تخطى إلى المحتوى

أداب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته 2024.

[frame="2 10"]

قال الحسين رضي الله عنه: فسألت عليا رضي الله عنه – عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: {كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ، مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ، جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَجُزْءًا لأَهْلِهِ، وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَزَّأَ جُزْأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَلا يَدَّخِرُعَنْهُمْ شَيْئًا، وَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ، وَقَسَّمَهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ، وَالأَمُةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِم عَنْهُمْ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ لَهُمْ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغِي حَاجَتَهُ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلا ذَلِكَ وَلا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ، رُوَّادًا وَلا يَتَفَرَّقُونَ إِلا عَنْ ذُوَّاقٍ، وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً}{1}

{كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ، مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ} لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يتحرك ولا يسكن في أي أمر إلا بإذن من الله، فلا يتحرك لهوى نفس، ولا لشهوة، ولا لحظ، وإنما لتنفيذ مراد الله، أو ابداء شرع من شرع الله تتأسى به أمته في هذه الحياة.

{فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ، جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَجُزْءًا لأَهْلِهِ، وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ} كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل منزله يُقسم وقته إلى ثلاث، الجزء الأول: جزء لعبادة الله وطاعته من قراءة للقرآن أو ذكر لله أو التسبيح أو التحميد أو التقديس … أي الإنشغال بالله.

الجزء الثاني: جزء لأهله، وهذا يشتمل أمرين: قضاء حوائجهم، وإدخال السرور عليهم ومؤانستهم، ولا بد من الإثنين معاً، فكان صلى الله عليه وسلم يقضي لهم مصالحهم، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يدَّخر لكل امرأة من زوجاته التسع قوُتها الذي يكفيها لمدة سنة حتى تطمئن، أما هو فكان لا يدَّخر طعاماً أو شيئاً لغد لحُسن توكله على مولاه، حتى نعرف كيفية التعامل، فلا تعامل من معك بحالك، أو بما وصل إليه مقامك، فهم شيء وأنت شيء، تنَّزل لهم وعاملهم على قدرهم.

وكان صلى الله عليه وسلم يجتمع مع نساءه عند صاحبة النوبة يأتنس بهم ويُسر بهم، ويحكي لهم، وذات ليلة حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ حَدِيثًا، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ الْحَدِيثُ كأنه حَدِيثَ خُرَافَةَ؟ فَقَالَ: {أَتَدْرُونَ مَا خُرَافَةُ؟ إِنَّ خُرَافَةَ كَانَ رَجُلا مِنْ عُذْرَةَ، أَسَرَتْهُ الْجِنُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَكَثَ فِيهِنَّ دَهْرًا طَوِيلا، ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الإِنْسِ، فَكَانَ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَا رَأَى فِيهِمْ مِنَ الأَعَاجِيبِ، فَقَالَ النَّاسُ: حَدِيثُ خُرَافَةَ}{2}

الجزء الثالث: جزء لنفسه، يخلو به بالفتوحات والتجليات والتنزلات والفيوضات التي تنزل من عند الله، لأنها تحتاج إلى خلو بال.

{ثُمَّ جَزَّأَ جُزْأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَلا يَدَّخِرُهُ عَنْهُمْ شَيْئًا} من باب الإيثار جعل هذا الجزء بينه وبين الناس، مع أن هذا الجزء كان في بيته، كيف؟ كان يُدخل الخاصة، وهم الأعلى في التقوى، والأرقى في المقام، والأعلى في المنزلة عند الله، وليس الخاصة هم الوجهاء والأثرياء والأغنياء، وكان يُدخلهم ليُعَلِّمهم حتى يُعلِّموا غيرهم.

وهذا أدب من الآداب النبوية لأهل الطريق السديد في أي زمان ومكان، فالخاصة وظيفتهم أن يتعلموا ما لا يتعلمه غيرهم، ثم يُعلِّمون وينقلون هذا الكلام إلى غيرهم، وإلا أساءوا واحتاجوا إلى الإصلاح والأدب. فكان صلى الله عليه وسلم يرد بذلك على العامة والخاصة، ولا يدخر عنهم شيئاً من العلوم والأسرار والأنوار والحكم الإلهية التي أفاضها عليه الله، حتى قال صلى الله عليه وسلم: {ما صُبَّ في صدري شيء إلا وصببته في صدر أبي بكر}{3}
لم يكتم شيء، وقد قال الله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} التكوير24

حتى الغيب لا يبخل به، فلا يوجد شيء سيحدث إلى يوم القيامة إلا وأخبرنا به صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد شيء في الآخرة إلا وحدَّثنا عنه، وهذا غيب.

{وَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ} وأهل الفضل هم أهل التقى والورع وأهل العلم والصلاح والشرف.

{وَقَسَّمَهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ} الأورع والأخشى ثم الأخشى ثم الأخشى، ولا يُبيِّن ذلك لهم حتى لا يحدث تناحر وتنازع بينهم، وهذه الأمور كان يديرها صلى الله عليه وسلم بلمح النبوة، وذكاء الرسالة، ونور البصيرة الإلهية التي أعطاها له الله.

{فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ} هؤلاء منهم مَن كان له سؤال واحد، ومنهم من كان له سؤالين، ومنهم من له أكثر من سؤال، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج.

{فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ، وَالأَمُةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِم عَنْهُمْ} يتشاغل بهم في إجابة هؤلاء والرد على ما في صدورهم، وانشغالهم فيما يُصلحهم به ويُصلح بهم الأمة.

لا يوجد عنده وقت ليتكلم معهم في السياسة، أو أمور الدنيا، أو في المشاغل، أو في الشهوات، أو في القيل والقال، أو الغيبة والنميمة أو ما شابه ذلك من الأمور التي لا ينبغي أن يشتغل سالك طريق الله بها كما يحدث الآن من الخاصة، لكن الخاصة مشغولون بما يريدون في طريق الله ليعطيه لهم، ثم عليهم أن يُعلِّموا غيرهم.

فهو صلى الله عليه وسلم يشغلهم فيما يصلحهم وينفعهم ويصلح الأمة وينفعها إما بأن يفتح لهم باب الأسئلة ليفيض عليهم الأجوبة أو يبتدأهم بالإخبار عما ينفعهم وبيان الذي ينبغي لهم أن يعلموه من الأحكام والمواعظ والنصيحة والوصية بما يصلح شأنهم ويسعدهم في دينهم ودنياهم.

فما كان صلى الله عليه وسلم يترك جزءاً من الزمن فارغا عما ينفع الأمة ويصلح أمرها، وما كان يترك أصحابه في فراغ من الوقت وبطالة من العمل، بل كان صلى الله عليه وسلم يشغلهم بما يصلحهم وينفعهم ويصلح الأمة وينفعها وذلك لأن الله تعالى قال له: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ{7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ{8} الشرح
أي فإذا فرغت من عمل فانصب لغيره، وليكن القصد والرغباء في جميع ذلك إليه سبحانه. ومن هنا يعلم أن دين الاسلام دين جد وعمل لا هزل فيه ولا كسل.

{وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ لَهُمْ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغِي حَاجَتَهُ} أنتم مندوبون عن هؤلاء، فكل رجل مندوب عن قومه أو بلده، فيجب عليه قبل المجيء أن يعرف طلبات قومه حتى يأخذ الردود ليريح صدورهم، وحتى تكون قد أعنت على دعوة الله، وهذا تنظيم نبوي وضعه السيد السند العظيم صلى الله عليه وسلم، ويجب على الجميع أن يخضع لهذا التنظيم. {فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يدخل في قول الله: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} إبراهيم27

{لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلا ذَلِكَ وَلا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ} لا يقبل كلام أحد عن أحد، ونحن مطالبين بأن نسير على هذا المنهاج.

{يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ رُوَّادًا وَلا يَتَفَرَّقُونَ إِلا عَنْ ذُوَّاقٍ} رواداً أي طلاب، وكان من أدبه صلى الله عليه وسلم أنه إذا جاءه ضيف لا بد أن يقدم له شيئاً يأكله كتمر أوعجوة أو يشرب لبن، فيذوقون الإثنين، يذوقون طعاماً، ويذوقون علماً إلهياً، ونوراً ربانياً، وسمتاً وهدياً نبوياً.

{وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً} أي دعاة أدلاء، لأنهم دخلوا بهذه الهيئة فخرجوا بهذه الكيفية.

إذاً هذا الحديث يُعلِّمنا: أدب الجلوس في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وينسحب على ذلك أدب الجلوس في بيوت الصالحين والعلماء من ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما ينبغي أن يكون عليه طالب العلم وطالب طريق الله إذا دخل بيوت السادة الصالحين العارفين. وما ينبغي أن يكون عليه الأدب في الخاصة الذين ينوبون عمن وراءهم، ولهم إخوان أنابوهم في الحديث عنهم وتحقيق رجاءهم.

وهذه هي الآداب العامة والخاصة في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{1} سنن الترمذي والطبراني والبيهقي {2} مسند أحمد والطبراني عن عائشة رضي الله عنها {3} تفسير روح البيان وتفسير الرازى وفى سفينة النجا والحاوى للفتاوى ولم يرد تخريجه

[/frame]

وهل هناك من هو متخلق و متؤدب كقوتنا
شكراااااااااا لك
تقبل عبوري

عليه الصلاه وازكى التسليم
بارك الله فيك وتقبلي مروري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.