الكثير منا اوكلنا نقول في بعض الاحيان : "الحمد لله أنا ما ندمت على شيء فعلته أبدا" لكن الواقع مع انفسنا نعلم حق اليقين ونكرر دائما : سبحان الله أليس كل بني آدم خطاء؟! فلماذا لا نندم ؟!
ألم يقسم الله تعالى في كتابه بالنفس اللوامة التي تلوم صاحبها على سوء فعلها
فهل الندم عيب؟! أليس من الشجاعة أن نواجه أنفسنا بأخطائنا ونعزم على تصحيحها وعدم العودة لها .؟
نعم إن الندم إحساس رهيب وقد نتهرب منه في أحيان كثيرة إذ يجعلنا نشعر أن كل بناء في داخلنا يتكسر ويتهدم وأحيانا يلقي بنا بعيدا في زاوية معزولة بعيدا حتى عن أنفسنا لنكرهها و نؤنبها ونعنفها إذ هي التي تودي بنا في المآزق وتوردنا للمهالك.
لاشك أن الندم محطة مهمة نتعلم منها كيف نقف على أخطائنا ونراجع أفعالنا فلا نعود لها مجددا
ولكن المذموم المبالغة في الندم ليظل الشعور بالحسرة والندم ملازما لصاحبه فيزيد عن حده و يجهد نفسه ويقوده إلى المرض ويبعث في نفسه الاكتئاب والقلق .
وهنا يقول الشاعر بن معصوم المدني
دع الندامة لا يذهب بك الندم فلست أول من زلت به قدم
هي المقادير والأحكام جارية ٌ وللمهيمن في أحكامه حِكمُ
و أصعب الندم أن نندم على شيء ليس في مقدورنا تغييره ولا بإمكاننا تعويضه مثل الذي يندم على فراق حبيب أو فوات عمر أو حصول حادث أو ابتلاء بمرض
فهنا لا تنفع قوافل الندم التي بداخلنا وسنقعد وحدنا ملومين محسورين خائبين صفر اليدين، ليس أمامنا إلا أن نطرد هذا الشعور من نفوسنا ونثبت اليقين في قلوبنا بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وأنه القدر الذي يجب ان نرضى به ونذعن إليه .
يقول الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى "لكيلا تأسوا على ما فاتكم" أي كيلا تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا فإنه لم يقدر لكم ولو قدر لكم لم يفتكم
إن الندم ظاهرة صحية فهو يوقظ النفس قبل فوات الأوان ويعيننا على تصحيح أخطائنا لكن حاجتنا منه كحاجة الطعام للملح فما زاد عن حده انقلب إلى ضده
من منا لم تمر عليه ولو لحظة ندم فنحن بشر نصيب ونخطئ ولكن يجب أن نتذكر أن خير الخطائين التوابون .
ولكل شخص قصته ولكل رواية ألم يغلفها الندم يكفي أن أول قصة على هذه الأرض بدأت بالندم حيث قصة ندم أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام عندما أكلا من الشجر ونزلا من الجنة ولكنهما لم يصرا على ما فعلا وتوجها إلى الغفور الرحيم حيث قال تعالى:
" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين "
ويبقى الندم على المعصية أفضل أنواع الندم
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:" الندم توبة" رواه الحاكم وابن ماجه
وصدق من قال:
كفى يا نفس ماكان كفاكِ هوى وعصيانا
كفاك ففي الحشى صوت من الإشفاق نادانا
أما آن المآب ،بلى بلى ، يا نفس قد آن
خطوت خطاك مخطئة فسرت الدرب حيرانا
فؤاد يشتكي ذنبي ويشكو منك ما كان
أعيدي للحمى قلبي وعودي ،عودي الآن
ولا أخفيكم سرا أنني عندما تجولت بين من حولي وسألتهم سؤالا يخص هذا المقال
هل سبق أن ندمتم على شيء ؟
بعضهم أعطاني سببا لا يرتقي للاهتمام والبعض الآخر أجاب بلا !
أو لا أتذكر شيئا معينا ندمت عليه!!
فجلست مع ذاتي لأفكر: هل أنا ندمت يوما على شيء؟! فوجدت أن لدي ما ندمت عليه ولكنني مثل غيري من هذه النفوس البشرية التي تأبى أن تتذكر ما يزعجها ويكدر صفوها
فلتعلم اخي الفاضل اختي الفاضلة انه لكل منا في أعماقه شيئا يندم عليه غير أنه لا يملك الشجاعة الكافية للتعبير والإفصاح عنه وكأننا لم نخطئ ولم نندم لنكون لكل من حولنا هذه الصورة الجميلة التي لا تخطئ أبداً .
تحية عطرة اليك يا اختي مشكورة اولا على الموضوع..قضية الندم قضية متفرعة كثيرا ومتشعبة وفي الحقيقة يطول الكلام حوله والحمد لله انت كفيت ووفيت….