تخطى إلى المحتوى

إشراقات إيمانية مع ألآيات القرآنية 2024.

قال الله جل وعلا:
(قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
[الأنعام:11].

والسير في الأرض إما بالأبدان، وإما بالقلوب والأبدان. فإذا سار الإنسان في الأرض ببدنه لا بقلبه فقد تقر عينه بما ترى، ولكنه لا ينتفع، وأما إذا سار ببدنه وقلبه انتفع فذوو الأبصار والألباب المحمودون والممدوحون شرعاً يسيرون في الأرض بقلوبهم وأبدانهم، وهذا السير هو المقصود في الخطاب الشرعي هنا،
حيث قال تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ [الأنعام:11]، أي: بقلوبكم وأبدانكم ثُمَّ انظُرُوا بأبصاركم كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ .
فإذا نظرتم بأبصاركم وقلوبكم اعتبرتم بما رأيتم،
والله تعالى قد قال: وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ [الحجر:76]، فذكر قوم لوط وأنهم أهلكوا، وقوم صالح وأنهم أهلكوا، ثم بين أن آثارهم ما زالت بطريق مقيم، أي: ما زالت باقية، مع أنه تعالى أذهب آثار بعض الأمم بالكلية ليظهر من ذلك عظيم قدرته، فكم من أمم ذكرها الله في القرآن لا نعلم أين كانت ولا نرى لها أثراً، وكم من أمة في القرآن ذكرها الله جل وعلا ما زالت آثارها باقية،
ولهذا قال الله: مِنْهَا قَائِمٌ [هود:100]، يعني: منها ما زال قائماً، كآثار ثمود والبحر الميت الذي كان موضع قرى قوم لوط وَحَصِيدٌ [هود:100] أي: لم يدل عليه أثر. والمقصود من الآيتين: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الأنعام:10-11]، تعليم النبي صلى الله عليه وسلم ذكر العظة والاعتبار وتسليته، وهذه مقاصد شرعية تناولها القرآن واعتنى بها، ومن ذلك تعليم هؤلاء المخاطبين الأولين بالقرآن وهم كفار قريش بنحو قوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الأنعام:11]. ……

والعاقل من اتعظ بغيره ممن غلب عليهم الكبر وطغى عليهم العناد وبقي فيهم الشك والريب لأمور تختلف عواملها من شخص إلى آخر يجمعها كلها ما كتبه الله في الأزل وما خطه الله في القدر وما أراده الله من قبل وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ؛ لأن الله جل وعلا كتبهم من أهل الشقاوة، ومصيرهم إلى النار، ومن هنا يعلم العبد أن الهداية بيد الله كما أن الضلالة بيده. فيجب على الإنسان أن يكون في قلبه سريرة حسنة يجدد فيها رغبته فيما عند الله تبارك وتعالى، ولا يغره علمه ولا ثناء الناس عليه، ولا أنه يستطيع أن يصل إلى مقصوده أو أن يمنع من يريد أن يؤذيه، فالمرء في باب الهداية على وجه الخصوص يبقى معلقاً قلبه بالله يتقلب ليل نهار يخشى أن يصرفه عن صراط الله المستقيم، وأحداث الزمان المعاصر والتاريخ الذي شهدناه كان برهاناً على كثير ممن مضوا في هذا الطريق ثم رجعوا، وأقوام بدءوا بداية الله أعلم بها ثم ختم لهم بخير، وقد قال ابن تيمية رحمه الله: ليست العبرة بعثرة البدايات، إنما العبرة بكمال النهايات، وحفظ عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
هذا ما تحرر إيراده .. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، والحمد لله رب العالمين. ..

الشيخ :
صالح المغامسي
حفظه الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.