تخطى إلى المحتوى

الطاعة 2024.

مقدمة:

هكذا يدعون، نعم هكذا يدعون بأنهم يحبون الله ورسوله وإن قلت لهم افعلوا كذا قد أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر به الله عز وجل انقلبوا على وجوهم وولوا مدبرين، أستغرب للناس الذين عرفوا الله كيف لهم أن يتهاونوا في أحد تشريعاته على أنها أمر بسيط وهل تشب النار إلا من مستصغر الشرر وكذلك تنشأ الجبال من أصغر الحجر. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه ، كما يكره أن تؤتى معصيته" رواه ابن حبان والبيهقي والألباني.
من أنواع الطاعة:
تتعدد الطاعات بأنواعها في حياتنا ويعتلي عرش هرمها طاعة الله ورسوله وهناك طاعات اخرى كثيرة مثل طاعة الوالدين وطاعة ولي الأمر (رئيس الدولة أو ملكها) وطاعة الزوجة لزوجها … إلخ ولكني أركز في مقالي هذا على طاعة العبد لربه ولنبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وجوب الطاعة وعظم جريمة مخالفها:
لقد تعددت الآيات في القرآن التي تأمر بطاعة الله ورسوله في أكثر من 17موضعا أضع بين يديكم آية واحدة وهي التي جائت في قوله تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء: 116 وهذه الآية تبين لنا أنه يمجرد المعرفة وجبت الطاعة وهذا ما حدث حينما حرم الخمر نهائيا ويقال في كتب التاريخ أن أزقة المدينة أصبحت تخدق خمرا لأن الجمع امتثل بمجرد سماعه للتشريع وقال : سمعنا وأطعنا.
يقول الألباني: وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائناً من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يضرب له الأمثال، ولا يسوغون غير الانقياد له صلى الله عليه وسلم، والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس ، أو يوافق قول فلان وفلان، بل كانوا عاملين بقوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" الأحزاب : 36 ، وبقوله تعالى: "فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلموا تسليماً" النساء:65 ، فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا، يقول: من قال هذا؟ دفعاً في صدر الحديث، ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل. انتهى حديث الألباني رحمه الله.

آية وتفسير :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) الحجرات : 2
ونزلت هذه الآية حسب بعض التفاسير بأبو بكر وعمر حينما رفعا أصواتهما عند النبيّ صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب من بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس وأشار الآخر برجل آخر، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي. وقال عمر: ما أردت خلافك وارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنـزل الله تعالى في ذلك: (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ) الآية، قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه. وقال ابن أبي مليكة: كاد الخيِّران أن يهلِكا. فهذا لمجرد أن أصواتهم ارتفعت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بالكم بمن يعترض على أحد تشريعاته ويقول له زمانه ولنا زماننا … والعياذ بالله.
تجربة شخصية:
عندنا في الشركة وفي المصلى كانت القبلة محددة بملصق على الجدار وهي بشكل مائل مع العلم أننا نفرد السجاد كل يوم وفي نهاية اليوم نلفه كي لا يصيبه الغبار، المفاجئة أنه في بعض الأيام أنزل لتأدية الصلاة فأراهم قد وجهوا السجاد بشكل مستقيم فلا أصلي معهم حتى ينتهوا أصلي أنا وشخص آخر مقتنع مثلي بأهمية الأمر، بحثنا في الأنترنت ووجدنا مواقع مختصه في تحديد القبلة وفعلا كان تحديد الملصق صحيحا ولكنهم يصرون على الصلاة باتجاه مستقيم على أنها لم تفرق كثيرا وهذا إن تم تحديد أين يتجهون حينما يصلون بشكل مستقيم لوجدت أنهم يصلون إلى الخرطوم بدلا من مكة ولكن كل هذه المحاولات لم تودي بنتيجة فهم يصرون أننا متعصبون وأنه لا مانع من الصلاة باتجاه مستقيم ومن منظور فقهي فإن المسلم يجب عليه أن يتحرى فإذا تيقن من الإتجاه وصلى بغيره لا تقبل صلاته وهكذا هم يفعلون … غفر الله لهم وهداهم.
من أسباب التكبر على طاعة الله ورسوله:
– اتباع الهوى:
كثير من الناس قد يعارض حكم الله ورسوله هواه فلا يتبعه وينكره ويقول هذا يقوله المتعصبون فقط حتى ولو أريته الأدله بأم عينه فلن يتبعك.
– اتباع الأجداد:
من الذين يقولون كذلك رأينا آبائنا وأجدادنا فاعلين فهؤلاء لم يختلفوا أبدا عن عبدة الأصنام حينما أجابوا بنفس الجواب الغبي.
– اتباع الشيوخ:
بشكل عنصري مذهبي يتبع الشخص شيخه حتى ولو أمره بالبدع وحتى ولو أمره بالشرك والعياذ بالله ولهؤلاء أقول (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّار) الأعراف : 38 ، و المضحك في الأمر بأن تلك الطائفة من الناس يأخذون كلام شيوخهم على أنها مسلمات ويصل الكبر ببعضهم أن يقول لك كلام شيخي صحيح وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم غلط وقد رأيت من هذه النماذج بنفسي.
– الجهل:
وهؤلاء هم أقل الناس الذي يمكنني أن أعتب عليهم، ولكن أطالبهم بأن يتوسعوا ويقرأوا كي لا يقعوا في الذنوب دون أن يعرفوا.
– مراعاة التقاليد والمجتمع:
وأما هذه الجماعة فهي التي تستحق العتاب الأكبر ، وأهديها دليلان أحدها من الحديث الشريف والآخر من القرآن، أما عن دليل الحديث فهو ما جاء بحكم الحسن في سنن الترمذي : عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)، وأما الآية فقوله تعالى : (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) الأحزاب : 37.
الخاتمة:
وما ذكرت أنا إلا غيض من فيض والموضوع يطول وهو خطير جدا فلا تجد له أدنى اعتبار عند كثير من المسلمين وللأسف لم يحفظوا من القرآن إلا أن الله غفور رحيم ولكنهم لم ينتبهوا أبدا إلى أربعة عشر موضعا نزلت بها آية تهول من شديد عقاب الله عز وجل …
أتمنى أن يزيد الوعي بأهمية الطاعة وجريمة المخالفة وأن يصبح شعار كل مسلم كما في الآية الكريمة :
(وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة : 285
وأختم مقالي بالحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم ، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه ، والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط ، حتى تنتهك حرمات الله ، فينتقم لله) رواه البخاري، فليتنا نغضب لحرمات الله كمان كان يغضب صلى الله عليه وسلم.
أكتفي بهذا القدر وأستغفر الله العظيم لي ولكم. والله أعلم والله الموفق

السلام عليكم

بارك الله فيك و إثابك و نفــــــــع بك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جزاك الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.