تخطى إلى المحتوى

أصول العقيدة : 2024.

بسم الله
أصول العقيدة
عبد الحميد رميته , ميلة , الجزائر
أنبه –بداية-بين يدي هده الرسالة البسيطة إلى جملة مسائل أرى أنها أساسية :
الأولى : إن كلمة"أصول العقيدة"مصطلح جديد لم يرد في كتاب و لا في سنة , وإنما تم الاتفاق عليه للتسهيل والتبسيط والتفهيم ليس إلا.
الثانية : إن هناك تداخلا ملحوظا بين أصول الإسلام بصفة عامة عقيدة وعبادة وشريعة وبين بعضها البعض , فما يعتبر أصلا في العقيدة قد يعتبر كذلك أصلا في الفقه.وما يُعتبر أصلا في الفقه يمكن اعتباره أصلا في الحكم والسياسة , وهكذا…
الثالثة :كما أن في العبادات و المعاملات أصول و فروع ، فكذلك في العقيدة أصول و فروع ، ومن ينكر وجود فروع مختلف فيها في العقيدة إنما ينكر أمرا واضحا لكل ذي عينين وينكر عشرات أو مئات المسائل الفرعية في العقيدة الإسلامية عند أهل السنة والجماعة والتي اختلف فيها العلماء قديما وحديثا والتي سيبقى الخلاف فيها قائما حتى قيام الساعة , بدون أي حرج بإذن الله على العالم أو على المسلم العادي وهو يأخذ عن هذا العالم.
إن المجتهدين لم يختلفوا في أصول العقيدة أو الفقه أو أمهات مسائل الحلال والحرام , لثبوتـها بالأدلة القطعية ، وإنما اختلفوا في المسائل الفرعية لعدم ثبوت نص قطعي فيها.
الرابعة : إذا وقع الاجتهاد في المسائل الاعتقادية الأساسية ( التي فيها نص شرعي قطعي الثبوت قطعي الدلالة ) فإن المصيب على الحق , وهو مأجور, ولكن المخطئ على الباطل وهو مأزور. أما باطلـه هذا فيختلفُ من مسألة إلى أخرى , إذ قد يُـخرجُـه هذا الباطل فقط إلـى دائرة الفسق والابتداع في الدين كالقائل بعصمة غير الأنبياء من الأئمة والأولياء (على رأي بعض علماء أهل السنة والجماعة الذين رأوا بأنه مبتدع فاسق وليس كافرا) , وقد يخرجه باطلهُ هذا إلى دائرة الكفر الذي لا شك فيه والعياذ بالله تعالى كالقائل بنبوة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الخامسة : المذهب الأشعري والسلفي والماتريدي في العقيدة كلها مذاهب سنية يشملها الإسلام الواسع . وإذا كان هناك من حصر أهل السنة في أهل الاعتقاد بالعقيدة السلفية , فإن الكثير من العلماء الأقدمون والمعاصرون قالوا بأن أهل السنة والجماعة تشمل الفرق الثلاثة,على اعتبار أن الفروق بينها في الاعتقاد فروق ثانوية جدا وبسيطة جدا وغير مهمة.
إن العلم بأصول العقيدة عند أهل السنة والجماعة هو أهم العلوم على الإطلاق بالنسبة للفرد المسلم,لأنه عـلم العقائد الإسلامية.
والعقائد في الإسلام هي الأصول التي تُـبنى عليها فروعُه , والأسس التي يقوم عليها بنيانه , والحصون التي لا بد منها لحماية عقيدة المسلم من أخطار الشك وأعاصير التضليل والتزييف.وقضايا الإيمان هي التي جاءت بها الرسل على مدى التاريخ الإنساني كمبدأ لا بد منه تُـبنى عليه جميع قضايا الدين بعد ذلك (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) الأنبياء : 25 .
ومن المعلوم أن جميع الأعمال الصالحة التي يعملها أي إنسان ابتغاء وجه الله تعالى موقوف قبولُـها عند الله على صحة العقيدة التي يتكلم عنها هذا العلم ,لأن الانحراف عن العقيدة انحراف عن الإيمان , والانحراف عن الإيمان هو الكفر , والله تعالى لا يقبل من كافر عملا (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة) البقرة 215.
ويكفي لإدراك الأهمية الكبرى لهذا العلم أن قضاياه كلها هي القضايا الفاصـلة في الحكم على الإنسان بالإيمان أو الكفر أو الفسوق , وكذا بالنجاة أو الهلاك وبالسعادة أو الشقاء . لذلك قال جميع علماء الإسلام بأن هذا العلم مفروض تعلُّـمه على كل منا"طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم", سواء كان رجلا أو امرأة .وواجب على كل مسؤول من والد ووالدة ومعلم ووصي ومرب وأمثالهم أن يهتموا بتنشئة الأطفال على العقيدة الإسلامية خاصة على أصولها , على أن يُـعطى كل حسب قدرته العقلية والنفسية فيُـتدرج في تعليمه كما يُـتدرج في تعليم أي علم ذي أهمية وشأن.
وأصول العقيدة هي-إلى حد ما-ما يسمى بالمعلوم من الدين بالضرورة والمتعلق بالعقيدة , وهو ينقسم إلى قسمين:

1- شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , فمن لم يعلم هذه الشهادة وينطق مقرا بها , فهو ليس في أحكام هذه الدنيا في عداد المسلمين .
2- أحكام وشرائع كرر الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر والعمل بها على ملإ من الناس واستفاض العلم بها بين المسلمين , ونُـقل إلينا خبـر وجوبها وفرضها أو النهي عنها والتحذير منها نقل الكواف مع الإجماع على أنها فرض أو نهي دون أي خلاف بين المسلمين في ذلك.فـهذه لا يُـقبل من أي مسلم الادعاء بجهلها أو المجادلة في صحتها.ومثال ذلك : وجوب الصلوات الخمس في اليوم والليلة وعدد ركعات كل منها بالنسبة للمقيم وهيئـتها العامة ,ووجوب صيام شهر رمضان , ولزوم الحج إلى بيت الله الحرام , وأن ثمة زكاة مفروضة في أموال الأغنياء , وحرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم , وعدم جواز السجود لغير الله اختيارا , وحرمة الاستهانة والتحقير لما عظمه الدين كالقرآن الكريم وحديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم والشريعة الإسلامية ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأوامر سيدنا محمد (ص) ونواهيه , والفرائض الدينية عموما و…, وعدم جواز الشتم لواحد مما ذكر أو التلفظ بكلمة الكفر أو نحو ذلك , لأن هذا كله وأمثاله كفر صريح والعياذ بالله .كذلك من المعلوم من الدين بالضرورة : وجوب الإيمان بالنصوص الشرعية الثابتة يقينا كآيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتواترة ووجوب الإيمان بحرمة ما ثبتت حرمته بدليل قطعي كقتل النفس بغير حق والزنا والسرقة وشرب الخمر وقول الزور وعقوق الوالدين واللواط وقذف المحصنات والربا و…
وقاعدة ( المعلوم من الدين بالضرورة )لم يرد بها نص من كتاب الله أو سنة للرسول صلى الله عليه وسلم, وإنما هي نتيجة لاستقراء حال الناس وملاحظة الواقع المشاهد .
والله أعلى وأعلم.
اللهم ارزقنا حسن الخاتمة –آمين-.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.