تخطى إلى المحتوى

إرشاد الحاج والمعتمر إلى بيت الله الحرام 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:

أخي الحاج: في هذا الكتيب تجد إن شاء الله بيانًا شافيًا لأعمال العمرة والحج مما لا غنى لك عنه، ولا ينبغي لك جهله، فقد اشتمل هذا الكتاب على صفة العمرة وأركانها وواجباتها وسننها كما اشتمل على صفة الحج وأركانه وواجباته وسننه، وقد ابتعدنا فيه عن الإطناب والتطويل واقتصرنا على بيان المراد بأوجز عبارة وأوضح لفظ حرصًا على الفائدة ونصحًا للمسلمين والله من وراء القصد.

أنواع الأنساك


أخي الحاج: اعلم أن أنواع الأنساك ثلاثة:



1-التمتع: وهو أن يحرم بالحج بالعمرة وحدها في أشهر الحج، فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة وحلق أو قصر، فإذا كان يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج وحده وأتى بجميع أفعاله.



2-الإفراد: أن يحرم بالحج وحده، فإذا وصل مكة طاف للقدوم وسعى للحج ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل من إحرامه، بل يبقى محرمًا حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد، وإن أخر سعي الحج إلى ما بعد طواف الحج فلا بأس.



3-القران: أن يحرم بالعمرة والحج جميعًا، أو يحرم بالعمرة أولاً، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها.
وعمل القارن كعمل المفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه.

صفة العمرة

1-إذا وصلت إلى الميقات فاغتسل وتطيب إذا تيسر لك ذلك، ثم البس ثياب الإحرام إزارًا ورداءً. أما المرأة فتلبس ما تشاء من الثياب غير متبرجة بزينة ولا تلبس القفازين وتستر وجهها أمام الأجانب.

2-تصلي إن كان الوقت وقت صلاة، وإذا استويت على الدابة فقل أذكار الركوب ثم قل «لبيك اللهم عمرة» إذا كنت معتمرًا أو متمتعًا «لبيك اللهم حجة وعمرة» إذا كنت قارنًا سقت الهدي.

«لبيك حجة» إذا كنت مفردًا. وإذا كنت خائفًا من عارض يعرض لك فيمنعك من إتمام نسكك فلك أن تشترط فتقول: اللهم محلي حيث حبستني.ثم بعد ذلك تلبي قائلا: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»

ويستحب أن يرفع الحاج والمعتمر صوته بالتلبية وأن يكررها بمفرده ولا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة في اليوم العاشر.

3-امسك عن التلبية إذا وصلت مكة, وادخل المسجد الحرام على طهارة، وقدم رجلك قائلاً: «بسم الله الصلاة والسلام على رسول الله. اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم»وهذا الدعاء ليس خاصًا بالمسجد الحرام بل يقال عند دخول أي مسجد، ولم يثبت أن للمسجد الحرام دعاءً خاصًا به عند الدخول أو الخروج.

4-طف حول الكعبة سبعة أشواط كاشفًا كتفك الأيمن مسرعًا في الثلاثة الأولى منه، بادئًا باستلام الحجر الأسود وتقبيله إن تيسر لك ذلك دون إلحاق أذى بغيرك من المسلمين.

وعند استلامه تقول: «بسم الله والله أكبر» فإذا لم يتيسر لك ذلك فاستلمه بيدك أو بعصا وقبل ما استلمته به. فإذا لم تستطع فأشر إليه وقل: «الله أكبر» ولا تقبل ما تشير به، وامسح الركن اليماني بيمينك كل مرة إن استطعت لكن لا تقبله ولا تشر إليه، ولا ترفع صوتك بالذكر والدعاء أثناء الطواف، وقل بين الركنين «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب بالنار».

5-فإذا انتهيت من الطواف فغط كتفيك، وانطلق إلى مقام إبراهيم وأنت تقول: }وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى{ ثم صل ركعتين خلف مقام إبراهيم إن أمكن وإلا ففي مكان في المسجد، واقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بـ }يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ{ وفي الثانية بـ }قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{ بعد قراءة الفاتحة.

6-ثم اذهب إلى الحجر الأسود فقبله إن استطعت ثم اتجه إلى المسعى (الصفا).

7-فإذا دنوت من الصفا فاقرأ: }إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ{[البقرة:158].

فإذا صعدت إلى الصفا فاستقبل الكعبة واحمد الله تعالى وكبره ثلاثًا, رافعًا يديك وادع وكرر الدعاء ثلاثًا، وقل: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» «لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده».

8-ثم اسع بين الصفا والمروة، وأسرع بين الميلين الأخضرين، وافعل على المروة كما فعلت على الصفا من استقال القبلة، والتكبير والتوحيد والدعاء غير أنك لا تقرأ الآية: }إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ{ فإنها تقرأ عند الصعود إلى الصفا في أول شوط ثم لا تقرأ بعد ذلك، وكرر السعي سبع مرات، يحسب الذهاب مرة والرجوع مرة، وينتهي السعي عند المروة.

9-فإذا خرجت من الحرم فقدم رجلك اليسرى وقل: «بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك».

10-ثم احلق رأسك أو قصره، والحلق أفضل وأكثر ثوابًا عند الله. أما المرأة فتقص من شعرها قليلاً بقدر أنملة وبهذا تكون العمرة قد تمت والحمد لله تعالى.

صفة الحج


1-أعمال يوم التروية (8 من ذي الحجة)


1-يستحب لك أن تغتسل وتتطيب قبل إحرامك.

2-تنوي الإحرام بالحج وتقول (لبيك حجًا) وإن كنت خائفا من عائق يمنعك من إكمال حجك فاشترط وقل: «وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبسني».

3-الخروج إلى منى يوم التروية والمبيت بها ليلة التاسع وعدم الخروج منها إلا بعد طلوع الشمس وصلاة خمس صلوات بها هذه هي السنة.

4-يستحب الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها إلى أن ترمي جمرة العقبة يوم النحر.

5-قصر الصلاة الرباعية اثنتين كالظهر والعصر والعشاء.

6-المحافظة على صلاة الجماعة مع الإمام وألا تفوتك تكبيرة الإحرام استزادة من الخير والفضل.

7-الحرص على صلاة الوتر سواء آخر الليل وهو أفضل، أو قبل النوم أو بعد صلاة العشاء.



2-أعمال يوم عرفة (9 من ذي الحجة)


1-بعد طلوع الشمس يوم التاسع من ذي الحجة، انطلق إلى عرفة.

2-انزل بنمرة إلى الزوال إن تيسر ذلك، وإلا فلا حرج لأن النزول بها سنة.

3-صلاة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا (جمع تقديم) كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف والدعاء.

4-يستحب لك في هذا الموقف الاجتهاد في ذكر الله تعالى ودعائه والتضرع إليه والتوبة والاستغفار وقراءة القرآن.

5-الوقوف بعرفة إلى حين غروب الشمس.

6-الدفع إلى مزدلفة بعد غروب الشمس بسكينة وخشوع.

7-إذا وصلت مزدلفة فصل المغرب والعشاء جمعًا، إلا أن تصل مزدلفة قبل العشاء الآخر فتصليها في وقتها. لكن إذا كنت محتاجًا إلى الجمع إما لتعب أو قلة ماء، أو غيرهما فلا بأس بالجمع، وإن لم يدخل وقت العشاء، وإن خشيت أن لا تصل إلى مزدلفة إلا بعد نصف الليل فإنك تصلي ولو قبل وصول مزدلفة، ولا يجوز أن تؤخر الصلاة إلى ما بعد نصف الليل.

8-أن تبيت بمزدلفة فإذا تبين الفجر صليت الفجر مبكرًا بأذان وإقامة ثم قصدت المشعر الحرام (مكان المسجد) إن تيسر، فتوحد الله وتكبره وتدعوه بما شئت من الخير حتى يسفر جدًا.

9-الإحسان إلى الحجاج بما تستطيع سواء بسقي الماء أو توزيع الطعام أو الكلمة الطيبة أو غير ذلك من وجوه الخير وبذل المعروف.



3-أعمال يوم النحر (10 من ذي الحجة)


1-الدفع من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس بسكينة وخشوع.

2-يستحب لك الانشغال بالتلبية حتى تصل جمرة العقبة ثم تقطع التلبية، وتجعل منى عن يمينك ومكة عن يسارك وترمي جمرة العقبة سبع حصيات متعاقبات، ترفع يدك في كل حصاة وتكبر، وتحرص على إصابة العمود الشاخص، ويجزئك إذا وقع الحصى في الحوض.

3-فإذا فرغت من الرمي، فاذبح هديك، ثم احلق رأسك، وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق. ويستحب لك أن تباشر الذبح إن تيسر ذلك كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول عند ذبحه: «بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك» وتوجهه إلى القبلة.

4-فإذا فعلت ما سبق حل لك جميع محظورات الإحرام إلا النساء، فيحل لك الطيب واللباس وقص الشعر والأظافر وغيرها من المحظورات ما عدا النساء، لقول عائشة رضي الله عنها: «كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت» [متفق عليه]… وفي لفظ مسلم: «كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت وبطيب فيه مسك».

4-يسن لك بعد هذا التحلل أن تنظف وتتطيب، وتتوجه إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة ويسمى هذا الطواف (طواف الزيارة).

5-وبعد الطواف تأتي بالسعي إن كنت متمتعًا. لأن سعيك الأول كان للعمرة، فلزمك الإتيان بسعي للحج. ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «فطاف الذين كانوا أَهَلُّوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حلوا ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى حجهم. وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا».

وأما إن كنت مفردًا أو قارنًا، فإن كنت قد سعيت بعد طواف القدوم لم تعد السعي مرة أخرى، لقول جابر رضي الله عنه «لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافه الأول» [واه مسلم]. وإن كنت لم تسع وجب عليك السعي، لأنه لا يتم الحج إلا به لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما أتم الله حج امرئ أو عمرته من لم يطف بالصفا والمروة»]رواه مسلم].

6-إذا طفت طواف الإفاضة وسعيت للحج بعده أو قبله – إن كنت مفردًا أو قارنًا – فقد حللت التحلل الثاني، وحل لك جميع المحظورات لما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما في وصف حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ونحر هديه يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه».

والأفضل ترتيب الأعمال كما يلي.

1-رمي جمرة العقبة 2-ذبح الهدي. 3-الحلق أو التقصير.

4-الطواف ثم السعي إن كنت متمتعًا أو كنت مفردًا وقارنًا ولم تسع مع طواف القدوم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رتبها هكذا وقال: «لتأخذوا عني مناسككم».

فإن قدمت بعضها على بعض فلا بأس لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: افعل ولا حرج»[متفق عليه].

وللبخاري عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج، وقال: رميت بعدما أمسيت، قال: لا حرج».

وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن تقديم الحلق على الرمي، وعن تقديم الذبح على الرمي، وعن تقديم الإفاضة على الرمي، فقال: «ارم ولا حرج، قال: فما رأيته يومئذ سئل عن شيء إلا قال: افعل ولا حرج».

4-أعمال أيام التشريق

1-المكوث في منى بقية يوم العيد وأيام التشريق ولياليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان فيها هذه الأيام والليالي.

2-يلزمك المبيت بمنى ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني عشر، وليلة الثالث عشر إن تأخرت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات فيها وقال: «لتأخذوا عني مناسككم» ويجوز ترك المبيت لعذر يتعلق بمصلحة الحج أو الحجاج لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما «أن العباس بن المطلب رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له».

3-ترمي الجمرات الثلاث في كل يوم من أيام التشريق، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات تكبر مع كل حصاة، وترميها بعد الزوال، فترمي الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف, ثم تتقدم فتسهل فتقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلاً، فتدعو رافعًا يديك، ثم ترمي الجمرة الوسطى، ثم تأخذ ذات الشمال فتسهل فتقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلاً فتدعو وأنت رافع يديك، ثم ترمي جمرة العقبة، فتنصرف ولا تقف للدعاء بعدها. هكذا رواه البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.

أما إذا لم يتيسر لك طول القيام بين الجمرات، فقف ما تيسرك لك ليحصل لك إحياء هذه السُّنَّة التي تركها أكثر الناس إما جهلاً أو تهاونًا ولا ينبغي ترك هذا الوقوف فتضيع السنة، فإن السنة كلما أضيعت كان فعلها آكد لحصول فضيلة العمل ونشر السنة بين الناس.

والرمي في هذه الأيام لا يجوز إلا بعد زوال الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد زوال وقد قال: «لتأخذوا عني مناسككم» فعن جابر رضي الله عنه قال: «رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس» [رواه مسلم] وفي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما سئل متى أرمي الجمار؟ قال كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا.

ولو كان رمي الجمرات في أيام التشريق قبل الزوال جائزًا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أيسر للأمة، وما خُيِّر النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فلم لم يختر الأيسر وهو الرمي أول النهار؟لأنه علم أنه إثم.

4-إذا رميت الجمار في اليوم الثاني عشر، فقد انتهيت من واجب الحج، فأنت بالخيار إن شئت بقيت في منى لليوم الثالث عشر ورميت الجمار بعد الزوال. وإن شئت نفرت منها لقوله تعالى: }فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى{[البقرة:203].

والتأخر أفضل، لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أكثر عملاً حيث يحصل له المبيت ليلة الثالث عشر ورمي الجمار من يومه، لكن إذا غربت الشمس في اليوم الثاني عشر قبل نفره من منى فلا يتعجل حينئذ؛ لأن الله سبحانه قال: }فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ{ فقيد التعجيل في اليومين ولم يطلقه، فإذا انتهى اليومان فقد انتهى التعجل، واليوم ينتهي بغروب شمسه، ويستثنى من ذلك إذا كان تأخره إلى الغروب بغير اختياره، مثل أن يتأهب للنفر، ويشد رحله فيتأخر خروجه من منى بسبب زحام السيارات ونحو ذلك، فإن ينفر ولا شيء عليه، ولو غربت الشمس قبل أن يخرج من منى.

5-ومتى انتهت هذه الأعمال، وأردت السفر إلى بلادك وجب عليك أن تطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ينفر أحد منكم حتى آخر عهده بالبيت» [رواه مسلم]. وعلى هذا فيجب أن يكون هذا الطواف آخر شيء، فلا يجوز البقاء بعده بمكة، ولا التشاغل بشيء إلا ما يتعلق بأغراض السفر وحوائجه كشد الرحال وانتظار الرفقة، أو انتظار السيارة وغيرها.فإن أقمت لغير ما ذكر وجب عليك إعادة الطواف ليكون آخر عهدك بالبيت.

وأما الحائض والنفساء فليس عليهما طواف الوداع لما ثبت عن ابن عباس في الصحيحين «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» [رواه مسلم والبخاري]. ومن آخر الطواف أي طواف الإفاضة فطاف عند السفر أجزأه عن الوداع لعموم الأحاديث.

وبهذا أخي الحاج تكون قد أنهيت حجك على ما أراده الله ورسوله. صلى الله عليه وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

محظورات الإحرام وحكم فاعلها

1-إزالة الشعر من الرأس بحلق أو غيره. وألحق جمهور العلماء به شعر بقية الجسم.

2-إزالة الظفر من اليدين والرجلين.

3-استعمال الطيب بعد الإحرام في البدن أو الثوب أو المأكول أو المشروب.

4-لبس القفازين وهما شراب اليدين.

5-المباشرة لشهوة.

وفدية هذه المحظورات الخمسة على التخيير كما ذكر الله تعالى في القرآن الكريم في حلق الرأس، وقس عليه الباقي، فيخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة، ويفرق الطعام والشاة على المساكين إما في مكة أو في مكان فعل المحظور.

6-الجماع في الفرج، وإذا وقع الجماع في الحج قبل التحلل الأول ترتب عليه أربع أمور:

أ-فساد النسك الذي وقع فيه الجماع.
ب-وجوب المضي فيه.
ج-وجوب قضائه في العام القادم.
د-فدية وهي بدنة ينحرها ويفرقها على المساكين في مكة أو في مكان الجماع.

7-عقد النكاح، وليس فيه فدية ولكن النكاح يفسد سواء كان المحرم الزوج أو الزوجة أو الولي أو وكيله فيه.

8-قتل الصيد البري المتوحش وعليه جزاؤه، وهو ذبح مثله يفرقه على فقراء الحرم، أو يقومه بطعام يفرقه على فقراء الحرم، أو يصوم عن إطعام مسكين يومًا.

وهذه المحظورات الثمانية، حرام على كل محرم ذكرًا كان أم أنثى.
ويختص الذكر بالمحظورات التاليين:

1-تغطية الرأس بملاصق، فأما غير الملاصق كالخيمة وسقف السيارة والشمسية فلا بأس به.

2-لبس المخيط وهو كل ما خيط على قدر البدن أو على جزء منه أو عضو من أعضائه كالقميص والسراويل والخفين، فأما الإزار والرداء المرقع فلا بأس به، وكذلك لا بأس بلبس الخاتم والساعة ونظارة العين وسماعة الأذن ووعاء النفقة ونحوها.

وتختص الأنثى بالمحظور التالي: وهو تغطية الوجه على أية صفة كانت وقال بعض العلماء: المحظور عليها هو النقاب فقط، وهو أن تغطي وجهها بغطاء منقوب لعينيها فيه، والأَوْلَى أن تغطيه مطلقًا، وفدية هذه المحظورات الخاص على التخيير كفدية الخمسة السابقة.

حالات فعل محظورات الإحرام

وحكم كل حالة

لفاعل المحظورات السابقة ثلاث حالات:

*الأولى: أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر، فهذا آثم وعليه فديته كما سبق شرحه.

*الثاني: أن يفعله لحاجة، فليس بآثم وعليه فدية، قال تعالى: }فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ{[البقرة:196] فلو احتاج لتغطية رأسه من أجل برد أو حر يخاف منه، جاز له تغطيته وعليه الفدية على التخيير كما سبق.

*الثالث: أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان أو إكراه أو نوم، فلا إثم عليه ولا فدية لقوله تعالى: }رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا{ وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». ولكن متى زال العذر فعلم بالمحظور أو ذكره أو زال إكراهه أو استيقظ من نومه وجب عليه التخلي عنه – أي المحظور – فورًا.
والله تعالى أعلم, وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.