لا تحسبنَّ العلم ينفع وحدهما —– لم يُتَوَّج ربُّـــه بخــــلاق
وكانوا إذا أرسلوهم للمربين والمؤدبين أمروهم بالأدب قبل العلم ،
وكانت وظيفة ( مؤدب أولاد الخلفاء ) من الوظائف المعروفة المشهورة ، ولا ريب في ذلك ، فقد ثبت عند أحمد والحاكم بسندٍ حسنٍ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: )ليس منَّا من لم يُجِلَّ كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقَّه)[حسنه الألباني] وما ذاك إلاَّ لإدراكهم أهميَّة الأدب ، ومكانته من الدين والعلم.
قال البوشنجي – رحمه الله –
( من أراد العلم والفقه بغير أدبٍ ، فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله ) .
وقال الخطيب البغدادي – رحمه الله – :
( والواجب أن يكون طلبة الحديث أكمل الناس أدباً وأشد الخلق تواضعاً ، وأعظمهم نزاهة وتديُّناً ، وأقلهم طيشاً وغضباً ، لدوام قرع أسماعهم بالأخبار المشتملة على محاسن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآدابه وسيرة السلف الأخيار من أهل بيته وأصحابه ، وطرائق المحدثين ،
ومآثر الماضين ، فيأخذوا بأجملها وأحسنها ، ويصدفوا عن أرذلها وأدونها) .
وعن ابن وهب قال : سمعت مالكاً يقول :
( إنَّ حقَّاً على من طلب العلم أن يكون له وقارٌ وسكينة وخشية ، وأن يكون مُتَّبِعَاً لأثر من مضى قبله ) .
وقال سفيان الثوري – رحمه الله – :
( كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث تأدَّب ، وتعبَّد قبل ذلك بعشرين سنة) .
بل كانوا يفتشون في أخلاق وأحوال من يتعلَّمون منه قبل التلقي عنه
قال إبراهيم النخعيًّ – رحمه الله – :
( كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه ، نظروا إلى سمته وإلى صلاته ، وإلى حاله ، ثم يأخذون عنه ) .
وقال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد : قال لي أبي :
( يا بنيَّ إيت الفقهاء والعلماء ، وتعلَّم منهم ، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم ، فإنَّ ذاك أحبَّ إليَّ لك من كثير من الحديث ) .
وقال الإمام مالك :
( كانت أمي تُعَمِّمني ، وتقول لي : إذهب إلى ربيعة ، فتعلَّم من أدبه قبل علمه ) .
وأخبارهم وآثارهم في هذا تطول ، يظهر منها أهميَّة الأدب ، ومبلغ اهتمام السلف به ، وإدراكهم لمكانته من العلم والدين
ودونك أخي طالب العلم ، أهمَّ آداب طالب العلم مع نفسه وأشياخه وأقرانه ، ملخصة ، ومن أراد الاستزادة فعليه بمراجعة مظانها في كتب الأدب والعلم :
1_ إخلاص النية لله تعالى في طلب العلم ، والبعد عن الرياء وحظوظ الدنيا .
2_ محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيقها بالمتابعة التامة .
3_ السير على جادة السلف وهديهم والحذر من البدع والهوى .
4_ ملازمة خشية الله تعالى ومراقبته في الغيب والشهادة .
5_ خفض الجناح ونبذ الخيلاء والكبرياء والعجب .
6_ القناعة والزهادة في الدنيا وحطامها الزائل .
7_ التحلي برونق العلم وهديه ولغته .
8_ التحلي بالمروءة وخصال الشهامة والرجولة .
9_ هجر الترفُّه وكثرة التنعُّم .
10_ الإعراض عن مجالس اللهو والهيشات والغفلة .
11_ التحلي بالرفق والصبر والتأمُّل .
12_ التحلي بالثبات والتثبُّت وعدم العجلة .
13_ السير على منهجية الطلب ومراحله المعروفة عند أهل العلم .
14_ أخذ العلم عن أهله المعروفين .
15_ رعاية أدب الشيخ وحرمته وصيانة مجلسه عن اللغو والعبث وسوء الأدب .
16_ الحذر من التلقي عن أهل البدع وأهل الأهواء .
17_ الحذر من قرناء السوء وأصدقاء المنفعة الدنيوية .
18_ ملازمة علو الهمة في طلب العلم .
19_ مراجعة العلم وحفظه ومدارسته وفهمه وكتابته .
20_ الحذر من التصدُّر قبل التأهُّل .
21_ الحذر من القول على الله بغير العلم والجرأة على الفتوى .
22_ تحكيم أصلي الأصول الكتاب والسنة وتقديمهما على غيرهما .
23_ الحذر من الشبهات والأحزاب .
24_ التحلي بالصدق والبعد عن الحسد والنميمة والحقد
وسوء الظن ومجالسة المبتدعة .
وَبَقيتُ في خَلفٍ يُزَيِّنُ بَعضُهـم بَعْضَا ليأخـذ مُعْـوِرٌ من معْـورِ
سلكوا بنيات الطريق فأصبحو متنكبين عن الطريق الأكبر