شهر رمضان جملة شهر عبادة ، والعبد لن يصل إلى رحمة ربه إلى برحمة الله ومن رحمة الله أن يهيئ له طرائق العبادة …
أولاً :- أن تكون هناك رغبه ملحه فالقدوم على الله جل وعلا بعمل صالح فإذا انطلق الإنسان من هذا المنطلق وجعل ذلك من نصيب عينيه فقد وفق بإذن الله بأن يوفق للعمل الصالح في رمضان ..
تدارس القرآن في رمضان …
من أعظم سننه ، دل عليه حديث جبريل ، كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل عام مره حتى كان العام الذي مات فيه فدارسه القرآن مرتين ..صلوات الله وسلامه عليه ..وقبل ذلك قول الله جل وعلا ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) ثم قال جل ذكره ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )
قال العلماء لما أراد الله أن يمهد لفضل رمضان ويبين سبباً من أسباب شرع الصيام فيه جعله أنه ينزل فيه القرآن .. أي ابتدأ نزول القرآن في رمضان على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويؤيد هذا كذلك أن في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الصيام والقرآن يشفعان للمؤمن يوم القيامة ) فهناك تلازم شرعي مابين الصيام ومابين القرآن ..ولهذا كان جبريل يتوخى رمضان فيزيد من مدارسة القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ..وإلا جبريل رواح غداء بالوحي على النبي صلى الله عليه وسلم.
فالقرآن أعظم كتاب أنزله الله على أعظم نبي ، وتدارسه من أعظم ما يقرب من الرب تبارك وتعالى في رمضان أو في غيره..
بعد القرآن دائماً ينساق الصدقة
..لأن حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ..الصدقة ..الإنسان عندما يعطي إنما يقول لنفسه أنا واثق من عطاء الله فأكثر العباد حسن ظن بربهم هم أكثر العباد إنفاقاً لأنهم يعلمون أن ما ينفقونه سيخلفه الله جل وعلا لهم في الدنيا والآخرة وقد يكون في الآخرة ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) فظن الإنسان بربه أن الرب قادر على العطاء جود كريم هو الذي يجعله ينفق ، وابن عباس رضي الله تعالى عنه يقول وكان النبي أجود ما يكون في رمضان ، إذا لقيه جبريل لأن جبريل لا يدعم فيه الخير بل يزيد فيه بعث الخير ، فالصدقة في غير رمضان محمودة وفي رمضان أؤكد لورود الأثر فيها ..
فقد جاء رجل إلى عمر وقال ..
يا عمر الخير جزيت الجنة *** أكسي بنياتي وأمهنه
وكن لنا من الزمان جُنه *** أقسمت بالله لتفعلنه
وقال عمر :وإن لم أفعل يكون ماذا ؟
قال أبا حفصٍ لأمضينه
قال وإذا مضيت يكون ماذا !
قال إذن أبا حفصٍ لتُسألونه *** يوم تكون الأعطيات جنه
وموقف المسؤل بينهنه *** إما إلى نارٍ وإما جنه
فأعطاه عمر قميصه وقال هذه والله الذي لا آله غيره لا أملك غيره ، المقصود من هذا كله أن الصدقه لتطفئ غضب الرب كما جاء في الأثر .
تعجيل الإفطار..
سنه ورد فيها الأثر ( أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا ) والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعجل الفطر ..يفطر قبل أن يصلي المغرب ، وقد جاءت السنة في طريقة الفطر أنه يبدأ بالرطب فإن لم يتيسر فبتمر فإن لم يتيسر فبالماء ،
الذي فيه إشعار عظيم للنفس ..أنني عندما أمتنع عن الأكل والشرب فأنا لا أمتنع لقوة بدنيه أو أن الطبيب أمرني أو أني أريد أن أفعل أو أضع رجيم كما يقول الناس اليوم ، إنما امتنعت عن الأكل والشرب مع حاجتي إليهما تلبيةً لأمر ربي ، فلما جاء الإذن الإلهي الرباني أن أذهب وأفطر وانتهى المنع أبادر حتى أشعر نفسي أني عبد الله ..يأتمر لإمرة وينتهي عند نهيه لهذا ورد في الأثر ( أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا ) .
السحور..
قال عليه الصلاة والسلام ( فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور ) وقال عليه الصلاة والسلام ( تسحروا فإن في السحور بركه )
قوله عليه الصلاة والسلام ( تسحروا ) هذا ندب ، وإن لم يتسحر صح صيامه لكن كفى بالمرء شرفاً وفخراً أن يتمثل سنة أحمد صلوات الله وسلامه عليه ، طعاماً يصفه النبي صلى الله عليه وسلم بركة ..كيف لا يفزع المرء إليه ، ومخالفة أصحاب الجحيم أمر رباني وهدي نبوي ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور ) فالإنسان يتمثل بذلك السنة يرجوا بذلك البركة ، يخالف بذلك أهل الكتاب..
..قيام الليل ..
منقبة عظيمه لأهل الصلاح ، في سائر أيامهم ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون )
صلاة التراويح أول من شرعها لهذه الأمة نبيها صلى الله عليه وسلم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام حاثاً أمته ودالها على الخير ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) فأداء صلاة التراويح من أعظم ما يكفر الله به جل وعلا الخطايا ( من صلى مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليله ) ثم إن التدرج في العبادة أمر مشروع مسنون ، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يجتهد في الوسطى أكثر مما يجتهد في الأول ثم يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد فيما سلف.
نعود فنقول إن الإنسان بقيامه لليل وقوفه بين ربه إنما يتحرى فضلا ويرجوا الجنة ويخشى نارا..
أما الاعتكاف..
فإن الإنسان عندما يترك الخلائق وينصرف فيتلمس ويتحرى رحمة الخالق بعد أن قطع العلائق مع الخلائق ..هذا عبد من الله عليه بالفضل ، وهي سنه سنها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، تقول عائشة في بيان فضله صلى الله عليه وسلم وبيان عبادته لربه في رمضان ( كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا دخلت العشر أيقظ أهله وأحيى ليله وشد المئزر ) والمقصود من هذه العبارات الثلاث الانصراف للعبادة ..
واعتكف صلى الله عليه وسلم واعتكف أزواجه من بعده ، العبد عندما يكون تحت سارية أو يكون في الصف أو يكون في أي أروقة المسجد أو أروقة حرم يتلمس فضل الله جل وعلا ، تارة يخلد في الراحة طمعاً في الليل فيقف بين يدي ربه أخر رمضان نهاره صيام وليله قيام ، خاصة العشر الأواخر منه ، هذه جمله تقرب إلى الرب تبارك وتعالى..
أول ما يبدأ به بالتوبه …
والتوبة إلى الله جل وعلا وظيفة العمر خاطب الله بها عبادة أجمعين ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون ) .
والاستغفار …
أعظم ما يجلب رحمة الله تبارك وتعالى قال سبحانه ( لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون
لعبد جعل من رمضان مطيه إلى رحمة الله جل وعلا ولفضله ، بر فيه والديه وصام الشهر في المقام الأول وتعبد الله جل وعلا بهذا الصيام إيماناً واحتساباً ، قدر الله له أن يأتي مكة ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) وفي رواية ( تعدل حجة معي ) منّ الله جل وعلا عليه بتلاوة القرأن وتدبره ، جعل من ليله حظاً ونصيبا ، وقف فيه بين يدي ربه يسأله ويدعوه ويعبده ويرجوه لا رب غيره ولا آله سواه ..
كانت له في السجود دعوات وتسبيحات يرفعها إلى ربه يتضرع بها إليه ويسأله جل وعلا رحمته تبارك وتعالى ..
هذا وأمثاله مما يجعل العبد قد عرف قدر رمضان وعبده فيه ، نسأل الله أن يرزقنا فيه والمسلمين جميعاً العمل الصالح والعلم النافع وما يقربنا إليه إنه ربي لسميع الدعاء
منقول للفائدة
بارك الله فيكم على النقل الطيب .