قال الراغبُ الأصْفهاني في " محاضرات الأدباء " :
▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬
زوّجَتْ امْرأة ابنتَها , فقالت :
– يا بُنَيَّةَ , لو تركتُ الوصيةَ لأحدٍ لحُسنِ أدبٍ , أو لكرمِ حَسَبٍ لتَرَكْتُها لكِ ، ولكنّها تذكرةٌ للغافلِ , ومعونة للعاقل .
– يا بُنَيَّة : إنّكِ قدْ خَلَفْتِ العُشَّ الذي منه دَرَجْتِ ، والموضعَ الذي منه خرجتِ , إلى وَكْرٍ لم تعرفيه ، وقرينٍ لم تألفيه . كوني له أمة , يكن لك عبدا.
* واحفظي عني خِصالاً عَشْراً تكنْ لك دَرَكاً وذُكْراً :
– أمّا الأولى والثانية : فحُسْنُ الصّحَابةَِ بالقناعةِ , وجميلُ المُعاشَرَةِ بالسمع والطاعةِ ؛ ففي حُسْن المُصاحَبَةِ راحةُ القلبِ , وفي جميلِ المعاشرةِ رضا الربِّ .
– والثالثةُ والرابعة : التفقدُ لموضع عَيْنِهِ , والتعاهدُ لموضع أنْفِهِ ؛ فلا تقَعْ عينُه منكِ على قبيح , ولا يَشُمًَّ أنفُه منك خبيثَ ريحٍ .
واعلمي أنّ الكُحْلَ أحسنُ الحسن المَودودِ ، وأنّ الماءَ أطيبَ الطيبِ الموجودِ .
– والخامسة والسادسة : فالحفظُ لمالِه , والرّعايةُ لحَشَمِه وعِيالِه .
واعلمي أنّ الإحتفاظَ بالمالِ حسنُ التقدير , والإرْعاءُ على الحَشَمِ حسنُ التدبير .
– والسابعةُ والثامنةُ : التعاهدُ لوقتِ طعامِه , والهدوءُ عندَ منامِه ، فحرارةُ الجوع مَلْهَبَة , وتنغيصُ النوم مَغْضَبَةُ .
– والتاسعة والعاشرة : لا تفشينَ له سِرّاً , ولا تَعْصينَ له أمراً ؛ فإنّك إنْ أفْشَيْتِ سرَّهُ لم تأمني غَدْرَه ، وإنْ عَصَيْتِ أمرَهُ أوْغَرْتِ صدرَه .