فقد انتشرت في زماننا وقد تكون في كثير من البلدان ظاهرة خطيرة من الظواهر التي تجلب العقاب الجماعي على الأمة مثلها مثل الربا ، ومنع الزكاة ، وغير ذلك .
تلك الظاهرة هي: نقص الكيل والميزان بأشكاله المتعددة؛ ففي بعض البلدان تقوم الكثير من محطات البترول عند تعبئة خزانات السيارات بإنقاص التعبئة عن المبلغ المطلوب بفلسات أو قروش قلت أو كثرت حرصا منهم حتى لا يسهو أحدهم فيصب في السيارة أكثر من المبلغ المطلوب! مع العلم أن بإمكانه أن يضبط عداد التزويد الآلي وتنتهي المشكلة … لكنها الرغبة في السرقة تحت عنوان "نقص الكيل والميزان" .
ومثال آخر في البلدان التي يبيعون فيها الدجاج الطازج الذي يذبحه البائع وينظفه أمامك ، فناهيك عن كثير من الغش والخداع عند البعض حيث يعمد—دون علمك—إلى إبدال ما اخترته أنت من دجاج بآخر مريض أو ميت مذبوح وموضوع بالداخل قريب من يد المنظف يبدله لك في غفلة منك .
وفوق كل ذلك تأتي الظاهرة الخطرة ألا وهي "نقص الكيل والميزان" حيث يعمد المورد إلى التلاعب في وزن الأقفاص ، ويعمد بائع التجزئة إلى الغش في الميزان بأساليب كثيرة منها كما نشر في الإعلام وضع مغناطيس تحت كفة الميزان فإلى الله الشكوى والله المستعان .
فهذه أيها الأخوة بعض المعاصي العامة التي يجب التصدي لها كل على مقدرته ، بالتوعية والنصح والمراقبة والحرص والتواصي بالمعروف والنهي عن المنكر درءا لعقاب الله على الأمة بكاملها ، فيكفينا ما نحن فيه من بلاء أفلا نرفق بأنفسنا ؟
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ :
" يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا ، بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ ، الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ "السلسلة الصحيحة وصحيح الترغيب.
السنين : أعوام القحط
فِي الحديث أَنَّ نَقْصَ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ سَبَبٌ لِلْجَدْبِ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ السَّلَاطِينِ وفِيهِ أَنَّ مَنْعَ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِمَنْعِ قَطْرِ السَّمَاءِ وفِيهِ أَنَّ نُزُولَ الْغَيْثِ عِنْدَ وُقُوعِ الْمَعَاصِي إنَّمَا هُوَ رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَهَائِمِ .فاحذروا من التطفيف في الكيل والوزن ، لما في ذلك من الظلم والعدوان وأكل أموال الناس بالباطل عن طريق التطفيف وبخس الكيل والوزن .فما أُهلِكت الأمم وحلت بهم المثلات : من إغراق قوم نوح بالطوفان ، وتدمير الريح العقيم لعاد ، ولا أُخمدت ثمود في ديارهم بالصيحة التي أخمدتهم في مساكنهم، وما أُغرق فرعونُ وقومُه في البحر ، وما قُلبت ديار قوم لوط وجُعِل عاليها سافلها ، وما أُخِذ غيرُهم من الأمم التي دمر الله عليهم إلا بمعاصيهم ومخالفتهم رسلهم والتمادي في ما نهوهم عنه .
وكما أن كل فساد ونقص في الأرض مطلقاً سببه المعاصي ، فكل خير ونمو وبركة وإجابة دعوات ودفع نقمات وإعطاء طلبات فإنما سببه تقوى الله تعالى والقيام بأوامره والإنزجار عن محارمه والاتعاض بمواعظه وأداء فرائضه ، قال الله تعالى : ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً ، وإذاً لآتيناهم من لدُنا أجراً عظيماً ولهديناهم صراطاً مستقيماً ) .
نسأل الله تعالى أن يرفع عن أمتنا البلاء والمحن وأن يرد المسلمين إلى دينهم ، وأن يفرج كرب الأمة ويعيد لها عزها ومكانتها وينصرها نصرا عزيزا مؤزرا إنه ولي ذلك وأهله.
اخوكم رزقي