد عن التشفِّي والانتقام .
فأما الهجران في المضاجع فمعناه كما عن الإمام الباقر (ع) : ( أن يحوِّل ظهره إليها ) .
وأما الضرب فيحدده الإمام الباقر (ع) بقوله : ( أنه يضربها بالسواك ) .
والسواك – كما هو معلوم – عود صغير يستخدم لتنظيف الأسنان ، لا يتجاوز حجمه حجم السيجارة .
فلا تذهب أيها الزوج الكريم إلى حدود بعيدة في معنى الهجران أو الضرب ، وتتصور أن الضرب مشروع بجميع أشكاله ، وأعلم أن الضرب أو اللطم إن كان في الوجه و نتج عنه احمرار أو اخضرار أو اسوداد ، فإن فيه الدية ، ودية الاحمرار دينار ونصف ، و الاخضرار ثلاثة دنانير ، والاسوداد ستة دنانير ، والدينار قطعة نقدية ذهبية ، تقارب ثلث الليرة الذهبية في أيامنا هذه .
عقاب الزوج السيئ
1- سوء الخلق مع الزوجة
عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال : أُتي رسول الله (ص) فقيل : إن سعد بن معاذ قد مات ، فقام رسول الله (ص) وقام أصحابه معه ، فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب ، فلما حنط وكفن وحمل على سريره تبعه رسول الله (ص) بلا حذاء ولا رداء ، ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ، ويسرة السرير مرة ، حتى انتهى به إلى القبر ، فنزل رسول الله (ص) حتى لحده ، وسوى اللِّبن عليه ، وجعل يقول ناولوني حجراً ، ناولوني تراباً رطباً يسد به ما بين اللِّبن ، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره ، قال رسول الله (ص) : إني لأعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه ، ولكن الله يحب عبداً إذا عمل عملاً أحكمه .
فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد : يا سعد هنيئاً لك الجنة .
فقال رسول الله (ص) : يا أم سعد ! مه لا تجزمي على ربك ، فإن سعداً قد أصابته ضمة ( أي ضغطة في القبر ) .
قال (ع) : فرجع رسول الله (ص) ورجع الناس ، فقالوا له : يا رسول الله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد ؛ إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء ؟
فقال (ص) : إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء ، فتأسيت بها .
قالوا : وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة ؟
قال (ص) : كانت يدي في يد جبرائيل (ع) آخذ حيث يأخذ .
قالوا : أمرت بغسله ، وصليت على جنازته ، ولحدته في قبره ، ثم قلت : إن سعداً قد أصابته ضمة ؟!
فقال (ص) : نعم إنه كان في خلقه مع أهله سوء .
2- ضرب الزوجة
– عن رسول الله (ص) : أيما رجل لطم امرأته لطمة ، أمر الله عز وجل مالك خازن النيران فيلطمه على حر وجهه سبعين لطمة في نار جهنم .
– وعنه (ص) أيضاً : أيما رجل ضرب امرأته فوق ثلاث ، أقامه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، فيفضحه فضيحة ينظر إليه الأولون والآخرون .
3- السماح للزوجة بالتبرج
– عن أمير المؤمنين (ع) : ( صيانة المرأة أنعم لحالها وأدوم لجمالها ، و ما من رجل تطلب منه زوجته الذهاب إلى العرسات وتطلب منه الثياب الرقاق فيجيبها إلا أكبه الله على وجهه في النار ) .
إن الغيرة على العرض خصلة من الخصال التي يحبها الله ورسوله ، كما في الحديث عن الإمام الصادق (ع) قال : أُتي النبي (ص) بأسارى فأمر بقتلهم خلا رجل من بينهم ، فقال الرجل : بأبي أنت وأمي يا محمد ، كيف أطلقت عني من بينهم ؟
فقال (ص) : أخبرني جبرائيل (ع) عن الله عز وجل أن فيك خمس خصال يحبها الله عز وجل ورسوله : الغيرة الشديدة على حرمك ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وصدق اللسان ، والشجاعة .
فلما سمعها الرجل أسلم وحسن إسلامه ، وقاتل مع رسول الله (ص) قتالاً شديداً حتى استشهد .
وينقل أن علياً (ع) دخل يوماً على فاطمة الزهراء (ع) فوجدها تنظف أسنانها بالسواك ، فوقف (ع) مخاطباً السواك الذي يؤخذ من شجر الأراك بقوله :
أيها الزوج العزيز لا تسمح لعينيك أن تنزلق عن هذين البيتين ، فتمر عليهما مرور الكرام ، بل توقف عندهما ، وتأمل ما فيهما من طيب كلام ، ومشاعر حب ، وغيرة ، وإخلاص …. وكأنهما يختصران كل ما تقدم من صفات ينبغي للزوج أن يتحلى بها في مجالات حياته الزوجية .
واجبات الزوجة
1- احترام الزوج
لقد شددت الشريعة المطهرة على احترام الزوجة لزوجها لدرجة أن النبي (ص) قال : لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
ثم إن احترام الزوج لا يقتصر على احترامه شخصياً ، بل يشمل احترام عمله ، واحترام والديه و أقاربه وأصدقائه ، وكل من يمت إليه بصلة ، فإن احترام هؤلاء هو احترام غير مباشر للزوج ، كما أن أذية هؤلاء تُعَدُّ أذية للزوج .
2- طاعة الزوج
عن أبي عبد الله (ع) أنَّه قال : إنَّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول الله (ص) خرج في بعض حوائجه ، فعهد إلى امرأته ألاَّ تخرج من بيتها حتَّى يقدم .
قال : وإنَّ أباها مرض ، فبعثت المرأة إلى رسول الله (ص) فقالت : إنَّ زوجي خرج وعهد إليَّ ألاَّ أخرج من بيتي حتَّى يقدم ، وإنَّ أبي قد مرض ، فتأمرني أن أعوده ؟
فقال رسول الله (ص) : لا ، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك .
قال : فثقل ، فأرسلت إليه ثانياً بذلك ، فقالت : فتأمرني أن أعوده ؟
فقال (ص) : اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك .
قال : فمات أبوها ، فبعثت إليه إنَّ أبي قد مات ، فتأمرني أن أصلِّي عليه ؟
فقال (ص) : لا ، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك .
قال : فدفن الرجل ، فبعث إليها رسول الله (ص) : إنَّ الله تعالى قد غفر لكِ ولأبيكِ بطاعتِكِ لزوجِكِ .
3- عدم تكليفه بما لا يطاق
قال رسول الله (ص) : لا يحل للمرأة أن تكلف زوجها فوق طاقته ، ولا تشكوه إلى أحد من خلق الله عز وجل ، لا قريب ولا بعيد .
و قال (ص) : ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من يفر من شاهق إلى شاهق ومن جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله ، قالوا : ومتى ذلك الزمان ؟ قال : إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله ، فعند ذلك حلت العزوبة ، قالوا : يا رسول الله أمرتنا بالتزويج ! قال : بلى ولكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يدي أبويه ، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده . قيل : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق حتى يوردوه موارد الهلكة .
4- اجتناب الانتقاد و الغيرة المفرطة
إن انتقاد الزوجة لزوجها فيما يتعلق بمظهره ، أو طريقة كلامه ، أو مشيته ، أو غيرها من سائر التصرفات يولد في نفسه شعوراً بالإحباط و الشقاء .
كما أن استخدام طريقة التحقيق معه ، أين ذهبت ؟ ومع من تحدثت ؟ ومن صادفت في الطريق ؟ ومع من جلست ؟ وماذا رأيت ؟ ولماذا تأخرت ؟ وغيرها من الأمور ، تولِّد حالة من النفور ، تنعكس سلباً على الأجواء الزوجية ، وربما تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه .
ولا بأس هنا من إيراد هذه الحادثة الطريفة التي حدثت في لندن و نشرتها إحدى الصحف :
قام رجل أتعبته وصايا زوجته العشر ، بجلد شريكة عمره بواسطة جذع نبتة اصطناعية ، بعدما منعته من مشاهدة مسلسل تلفزيوني ، تقوم ببطولته ممثلة جميلة ، فمزق الزوج قميص زوجته لكشف ظهرها ، قبل أن يتناول قضيب النبتة ، ويجلدها به .
ولم ينكر الزوج في المحكمة تهمة ضرب زوجته ، بل اعترف بها بكل فخر ، مع التشديد على أنه سيعيد الكرة مثنى وثلاثاً ورباع .. وخماساً إذا اقتضت الحاجة ، لأنها ( ما بتنحمل ) وهلكت نعمته بغيرتها غير المبررة .
وقال الزوج للقاضي : والله العظيم يا سيدنا .. طفح الكيل ، ولم أعد أحتمل .. إنها امرأة لا تطاق .. تصور أنها تمنعني من العمل وحيداً ، وتصر على مرافقتي إلى المنازل التي أقوم بتركيب الموكيت فيها ، حتى لا أنظر إلى صاحبة البيت أو إلى الخادمة أو إلى أية امرأة أخرى يمكن أن أصادفها خلال عملي .
وأضاف : تصور يا سيدنا أنها تحرِّم عليَّ مشاهدة البرامج التلفزيونية لحد المنع من استماع نشرات الأخبار إلا إذا كان قارئها رجلاً .
وعندما سأله القاضي عما إذا كان يملك إثباتاً ، سحب الزوج من جيبه لائحة الوصايا العشر التي أعدتها له زوجته ، وقرأها بصوت عال وسط قهقهة الحاضرين ، وجاء فيها :
1- ممنوع مشاهدة البرامج التلفزيونية التي تظهر فيها نساء جميلات .
2- ممنوع النظر إلى النساء في الحانات أو التحدث معهن .
3- ممنوع مشاهدة برامج تتضمن مشاهد مثيرة .
4- ممنوع العمل في منزل صاحبته عانس أو أرملة .
5- ممنوع السكن في منزل تكثر حوله النساء الجميلات .
6- ممنوع تلقي أي اتصال هاتفي من امرأة مهما كان السبب .
7- ممنوع الخروج من المنزل إلا للذهاب إلى العمل ، وممنوع مغادرة العمل إلا للعودة إلى المنزل .
8- ممنوع التحديق في وجوه النساء في الأماكن العامة ، ووجوب طأطأة الرأس في مثل هذه الحال .
9- ممنوع بتاتاً النظر إلى الملصقات الإعلانية المثيرة .
10- ممنوع الخروج من المنزل إذا كانت الجارات تسبحن في برك السباحة الموجودة إلى جانب منازلهن .
وبعد انتهاء الزوج من تلاوة وصايا زوجته العشر ، نظر إليه القاضي وسأله بغضب : ( كيف تمكنت أيها الإنسان من الانتظار طوال هذه المدة قبل أن تقصف عمرها ؟ ) .
ومن دون أن يفسح له فرصة لإعطاء الجواب صرخ ( براءة ) من أعماق قلبه .. ومشى وهو يقول : ( يحيا العدل ) .
والملاحظ هنا أن الدافع لهذه الوصايا ليس دينياً بل هو ناتج عن الغيرة المفرطة .
5- اجتناب النكد والعناد
إن النكد والعناد مسماران حادَّان يدقَّان في نعش السعادة الزوجية ، ويهرمان المرء ويشيِّبانه قبل أوانه ، وقد كان من دعاء النبي (ص) : ( أعوذ بك من امرأة تشيبني قبل مشيبي ) .
و في قصص الأنبياء عن أبي جعفر (ع) أنَّه قال : كان في بني إسرائيل رجل عاقل كثير المال ، وكان له ابن يشبهه في الشَّـمايل من زوجة عفيفــة ، وكان له ابنان من زوجة غير عفيفة ، فلمَّا حضرته الوفاة قال لهم : هذا مالي لواحد منكم .
فلمَّا توفي قال الكبير : أنا ذلك الواحد ، وقال الأوسط أنا ذلك ، وقال الأصغر أنا ذلك ، فاختصموا إلى قاضيهم ، قـال : ليس عنـدي في أمركم شيء انطلقوا إلى بني غنام الأخوة الثلاثة .
فانتهوا إلى واحد منهم فرأوه شيخاً كبيراً فقال لهم : ادخلوا على أخي فلان فهو أكبر منيِّ فاسألوه ، فدخلوا عليه فخرج شيخ كهل ، فقال : سلوا أخي الأكبر منِّي فدخلوا على الثالث فإذا هو في المنظر أصغر ، فسألوه أوَّلاً عن حالهم ثمَّ مبيناً لهم .
فقال : أمَّا أخي الذي رأيتموه أوَّلاً فهو الأصغر ، وله امرأة سوء وقد صبر عليها مخافة أن يبتلى ببلاء لا صبر له عليه فهرَّمته .
وأما أخي الثاني فإنَّ عنده زوجة تسوؤه وتسرُّه ، فهو متماسك الشَّباب ، وأمَّا أنا فزوجتي تسرُّني ولا تسوؤني ، ولم يلزمني منها مكروه قطُّ منذ صحبتني ، فشبابي معها متماسك ، وأمَّا حديثكم الذي هو حديث أبيكم فانطلقوا اوَّلاً وبعثروا قبره واستخرجوا عظامه وأحرقوها ثمَّ عودوا لأقضي بينكم .
فانصرفوا فأخذ الصبيُّ سيف أبيه وأخذ الأخَوَان المعاول ، فلمَّا همّا بذلك قال لهم الأصغر : لا تبعثروا قبر أبي ، وأنا أدع لكم حصَّتي ، فانصرفوا إلى القاضي ، فقال: يقنعكما هذا ائتوني بالمال ، فقال للأصغر : خذ المال فلو كانا ابنيه لدخلهما من الرِّقة ما دخلك .
6- تشجيع الزوج
كم من امرأة حطمت زوجها ، بسوء تصرفاتها ، وقتلت طموحه ، وزرعت في قلبه الوهن و الفشل ، وكم من امرأة صنعت من زوجها رجلاً تاريخياً ، حتى قيل : إن وراء كل رجل عظيم امرأة .
فهذا سيد العظماء محمد (ص) كان يواجه في بداية دعوته المآسي و المحن و الصعاب بقلب ثابت ، وعزم ثاقب ، وكانت من خلفه خديجة (رض) تمنحه الدعم والتشجيع ، فتقول : ( يا رسول الله ثابر على ما نهضت به ، فان الله ناصرك ، وخاذل أعداءك ) .
وبعد رحيلها عن دار الدنيا كان النبي (ص) يذكرها ويبكي ويقول : خديجة وأين مثل خديجة ، صدّقتني حين كذّبني الناس ، وآزرتني على دين الله وأعانتني بمالها ، إن الله عز وجل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد لا صخب فيها ونصب .
وصية أم لابنتها
لمَّا خطب عمرو بن حجر الكنديِّ إلى عوف بن محلم الشيباني ابنته أم إياس وأجابه إلى ذلك ، أقبلت عليها أمُّها ليلة دخوله بها توصيها ، فكان ممَّا أوصتها به أن قالت : أي بنيَّة إنَّك مفارقة بيتك الذي منه خرجتِ وعيشك الذي منه درجتِ إلى رجل لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فكوني له أمة ليكون لك عبداً واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً :
فأمَّا الأولى والثانية : فالرِّضا بالقناعة وحسن السمع له والطاعة .
وأمَّا الثالثة والرابعة : فالتفقُّد لمواقع عينيه وأنفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشمَّ أنفه منك إلاَّ أطيب الرِّيح .
وأمَّا الخامسة والسادسة : فالتفقُّد لوقت طعامه ومنامه ، فإنَّ شدَّة الجوع ملهبة، وتنغيص النَّوم مغضبة .
وأمَّا السابعة والثامنة : فالإحراز لماله ، والإرعاء على حشمه وعياله ، فالأولى من حسن التقدير والثانية من حسن التدبير .
وأمَّا التاسعة والعاشرة : فلا تعصي له أمراً ولا تفشي له سرّاً ، فإن خالفتِ أمره أوغرتِ صدره ، وإن أفشيتِ سرَّه لم تأمني غدره .
وإيَّاك الفرح بين يديه إذا كان مغتمّاً ، والكآبة لديه إذا كان فرحاً ، فإن الخصلة الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير .
وكوني أشد الناس له إعظاماً يكن أشدهم لك إكراماً ، واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك ، وهواه على هواك ، فيما أحببت وكرهت ، والله يخير لك .
فقبلت وصيَّة أمِّها ، فأنجبت وولدت له الحرث بن عمرو جدَّ امرئ القيس الملك الشاعر .
خير النساء وشر النساء
ورد عن رسول الله (ص) أنه قال : إن خير نسائكم الولود ، الودود ، العفيفة ، العزيزة في أهلها ، الذليلة مع بعلها ، المتبرجة مع زوجها ، الحصان على غيره ، التي تسمع قوله وتطيع أمره ، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ، ولم تبذل كتبذل الرجل .
ثم قال : ألا أخبركم بشرار نسائكم ؟ الذليلة في أهلها ، العزيزة مع بعلها ـ العقيم الحقود ، التي لا تورع من قبيح ، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها ، الحصان معه إذا حضر ، لا تسمع قوله ، ولا تطيع أمره ، وإذا خلا بها تمنعت منه ، كما تمنع الصعبة من ركوبها ، لا تقبل له عذراً ولا تغفر له ذنباً .
وعنه (ص) : ما استفاد امرؤ فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله .
نساء قادرات تتظاهرن بالعجز
يحكى أنه : نشب خلاف بين رجل وزوجته ، فخشيت المرأة أن يعمد زوجها إلى طلاقها ، فذهبت إلى حكيم مجرب ، وطلبت منه أن يكتب لها كتاباً أو يصنع لها حجاباً يعيد إليها محبة زوجها ، فطلب الحكيم منها أن تحضر له سبع شعرات من شارب الضبع ليصنع بها حجاباً لها ، فمضت المرأة ورجعت إليه بعد عشـرة أيام ومعها الشـعرات التي طلبـها ، فقال لها : وكيف حصلت عليها ؟
فقالت : حملت كمية من اللحم ، وتوجهت إلى خربة كنت أعلم أنه يعيش هنالك ضبع عتيق ، وعندما اقترب مني رميت له قطعة اللحم فالتهمها ، ولقد أعدت الكرة ستة أيام ، وفي اليوم السابع كان الضبع قد تعود عليَّ فاقتربت منه ، ورحت أناوله اللحم ، وأداعبه بالمسح فوق جبينه وتحت ذقنه حتى أسلم نفسه لنوم عميق على ركبتي ، فمددت يدي إلى شاربيه وقلعت شعراته .
فقال الرجل : ويحك إن كنت تستطيعين تنييم الضبع على ركبتيك ، فكيف تعجزين عن تنييم زوجك على مخدتك .
عقاب الزوجة السيئة
ينقل أن الحولاء ( وهي امرأة من أحسن أهل زمانها ) كانت قد أغضبت زوجها وحاولت أن تسترضيه فلم يرض ، فتوجهت إلى دار رسول الله ، وقصت عليه القصة ، فكان مما قال (ص) لها :
1- يا حولاء ما من امرأة ترفع عينها إلى زوجها بالغضب إلا كحلت برماد من نار جهنم .
2- يا حولاء ما من امرأة ترد على زوجها إلا علقت يوم القيامة بلسانها وسمرت بمسامير من نار .
3- يا حولاء ما من امرأة تخرج من بيتها بغير إذن زوجها تحضر عرساً إلا أنزل الله عليها أربعين لعنة عن يمينها وأربعين لعنة عن شمالها ، وترد اللعنة من قدامها فتغمرها .
4- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ، خليفة الله جل ذكره الرجل على المرأة ، فإن رضي عنها رضي الله عنها ، وإن سخط عليها ومقتها سخط الله عليها ومقتها وغضب عليها وملائكته .
5- يا حولاء لا تبدي زينتك لغير زوجك فإنه لا يحل لامرأة أن تظهر معصمها وقدمها لرجل غير بعلها ، وإذا فعلت ذلك لم تزل في لعنة الله وسخطه ، وغضب الله عليها ولعنتها ملائكة الله .
6- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً لقد بعثني ربي المقام المحمود ، فعرضني على جنته وناره ، فرأيت أكثر أهل النار النساء ، فقلت : حبيبي جبرائيل ولم ذلك ؟ فقال : بكفرهن . فقلت : يكفرن بالله عز وجل ؟ قال : لا ، ولكنهن يكفرن النعمة ، فقلت : وكيف ذلك ؟ فقال : لو أحسن إليها زوجها الدهر كله ، ثم يبدو منه إليها سيئة ، قالت : ما رأيت منه خيراً قط .
و قد ورد عن رسول (ص) أيضاً : من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر … وعلى الرجل مثل ذلك الوزر إذا كـان مؤذياً ظالماً .
ثواب الزوجة الحسنة التبعل
عن رسول الله (ص) :
1- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً كل امرأة صبرت على زوجها في الشـدة والرخاء ، وكانت مطيعة له ولأمره ، حشـرها الله تعالى مع امرأة أيوب .
2- يا حولاء ما من امرأة تستخرج ماء طيب لزوجها ، إلا خلق الله لها في الجنة من كل لون ، فيقول لها : كلي واشربي بما أسلفت في الأيام الخالية .
3 – يا حولاء ما من امرأة تحمل من زوجها كلمة إلا كتب الله لها بكل كلمة ما كتب من الأجر للصائم المجاهد في سبيل الله عز وجل .
4- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ومبشراً ونذيراً ، ما من امرأة تحمل من زوجها ولداً إلا كانت في ظل الله عز وجل حتى يصيبها طلق ، يكون لها بكل طلقة عتق رقبة مؤمنة ، فإذا وضعت حملها وأخذت في رضاعه ، فلها بكل رضعة نور ساطع بين يديها يوم القيامة ، يعجب من رآها من الأولين والآخرين ، وكتبت صائمة قائمة ، وإن كانت مفطرة كتب لها صيام الدهر وقيامه ، فإذا فطمت ولدها قال الحق جل ذكره : يا أيتها المرأة قد غفرت لك ما تقدم من الذنوب ، فاستأنفي العمل .
وقد ورد عن رسول الله (ص) أيضاً : أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام ، أغلق الله عليها سبعة أبواب النيران ، وفتح لها أبواب الجنان الثمان ، تدخل من أيها شاءت .
وعنه (ص) أيضاً : من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية بنت مزاحم.
وفي الحديث : ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيراً لها من عبادة سنة .
موضوع رائع و ممتــــاز
شكرا جزيلا لك
دعواتي لك
بوركت …تقبل مروري