تمر في شهر سبتمبر الحالي ستون سنة بالتمام والكمال عن سفرية بومدين المثيرة إلى القاهرة مشيا على الأقدام منها ثلاثة أشهر تقريبا على الأراضي الليبية، وما لا يعرفه الكثيرون أن الرئيس الراحل هواري بومدين عندما سافر وعمره دون التاسعة عشرة إلى الأزهر الشريف للدراسة، كانت رحلته مشيا على الأقدام ودامت ثلاثة أشهر كاملة مليئة بالإثارة رواها الأستاذ محمد الصالح شيروف ودوّنها أيضا في كتيب، وهو الرفيق الوحيد للراحل هواري بومدين في هاته الرحلة…
- فالتلميذ محمد بوخروبة أو هواري بومدين الذي لم يكن سنه يتجاوز 19 عاما عندما كان يدرس بجامع الكتانية بقسنطينة، كان لا يشبع من العلم، فقد تعلم اللغة الفرنسية بطلاقة في قالمة، وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ولم يكن مقتنعا بأقل من الدراسة في جامع الأزهر بالقاهر، وكان يقول حسب شهادة الأستاذ شيروف أنه يشعر أن الأزهر جزائري، لأن أجدادنا الفاطميين هم من بنوه.. قرر بومدين في سبتمبر 1951 أن يقوم بالرحلة مشيا على الأقدام دون علم أهله فرجع إلى قسنطينة وباع كل أثاث بيته الكائن في دار بن جلول بالسويقة.. كان ينزل إلى الرومبيلي وأحيانا يذهب إلى رحبة الجمال إلى أن تمكن من جمع 40 ألف فرنك فرنسي قديم رفقة أصدقائه الثلاثة وهم رفقاء الرحلة وهم محمد العربي مومني ومحمد لخضر مقدم ومحمد الصالح شيروف، ولكن الرفيقين الأولين قررا التراجع عن السفر بعد أن وصلا إلى مدينة طرابلس الليبية وأكمل شيروف وبومدين لوحدهما الرحلة التي بدأت من قسنطينة نحو تبسة، ثم دخلا تونس عبر صحرائها إلى أن وصلا ليبيا، ولأن الرحلة كانت في سبتمبر، حيث الحرارة الشديدة، فقد عانى الرفيقان من الحرارة التي لم تكن تنزل حتى في الليل عن الأربعين درجة فكانا يدفنان جسميهما في الصحراء الليلية الليبية في الرمال لتفادي لسعات العقارب والأفاعي.. و
- تميز الجزء الفاصل بين طرابلس وبنغازي الذي قارب 950 كلم بالخطورة حتى كادا يهلكان من العطش والجوع، ويذكر الأستاذ شيروف كيف تقدم ذئب هائج منهما وحاول افتراسهما وأصابهما بجراح، ولكن بومدين الذي كان قد قرأ كتاب الحيوان للجاحظ أشعل شموعا ردت الذئب على أعقابه.. ومن أسرار الرحلة التي كشفها الأستاذ شيروف أن بومدين عندما لاحظ طيبة البدو الرحّل الليبيين ومحاولة معرفتهم لتعاليم الإسلام تزامنا مع صعوبة مواصلة الرحلة بعد أن نفدت كل الأموال، اقترح على زميله التشبه بالمغاربة وارتداء قشابية توحي أنهما من أبناء مراكش وزاولا هناك الڤزانة والتنجيم وضرب الكف وخط الرمل، فقد كان بالنسبة للفتى بومدين المغامر كل شيء مباحا من أجل أن يصل إلى جامع الأزهر ويكمل دراسته، حتى وصلا مرسى مطروح ودخلا الإسكندرية ومنها توجها مشيا على الأقدام إلى غاية جامع الأزهر بالقاهرة ولم يكن معهما غير بطاقة تعريف رسمية فقط، وكانت اول رحلة لبومدين إلى ليبيا التي تجول فيها من زنقة إلى زنقة، ولكن طلبا للعلم قبل السياسة.
اطلب العلم ولو في الصين،،
اول مرة اعرف هذا، بوركت
اول مرة اعرف هذا، بوركت