أملا أن لا ينشغل شبابنا بالشهوات الفانيات…..ويستعدوا للممات الآت….. ويتنبهوا لأضرار العشق والهيام بينهم بنينا وبنات….. ابعث بكلمات مليئة بالآلام….. وحروف سطرتها الأقلام….. على أوراق تتزاحم عليها النصيحة والكلام….. ابعثها إلى كل من كان مغرورا بعشيقته وعلى حبيبته إقباله…… إلى كل من كان مفتونا بكواذب قلبه وأماله….. إلى كل من اقبل على ما يضره تاركا ما يفيده….. إلى كل من يخفى عليه الأمر الرشيد….. إلى كل من ضيع لحظة فى العشق والهيام وقد أحصاها عليه رقيب وعتيد….. نقول له انتبه إلى كلامنا فهو لك مفيد وعليك شهيد…..
أما بعد:-
فو الذي ألف القلوب… ووحد الخطوب إني احبك في الله… ولكن عفوا وعذرا فانا لا أحب فيك معصيتك… وقد وجدت أن انشغالك بالعشق والهيام احد الأمراض التي وقع مكروبها على قلبك… وحتما سيستولى على عقلك… وينتشر جرثومها في أنحاء جسدك… فاستمع إلى كلامنا يا من غبت عن الصواب… وإلا سيعلمك الدهر أن قلبك بعشقك للحرام كذَّاب… انى لا أريد الا الإصلاح ما استطعت…. وما توفيقي الإ بالله عليه توكلت واليه متاب.
العشق هو:-الوقوع في المحبة،بحيث يستولى المعشوق على قلب العاشق… وبدايته نظرة إعجاب طفيفة تتدرج بالعاشق حتى لا يخلو قلبه من تخيل معشوقه وذكره والتفكير فيه بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه.
حكم الحب في الإسلام: قال أهل العلم إن المحبة أنواع متعددة… فمنها ما هو حلال نافع بل هو واجب… كحب الفرد لأبيه وأمه و زوجه… ومنها ما هو مستحب كمحبة الفرد لصديقه لله وفى الله وليس لأجل المصلحة الدنيوية… ومنها المحبة الضارة المحرمة شرعا… وهى المحبة التي تقع بين جموع الشباب والفتيات… والذي يطلق عليها أدعياء الحضارة ( الحب العاطفي ) ويطلق عليها علماء الشرع ( عشق الصور ) وسماه العلماء بعشق الصور لان العاشق يحفر صورة معشوقه في عقله… وقال علماء الأمة إن الحب العاطفي حرام إذا كان في بدايته… أي إحساسا يتخلل إلى نفس العاشق، ويشتد حرمة إذا كان مختلطا بالخطابات الغرامية والمكالمات الهاتفية… و المقابلات.
وقد ينتقل بالعاشق إلى مقام الكفر لان العاشق قد يحب معشوقه أكثر من حبه لله… وها نحن نسمعها على السنة الشباب فها هو احدهم يقول (أنا أعبدك ) وأخر يقول لمعشوقته ( إني أحبها أكثر من كل شيء ) ولا تعجب من ذلك فان ذلك موجود في أوساط الشباب وعلامته أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه… وهذا هو حال من وقعوا في عشق الصور أو بالمعنى الشبابي من وقعوا في الحب العاطفي.
أقوال في الحب العاطفي:-قال ابن القيم رحمه الله:- ( إن من المعلوم انه ليس فى عشق الصور مصلحة دينية لا دنيوية بل مفسدته الدينية والدنيوية أضعاف أضعاف ما يقدر فيه من مصلحة)
وقال أخر:- ( العشق الحرام سم مميت لأفئدة الكرام )
وقال أخر:- ( العشق الحرام بمنزلة الهادم للأبدان… وان وقعت فيه قتلك وان أكثرت منه قتلك)
وانشد أخر قائلا: (خليلي إن الحب فيه لذاذة… وفيه شقاء دائم وكروب )
وقال صاحب كتاب الكبائر والنساء: (ام العشق الحرام هو أن تعشق المتزوجة رجلا غير زوجها لما له من صفات تثيرها… وأيضا عشق الفتاة البكر التي تعشق رجلا غريبا سواء إن كان مهتما بها او غير مبالي بأمرها فهو كبيرة من الكبائر)
قال ابن حجر الهيثمى: ( العشق إما مباح كعشق الرجل لزوجته او أمته… وأما محرم كمن غلب عليه هوى محرم )
وأظن انه قد تبين لك آخى القارىء من هذه الأقوال حكم الحب العاطفي… وسنختمها بهذا القول… وهو قول احد العارفين:- (لان ابتلى بالفاحشة وأقع فيها خير إلي من ابتلى بعشق امرأة يتعبد لها قلبي وتشغله عن ذكر الله ).
أيها العاشق الولهان:-تدبر العواقب… واحذر قوة المراقب… وخف من عقوبة المعاقب… واحذر من حفر الحب الخائب… فانه والله للنار شر طالب… أين الذين قعدوا في طلب الهيام وقاموا وداروا على بنيان قصر العشاق النادمين وحاموا… فيا اقل ما لبثوا وانقص ما قاموا… لقد وبخوا أنفسهم في عقر قبورهم على ما أسلفوا من العشق الحرام ولاموا.
أسباب الوقوع في الحب العاطفي:-
1-فراغ القلب من الإيمان بالله وعبادته وكما قال الشاعر
اتانى هواها قبل أن اعرف الهوى *** فصادف قلبا خاليا فتمكن
2- النظر إلى ما حرم الله: ولقد قال احد الحكماء
(الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على الم ما بعده )
وقال الشاعر:
كل الحوادث مبدؤها من النظر… ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت من قلب صاحبها… كمبلغ السهم بين القوس والوتر
وقديما قيل: ( النظرة تولد إعجاب ثم يولد الإعجاب خطرة ثم الخطرة تولد فكرة ثم تولد الفكرة شهوة ثم تولد الشهوة إرادة ثم تقوى الإرادة وتصير عزيمة حازمة ثم تقوى العزيمة فيقع العشق ولابد ما لم يمنع منه مانع )
3- نسيان الموت وعدم تذكرة مراقبة الله:- وتلك هي المعصية الكبرى… والكارثة العظمى… فكما نقول دائما وسنظل نقول إن نسيان الموت ومراقبة الله كان السبب الأساسي في صدا قلوب الناس… ووقوعهم في الشهوات… فلو تذكر العاشق الموت وقت هيامه بمحبوبه… ما عشق حراما قط. وكذا لو تذكر شاب الجامعات الذين يتسامرون ضحكا وسرورا وعشقا مراقبة الله… ما فعلوا ما يفعلون.
أسباب تحريم الحب العاطفي (أضراره):-
أولها واقلها:-هو إن اقل مراتب العشق هو " التتيم " وهوا ول منزلة من منازل العشق وهى منزلة الإعجاب لذا يقال" عاشق متيم" ففي هذه المنزلة نرى العاشق اقل شيء يحدث له هو انه يتذكر المحبوب… وقد يؤدى تذكره مع وسوسة الشيطان إلى إثارة الشهوة… وحتى إن لم يثير تذكر العاشق لمعشوقه شهوته… فانه لا يجوز أصلا أن يتذكره لأنه لا يملكه… لا بزواج ولا بملك يمين… وكما قلنا من قبل " الخطرة تولد فكرة………. عشق".
ثانيها:-إن العشق يوقع العاشق في المحرمات شيء فشيئا… فتجد العاشق يريد لفت انتباه معشوقه… إما بالابتسامة أو بالاتفاق الملحوظ في الرأي… أو بالنظر نظرا شيطانيا غير عاديا… وهذا شيء ملحوظ عند العشاق… تجد العاشق منهم ينظر للمعشوقة غير أي نظرة لأي شخص أخر.
ثالثها:-الانشغال بحب المعشوق وذكره عن حب الله تعالى وذكره… ولقد اخبرنا ابن القيم رحمه الله… ( لا يمكن أن يجتمع فى القلب حب الرحمن الأعلى وعشق الصور بل هما ضدان لا يتلاقيان).
رابعها
:-إن العاشق لا يملك معشوقه… وهنا نرد على من يقول " إن الحب شيء لا يتحكم فيه الإنسان بل هو خارج عن الإرادة "… فأنا اقصد بقولي إن العاشق لا يملكه… أي لا يملك معشوقه كي يفكر فيه… أو يتحدث معه بلا مبالاة شبابية… أو غير ذلك. و لست اقصد أن العاشق لا يملك دخول العشق إلى قلبه ولن أرد هنا بكلماتي… بل بكلمات عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أتاه رجل وقال له أمير المؤمنين إني وقعت في عشق امرأة فقال عمر " لقد وقعت في المحظور وعشقت مالا تملك"… و ها نحن نرى عمر بن الخطاب قال له وعشقت مالا تملك… و لم يقل له وفعلت ما لا تملك.خامسها:-عذاب قلب العاشق بمعشوقه:- ولقد قال احد أهل العلم ( من أحب شيئا غير الله عذب به ولابد… والعشق أن استلذ به صاحبه فهو اشد درجات عذاب القلب… بدليل إننا نسمع عن من جلس طوال الليل قلقا على معشوقه لأنه لم يراه أو يسمع صوته… وكثيرا ما نسمع عن الذي لم يذق طعم النوم لأنه حبيبته هجرته وغير ذلك ).
وكما قال الشاعر….
فما في الأرض أشقى من محب… وان وحد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حين… يخاف فرقة أو لاشتياق
سادسها:-إن قلبه أسير في قبضة غيره يسومه الهوان: وهنا نرى على من يقول من الشباب ( إن الحب ليس حراما إذا كان شريفا اى ليس مختلطا بالرسائل وغير ذلك وخاصة إذا كان المعشوق لا يعلم بعشق من يعشقه)… أقول له إن هذا العاشق كالعصفور الأسير في يد الكفل الصغير… فالعصفور يشهق والطفل لا يشعر به بل هو يلهو ويلعب فهو كما قال احد الشعراء…
طليق برأي العين وهو أسير… عليل على قطب الهلاك يدور
سابعها:-إن الحب العاطفي إذا تمكن من القلب واستحكم وقوى سلطانه افسد الذهن وأحدث الوسواس… ولقد قال محمد بن أبى بكر الدمشقي ( إن أفات الدنيا والآخرة أسرع إلى عشاق الصور " عشاق الحب العاطفي "من النار فى يابس الحطب)
ثامنها:-إن الحب العاطفي إذا اشتد على صاحبه قد يجعله في تعداد المجانين… وهذا ليس هراء… بل هو حقيقة مشاهدة… فهل ترى شيء اذهب عقل مجنون ليلى الا هذا… وكما قيل…
قالوا أجننت بمن تهواه…. فقلت لهم العشق أعظم بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه… وإنما يصرع المجنون في الحنين
تاسعها:-انه يفسد الحواس… فنجد العاشق كأنه قد عمى عن عيون معشوقه فأصبح لا يرى الا مميزاته… وكذا قد تراه قد أصبح أصم فهو لا يسمع الا محاسنه… فهو كما قيل
صورتك إذ عيني عليها غشاوة… فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
عاشرا:- عدم رضا الله عنك… لأنك لو قال لك احد الشباب ( أنا اعشق أختك أو أحبها)… ربما ضربته وقاطعته أو قتلته مهما كان أحب أصدقائك… فما بالك وأنت مكانه… هل أنت راضى عن نفسك… أم هل إن الله راضى عنك.
أظنه قد نسى:-قرأ احد الشباب ضئيلا من بعض كلماتي عن حرمة العشق وكان ذلك في رسالة للمرآة المسلمة فعارض قائلا:- ( العشق ليس حراما لأنه ثبت عن النبي عليه السلام انه كان يحب عائشة أكثر من جميع زوجاته وثبت عنه انه قال أيضا اللهم إن هذا قسمي فيما املك فلا تؤاخذني فيما لا املك )…
وأظن أن ذلك الشاب الفاضل المعارض نسى أن عائشة كانت زوجته وليست معشوقته فهو يملكها ويملك عشقها.
طرق العلاج لم وقع فى الحب العاطفي هي:-
1-التوبة إلى الله … آخى الحبيب… إذا كنت تعلم أن العشق حراما… فها هي أبواب التوبة على مصرعيها أمامك… ولا تحزن فلقد قال تعالى:" كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فانه غفور رحيم "
2- إخراج القلب من فراغه… فلقد قال السلف الصالح ( العشق حركة قلب فارغ… أي فارغا مما سوى معشوقه).
3- الإخلاص في مقاومة النفس من الوقوع في داء الحب العاطفي… وذلك لان الإخلاص سبب في التخلص من الفواحش عموما فقد قال تعالى:- " كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ".
4- مصاحبة الصالحين والبعد عن الفاسدين.
5- عدم الركون إلى الغفلة عن تعاليم الإسلام الصحيحة… فاقد قال ابن القيم ( عشق الصور مضاد للتوحيد… لا يقع فى شباكه الا من غفل عن الله )…
6- عدم التفكير فى المعشوق ومحاسنه… بل إن شئت فتذكر معايبه حتى يبتعد عن فكرك.
عجبا:- إن من دواعي الاندهاش والعجب إن بعض الفتيات تعلم إن عشيقها يكذب عليها… وهى رغم هذا تواصل العبث بالنار.
أختاه
شتان بين من يريدك لشهوته وبين من يريدك لعزته… نريدك أهلا للكرامة… وليس كما يريدك الآخرين بيتا للغزل و الحب والشهوة.
قصة وعبرة:- اذكر إليك هذه القصة يا أُخيَّتي مصداقا لقول الله تعالى " فاقصص القصص لعلهم يتفكرون " فلعلها تعينك على الخروج من مأزق الحب إن كنت من وقعت في شباكه ولعلها تكون لمحة نذير إن كنت ممن عفاك الله من هذا الداء… قالت المعشوقة الصريعة…كانت البداية نظرة إعجاب عفوية… تبعتها ابتسامة ندية… ثم تطورت إلى قصة حب وهمية… قالت وهى تذرف دموع الندم أوهمني انه يحبني وسيتقدم لخطبتي طلب منى رؤيتي… رفضت… ضعفت بقطع العلاقة…ضعفت … بعثت له صورتي مع رسالة غرامية معطرة… طلب مني أن اخرج معه… رفضت بشدة، هددني بالصور والرسائل المعطرة… خرجت معه على أن أعود… وبالفعل عدت وأنا احمل العار. وعندما قلت له الزواج قال لي ( زواج أيه يا بلهاء) فقلت له " حرام عليك " فقال لي ( حرام إيه اللي يخرج معي يخرج مع غيري… بعد أذنك فيه ميعاد مع صيده ثانية ). انتهت القصة.
أسمعت أختاه:-أترضين بعد هذا كله إن تكوني فريسة مثل هذه الذئب يأكل لحمك.
الذئب يأكل كل شاه صادها فى خفية
صوني عفافك يا فتاه وشمري للجنة
فالحسن من نعم الإله وشكره بالعفة
أما أنت آخى الحبيب:-فان كنت ممن امتلأت قلوبهم بذكر الله… ولست من العاشقين… فأنى ابعث أليك… بهمسات تحذير من الوقوع في العشق… فلقد قال لي احد العشاق عندما سألته عن الذي استفادة" العشق أوله لذة وهيامه وأوسطه سامة وأخره ندامة وبعد هذا كله تقع عليك آثامه "
وقال أخر:-
الحب أول ما يكون لجاجة… يأتي بها وتسوقه الأقدار
حتى إذا حاض الفتى لجج الهوى… جاءت أمور لا تطاق كبار
وقال أخر عش حاليا فالحب أوله لذة بعناء … وأوسطه سقم بلا رخاء… وأخره قتل بلا دواء )
وأخيرا آخى التائب من العشق والهيام: إياك أن تعرض عن النصح فقد كان النصح ما قيل لك… و إياك أن تندم على ترك ذنب عظيم قد أثقلك… يا واقعا في شباك حب النساء ما أجهلك ؟ إلى متى تغتر بالذي أمهلك… كأنك قد ظننت أنه قد أهملك… فكأنك بالموت قد جاء بك وأنهلك… وإذا الرحيل وقد أفزعك الملك… أسرك الشيطان بوسواسه وعرقلك.
ونهاية:-فلا تجزع إن شعرت إن في كلماتي شيئا من القسوة… فان الأخ قد يقسو على أخيه خوفا عليه… واللبيب من يحكم العقل في كلامنا ويعيى النصيحة… فما كلامنا الا توعيه للغافل… و تذكرة للعاقل… فإنما نحن منذرين… وما نحن بمؤنبين… وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين… ولا تنسى كلما وقعت عينك على هذه الكلمات أن تدعو لمن أعدها وقدمها أليك بين يديك قائلا اللهم أنله مراده ليقول الملك بإذن الله و لك بمثل.
ابو عيناء الحورى
بارك الله فيك يا ليث الاسلام وجعله في ميزان حسناتك
الاخوة لم يعجبهم الموضوع لذى لم يردوا
فاعرف كيف تختار المواضيع
(مزحة) hiny:
بارك الله فيكم أخونا أبو ليث ونفع بك
نسأل الله أن يرزقنا واياكم حبه وحب من يحبه وحب كل عمل يؤدي الى حبه وأن يصرفنا عما دون ذلك الى ما ينفعنا في ديننا ودنيانا, انه ولي ذلك والقادر عليه.
بوركت على هذه الشآبيب الندية والاحكام النصية البراقة التي قطفتها لنا من جنان الاسلام ودين التوحيد .
فاحسنت النقلة للشيخ رحمة ..التي تبين مخاطر الانزلاق العاطفي والتهدم الاخلاقي تحت مظلة الحب قبل الزواج فبئس الزواج ان كان ارطبونه علاقة محرمةً …
لعل الفتاة وان اخطأت فتعود وفي احشائها طفل يتخبط ويتأرجح وفي النهاية قيل حباً اخلاقياً وصغرها كان السبب ..
فهي اخلاقها من ذهبت ذهبت الفتاة وان فنى الحياء منها فنت الحياة .
الله نسال اني عفوا عنا فانه عفو يحب العفو ويهدينا الى عيوبنا ويغفر لنا خطايانا .
|
أحسن الله اليك أخي الحبيب، و بارك فيك و بك و أيدك و أواك و نصرك ووفقك و هداك و أكرمك، أسأل الله أن يثيبك بأكرم الثواب و أن يجازيك بأوفر الجزاء على كرم تعلقيك، و عفى الله عنك فيما ذكرتني به و أن لست بأهل لأقله، فأسأل الله أن يعفوا عني زللي و أن يغفر ذنبي وأن يختم بالصالحات أعمالي، انه ولي ذلك و القادر عليه.
أخوك و محبك في الله، أبو ليث أمين الجزائري.
|
و كذلكم هي مواضيعكم و مشاركتم الطيبة أيها المشرف النبيل، مسرورا جدا بكون أمثالكم هم منيتولون الاشراف والمتابعة على المنتدى.
|
ما شاء الله، و الله يبارك على التعليق الطيب والنافع ان شاء الله، أكرمك المولى ووفقك أخي أويس.
جزاكم الله خيرا وأعلى قدركم.
أنا وقعت في العشق الطاهر وقد واصلت في مراسلة المحبوب وبعد ذلك انقطعت وذلك اتقاء لأي حرام ولكنني ضعت ومرضت ولم أستطع مواصلة حياتي بشكل طبيعي ، وهو كذلك على ما أعتقد فهل المواصلة حرام أم مكروهة؟
وهل العشق الطاهر حرام؟
وهل التعلق بشخص حرام علماً أن هذا خارج عن النفس؟
وما حكم المواصلة مع المحبوب عن بعد علماً أنه حب طاهر غرضه الزواج؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نرى أنه لابد من ذكر مقدمة مهمة في هذا الموضوع قبل الجواب عن هذه الأسئلة وهي: أن العشق مرض من أمراض القلب، وما أجمل ما قاله ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي عند الحديث عن هديه صلى الله عليه وسلم في علاج العشق.
قال ابن القيم: هذا مرض من أمراض القلب، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم، عز على الأطباء دواؤه، وأعيى العليل داؤه… إلى أن قال: وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، ولهذا قال تعالى في حق يوسف: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24]
فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته، فصرف المسبب صرف لسببه، ولهذا قال بعض السلف، العشق حركة قلب فارغ، يعني: فارغاً مما سوى معشوقه…
والعشق مركب من أمرين : استحسان للمعشوق، وطمع في الوصول إليه، فمتى انتفى أحدهما انتفى العشق، وقد أعيت علة العشق على كثير من العقلاء، وتكلم فيها بعضهم بكلام يرغب عن ذكره إلى الصواب، ثم قال: والمقصود أن العشق لما كان مرضاً من الأمراض، كان قابلاً للعلاج، وله أنواع من العلاج، فإن كان مما للعاشق سبيل إلى وصل محبوبه شرعاً، فهو علاجه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" فدل المحب على علاجين: أصلي وبدلي، وأمره بالأصلي: وهو العلاج الذي وضع لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجد إليه سبيلاً. وروى ابن ماجه في " سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لم نر للمتحابين مثل النكاح" … إلخ ما قال في زاد المعاد( 4/265) وعلى هذا فيمكننا أن نركز الكلام حول العشق في نقاط:
1- العشق مرض من أمراض القلب ولا بد من علاجه.
2- العشق منه حلال ومنه حرام كما قال ابن القيم رحمه الله (4/276) وسنوضح ذلك فيما يلي:
3- من طرق العلاج للعشق بين الرجل والمرأة الزواج -إذا كان ممكناً- وهو أصل العلاج وأنفعه.
4- إن كان لا يوجد سبيل لوصول العاشق إلى معشوقه قدراً أو شرعاً كأن تكون المرأة متزوجة من غير العاشق، أو كان العشق بين اثنين لا يمكن زواجهما مثل: الزبال مع بنت الملك…وهكذا، فمن علاجه كما يقول ابن القيم: إشعار نفسه اليأس منه فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.
5- فإن لم يزل مرض العشق مع اليأس فقد انحرف الطبع انحرافاً شديداً فينتقل إلى علاج آخر، وهو علاج عقله بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقة بالصعود إليها، والدوران معها في فلكها، وهذا معدود عند جميع العقلاء في زمرة المجانين…
6- فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، ولم تطاوعه لهذه المعالجة، فلينظر ما تجلب عليه هذه الشهوة من مفاسد عاجلته، وما تمنعه من مصالحها. فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم شيء تعطيلاً لمصالحها، فإنها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره، وقوام مصالحه.
7- فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، فليتذكر قبائح المحبوب، وما يدعوه إلى النفرة عنه، فإنه إن طلبها وتأملها، وجدها أضعاف محاسنه التي تدعوا إلى حبه، وليسأل جيرانه عما خفي عليه منها، فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة، فالمساوئ داعية البغض والنفرة، فليوازن بين الداعيين، وليحب أسبقهما وأقربهما منه باباً، ولا يكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص مجذوم، وليجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل، وليعبر من حسن المنظر والجسم إلى قبح المخبر والقلب.
8- وأخيراً كما يقول ابن القيم رحمه الله: فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا صدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، وليطرح نفسه بين يديه على بابه، مستغيثاً به، متضرعاً متذللاً، مستكيناً، فمتى وفق لذلك، فقد قرع باب التوفيق فليعف وليكتم، ولا يشبب بذكر المحبوب، ولا يفضحه بين الناس ويعرضه للأذى، فإنه يكون ظالماً متعدياً (زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم) (4/275).
أما قول ابن القيم رحمه الله بأن العشق منه حلال، ومنه حرام فبيانه: أن من العشق الحرام عشق الرجل امرأة غيره، أو عشقه للمردان والبغايا. وأما الحلال فهو الذي يكون بين الرجل وزوجته ولم يتجاوز حد الاعتدال، ولم يؤد إلى الوقوع في محرم أو ترك واجب من واجبات الدين. وبناء على ذلك نقول: لا يجوز لك إرسال الرسائل إلى المحبوب لأنكما أجنبيان عن بعضكما البعض، ولا تجوز المواصلة بينكما بأي طريقة أخرى، وإذا كنتما تريدان الزواج فلماذا لا تقدمان عليه؟ فإما الزواج إذا كان ذلك ممكنا ، مع الصبر والتقى حتى يتم ذلك ، أو قطع الصلة دون تردد، فإذا كان تعلق الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل خارجاً عن النفس، فلا يجوز أن يتخذ حجة لإقامة علاقة مع الطرف الآخر، أو مواصلته أو مراسلته، ولكن إن كان يستطيع الزواج منه فليتقدم لخطبته، وليعجل وليستعن بالله، وإذا كان لا يستطيع الزواج منه فليقطع صلته به تماماً، ولييأس منه تماماً كما تقدم، وليشغل نفسه بما ينفعه في دينه ودنياه. ونسأل الله أن يصرف عنه هذا التعلق الذي لا فائدة منه ولا جدوى، وأن يعوضه عن ذلك بالحلال.
والله أعلم.