بالأعتماد على الأشياء الموجودة خارجاً ، تسقط الموجات الضوئية عن الظلام ، و أما المخاريط فتتحسس الألوان .
بالاعتماد على الأشياء الموجودة خارجاً ، تسقط الموجات الضوئية المختلفة على الشبكية لنعود إلى مثال الصديقين و نفترض أن أحدنا هو الذي رأى صديقه . تعكس بعض قسمات .
القرنية و القزحية :
القرنية هي إحدى المكونات الأربعين الأساسية للعين ، و هي طبقة شفافة مكانها في مقدمة العين . تسمح القرنية للضوء بالمرور عبرها تماماً كما يسمح زجاج النافذة بذلك . ليس مصادفة أن يكون المناسب تماماً ، أي في السطح الأمامي من العين ، أما القزحية فتعطي للعين لونها و هي موجودة خلق القرنية تماماً . تنظم القزحية كمية الضوء الواردة إلى العين عن طريق تقلص و توسع بؤبؤ العين ـ الفتحة الدائرية في الوسط يتقلص البؤبؤ في الضوء بالدخول إلى العين . ثم اعتماد هذا المبدأ في الكاميرات لتعديل الضوء الوارد ، إلا أنها تبقى بعيدة عن ميزات العين الحقيقية .
تعمل عين الإنسان من خلال التنسيق بين أربعين من المكونات المختلفة ، وغياب واحدة من هذه المكونات يجعل العين عاطلة عن العمل . على سبيل المثال : عند غياب إحدى الغدد الدمعية تجف العين وتتوقف عن العمل . هذا النظام المعقد لا يمكن تفسيره عن طريق التطور التدريجي كما يدعي التطوريون ، مما يعني أن العين قد ظهرت للوجود بشكلها المكتمل منذ اللحظة الأولى ، أي : إنها خلقت خلقاً .
و جهه كثافات مختلفة من الضوء على الشبكية . على سبيل المثال : تعكس القسمات الأكثر قتامة مثل الحاجبين ، الضوء بكثافات منخفضة ، بينما تتلقى الخلايا المجاورة في الشبكية كثافات ضوئية أقوى من جبين الصديق . وهكذا تعكس قسمات الوجه موجات مختلفة الكثافات على الشبكية .
ولكن ما هي المثيرات التي تخلقها هذه الموجات ؟ الجواب على هذا السؤال في الحقيقة ليس سهلاً . للتوصل إلى الإجابة علينا التأمل في التصميم المعجز للعين .
كيمياء الرؤية :
عندما تصل الفوتونات إلى العين ، تبدأ سلسلة من التفاعلات الكيميائية على مبدأ الدومينو .
القطعة الأولى من هذا الدومينو هو جزئ يطلق عليه cis-retinal-11 و هو جزيء حساس للفوتونات عندما يصل الفوتون إلى هذا الجزيء يتغير شكله ، مما يؤدي إلى تغير في شكل بروتين الريدوسين rhodopsinالذي يرتبط به بإحكام .
يتخذ بروتين ريدوسبين rhodopsin بعد ذلك شكلاً يسمح له بالالتصاق مع بروتين آخر في الخلية يطلق عليه ترانسدوسين trnsducin و قبل أن يتفاعل ترانسدوسين مع الريدوسبين يرتبط مع جزيء آخر يدعى gdpK عندما يتصل ترانسدوسين مع الرودوسبين يحرر جزيء gdp و برتيط مع جزيء آخر يطلق عليه GTP لهذا السبب تسمى هذه العقد المتشلكة من بروتينين : الرودوسبين و ترانسدوسين و جزيء كيميائي أصغر Gtp بـ Transducinrhodopsin Gtp ..
و الآن يرتبط هذا الأخير بسرعة مع بروتين آخر في الخلية يدعى phosphodiesteraseو هذا يمّكن البرويتن phosphodiesterase من تفكيك بروتين آخر في الخلية يدعى cgmp يتناقص تركيز cgmp في الخلية بشكل مفاجيء ، لأن هذه العملية تأخذ مكانها بين الملايين من البروتينات .
كيف تساهم كل هذا في عملية الرؤيا ؟ تقدم السلسلة الأخيرة في هذا التفاعل الجواب . يؤثر انخفاض تركيز cgmp على قنوات الأيونات في الخلية . قناة الأيون هذه هي بنية مؤلفة من بروتينات تنظم أيونات الصوديون في الخلية . في الحالات العادية تسمح هذه القناة لأيونات الصوديوم بالتدقيق إلى الخلية ، بينما يقوم جزيء آخر بطرح الأيونات الزائدة للحفاظ على التوازن . و عندما ينخفض عدد جزئيات cgmp ينخفض أيضاً عدد أيونات الصوديوم ، يؤدي هذا إلى اختلال في توازن الشحنات عبر الغشاء ، مما يثير الخلايا العصبية المرتبطة مع هذه الخلايا ، ليتشكل ما نطلق عليه " النبضات الكهربائية " . تحمل الأعصاب النبضات إلى الدماغ و هناك تحدث الرؤيا .
باختصار يلمس الفوتون الواحد خلية واحدة و عبر سلسلة من التفاعلات تتولد عن الخلية نبضة كهربائية . تتغير الاستثارة حسب طاقة الفوتون ،أي شدة الضوء . الحقيقة المذهلة هنا هي أن كل هذه العمليات تتم بأقل من 1/1000 من الثانية . و تقوم بروتينات متخصصة أخرى داخل الخلية بإعادة العناصر المتحولة مثل cis-retinal-11 , trnsducin, rhodopsin إلى حالتها الأصلية .
تستقبل العين باستمرار شلالات من الفوتونات المتواصلة ، و من خلال التفاعلات الكيميائية التي تتم داخل الخلايا الحساسة تتمكن العين من الإحساس بكل فوتون من هذه الفوتونات [1].
آلية الرؤيا في الحقيقة أشد تعقيداً مما ذكر في هذه الأسطر القليلة ، مع ذلك يكفي هذا الموجز للدلالة على الخلق المعجز للعين . إنها تحمل تصميماً في غاية الدقة و الاتقان ، تفاعلات كيميائية بسلاسل متواصلة أشبه ـ تعالى خلق الله و قدرته ـ بلعبة الدومينو التي ذكرها جنيس في كتابه (يرد هذا التشبيه فقط للتقريب ) إذ يمكن أن تنهار سلسلة من آلاف أجهزة القطع بلمسة واحدة فقط للقطعة الأولى . في بعض الأماكن من سلسلة الدومينو يم تركيب أجهزة لتبدأ سلسة جديدة من التفاعلات مثل الرافعة التي تحمل قطعة إلى مكان آخر و تسقطعا في المكان المناسب لبتدأ مرة أخرى سلسلة جديدة من التفاعلات.
بالطبع لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يفكر أن هذه القطع قد أخذت مكانها عن طريق المصادفة كأن تكون قد جلبتها الرياح أو أتت مع الطوفان أو نتجت عن هزة أرضية . من الجلي بالنسبة للجميع أن كل قطعة من هذه القطع تم وضعها في امكانها بحذر شديد و دقة متناهية .
كذلك تذركرنا سلسلة التفاعلات الكيميائية في العين أن كلمة مصادفة لا تعدو عن كونها ضرباً من الهراء . ليس لنا أمام هذا النظام المبدع باجزائه المختلفة و المرتبة وفق نظام معين لبؤدي وظائف محددة من خلال سلاسل متوازنة لا تقبل الخلل .، يعلق عالم الأحياء ميكائيل بيهي على كيميائية العين و نظرية التطور من خلال كتابه " صندوق داروين الأسود :
" لم يستطع دارون في القرن التاسع عشر تفسير عملية الرؤية ،و لا تفسير تشريح العين ، أنه لا يمكن تفسير هذا بالمنطق التطوري . أن الشروح التي قدمتها نظرية التطور في هذا الخصوص ضحلى و قاصرة في تفسير العمليات المعقدة العديدة التي تحدث في العين إلى درجة أنه يصعب حتى كتابتها [2]:.
ما بعد الرؤية :
تحدثنا حتى الآن عن فوتونات الاتصال الأولى التي تنعكس عن جسم الصديق إلى عين الرجل ، و أن خلايا الشبكية تولد إشارات كهربائية من خلال عملية كيميائية معقدة . تم تسجيل تفاصيل في هذه الإشارات مثل وجه الصديق ، جسمه ، لون شعره ، حتى العلامة المميزة الصغيرة الموجودة في وجهه. و الآن يجب أن تنقل هذه الإشارة إلى الدماغ .
تدخل الخلايا العصبية المستثارة من قبل جزيئات الشبكية بتفاعلات كيميائية من نوع آخر .
عندما تستثار الخلية العصببية يتغير شكل جزئيات البروتين الموجودة على السطح ، مما يعوق حركة ذرات الصوديوم ذات الشحنة الإيجابية . تولد الحركة المتغيرة للذرات المشحونة كهربائياً اختلافاً في فولتاج الخلية ، و هذا يولد بدوره إشارة كهربائية ، تصل الإشارة إلى رأس الخلية العصبية بعد أن تقطع مسافة أقل من 1سم ، ولكن تبقى هناك ثغرة بين خليتين عصبيتين و على الإشارة الكهربائية أن تقطع هذه الثغرة ، وهذه مشكلة . تحمل كيميائيات معينة تواجد بين الخليتين العصبيتين هذه الإشارة ، بهذه الطريقة تقطع الرسالة حوالي 4/1 إلى 5/1 الميلمتر ، و تستمر الرسالة بالانتقال من خلية عصبية إلى أخرى إلى أن تصل في النهاية إلى الدماغ .
تحمل هذه الإشارة إلى مركز الرؤيا الدماغ . يتألف مركز الرؤيا في الدماغ من عدة مناطق تتوضع كل منها فوق الأخرى ، بسمك 2.5سم و 13.5 متر مربع مساحة ، كل واحدة من هذه المناطق تحمل حوالي 17 مليون خلية عصبية . تستقبل المنطقة الرابعة الإشارات القادمة أولاً ، و بعد تحليل أولي تقوم بنقل المعلومات إلى المناطق الأخرى . في أي طور من الأطوار يمكن لأي خلية عصبية أن تتلقى الإشارة من أي خلية أخرى .
بهذه الطريقة تتشكل صورة الرجل في مركز الرؤيا في الدماغ . والآن يجب أن تتم مقارنة الصورة بخلايا الذاكرة ،و هذا يتم بسهولة أيضاً دون إعفال أي تفصيل مهما كان دقيقاً حتى لو بدا وجه الصديق أكثر شحوباًُ مما كان عليه عادة ، فإن الدماغ يبدي تساؤلاً : " لماذا يبدو وجه صديقي شاحباً جداً اليوم ؟ .
المصدر : كتاب هارون يحيى التصميم في كل مكان .
شكرا لك أخي على هذا الموضوع النافع
يقول الله تعالى :
" و في أنفسكم أفلا تعقلون "
وجب علينا أن نشكر الله تعالى على جميع نعمه
الحمد لله و خصوصا نعمة البصر الحمد لله
شكرا لك أخي و جزاك الله الجنة ننتظر منك المزيد
بارك الله فيك على الطرح القيم