تخطى إلى المحتوى

أدبنا العربي والتغريب : 2024.

  • بواسطة


(1) :
من مظاهر التغريب في الأدب العربي :
1- بدء رحلة العودة بمعنى الأدب إلى ما كان عليه في العصر اليوناني القديم ، وفي هذا العصر تم حذف أي ارتباط للأدب بالقيم والأخلاق . وقد استند أصحاب هذه الدعوة إلى المذهب الأدبي المنسوب لأرسطو ، والذي أفصح عنه في كتابه " الشعر " ( =poetics ) ، وفيه … : " إن جمال الأدب لا يستند إلى الأخلاقية ، وإنما هو معنى منعزل لا شأن له بأية قيمة خارجية " ما يعني أن يكون الأدب " جميلاً كل الجمال " حتى وهو غير أخلاقي ، حيث لا دخل لا للمبادئ ولا للمثل في الأدب" … فعن أوسكار وايلد ، وهو يشرح هذا المقصد … : " ليس هناك كتاب أخلاقي ، وكتاب منافٍ للأخلاق ، إنما الكتب إما جيدة الصياغة ، وإمّا رديئة الصياغة ، هذا كل ما في الأمر " ما يعني أن هذا المذهب يعزل " الأدب " عن " الدين " وما يبثه من قيم ومبادئ وأخلاق … وربما عن كل عناصر الحياة الإنسانية من حيث هي " أصيلة " و " نقية " ، وذلك تحت دعاوَى من قبيل الدعوة إلى " المتعة الفنية الخالصة " .
ومن أسف أن بعضاً من " مفكرينا " العرب ، والمسلمين ، دافعَ عن هذه النظرية ، ما أهّلَ لأن يصبحَ الأدبُ ، ونتيجةً لذلك الطرح المريب ، فناً من الفنون التي تهدف إلى التعبير عن الجمال والفن دون أي التزام تجاه النفس أو القيم أو المجتمع … حتى قرأنا عن : " الفن للفن " و : " الشعر للشعر " ، بل وذاع بيننا مقولة توفيق الحكيم عن " حرية الأديب " … : " هي نبع الفن ، وبغير الحرية لا يكون أدب ولا فن" .
2- إضافة فن القصة والرواية إلى فنون الأدب العربي ، إذ إن العرب لم يجدوا فيما مضى في " القصة وسيلة للتعبير عن مشاعرهم ، أو تصوير وجدانهم ، وقد تحقق لهم ذلك بأوفى نصيب عن طريق النثر والشعر ، ولذلك فإن القصة كانت ، وما تزال ، دخيلةً على الأدب العربي " ما يعني أن " القصة قد " وردت إلى الأدب العربي من الغرب " عن طريق هؤلاء الذين سافروا إلى أوروبا وكانوا على اتصال وثيق بالحضارة الغربية ، حيث ولّدت قراءاتهم ، وترجماتهم ، واقتباساتهم من الأدب الأمريكي والأوروبي ، تجريباً لأشكال جديدة في أواخر القرن التاسع عشر ، وقد ظهرت الأعمال الأدبية المبتكرة ، والمعربة ، جنباً إلى جنب في الصحافة العربية وعلى أرفف المكتبات .
3- الدعوة إلى وَحدة ما أطلق عليه " الأدب العالمي" الذي يتخطى الحدود ويعبّر عن نفسية الشعوب أجمعين بمعزل عن أي ظروف ، أو خصوصية شخصية ، لهذا لا يجيز المدافعون عن هذا الأدب لأي شعب من الشعوب أن يرفضه ، أو يناقشه ، بل يقبله كما هو ، وحال لا يفعل فهو منعوت بأنه " جامد " أو " رجعي " أو " جاهل " .
والحاصل أن العديد من الناس ، مثقفين وأدباء وعامة ، راحوا يلهثون وراء هذا الادعاء ، فكانت الروايات العالمية تُترجَم بكل ما فيها من مفاهيم ، ومصطلحات غربية ، وفكر مادي وإباحي ، إلى كل اللغات بما فيها اللغة العربية ، وتوحّدت ، من ثم ، هموم ، ومشكلات ، العالم أجمع ، ما مهّد لأن تتحول قضايا العرب ، والمسلمين ، من قضايا " وطنية " / " قومية " إلى قضايا تعد هامشية بالقياس لسابقتها .
يُتْبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.