قد يَحزنني ويُشجيني رؤية بعض بنات المسلمين اللواتي حِدْنَ عن طبعهنَّ وجِبلتهنَّ ، ولجَجْنَ في مستنقعات التبرج والتعري ، وقد أقبلن على هذه الشبكة الإنترنيتية ، يجُلنَ ويصُلنَ في غرف الدردشة ، أو ما يسمى بـ( الشات) ، وتخفُّ وطأة حزني وشجني لعلمي بأنهنّ قد تمردن على الله بنزع حجابهنّ واستئصال بِذرة الحياء من قلوبهنّ ، فلا عجب إن ولجْنَ إلى هذه الغرف الساقطة الداعية إلى الزنا والخنا جهرا ، ولكن المصيبة التي لا عزاء لها ،أو التي لا سلْوَ عنها ، هي انكباب بعض من بنات المسلمين ، بارتيادهنّ لهذه المواقع الخبيثة ، فنجدهنّ يُحادثن مَن هبّ ودبّ من الرجال أو من الفتيات المنغمسات في الرذيلة
فنجد إحداهنّ تكالم الشباب ، وتارة تضاحكهم وأخرى تغازلهم ، والتي يعتقدها أبوها وأخوها أو زوجها مثال البنت أو الأخت أو الزوجة المستقيمة التي تغدو في حجابها وتروح في سترها ، ولكن إذا اخْتَلَتْ مع نفسها أمام الجهاز جلست واستأنست ، حتى لم يتبقى من عفتها إلا ذلك الخمار الأسود الذي تتبجّح به في غدواتها وروحاتها ،أو ذاك الإسدال و النقاب ، الذي يُنبئ عن حياءٍ منقوبٍ و عفةٍ مثلومةٍ .
نعم أختاه … مظاهر العفاف ومعالم الطهر أمر مطلوب ومرغوب ، بل إنه لواجب وبأمر الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولكن بفعلك هذا وتصرفك هذا , هل معنى الحجاب والنقاب قد استقر في القلب و استوطن سويداءه ؟
إن كانت الاجابة بنعم فنحن نريد البرهان على ما تقولين !
إن كان البعض من بنات ديني قد انحرفوا عن جادة الصواب فهناك الكثيرات منهنّ ملتزمات بأمر الله عز وجل والحمد لله, وهؤلاء هنّ مستثنيات من بحثي هذا , ولا أعني إلا اللواتي تفيأن من الإسدال بوارف الظلال ، والتي رأت في الخمار خير دثار ، والتي أربت عليه بالنقاب…. إذا خرجت أمام الناس مشت باستحياء ، وإذا جلست أمام الجهاز في الخلاء ، أراقت ماء الحياء ، وإلى الله نبث الشكوى من هذا البلاء !
بينما تجدهن يتذرعن بأسباب واهية ، تدل على وهاء إيمانهن ووهنه ، كقولها : إنما أسعى وراء أخ يكون لي زوج الغد ، و ما شاكل هذه التخريفات ، وإن قلتَ لها : هل إذا تزوجت بهذه الوسيلة الرخيصة ، ترضين لبناتك أن ينتهجن نهجك ويتزوجن بنفس الوسيلة ؟
فلن تراها إلا وقد طأطأت رأسها ورمقت الأرض بعيون حائرة ، ولم تجد جوابا !
فلكل أمر باب ، وقد قال الله تعالى في محكم تنزيله الكريم في سورة البقرة 188:
" وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهروها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها و اتقوا الله لعلكم تفلحون "
ورحم الله من قال :
إذا أنت أتيت الأمر من غير بابه
ضللت وإن تقصد الباب تهتدي
وما هذه إلا زفرة مكلوم ،وأنةَ محزون ، ونفثةَ مصدور ، قد شاقه ما يرى بين صفوف المحسوبات على التديُّن والاستقامة ، حتى بلغ الأمر مبلغًا يُدمي القلب ويهزُّ الأحشاء ، فكيف بتلك الأخت المتعففة المتحصنة ؟والتي لم ترقب في أبوها و أخوها ولا زوجها ذماما ، ولا حتى استحضرت عظمة الله عز وجل بفعلتها ، وهي تجول وتصول في المنتديات و غرف الشات والماسنجر ،وكلّ همّها شابٌّ تحصلُ على إيميله ، ومن ثمّ تسامره في غفلة عن أبوها واخوها أو من زوجها ، وهذه قصة فتت في كبدي وكبد كلّ غيورٍ على نساء الأمة ، وأوهنت عضدي وعضد كل مسلم يؤمن بقول الله عزوجل: " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون "
سأحكيها ولعلّ فيها عبرة لمعتبر ….
قال لي صديق أنّ أحد الشباب ممّن غرّر بهم شيطان الشات والماسنجر :
كنت في كل يوم أَطوَّف في المنتديات الإسلامية _ كما يسمونها _ وأجمع إيميلات الأخوات المشاركات في هذه المنتديات…. وأغلبهن يفرحن بهذا و يردنه
،وذات ليلة في إحدى المنتديات الكبرى المشهورة… ظفرت بإيميل لإحداهن ، ثم أخذت أتكلم معها في مواضع مفيدة … وبهكذا يبدأ الشيطان ومن باب طلب العلم والإفادة يستدرج الغافلين عن ذكر الله عز وجل وأنا واحد منهم .
ولكن ما حدث أن تغير مجرى الحديث بيننا في مسائل أستحيي من ذكرها…. وقد علمت من خلال حديثي معها أنها مُنتقبة ، وطلبتُ منها أن أنظر إليها ففعلت ، ثم أخذنا الكلام ، ولا أخفيك الأمر أني صعقت بصاعقة قصمت ظهري ، فلقد كنت أحادث فتاة متزوجة وزوجها نائم قربها ، وهي في غرفة النوم أمام هذا الجهاز الملعون تبحث عمن يؤانسها ، ومنها عرفت أنّ زوجها يأتي متعبًا من العمل .. فيحيد عن مسامرتها ومؤانستها … ليُشبع عينيه نوما قد حرمه جهد العمل إياه ..،فلم أجد إلا أن أطفئ الجهاز ، حرصًا مني على عدم تماديها في هذه الخيانة التي أخشاها لأختي أو لزوجتي إذا صرت إلى ما صارت إليه ،و قد اعترتني دهشة مشوبة بحسرةٍ وحزنٍ مما رأيت وسمعت … ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم .
وقد حكى لي صديقي عن صاحبه التائب ..قصص مُفجعات و مُبكيات و مُخزيات
نسأل الله الثبات ، وأن يحفظ بنات المسلمين … آمين . منقول للفائدة