الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الواعد الأمين ، اللهمّ لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم ، اللهمّ علِّمنا ما ينفعنا ، وانْفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علمًا ، وأرِنا الحقّ حقًا وارزقنا اتِّباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجْتِنابه ، واجْعلنا مِمَّن يستمعون القَوْل فيتَّبِعون أحْسَنَهُ ، وأدْخِلنا بِرَحمتِكَ في عبادك الصالحين .
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الكرام ، بما أنّ هذا التشريع الإسلامي من عند الله تعالى، إذاً أيّ نهي في هذا التشريع ينبغي من خلاله أن تلاحظ أنّ هناك مشكلاتٍ كبيرة جداً لا تعدّ ولا تُحصى تنتجُ عن عدم تطبيق هذا المنهج ، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
لو أجريْتَ إحصاءً لكلّ حالات الزنا في مجتمعٍ ما ، لفوجِئْت أنّ تسعين بالمائة ممَّن وقعَ في الزنا ، من الرجال أو النساء ، لم يكن يخطر في بالهم أن يزنوا ، ولكنّ الخلوة جرَّتْ إلى الزنا، فنحن حينما نأخذ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، بأنّه حق من الله تعالى ، وأنّ هذا الذي أنزل التشريع هو الإله الخبير ، الخبير بهذه النفوس ، عندئذٍ نطبّق أمر الله عز وجل، أحيانًا ولا أُبالغ أيّها الإخوة ، أنه في الأسبوع الواحد تأتيني مشكلات عدة ، وكل مشكلة بِشَكلٍ صارخٍ نشأتْ من مخالفة منهج الله ، لأنّ صاحب المشكلة لم يعبأ بما نهى عنه النبي ، ووقع فيه ، وكلّ طرفٍ يتمنّى ألا تقع ، وقد يُسحق حينما تقع ، قد يُسحق نفسيًّا ، وقد يفكّر أن ينتحر من شدّة الضّغط النفسي ، كيف وقعت منه ؟ وقعت منه لأنّه لم يأخذ بِتَوجيهات النبي عليه الصلاة والسلام .
أيها الإخوة ، عوِّدوا أنفسكم أنّ كلّ مشكلةٍ تظهر أمامكم أرجعوها إلى مخالفة منهج الله ، لو طبّقنا كلام الله عز وجل ، وطبقنا سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، لا يمكن أن تقع مشكلة ، وفي هذا المسجد المتواضع خلال دعوة تقترب من رُبع قرن ، مئات بل عشرات المئات من الحالات التي وقعَتْ ودمَّرتْ الأُسَر وقعت بِسَبب مخالفة منهج الله ، قال : أرأيت الحمو ؟ قال عليه الصلاة والسلام : الحموُ الموت ، فإذا كان هناك اختلاط ، وتكشفّ عورات فالمشكلات حينها تتفجّر في البيوت، والإنسان حريص على أن لا يقع في مشكل ، لا أستطيع أن أُفصـّل كثيرًا لكن فهمكم يكفي ، ما من مشكلة تسحقُ الأسرة ، وتدمّره ، لو أنك أرجعتها إلى أسبابها لوجدْتها لعدم تطبيق منهج الله عز وجل
ما من مشكلة تدمّر البيت ، وتفجع الإنسان إلا بسبب مخالفة لمنهج الله تعالى ، والذي له نفَس طويل ، وقوّة تحليل ، وإدراك علمي ، ونظرة واقعيّة ، يتأمّل أسباب كلّ مشكلة ، فمثلاً إنسان جاره نجّار ، وعنده غرف نوم ، رأى غرفة لطيفة ، قال له : هذه أُريدها ، فقال له : نعم ، سوف أحمّلها لك إلى بيتك ، والقصّة قديمة ، فأعطاه عشرة آلاف ليرة ، ثمّ بعدها عشرة آلاف، وبقي يُعطيه حتى وجد أنّه أعطاه الكثير ، فلمّا سأله عن سعرها ، وجد أنّ سعرها ضعف ما أعطاه !! لِمَ لمْ تسألهُ عن سعرها من البداية ؟ ماذا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلّم : الجهالة تفضي إلى المنازعة . الآن ائْتني بمليون مشكلة تجاريّة أقول لك : إنّ تسعين بالمائة من هذه المشاكل سببها الجهالة ، لا يوجد اتّفاق واضح ، كم أدفع ؟ يقول لك : لا يوجد فرق جيبي وجيبك واحد !! ثمّ بعدها يتنازعان ، البضاعة متى تأتي ؟ يقول لك : اتْركها على التيسير ، كلّ هذا الكلام الضبابي يفجِّر مشكلات ، فإذا أردْت ألا تدخل قصر العدل أبدًا، وألا تفقد مالك ، وتدخل في خصومات مع الناس ، وتريد أن تنام مرتاح البال وضِّح كلّ شيء .
أحيانا يفاجأ الإنسان أنّ كلامًا يقال على زوجته ، والعياذ بالله تعالى، وزوجته طاهرةٌ بريئة يكون سافر وكلّف ابن حميه يعني أخاها أن يتفقَّد البيت ، وما عرف الجيران أنّه مسافر ، وكلّف أخا زوجته أن يأتي إلى البيت ويتفقد أحوالهم ، فالجيران عندما يلاحظون دخول شخص إلى بيت جارهم ، ولا يعرفون أنه أخو زوجته ، ثم جاء في اليوم التالي ومكث ساعة في البيت ثمّ خرج منه ، من حقّهم أن يظنّوا ظنّ السوء ، فأنا كلّما سمعتُ قصّة أجد في نفسي رغبة لمعرفة السبب ، والسبب هو مخالفة شرعيّة .
التقيت مرّة بمدير سُجون القطر ، فقدّم لي كتاباً ألّفه هو عن ثلاث وستّين جريمة ، أجمل ما في الكتاب ، في نهاية كلّ جريمة يكتب : المخالفة الشرعيّة هي التي أدّت إلى هذه الجريمة بعض هذه المخالفات تبرّج زائد ، خروج فتاة في ريعان الشباب زوجة شابة تخرج إلى الشرفة بثياب النوم دون أن تنتبه أنّ حولها رجالاً ، فكان من أحد الرّجال أن دخل عليها عُنْوةً واغتصبها وطلّقها زوجها فورًا في اليوم التالي ، السبب هو جهلها ، تريد أن تقف على الشّرفة بثياب غير لائقة ، فكان من أحدهم أن كانت شهوته عاليَة جدًّا فصار أعمى ، واقْتحَمَ البـيت وفعل ما فعل ، ولمّا علِمَ الزوج طلّق امرأته فورًا ، قرأتُ هذا الكتاب في ليلةٍ واحدة ، أكثر شيء لفت نظري أنّ كلّ جريمة وراءها معصيَة واضحةٌ لمنهج الله عز وجل .
لكن أُحبّ أن ألفتْ نظركم إلى إحدى هذه الجرائم : أم تحملُ طفلاً مريضاً ، وهي تكاد تذوب من الألَم ، رأتْها امرأةٌ فقالتْ : أنا طبيبة ما القصّة ؟ قالت لها : لربما أصابه التهاب سحايا أو ربو ، ثم قالت لها تعالي معي ، فأركبتْها معها في السيارة ، وأخذتْها إلى مستشفى خاصّ ، قالت : أنا طبيبة في هذا المستشفى ، اذهبي وائتني بهذا الدواء فورًا ، ذهبتْ أمّه لِتشتري الدوام ، ولمّا رجعت لم تجدْ طفلها ولا تلك المرأة !! والطفل بيع في لبنان بعشرة آلاف ليرة ، فعلتْ هذا مرّتين أو ثلاثة ، ثمّ قبِضَ عليها ، وهي مسجونة بعدرا .
انتبهوا أيّها الإخوة ، البلد فيها أشكال وألوان من الجرائم والمآسي ، فكلّما قرأت عن جريمة، وجدت هناك مواقف شيطانية سيّئة جدًّا ، ويجب أن تنتبه ، على كلٍّ دقِّقوا في هذا الحديث الشريف :
" المؤمن كيس فطن حذر."
[ رواه القضاعي]
أردتُ أن تكون هذه مقدّمة ، ما من مشكلة تواجه المجتمع ، وتسحق الأُسرة وتنهدّ لها النفوس، إلا بسبب مخالفةٍ لأمر الله أو أمر النبي عليه الصلاة والسلام .
عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"أيما امرأة استعطرت، فخرجت، فمرت على قوم فيجدوا ريحها، فهي زانية
."
[ رواه الحاكم ]
كم امرأة في الطريق تتعطَّر ؟ وعِطرها صارخ ، ونفّاذ ، هكذا قال النبي الكريم :
"أيما امرأة استعطرت، فخرجت، فمرت على قوم فيجدوا ريحها، فهي زانية ."
[ رواه الحاكم ]
هذه مخالفة كبيرة جدًّا تقع بها نساء المسلمين .
كم جريمة وقعتْ في هذه البلدة بسبب رُكوب امرأة وحدها في وقت غير مناسب مع سائق عمومي ، بالسنة الواحدة تقع بضع عشرات الجرائم ، سائق معه امرأة شابّة ؛ يمكن أن يسرع، ويضلّلها حتى يبتعد بها إلى مكان معزول ، فهذه مشكلة كبيرة جدًّا ، فلذلك ركوب المرأة مع السائق الأجنبي ، والخلوة معه ، وعدم التحجّب عنه ، وكأنّه من محارمها ، فعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم :
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها."
[مُتَّفَقٌ عَلَيه]
كم امرأة وقعَت في مَطَبّ كبير ، خلعَتْ ثيابها في مكان لا ينبغي لها أن تخلعها فيه ، الْتُقِطَت لها صورة ، وهُدِّدَت بهذه الصورة ، وابتزَّها صاحب الصورة إلى أن وقعَت في حبائله .
والله قصص كثيرة جدًّا انتهَت بالطلاق ، أحدهم اشترى آلة تصوير فيديو ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
" طوبى لِمَن وسِعَته السنّة ، ولم تسْتهوه البدعة . "
استخدَمَ هذه الآلة لتصويرهما في علاقته مع امرأته ، وهي علاقة مشروعة ، طبعًا شيء مخزٍ جداً أن يظهر هذا الفيلم خارج بيت الزوجيّة، ثم إن الزوج استأجر فيلمين أو ثلاثة من محلّ ، وبالخطأ وضعَ هذا الفيلم في غلاف فيلم مستأجر ولمّا رجّع الأشرطة لصاحبها ، أثناء فحص صاحب المحل أشرطته وجد هذا الفيلم ، تأمّله فوجده جديداً في محلّه ، فأخذ يؤجّره إلى أن وصل هذا الفيلم إلى أخ الزوج ! وافتضح أمر هذين الزوجين واضطرّ أن يبيع بيته ثم انتقل إلى حمص ، هذه مشكلة كبيرة جدًّا ، طوبى لِمَن وسِعَته السنّة ، ولم تسْتهوه البدعة ، يبقى المؤمن في راحة ، وحرز حريز ، وفي حصن حصين ، ورافع الرأس دائمًا ، عندما يكون مطبِّقًا للسنّة ، لا يخشى لومة لائم ، لا يوجد من يهدِّده ، ولا أحد يبْتزّ منه المال ، ولا من يعرض صورته على الملأ .
والله كنت بعُمرة من سنَتَين تقريباً ، وجدتُ بالفندق قصة مكتوبة ، يقولون فيها : اقرأها وأرجعها غدًا ، فلمّا أخذتُها وقرأتها ، تأثَّرتُ لها تأثُّرًا بليغاً ، فتاة بمصر ، من عائلة راقيّة ، الأب مدرس والبيت إسلامي، جاءَ اتّصال هاتفي طائش ، طبعًا بانزعاج شديد أغلقَتْ سمّاعة الهاتف ، أُعيد الاتّصال مرّتين أو ثلاثاً ثمّ جاء شابّ انتظرها أمام البيت، وهي في طريقها إلى المدرسة ، أسمعها كلمات حلوة ، ويبدو أنّه خبير ، وتحمّل صدودًا كثيرة منها ، وهو مُصِرّ ، إلى أن لانَتْ له ، بعد أن لانتْ له اسْتدرجها إلى بيت ، وقضى حاجته وصوّرها، فصار يؤجّرها ، ثمّ هذه الصُّوَر وصَلت إلى أهلها ، هربَتْ من بيت أهلها والنتيجة أنّها في ساعة من ساعات الحقد قتلتهُ وهي الآن في سجن القاهرة ، وكتبتْ هذه القصّة التي أساسها نظرة فابتسامة فسلام فموعد ولقاء ، كما قال الشاعر.
أنا أتمنّى من الآباء والأمّهات توجيه بناتهنّ ، معاذ الله أن تقع هذه المشكلة في بيت مؤمن لكن الوعي ضروري جدًّا ، فالإنسان المؤمن يضبط بناته ، ويعرّفهنّ بحقائق الرّجال ، هناك رجال وُحوش ، وذئاب ، من كلمة من نظرة يسقط الإنسان ، أحيانًا يكون البيت بحاجة إلى ساتر أمام الشّرفة فاجعل هذا الساتر حائلاً ويساعد في ضبط البيت ، أنا أتمنّى على كل إنسان الاعتناء عناية بالغة جدًّا ببناته وأولاده ، حتى ينام قرير العين .
كثرة الخروج من البيت والذهاب إلى الأسواق أمر لا يليق بالمرأة المسلمة،
الاختلاط بالرّجال الأجانب من أقارب المرأة أو أقارب الزوج ، أو غيرهم ، والتساهل بالمزاح معهم ومُصافحتهم ، وإظهار الزينة أمامهم ، وعدم التستّر عندهم ، وقد ثبت في الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال:
"إياكم والدخول على النساء" قيل: يا رسول اللّه أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت".
[ متفق عليه ]
لأنّ هذه إنسانة ممكن أن تتكلّم معها وتتكلم معك ، وتبتسم بِوَجهها ويبتسم لك ، وتمزح معها وتمزح معك ، فهناك إذاً كلام ، واختلاط ، ثم تكون الكارثة .
أيضًا قضيّة ذهاب المرأة إلى الطبيب ، يجب أن تختار طبيباً مسلماً ورِعاً يغضّ بصره ، لأنّ هناك أطباء لا يعبئون بهذه القيود ، وهناك نساء لا يتستَّرن كما ينبغي أمام الطبيب ، فقد صارت خلوة ، ولا سيما طبيب الأسنان ، بكامل زينتها ، والطبيب شابّ وهي شابّة ، وهناك قُرب شديد بينهما ، فهذا أيضًا أحد أسباب الفساد الذي يُصيب نساء المسلمين .
سَفَرَ المرأة من دون محرم ، سواءٌ بالسيارة أو بالطائرة ، لأنّ النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
" لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم
."
[ رواه أحمد]
قرأتُ مرَّةً قصّة ؛ شخص مقيم ببلد خليجي ، وهو أصله من مصر ، فذهب إلى مصر وخطب فتاة ، واعتمد عليها ، وعقد العقْد ، وغدت تستعِدّ للعرْس وشراء الحاجات ، فبعد أن أصبحَت جاهزة أرسل لها تلكس أنّني أنتظرك يوم كذا ، كي تأتي وحدها ، فجاء الجواب أنّ موعد إقلاع الطائرة يوم كذا والساعة الفلانية ، أكون في مطار ( أبو ظبي ) ، هذا التلكس جاء إلى مكتب المدير ، يبدو أنّ بعض الموظّفين أعجبه هذا التلكس ، ذهب إلى هناك ، وقال: لقد أرسلني زوجك كي أستقبلك ، وهو مشغول ، فأخذها وفعل بها الأفاعيل .
كلّ هذا لأنّها سافرت وحدها ، والسفر خلوة ، وأنا أقول لكم بشكل أكيد، بِحُكم بعض ما يُرفع إليّ من قضايا ، خلال فترة الدعوة ، ما من نهيٍ نبوي إلا وله في ذهني أربع أو خمس قصص يشيبُ لِهَولها الوِلدان، بسبب مخالفة النصّ ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
"لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم ."
قد يغيبُ عن أذهان الناس أنّ للمرأة عورةً على المرأة ، تتوهّم بعض النِّسْوة الجاهلات أنّ هذه امرأة مثلها . لا ، فهناك عورةٌ للمرأة على المرأة ، فإذا كان هناك تكشّف فقد ينشأ من هذا التكشّف شذوذ ، وهو موجود ، وسببه التكشّف بين النساء ، فهذه نقطة قد تغيب عن أذهان معظم الأُسَر ، وقد تلتقي امرأة مسلمةٍ بامرأة فاسقةٍ فاجرة شاردةٍ عن منهج الله ، ماذا تفعل هذه المرأة الفاسقة ؟ تصفها للرجال ، وكأنّهم يروْنها ، فالمرأة التي تظهر محاسنها أمام امرأة بعيدة عن الدِّين وفاسقة، هذه أيضًا مشكلة .
عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
"لا تُباشِرِ المرأةُ المَرأةَ فَتَصِفُها لزَوْجِها كأنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا"
[ متفق عليه ]
فهذا أيضًا من مخالفات الشرع ، وكذلك الخضوع بالقول ، ولينُ الكلام مع الرّجال الأجانب وهذا حرامٌ ويكثر هذا عند الكلام بالهاتف ، مما يؤدّي إلى مشكلات لا تنتهي ، تعلّم الحق والصواب من القرآن
لا يحل لامرأة أن تحد على ميت فوق ثلاث. إلا على زوج ."
أحيانًا يموت أخوها أو أبوها ، تجدها سنة كاملة لابسة للأسود ، هذه أيضًا من المخالفات الشرعيّة ، فلها أن تحزن المرأة على غير زوجها ثلاثة أيّام فقط ، أما الزوج فله حكم خاصّ .
أيها الإخوة المشكلة أنّ بيوت المسلمين ينبغي أن تنضبط ، والإنسان حينما يضبط بيته تقرّ عينه
فالمشكلة الكبرى هي : كيف أنّ الإسلام أصبح طقوساً ؟ كان منهجاً قويماً فأصبح صوماً وصلاة وحجاً فقط ! أما البيوت فَمُتَفَلِّتة ، اختلاط ، ولينٌ بالقول ، وإطلاق بصر ، وغيبة ونميمة ، وعدم العمل بقواعد ستر العورة ، وخروج على الإسلام خروجاً مذهلاً ومخيفاً .
أقمتُ دروسًا بِمُعدّل خمسة أشرطة عن العورات في الإسلام ، موضوعات مهمّة جدًّا ، وأنه لا بد من معرفة الأحكام ، ولا يوجد بيت يتقيّد بهذه الأحكام ، ثم تنشأ فيه مشكلة ، وما من مشكلة تنشأ سواء من شذوذ من نحوه ، أو تفلّت ، أو انحراف إلا بسبب التساهل في كشف العورات، ثم التوسع في هذا الأمر والتمادي .
المرأة المؤمنة تعتزّ بدِينها ، ولا تعتزّ بصرعات الأزياء ، والمظاهر الفارغة ، يهمّها أن تكون إنسانة كاملة لزوجها وأولادها ، ما الذي يحدث ؟ لا يحل لها أن تعتني بِمَظهرها إلى درجة مُذهلة إلا أمام زوجها، وهو صاحب الحقّ الأوّل في أن يراها بأبهى زينة ، لكنه لا يرى منها إلا ما يسوئه ، أما الناس الآخرون ، رجال أو نساء يروْن منها ما يسرّهم ، أكرر : لكنّ زوجها لا يرى من امرأته إلا ما يسوئه ، فهذه نصائح وعظات يجب أن تكون واضحة لدى كلّ البيوت.
طبعًا العمل الذي يفضي إلى معصية محرّم ، فعملٌ فيه اختلاط ، وتكشّف ولا يرضي الله عز وجل ، وخلْوَة مع مدير ، وغير ذلك من الأعمال التي تجانب الشرع هي سبب الفساد في الأرض .
هذا الدرس جمعتُ فيه بعض المخالفات التي يمكن أن تقع بها المرأة المقصّرة ، ولكن كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته ، الرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيّته ، أما إذا كان هناك تساهل فإنّه يدفع الثّمن باهظاً .
الحمد لله على أنّ الله عز وجل قد أنعم علينا بِمَنهج قويم ، والحقيقة لو أنّ إنسانًا سافر إلى بلاد بعيدة يجد العجب العجاب ، ومشكلات لا تنتهي ، والفسق والفجور على قارعة الطريق ، وهذا كلّه من ضياع الناس ، وذكرتُ في خطبة سابقة أنّ هناك ثمانية عشر حديثًا صحيحًا كلّها تحضّ على السكنى بالشام ، أما الحديث المخيف ، وقد ورد في البخاري ، إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم . معنى ذلك أنّ هذه المدينة الطيّبة آخر بلاد الأرض فسادًا فإذا فسدَت فالمشكلة كبيرة جدًّا ، ونرجو ألا يتحقق هذا الحديث وألا يترجم إلى واقع .
قال لي أحدهم : ذهبتُ إلى فرنسا ببعثة ، وأحببْت أن أتدرّب على التطبيق رأى شابّاً مهمومًا فسأله : قال له : بماذا تفكّر ؟ قال له : أُفكّر أن أقتل أبي ! فقال له : لماذا ؟ فقال : أحبّ فتاةً فأخذها منّي ! هذا مستوى تعامل الآباء مع الأبناء هناك ، يروون قصّة نموذجيّة تمثّل واقع المجتمع الغربي ، أنّ شابّاً في أمريكا أحبّ فتاةً فاستأذن أباه في الزواج منها ، فقال له : لا يا بنيّ إنها أختك وأمّك لا تدري ، فلمّا رأى فتاةً ثانية أعجبتهُ ، وعرض على أبيه هذا الأمر ، فقال له : لا يا بنيّ إنها أختك وأمّك لا تدري ، فلمّا أعجبته فتاةٌ ثالثة واستأذن أباه مرّة ثالثة فقال له : لا يا بنيّ إنها أختك وأمّك لا تدري ، فلمّا ضجِر الشابّ عرض الأمر على أُمّه ، فقالت : خذ أيّهن شئْت فأنت لسْتَ ابنه وهو لا يدري !! هكذا حال الكفار .
يتبع
"من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة."
لأنّه أوّلاً يتطبّع بطــِباعِهِم دون أن يشعر ، عش معهم سنتين أو ثلاثاً تقتنع بآرائهم ، ومناهجهم، وتُكبِرُ قِيَمَهم ، وتنسى أمّتك ودينك ، تجد الشيء غير المقبول مقبولاً ، بِرَبِّكم في أي بلد إسلامي إذا وزير أقام مؤتمراً صحفياً ، قال : أنا شاذّ جنسيًّا ! هل يبقى بالوزارة ؟! مستحيل ، لكن ببريطانيا وزير الصحة الحالي ، عقد مؤتمراً صحفياً ، وقال : أنا شاذّ جنسيًّا !
ملكة بريطانيا التي ماتتْ بحادث عقدت مؤتمرًا صحفيًّا بثَّته إحدى عشرة محطّة فضائيّة ، قالت : في يوم كذا زنَتْ بالإسطبل في الوقت الفلاني مع فلان ، ومع آخر في يوم كذا ، ولمّا ماتت مشى بجنازتها سبعة ملايين شخص ، وبكى عليها الكثير من الوزراء .
لمّا اغْتُصِبت خمسة وثلاثون فتاة بالبوسنا ما بكى أحد لمصابهن ، أما هذه المجنونة لمّا ماتت كلّهم بكوها ! هذا هو المجتمع الوحشي ، بعيد عن القيم ، فلمّا النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"إنكم ستجندون أجنادا، جندا بالشام ومصر والعراق واليمن. قلنا: فخر لنا يا رسول الله. قال: عليكم بالشام فإن الله قد تكفل لي بالشام".
[وأخرج البزار]
".
أنا والله أيها الإخوة حريصٌ حرصًا كبيرًا على أن تظلل بيوتكم السعادة ، والبيت المسلم فيه سعادة ولو كان متواضعاً ، ولو كان بيتاً بالأُجرة ، ولو كان أثاثه قليلاً جدًّا ، ولو كان الإنفاق قليلاً ، لأنّ أساس السعادة الاتّصال بالله عز وجل ، فكلّ زوجين مؤمنين طاهرين مستقيمين ، يعطيهما الله عز وجل الاطمئنان ويوفر لهما من السعادة التي لا يحلُم بها أهل الدنيا .
والحمد لله رب العالمين
"لاتنسواالصلاة على رسول الله]
إنتهى
شكرا لك اخي هشام
بارك الله فيك موضع يستهل التثبيت