تخطى إلى المحتوى

عقيدة السلف والصحابة فى الأسماء والصفات 2024.


الإيمان بالأسماء والصفات

أ – أهمية الإيمان بالأسماء والصفات:

معرفة الله أصل الدين، وركن التوحيد وأول الواجبات، لما قال النبيeلمعاذاًtلما أرسله إلى أهل اليمن: "فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات"[1]، الحديث صدر به البخاري كتاب التوحيد من صحيحة، وآيات الصفات لها فضل خاص كما في صحيح مسلم أن أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي وكلها أسماءوصفات،وحب الآيات والسور المتضمنة لها سبب لدخول الجنة كما في حديث البخاري في الصحابي الذي كان في سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ }قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{( الإخلاص:1 .(ولما ذكر ذلك وسئل عنه قال : لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أنأقـرأ بها قال النبيe)) أخبروه أن الله يحبه)) .
ولـقد أمــرنا الله بدعائه بأسـمـائه وصفاته . . . فــقال:}وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِسَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{[الأعراف:180] .
وقال النبيe: "إن لله تسعةً وتسعين اسماً مائةً إلا واحداً منأحصاها دخل الجنة"[2](أحصاها: حفظها، أطاقها: تعبد لله بها)والفرق بين المسلمين
وبين اليهود هو في الأسماء والصفات إذ نسبوا إليه الفقر والتعب وغل اليدين والعجز – نعوذ بالله من ذلك.

والفرق بين المسلمين وبين النصارى هو في الأسماء والصفات إذ نسبوا إليه الصاحبة والولد والموت والبكاء وسائر صفات المخلوقينحين قالوا:}إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ{
( المائدة: 72 ) .
وظن الجاهلية في صفات الله مهلك والعياذ بالله، فقد قال فيمن شكفي صفة السمع والعلم لله تعالى:}وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ{( فصلت:22- 23).
ومعرفة الله بأسمائه وصفاته ومحبته ودعاؤه بها، والتعبد له بمقتضاها هي جنة الدنيا التي من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، وأجمع المسلمون على فضل هذا العلم وشرفه، فمن قلل من شأنه أو قال عنه: إنه )ترف عقلي) أو (إنه انشغال بما غيره أولى منه) فهو ضال مبتدع.

(ب) العقيدة الصحيحة – عقيدة السلف :
(نؤمن بكل ما وصف الله به نفسه، وبما وصفه به رسولهe، منغير تعطيل[3]ولا تحريف، ومن غير تكييف ولا تمثيل).

لم يختلف الصحابة ولا الذين يلونهم ولا الذين يلونهم في هذا الاعتقاد أبداً، وإجماعهم حجة على من بعدهم فيجب الإيمان (بكل) ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسولهe
فليس هناك فرق بين بعض الصفات وبعضها، وليست صفات اللهمقتصرة على سبع كما يعتقد الأشاعرة أو غيرها، بل كل ما ورد فيالكتاب والسنة يجب الإيمان به، كالحياة والسمعوالبصروالقدرةوالإرادة والعلم والكلام والرحمة والمحبة والرضا على المؤمنين والسخط على الكافرين والفرح بتوبة العبد حين يتوب إليه والضحك لرجلين يقـتل أحدهما الآخر فيدخلان الجنة، واليدين والقَدَم، كل ذلك على ما يليق بعظمة الله وجلاله.
والسنة أصل في ذلك، فالحديث الصحيح حجة بنفسه في العقائد،ومنها إثبات صفات الله تعالى
ويدخل في التحريف: التأويل المذموم، الذي ابتدعه بعض الخلف لشبهات عقلية فاسدة كمن يؤول الاستواء بالاستيلاء ومن يؤول اليدين بالقدرة، والحب والرضاوالغضبوالإرادة مع نفي هذه الصفات واعـتقـاد أن ظاهرها لا يليقبالله، وقد أجمع السلف على الكف عن هذا التأويل، ولم يفسروا آيات القرآن ولا أحاديث الرسولeبهذه التأويلات البعيدةبل قالوا : (أمرُّوها كما جاءت) أي دالة على معانيها اللائقة بجلالالله، والإقرار بجهل الكيف، وعدم قدرة المخلوقين على الإحاطة بهوالحذر كل الحذر من التشبيه.
}قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ{
(الإخلاص:1-4) .
}لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{
[ الشورى: 11] .
وكما قالت أم سلمة والإمام مالك : (الاستواء معلوم والكيفمجهول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة).
ولذا فقـد اتفق السلف على ذم الفلسفة وعلم الكلام، و أنه ليسمصدراً لمعرفة العقيدة ولذا كانت بدعة الجهمية في نفي الأسماء والصفات وتعطيلها وبدعة المعتزلة في نفي الصفات من شر البدع.

(جـ) هل آيات الصفات وأحاديثها من المتشابه؟:

قال ابن عباسtلمن أنكر شيئاًمن أحاديث الصفات: (ما فرقهؤلاء يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه) فهي تـشتبهعلى أهل الزيغ والضلال، وأما أهل العلم فهم الذين آمنوا بالكتاب كله، فردوا المتشابه إلى المحكم، فاتـسق الكتاب كله، وعلموا الحق من الإيمان بصفات الله، بمعرفة معناها وجهل كيفيتها، فالتشابه الذي لا يعلمه إلا الله من ذلك هو حقيقة الصفات وكيفيتها، وأما المعنىفهو مما قال
الله فيه:
}كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ{[ص:29]
لم يستثن متشابهاً ولا غيره ، فتفويض السلف تفويض كيف لا تفويض معنى، ومن نسب إليهم أنهم يعتقدون نفي معاني الصفاتوأنها حروف لا تؤدي معنى كالكلام الأعجمي، أو الحروف المقطعة في أوائل السور فقد جمع بين التعطيل وبين الجهل بعقيدة السلف والكذب عليهم، (التفويض هنا معناه رد العلم إلى اللهوالإقرار بجهل العباد في هذا الأمر) .

(د) التعبد بالأسماء والصفات حقيقة التوحيد:

وذلك بأن يمتلئ القلب بأجلِّ المعارف باستحضار معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى، ويتأثر القلب بآثارها ومقتضياتها ويدعو الله بها، فمثلاًأسماء (العظيم) و(الكبير) و(المتعال) و(المجيد) و(الجليل) تملأ
القلب تعظيماً لله وإجلالاً لهوأسماء (البر) و(الكريم) و(الجواد) و(المنان) و(الرحيم) و(الجميل) و(الودود) تملأ القلب حباً له وشوقاً إليه وحـمداً له وشكراً.
وأسـماء (العـزيز) و(شديد العـقاب) و(الجبار) و(القدير) تملأ القلب خـضـوعاً وانكساراً وذلاً وخـوفـاً ورهبـةً منه سـبحـانه.
و أسماء (العليم) و(الخبير) و(السميع) و(البصير) و(الشهيد) و(الرقيب) و(الحسيب) تملأ القلب مراقبةً لله في الحركات والسكنات، وتؤدي بالعبد إلى أن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه.
وأسماء (الغني) و(الغفور) و(التواب) و(المجيب) و(اللطيف) تملأ القلب افتقـاراً إلى فضله ورجاءً لرحمتـه ورغبةً في منته، نسأل الله أن يفتح لنا وللمسلمين أبواب هذا الخير الذي لا يوصف والسعادةالتي لا تقارن، فإن ذلك لا يُنال إلا بفضله ورحمته.

والله الموفق

1 قال الإمام البخاري: وحدثني عبد الله بن أبي الأسود، حدثنا الفضل بن العلاء، حدثنا إسماعيل بن أمية، عن يحي بن عبد الله بن صيفي أنه سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول: سمعت ابن عباس يقول: لما بعث النبيe معاذاً إلى نحو أهل اليمن قال له: "إنك تقدُمُ على قوم أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من غنيهم فترُدًُعلى فقيرهم فإذا أقروا بذلكفخذ منهم وثَوقَّ كرائمَ أموال النًَاس" رواه البخاري كتاب التوحيد 7372 / 359 / 13 .

[2]رواه البخاري (6410/11/218) الدعوات، ومسلم (2677/17/8) الذكر والدعاء.( متفق عليه) .

[3]التعطيل هو النفي، مثل نفي الجهمية لصفات الله كقولهم: "لم يستوا على العرش"، "لم يكلم موسى تكليماً"، "لم يتخذ إبراهيم خليلاً".
أما التحريف فمنه :
أ – التحريف اللفظي : كقول بعض المعتزلة "وكلم اللهَ موسى تكليماً" لينفي صفة الكلامعن الله ويجعله من فعل موسىe(( إن كان يعجز من ذلك في قوله: }وَلَمَّا جَاء مُوسَىلِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ{بخاصة، لا يحتمل ذلك .
ب – التحريف المعنوي : أي تحريف المعنى مع بقاء صورة النظركقول من قال:"الرحمنعلى العرش استوى أي استولىومن قالاليد القدرة وكذا في قول النبيe: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" بقول أمره أو ملائكته لبعض صفات الرب سبحانه.
والتكييف : اعتقاد كيفية معينة لصفات الله سبحانه وقد قال تعالى:}ولا يحيطون بهعلماً {والمنفيهنا هو إدراك الكيفية فالكيف مجهول، أي: هناك كيفية وحقيقة لصفات الله لكن نحن لا نعلمها، والتكييف أعم من التمثيل الذي هو التشبيه وهو أن يعتقد أن الله يشبه خلقه في صفاته، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

السلام عليكم
بارك الله فيك
و جزاك عنا كل خير
و جعله الله في ميزان حسناتك
آآآآمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.