فإن قيام الليل هو تجارة الصالحين، ففي الليل يقوم المؤمنون بين يدي ربهم، يسألونه من فضله، ويعرضون أنفسهم لتلك النفحات، و تلك القربات، ويتضرعون إلى قيِّـوم الأرض و السموات.
ولقد حثّ النبي r على قيام الليل بقوله عليه الصلاة والسلام : ( في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها ) فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ( لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام ) [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني]. وقال r : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) [رواه مسلم]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ ) [متفق عليه]. وهذا يدل على أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح0أما حال السلف مع قيام الليل فمنهم من كان يقوم كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء ومنهم من كان يقوم شطر الليل أو ثلثه أو خمسه أو سدسه وأقلهم كان يصلي من الليل أربع ركعات أو ركعتين،وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله r قال: ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ) (رواه البخاري ومسلم) .
فلذلك كان الصحابة والتابعين والسلف يفضلون الصلاة آخر الليل على أوله0
وكيف حالنا نحن وكثيرً منا لا يعرف القيام إلا في رمضان فاحرص أخي الحبيب على القيام وأقله ركعتين أو أربع ركعات قبل النوم أو قبل آذان الفجر حتى لا تكون ممن يزهد في هذه السنة العظيمة وسترى فائدتها عليك في الدنيا قبل الآخرة ولن تجد أجمل و أعظم من أن تقف في جوف الليل بين يدي الله متضرعاً، باكيأً،متذللاً ،خاشعأً ،ترجو رحمته وتخشى عذابه وإذا عزمت على قيام الليل فاعلم أن هناك أمورا ً تعين على قيام الليل فمنها :
استحضار الأجر العظيم لقيام الليل و قصر الأمل وعدم التعلق بالدنيا و اجتناب المعاصي والآثام والحرص على سلامة الصدر من الحقد والحسد وعدم السهر بعد العشاء و الإقلال من الطعام والشراب وذلك مما يثقل عليك القيام. واحرص على ألا تتعب نفسك في النهار بما لا فائدة منه وعليك بالقيلولة فإنها تعين على قيام الليل0
أيها الإخوة والأحبة، بالتكاسل عن قيام الليل تقسو القلوب، وتجفّ الدموع، وتتمكن الغفلة من النفوس، ذ ُكر رجلٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح، فقال صلى الله عليه وسلم ( ذاك رجلٌ بال الشيطان في أذنه ) متفق عليه وقال r: ( عليكم بقيام الليل، فإنَّه تكفير للخطايا والذنوب، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة للداء عن الجسد ).(رواه الترمذي والحاكم).
وقال r ( من أيقظ أهله فصليا ركعتين كُتبَا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ) أخرجه أبو داود
ولا ننسى جميعا بأن رسولنا الكريم عليه السلام قال (الشتاء الغنية البارده )أوكما قال,فليله طويل فلنحييه بالتهجد والصيام لنهاره القصير ..اللهم أجعلنا ممن يصلي والناس نيام ويصوم والناس مفطرون…
بارك الله فيك يا أخي