تخطى إلى المحتوى

أسباب الانحراف عن العقيدة الصحيحة فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله 2024.

  • بواسطة
أسباب الانحراف عن العقيدة الصحيحة فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله

«فقوة العقيدة يجب أن لا تنفك عن القوة المادية؛ فإن انفكت عنها بالانحراف إلى العقائد الباطلة، صارت القوة المادية وسيلة دمار وانحدار؛ كما هو المشاهد اليومَ في الدول الكافرة التي تملكُ مادة، ولا تملك عقيدة صحيحة.

والانحراف عن العقيدة الصحيحة له أسباب تجب معرفتها، منأهمها:

1ـ الجهل بالعقيدة الصحيحة؛ بسبب الإعراض عن تعلمها وتعليمها، أو قلة الاهتمام والعناية بها؛ حتى ينشأ جيلٌ لا يعرفُ تلك العقيدة، ولا يعرف ما يخالفها ويضادها؛ فيعتقد الحق باطلًا، والباطل حقًّا، كما قالَ عمرُ بن الخطاب – رضي الله عنه -: "إنما تُنقضُعُرىالإسلام عروةً عروةً إذا نشأ في الإسلام من لا يعرفُ الجاهلية".

2ـ التّعصُّبُ لما عليه الآباء والأجداد، والتمسك به وإن كان باطلًا، وترك ما خالفه وإن كان حقًّا؛ كما قال الله تعالى
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} [البقرة/170]
3ـ التقليدُ الأعمى بأخذ أقوال الناس في العقيدة من غير معرفة دليلها، ومعرفة مدى صحتها، كما هو الواقعُ من الفرقِ المخالفة من جهمية ومعتزلة، وأشاعرة وصوفية، وغيرهم، حيثُ قلدوا من قبلهم من أئمة الضلال؛ فضلوا وانحرفوا عن الاعتقاد الصحيح.

4ـ الغُلُوا في الأولياء والصالحين، ورفعهم فوق منزلتهم؛ بحيث يُعتقد فيهم ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب النفع، ودفع الضر، واتخاذهم وسائط بين الله وبين خلقه في قضاء الحوائج وإجابة الدعاء؛ حتى يؤول الأمر إلى عبادتهم من دون الله، والتقرب إلى أضرحتم بالذبائح والنذور، والدعاء والاستغاثة وطلب المدد، كما حصل من قوم نوح في حق الصالحين حين قالوا:{لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح/23].
وكما هُوَ الحاصلُ من عبَّاد القُبور اليومَ في كثير من الأمصار.

5ـ الغفلة عن تدبر آيات الله الكونية، وآيات الله القرآنية، والانبهار بمعطيات الحضارة المادية؛ حتى ظنوا أنها من مقدور البشر وحده؛ فصاروا يُعظِّمون البشر، ويضيفون هذه المعطيات إلى مجهوده واختراعه وحده، كما قال قارون من قبلُ:{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص/78] وكما يقول الإنسان{هَذَا لِي} [فصلت/50]،{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [الزمر/49].

ولم يتفكروا وينظروا في عظمة من أوجد هذه الكائنات، وأودعها هذه الخصائص الباهرة، وأوجد البشر وأعطاهُ المقدرةَ على استخراج هذه الخصائص، والانتفاع بها {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات/96].
{أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ} [الأعراف/185].
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم/32-34].

6ـ أصبح البيتُ في الغالب خاليًا من التوجيه السليم؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) [أخرجه الشيخان] فالأبوان لهما دور كبير في تقويم اتجاه الطفل.

7ـ إحجامُ وسائل التعليم والإعلام في غالب العالم الإسلامي عن أداء مهمتهما، فقد أصبحت مناهج التعليم في الغالب لا تولي جانب الدين اهتمامًا كبيرًا، أو لا تهتم به أصلًا، وأصبحت وسائلُ الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الغالب أداة تدمير وانحراف، أو تعنى بأشياء مادية وترفيهية، ولا تهتم بما يُقَوِّمُ الأخلاق، ويزرع العقيدة الصحيحة، ويقاوم التيارات المنحرفة؛ حتى ينشأ جيلٌ أعزلُ أمام جيوش الإلحاد لا يدان له بمقاومتها.

وسبل التّوقِّي في هذا الانحراف تتلخص فيما يلي:

1ـ الرجوع إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لتلقِّي الاعتقاد الصحيح منهما، كما كان السلف الصالح يستمدون عقيدتهم منهما، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، مع الاطلاع على عقائد الفرق المنحرفة، ومعرفة شُبههم للرد عليها والتحذير منها؛ لأن من لا يعرف الشر يوشك أن يقع فيه.

2ـ العناية بتدريس العقيدة الصحيحة- عقيدة السلف الصالح – في مختلف المراحل الدراسية، وإعطاؤها الحصص الكافية من المنهج، والاهتمام البالغ في تدقيق الامتحانات في هذه المادة..

3ـ أن تُقرر دراسةُ الكُتبِ السَّلفية الصافية، ويبتعد عن كتب الفرق المنحرفة، كالصوفية والمبتدعة، والجهمية والمعتزلة، والأشاعرة والماتوريدية، وغيرهم إلا من باب معرفتها لرد ما فيها من الباطل والتحذير منها…

4ـ قيام دعاة مصلحين يجددون للناس عقيدة السلف ويردون ضلالات المنحرفين عنها».
،
[عقيدة التوحيد للشيخ صالح الفوزان حفظه الله]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.