ومن تمام نعمة الله علينا أن خصَّ رمضان ولياليَه بليلة القدر ، وهي أشرف ليلة في العام ، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه } رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنَّسائي والترمذي . ولفظ مسلم والنَّسائي { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّب في قيام رمضان مِن غير أن يأمرهم فيه بعزيمة ، فيقول : من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك } وجاءت العبارة عند البخاري ( هكذا { … والناس على ذلك } .
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه – عبد الرحمن بن عوف – رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم وسننتُ لكم قيامَه ، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيومِ ولدته أمه } رواه النَّسائي ( وابن ماجة وأحمد .
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه } رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنَّسائي والدارمي وابن حِبَّان .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال { دخل رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الشهر قد حضركم ، وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر ، مَن حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كلَّه ، ولا يُحْرَم خيرَها إلا محرومٌ } رواه ابن ماجة . ورواه أحمد والنَّسائي من طريق أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
وإن المسلم في أمسِّ الحاجة لمكفِّرات الذنوب وغفرانها حتى ينجو من النار ويدخل الجنة فكان أن أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بقيام رمضان ليغفر له ذنوبه ويكفِّرها فيبعده عن النار ويفوز بالجنة ويحوز على رضوان الله – عز وجل
ليلة القدر يزيد المسلمون فيها من الصلوات والدعاء والصدقات وقراءة القرآن وسائر الأعمال الصالحة ؛ فهي خير من ألف شهر ، وقد نزل فيها عددٌ من آيات الله البينات الواضحات : {حم{1} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{3} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{4} أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{5} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{6}الدخان
وقال سبحانه {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ{3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ{4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{5} القدر .
ورد في كتاب الجامع لأحكام الصيام لأبي إياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود ( عويضة )(في الآية الرابعة من سورة الدخان قوله سبحانه { فيها يُفْرَقُ كلُّ أمرٍ حكيمٍ } أي أن كل أمرٍ مُحْكَمٍ عظيمٍ يُقضَى ويقرَّر في ليلة القدر من العام إلى العام الذي يليه ، فهي ليلة تقدير الأمور عند ربنا عزَّ وجلَّ ، وهذا لا شك فيه فضلٌ أعلى ومنزلةٌ عليا لليلة القدر .
أما في سورة القدر ففضل ليلة القدر بارز واضح كل الوضوح في كل آية منها ففي الآية الأولى بيان أن القرآن قد أنزله الله فيها ، وفي الآية الثانية التنبيه إلى فضلها ، وفي الآية الثالثة أنها خير من ألف شهر ، وحيث أنَّ الشهر ثلاثون يوماً فهي إِذن خيرٌ من ثلاثين ألف يومٍ ليس فيها ليلة القدر ، وفي الآية الرابعة بيان تنزُّلِ الملائكةِ وجبريل فيها من كل أمرٍ أبرمه الله وقضاه ، وفي الآية الأخيرة بيان أنها سلام ، أي سلام من الشرور حتى الصباح . ولهذا جاء في الحديث الرابع ( من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كله ، ولا يُحْرَمُ خيرَهَا إلا محرومٌ ) اللهم لا تحرمناها ما دمنا أحياءً ، وآتنا بفضلك خيرَها يا رب العالمين ، آمين .)
فبلاد المسلمين كفلسطين والعراق والسودان تعاني من أعداء الله
والمسلمون ينحدر شأنهم من سيئ إلى أسوأ يعانون من الفرقة والضعف والذل والهوان.
وأحكام الإسلام غاضت من الأرض ،
وثروات المسلمين نهب لكل طامع .
وإنه لا منجى لكم أيها المسلمون مما أنتم فيه إلا بالعودة للدين وصدق التمسك بكل أوامره، فهي مبعث العز وعودة التمكين.
فهل جعلنا من فجر ليلة القدر إيذانا لعودة الإسلام لقيادة العالم من جديد، والسير نحو العزة والتمكين والتغيير الجذري، قال تعالى : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28