للإمام أحمد بن حنبل الشيباني
وهي من رواية عبدوس ابن مالك لعطار
قال أبو يعلى الحنبلي: «لو رُحل إلى الصين في طلبها لكان قليلا»
قال الإمام أحمد – رضي الله عنه -:
أصول السنة عندنا:
1 – التمسك بما كان عليه أصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم –
2 – والاقتداء بهم
3 – وترك البدع
4 – وكل بدعة فهي ضلالة
5 – وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء
6 – وترك المراء والجدال والخصومات في الدين
7 – والسنة عندنا آثار رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
8 – والسنة تفسر القرآن، وهي دلائل القرآن
9 – وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول والأهواء. إنما هو الاتباع وترك الهوى
11 – ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة، لم يقبلها ويؤمن بها؛ لم يكن من أهلها:
12 – الإيمان بالقدر خيره وشره. والتصديق بالأحاديث فيه. والإيمان بها. لا يقال: (لمَ؟) و (كيف؟)، إنما هو التصديق والإيمان بها. ومن لم يعرف تفسير الحديث، ويبلغه عقله؛ فقد كفي ذلك وأحكم له؛ فعليه الإيمان به والتسليم له.
مثل حديث: «الصادق المصدوق» ومثل ما كان مثله في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه، ومنهي عنه، لا يكون صاحبه، وإن كان بكلامه سنة من أهل السنة حتى يدع الجدال ويسلم. ويؤمن بالآثار
13 – والقرآن كلام الله وليس بمخلوق، ولا يضعف أن يقول: ليس بمخلوق. قال: فإن كلام الله ليس ببائن منه، وليس منه شيء مخلوق.
وإياك ومناظرة من أحدث فيه، ومن قال باللفظ وغيره، ومن وقف فيه قال: (لا أدري مخلوق أو ليس بمخلوق، وإنما هو كلام الله). فهذا صاحب بدعة مثل من قال: (هو مخلوق)، وإنما هو كلام الله ليس بمخلوق.
14 – والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من الأحاديث الصحاح
15 – وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد رأى ربه. فإنه مأثور عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صحيح. رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه الحكم عن أبان عن ابن عباس، ورواه علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس. والحديث عندنا على ظاهره، كما جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – والكلام فيه بدعة. ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره. ولا نناظر فيه أحدا
16 – والايمان بالميزان بوم القيامة. كما جاء «يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة» وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر. والإيمان به والتصديق به، والإعراض عن من رد ذلك وترك مجادلته
17 – وأن الله يكلم العباد يوم القيامة ليس بينهم وبينه ترجمان والإيمان به والتصديق به
18 – والإيمان بالحوض وأن لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – حوضا يوم القيامة ترد عليه أمته، عرضه مثل طوله مسيرة شهر، آنيته كعدد نجوم السماء على ما صحت به الأخبار من غير وجه.
19 – والإيمان بعذاب القبر
20 – أن هذه الأمة تفتن في قبورها وتسأل عن الإيمان والإسلام، ومن ربه ؟ ومن نبيه ؟ ويأتيه منكر ونكير كيف شاء الله عز وجل وكيف أرارد. والإيمان به والتصديق به
21 – والإيمان بشفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – لقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا وصاروا فحما؛ فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة – كما جاء في الأثر – كيف شاء الله وكما شاء.
إنما هو الإيمان والتصديق به.
22 – والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه كافر، والأحاديث التي جـاءت فيـه، والإيمان بأن ذلك كائن.
23 – وأن عيسى ابن مريم – عليه السلام – ينـزل فيقتله بباب لد.
24 – والإيمان قول وعمل يزيد وينقص
كما جاء في الخبر "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا"
25 – "ومن ترك الصلاة فقد كفر" و"ليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة" من تركها فهو كافر. وقد أحل الله قتله.
26 – وخير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان. نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. لم يختلفوا في ذلك. ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمسة: علي بن أبي طالب , وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وكلهم يصلح للخلافة. وكلهم إمام. ونذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر "كنا نعد ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – حي وأصحابـه متوافرون: أبوبكر ثم عمر ثم عثمان، ثم نسكت" ثم بعد أصحاب الشورى أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على قدر الهجرة والسابقة أولا فأول.
27 – ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – القرن الذي بعث فيهم. كل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه وسمع إليه ونظر إليه نظرة. فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه. ولو لقو الله بجميع الأعمال؛ كان هؤلاء الذين صحبوا النبي – صلى الله عليه وسلم – ورأوه وسمعوا منه ومن رآه بعينه وآمن به ولو ساعة أفضل لصحبته من التابعين ولو عملوا كل أعمال الخير.
28 – والسمع والطاعة للأمة وأمير المؤمنين البر والفاجـر ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين.
29 – والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك.
30 – وقسمة الفيء، وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم.
31 – ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة. من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا.
32 – وصلاة الجمعة خلفه، وخلف من ولاه جائزة باقية تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع، تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء؛ إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة برهم وفاجرهم فالسنة بأن يصلي معهم ركعتين ويدين بأنها تامت. لايكن في صدرك من ذلك شك.
33 – ومن خرج على إمام من أمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلاقة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية.
34 – ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج غليه لأجد من الناس. فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق.
35 – وقتال اللصوص والخوارج جائز إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله فله أن يقاتل عن نفسه وماله، ويدفع عنها بكل ما يقدر، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم، ولا يتبع آثارهم، ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين. إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك، وينوي بجهده أن لا يقتل أحدا؛ فإن مات علي يديه في دفعه عن نفسه في المعركة فأبعد الله المقتول وإن قتل هذا في تلك الحال وهويدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة. كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أمر بقتاله، ولم يأمر بقتله ولا اتباعه، ولا يجيز عليه إن صرع أو كان جريحا، وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله فيحكم فيه.
36 – ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة أونار. نرجو للصالح ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب. ونرجو له رحمة الله.
37 – ومن لقي الله بذنب يجب له ربه النار -تائبا غير مصر عليه – فإن الله يتوب عليه. ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
38 – ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا فهو كفارته. كما جاء في الخبر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
39 – ومن لقيه مصرا غير تائب من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة ؛ فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
40 – ومن لقيه من كافر عذبه ولم يغفر له.
41 – والرجم حق على من زنا وقد أحصن إذا اعترف أو قامت عليه بينة.
42 – وقد رجم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
43 – وقد رجمت الأئمة الراشدون.
44 – ومن انتقص أحدا من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو أبغضه بحدث كان منه أو ذكر مساوئه كان مبتدعا حتى يترحم عليهم جميعا، ويكون قلبه لهم سليما.
45 – والنفاق هو الكفر: أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
46 – وقوله – صلى الله عليه وسلم – : "ثلاث من كُنَّ فيه فهو منافق"
هذا على التغليظ نرويها كما جاءت، ولا نفسرها.
47 – وقولـه – صلى الله عليه وسلم – "لا ترجعوا بعدي كفارا ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض". ومثل: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" ومثل "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" ومثل "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما" ومثل "كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ".
48 – ونحو هذه الأحاديث مما صح وحفظ، فإنا نسلم له، وإن لم نعلم تفسيرها ولا نتكلم فيها ولا نجادل فيها، ولا نفسر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت لا نردها إلا بأحق منها
49 – والجنة والنار مخلوقتان كما جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "دخلت الجنة فرأيت قصرا"، "ورأيت الكوثر"
و"اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها. . . ."، "واطلعت في النار فرأيت. . . . . . كذا"، فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذب بالقرآن , وأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار.
50 – ومن مات من أهل القبلة موحدا يصلى عليـه ويستغفر له، ولا يحجب عنه الاستغفار، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه -صغيرا كان أو كبيرا – أمره إلى الله.
دمتم في حفظ الرحمن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحقيق:عبدالله البخاري
الرابط
https://www.eyk.cc/pdfup/view/271/أصول السنة لابن أبي زمنين.rar
أصول السنة
قال الشيخ الإمام أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمْداني :
حدثنا الشيخ أبو عبد الله يحيى بن أبي الحسن بن البنا ، قال : أخبرنا والدي أبو علي الحسن بن احمد بن البنا ، قال أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل ، قال : أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك ، قال : حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الوهاب أبو العنبر قراءة عليه من كتابه في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان المنقري البصري – بتنيس – قال : حدثني عبدوس بن مالك العطار ، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل – رضي الله عنه – يقول :
أصول السنة عندنا :
التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإقتداء بهم ، وترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة ، وترك الخصومات ، والجلوس مع أصحاب الأهواء ، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين .
والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسنة تفسر القرآن ، وهي دلائل القرآن ، وليس في السنة قياس ، ولا تضرب لها الأمثال ، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء ، إنما هو الاتباع وترك الهوى .
ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة – لم يقبلها ويؤمن بها – لم يكن من أهلها :
الإيمان بالقدر خيره وشره ، والتصديق بالأحاديث فيه ، والإيمان بها ، لا يُقال لِـمَ ولا كيف ، إنما هو التصديق والإيمان بها ، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كُـفِيَ ذلك وأُحكِمَ له ، فعليه الإيمان به والتسليم له ، مثل حديث " الصادق المصدوق " ومثل ما كان مثله في القدر ، ومثل أحاديث الرؤية كلها ، وإن نأت عن الأسماع واستوحش منها المستمع ، وإنما عليه الإيمان بها ، وأن لا يرد منها حرفاً واحدا ً ، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات .
وأن لا يخاصم أحداً ولا يناظره ، ولا يتعلم الجدال ، فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه ومنهي عنه ، لا يكون صاحبه و إن أصاب بكلامه السنة من أهل السنة حتى يدع الجدال ويسلم ويؤمن بالآثار .
والقرآن كلام الله وليس بمخلوق ، ولا يضعف أن يقول : ليس بمخلوق ، فإن كلام الله ليس ببائن منه ، وليس منه شيء مخلوق ، وإياك ومناظرة من أحدث فيه ، ومن قال باللفظ وغيره ، ومن وقف فيه ، فقال : لا أدري مخلوق أو ليس بمخلوق ، وإنما هو كلام الله فهذا صاحب بدعة مثل من قال : ( هو مخلوق ) ، وإنما هو كلام الله وليس بمخلوق .
والإيمان بالرؤية يوم القيامة ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحاح ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه ، فإنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحيح ، رواه قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ ورواه الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ ورواه علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، والحديث عندنا على ظاهره كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والكلام فيه بدعة ، ولكن نؤمن كما جاء على ظاهره ، ولا نناظر فيه أحداً .
والإيمان بالميزان يوم القيامه كما جاء ، يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة ، وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر ، والإيمان به ، والتصديق به ، والإعراض عن من ردّ ذلك ، وتركُ مجادلته .
وأن الله يكلم العباد يوم القيامه ، ليس بينهم وبينه ترجمان ، والتصديق به .
والإيمان بالحوض ، وأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حوضا يوم القيامة تَـرِدُ عليه أمته ، عرضه مثل طوله ، مسيرة شهر ، آنيته كعدد نجوم السماء على ما صحت به الأخبار من غير وجه .
والإيمان بعذاب القبر ، وأن هذه الأمة تُـفـتَـن في قبورها ، وتُسأل عن الإيمان والإسلام ، ومن ربه ؟ ومن نبيه ؟
ويأتيه منكر ونكير ، كيف شاء الله عزوجل ، وكيف أراد ، والايمان به والتصديق به .
والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبقوم يخرجون من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحما ، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة كما جاء في الأثر ، كيف شاء الله ، و كما شاء ، إنما هو الإيمان به ، والتصديق به .
والإيمان أن المسيح الدجال خارج ، مكتوب بين عينيه كافر ، والأحاديث التي جاءت فيه ، والإيمان بأن ذلك كائن ، وأن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل فيقتله بباب لُـدٍّ .
والإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، كما جاء في الخبر : (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا )) .
ومن ترك الصلاة فقد كفر ، وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة ، من تركها فهو كافر ، وقد أحل الله قتله .
وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان ، نُـقـدّم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يختلفوا في ذلك ، ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمسة : علي بن أبي طالب ، وطلحة ، والزبير ، وعبدالرحمن بن عوف ، وسعد ، كلهم يصلح للخلافة ، وكلهم إمام ، ونذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر : ( كنا نعُـدُّ ورسول الله حي وأصحابه متوافرون : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نسكت ) … ثم من بعد أصحاب الشورى أهل بدر من المهاجرين ، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر الهجرة والسابقة ، أولاً فأولا ، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، القرن الذي بعث فيهم .
وكل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة ، أو رآه فهو من أصحابه ، له من الصحبة على قدر ما صحبه ، وكانت سابقته معه ، وسمع منه ، ونظر إليه نظرة ، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه ، ولو لقوا الله بجميع الأعمال ، كان هؤلاء الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ورأوه وسمعوا منه ، ومن رآه بعينه وآمن به ولو ساعة ، أفضل لصحبتهم من التابعين ، ولو عملوا كل أعمال الخير .
والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البَـرّ والفاجر ، ومن ولي الخلافة ، واجتمع الناس عليه ، ورضوا به ، ومن عليهم بالسيف حتى صار خليفة ، وسمي أميرالمؤمنين .
والغزو ماض مع الأمير إلى يوم القيامه البَـرّ والفاجر لا يُـترَك .
وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماضٍ ، ليس لأحد أن يطعن عليهم ، ولا ينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة ، من دفعها إليهم أجزأت عنه ، بَـرّاً كان أو فاجراً .
وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاه ، جائزة باقية تامة ركعتين ، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار ، مخالف للسنة ، ليس له من فضل الجمعة شيء ؛ إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم ، فالسنة : أن يصلي معهم ركعتين ، ويدين بأنها تامة ، لا يكن في صدرك من ذلك شك .
ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين – وقد كانوا اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة ، بأي وجه كان ، بالرضا أو بالغلبة – فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية .
ولا يحل قتال السلطان ، ولا الخروج عليه لأحد من الناس ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق .
وقتال اللصوص والخوارج جائز ، إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله فله أن يقاتل عن نفسه وماله ، ويدفع عنها بكل ما يقدر ، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم ، ولا يتبع آثارهم ، ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين ، إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك ، وينوي بجهده أن لا يقتل أحداً ، فإن مات على يديه في دفعه عن نفسه في المعركة فأبعد الله المقتول ، وإن قُـتِـل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله ، رجوت له الشهادة ، كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أُمِر بقتاله ، ولم يُـؤمَـر بقتله ولا اتباعه ، ولا يجهز عليه إن صُرِع أو كان جريحا ، وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله ، ولا يقيم عليه الحد ، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله ، فيحكم فيه .
ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار ، نرجو للصالح ونخاف عليه ، ونخاف على المسيء المذنب ، ونرجو له رحمة الله .
ومن لقى الله بذنب يجب له به النار تائبا غير مُصـرٍّ عليه ، فإن الله يتوب عليه ، ويقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات ، ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا ، فهو كفارته ، كما جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن لَـقِيـَه مُصِـرّا غير تائب من الذنوب التي استوجب بها العقوبة فأمره إلى الله ، إن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له ، ومن لَـقِـيَـه وهو كافر عذّبه ولم يغفر له .
والرجم حق على من زنا وقد أُحصن ، إذا اعترف أو قامت عليه بيّنة ، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأئمة الراشدون .
ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أبغضه بحدث كان منه ، أو ذكر مساوئه ، كان مبتدعا ، حتى يترحم عليهم جميعا ، ويكون قلبه لهم سليما .
والنفاق هو : الكفر ، أن يكفر بالله ويعبد غيره ، ويُـظهِـر الإسلام في العلانية ، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كن فيه فهو منافق )) هذا على التغليظ ، نرويها كما جاءت ، ولا نفسرها .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا ترجعوا بعدي كفارا ضُلالا يضرب بعضكم رقاب بعض )) ، ومثل : (( إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار )) ، ومثل : (( سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر )) ، ومثل : (( من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما )) ، ومثل : (( كُـفـرٌ بالله تَـبَـرؤٌ من نَـسَـبٍ وإن دَقّ )) ، ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحُـفِـظ ، فإنا نُـسَـلم له ، وإن لم نعلم تفسيرها ، ولا نتكلم فيها ، ولا نجادل فيها ، ولا نفسّر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت ، لا نردها إلا بأحق منها .
والجنة والنار مخلوقتان ، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( دخلتُ الجنة فرأيت قصراً … )) ، و (( رأيت الكوثر )) ، و (( واطلعت في الجنة ، فرأيت أكثر أهلها… )) كذا ، و (( واطلعت في النار ، فرأيت … )) كذا وكذا ، فمن زعم أنهما لم تُخلقا ، فهو مكذّب بالقرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار.
ومن مات من أهل القبلة مُـوَحِـداً يُـصلّى عليه ، ويُستغفر له ، ولا يُحجب عنه الاستغفار ، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أو كبيرا ، أَمــرُهُ إلى الله تعالى . آخر الرسالة والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله وسلم تسليما .